يناقش مسلسل "لا ترد ولا تستبدل" الذي يعرض حاليا، إحدى القضايا الصحية المهمة وهي الإفراط في استخدام المسكنات. إذ تظهر بطلة العمل "ريم"، التي تجسد شخصيتها الفنانة دينا الشربيني، وهي تعاني من الفشل الكلوي نتيجة الإفراط في تناول المسكنات، ما دفع العديد من المشاهدين إلى التفاعل مع أحداث المسلسل، خاصة في ظل الجهود المتواصلة التي يبذلها الأطباء للتوعية بمخاطر الاستخدام غير المحسوب لهذه الأدوية. وفي هذا السياق، يوضح دكتور عبدالله رجب، أخصائي أمراض الباطنة والكلى، في تصريحاته ل"الشروق"، أبرز المخاطر الصحية المرتبطة بالإفراط في تناول المسكنات وسبل الاستخدام الآمن لها. المسكنات.. خطر صامت يهدد الكلى قال دكتور عبد الله رجب إن المسكنات تعد سببا مهما من أسباب الفشل الكلوي، إذ تشير التقديرات إلى أن ما بين 5% و10% من حالات الفشل الكلوي ترجع إلى الإفراط في تناول المسكنات دون استشارة طبية. وأوضح أن هذه النسبة تزداد بشكل ملحوظ بين كبار السن ومرضى السكري ومرضى ارتفاع ضغط الدم، والمصابين بالقصور الكلوي المزمن، إضافة إلى المرضى الذين يعانون من الجفاف، مؤكدا أن الاستخدام غير الرشيد للمسكنات قد يلحق أضرارا جسيمة بوظائف الكلى على المدى الطويل. حدود الاستخدام الآمن للمسكنات وأوضح أنه لا ينصح باستخدام المسكنات لمدة تزيد على 5 أيام متتالية دون استشارة الطبيب، مؤكدًا أن زيادة مدة الاستخدام، لا سيما مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، ترفع بشكل ملحوظ من احتمالات الإصابة بالقصور الكلوي. وأشار إلى أن الاعتماد المستمر على المسكنات لتسكين الألم دون علاج السبب الحقيقي قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، لذا ينصح المرضى الذين يعانون من آلام مزمنة، مثل آلام الأسنان أو آلام العظام، بالتوجه إلى الطبيب المختص لعلاج المشكلة من جذورها، بدلا من الاعتماد طويل الأمد على المسكنات. مضادات الالتهاب غير الستيرويدية الأكثر شيوعا والأشد ضررا على الكلى وأضاف دكتور عبدالله، أن مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، مثل ديكلوفيناك الصوديوم أو ديكلوفيناك البوتاسيوم، وكذلك الإيبوبروفين والكيتوبروفين، تعد من أكثر المسكنات شيوعا، وفي الوقت نفسه من أكثرها خطورة على وظائف الكلى، خاصة عند استخدامها لفترات طويلة أو دون إشراف طبي. الباراسيتامول.. أمان نسبي مع ضرورة الحذر واستطرد أن الباراسيتامول يعد من المسكنات الآمنة نسبيا على الكلى والجهاز الهضمي مقارنة بغيره، إلا أنه لا ينصح باستخدامه لفترات طويلة دون استشارة طبية، تفاديا لأي آثار جانبية قد تنتج عن سوء أو الإفراط في الاستخدام. ما مخاطر المسكنات غير الفشل الكلوي؟ ومتى يكون استخدامها واجبا؟ وأشار إلى أن للمسكنات آثارا ضارة أخرى على الجسم بخلاف تأثيرها على الكلى، إذ قد تتسبب في التهاب المعدة، وقرحة المعدة، وقرحة الاثني عشر، كما قد تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم لدى مرضى الضغط المرتفع، وتسهم في احتباس السوائل داخل الجسم. وأضاف أن الإفراط في استحدامها قد يخلق حالة من الاعتمادية عليها، وفي بعض الأنواع قد يصل الأمر إلى الإدمان. وأردف أن قرار استخدام المسكنات أو الامتناع عنها يظل خاضعا لتقدير الطبيب المعالج، المسؤول عن متابعة حالة المريض، حيث يقوم بتقييم مدى خطورة استخدام المسكن، واختيار النوع المناسب، وتحديد الجرعة ومدة الاستخدام الآمنة، بما يحقق تخفيف الألم دون تعريض المريض لمضاعفات صحية. نصائح للسيطرة على أضرار المسكنات وأضاف دكتور عبدالله رجب، أنه في حال الاضطرار إلى استخدام المسكنات، فبالإضافة إلى عدم امتداد مدة الاستخدام لأكثر من عدة أيام وحتى أسبوع على الأكثر، يجب تجنب مضادات الالتهاب غير الستيرويدية قدر الإمكان، وفي هذه الحالات يعد الباراسيتامول الخيار الأكثر أمانا نسبيا. كما أكد ضرورة الالتزام بشرب كميات كافية من السوائل أثناء استخدام المسكنات، موضحا أن الجفاف يزيد من تأثير هذه الأدوية على الكلى، ويرفع من خطر الإصابة بالقصور الكلوي المزمن خاصة لدى الفئات الأكثر عرضة للمضاعفات.