أسعار الأسماك والخضراوات والدواجن.. اليوم 23 نوفمبر    وزير الكهرباء: وصلنا للمراحل النهائية في مشروع الربط مع السعودية.. والطاقة المتجددة وفرت 2 جيجا    الانتهاء من إجراء المعاينة التصويرية لواقعة مقتل مسن على يد شاب خليجي في المنصورة    وزارة الداخلية المصرية.. حضور رقمي يفرض نفسه ونجاحات ميدانية تتصدر المشهد    إرشادات القيادة الآمنة لتجنب مخاطر الشبورة    كمال أبو رية: لو عاد بي الزمن لقرأت سيناريو «عزمي وأشجان» بشكل مختلف    تعرف على أسعار الفاكهة اليوم الأحد الموافق 23-11-2025 فى سوهاج    واشنطن تقلص تواجدها في مركز التنسيق بغزة وعسكريون أمريكيون يبدأون في المغادرة    تنفيذ 3199 مشروعًا ب192 قرية فى المرحلة الأولى من حياة كريمة بالمنيا    بصورة من الأقمار الصناعية، خبير يكشف كيف ردت مصر على إثيوبيا بقرار يعلن لأول مرة؟    قد تشعل المنطقة بالكامل، إسرائيل تستعد لهجوم واسع النطاق على إيران ولبنان وغزة    التعهد بزيادة الأموال للدول المتضررة من تغير المناخ في قمة البرازيل    الفن اللي كان، ميادة الحناوي تتألق في حفلها ببيروت برشاقة "العشرينيات" (فيديو)    تعرف على موعد امتحانات منتصف العام الدراسى بالجامعات والمعاهد    استطلاع رأي: شعبية ماكرون تواصل التراجع بسبب موقفه من أوكرانيا    بقطعة بديلة، وزير الرياضة يلمح إلى حل أزمة أرض الزمالك (فيديو)    وزير الري: مصر تتخذ جميع التدابير اللازمة لضمان حقوقها المائية في نهر النيل    استشهاد 24 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة    فوربس: انخفاض ثروة ترامب 1.1 مليار دولار وتراجعه للمرتبة 595 في قائمة أغنياء العالم    طقس اليوم.. توقعات بسقوط أمطار فى هذه المناطق وتحذير عاجل للأرصاد    موعد مباراة الأهلى مع الإسماعيلى فى دورى نايل    أبرزهم الزمالك والمصري وآرسنال ضد توتنهام.. مواعيد مباريات اليوم الأحد 23 - 11- 2025 والقنوات الناقلة    برواتب مجزية وتأمينات.. «العمل» تعلن 520 وظيفة متنوعة للشباب    ثلاث جولات من الرعب.. مشاجرة تنتهي بمقتل "أبوستة" بطلق ناري في شبرا الخيمة    حسين ياسر المحمدي: تكريم محمد صبري أقل ما نقدمه.. ووجود أبنائه في الزمالك أمر طبيعي    السيسي يعد بإنجازات جديدة (مدينة إعلام).. ومراقبون: قرار يستدعي الحجر على إهدار الذوق العام    نقيب الموسيقيين يفوض «طارق مرتضى» متحدثاً إعلامياً نيابة ًعنه    تامر عبد المنعم يفاجئ رمضان 2025 بمسلسل جديد يجمعه مع فيفي عبده ويعود للواجهة بثنائية التأليف والبطولة    وكيل صحة دمياط: إحالة مسئول غرف الملفات والمتغيبين للتحقيق    الصحة: علاج مريضة ب"15 مايو التخصصي" تعاني من متلازمة نادرة تصيب شخصًا واحدًا من بين كل 36 ألفًا    صوتك أمانة.. انزل وشارك فى انتخابات مجلس النواب تحت إشراف قضائى كامل    مانيج إنجن: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل أمن المعلومات في مصر    : ميريام "2"    صفحة الداخلية منصة عالمية.. كيف حققت ثاني أعلى أداء حكومي بعد البيت الأبيض؟    الداخلية تكشف ملابسات اعتداء قائد سيارة نقل ذكي على سيدة بالقليوبية    جامعة القناة تتألق في بارالمبياد الجامعات المصرية وتحصد 9 ميداليات متنوعة    الوكيل الدائم للتضامن: أسعار حج الجمعيات هذا العام أقل 12 ألف جنيه.. وأكثر من 36 ألف طلب للتقديم    فليك: فخور بأداء برشلونة أمام أتلتيك بيلباو وسيطرتنا كانت كاملة    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. الإخوان الإرهابية تواجه تهديدا وجوديا فى قارة أوروبا.. ترامب: خطة السلام بشأن أوكرانيا ليست نهائية.. تعليق الملاحة فى مطار آيندهوفن الهولندى بعد رصد مسيّرات    السعودية.. أمير الشرقية يدشن عددا من مشاريع الطرق الحيوية بالمنطقة    ب16 سفينة وتصدير منتجات ل11 دولة أوروبية.. ميناء دمياط يعزز مكانته اللوجيستية العالمية    باريس سان جيرمان يكتسح لوهافر بثلاثية في الدوري الفرنسي.. فيديو    د.حماد عبدالله يكتب: مشكلة "كتاب الرأى" !!    دولة التلاوة.. هنا في مصر يُقرأ القرآن الكريم    محافظة الجيزة تكشف تفاصيل إحلال المركبة الجديدة بديل التوك توك.. فيديو    روسيا: لم نتلقَّ أى رد من واشنطن حول تصريحات ترامب عن التجارب النووية    حمزة عبد الكريم: سعيد بالمشاركة مع الأهلي في بطولة إفريقيا    الري تفتح مفيض توشكى لاستيعاب تدفقات مفاجئة من السد الإثيوبي    أبرز المرشحين على مقعد نقيب المجالس الفرعية بانتخابات المرحلة الأولى للمحامين    المتحدث باسم الصحة: الإنفلونزا A الأكثر انتشارا.. وشدة الأعراض بسبب غياب المناعة منذ كورونا    طريقة مبتكرة وشهية لإعداد البطاطا بالحليب والقرفة لتعزيز صحة الجسم    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    الرعاية الصحية: أعظم الطرق لحماية الصحة ليس الدواء لكن طريقة استخدامه    بث مباشر الآن.. مباراة ليفربول ونوتنغهام فورست في الجولة 12 من الدوري الإنجليزي 2026    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرضاوي لمبارك عبر الشروق .. يكفيك يا ريس أن تتحمل مسئولية حكم مصر 30 سنة
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 04 - 2009

اقتناص دقائق من وقت العلامة الدكتور يوسف القرضاوى قد يكون مستحيلا أحيانا.. فقد تظل مثلى 4 سنوات تحاول تحين هذه الفرصة.. لكنها كلما تقترب تنسلخ من يديك ثم تهرب.. ويضيع أمل الحوار مع الشيخ، ثم تأتى الفرصة.
مصادفة قادتنى إلى قاعة ال«vip» فى مطار القاهرة أثناء توجهى فى مهمة صحفية إلى تونس، فإذا بالشيخ معى فى نفس القاعة ومعه الشيخ تيسير التميمى قاضى قضاة فلسطين، وابنه الدكتور محمد القرضاوى.. وكان هو المشكلة.. فقاد حصارا شديدا حول الشيخ خوفا من إجهاده.. وبعد محاولات وإقناع، حدث المراد..
وأجرينا الحوار فى القيروان، الذى فضل الشيخ مراجعته بنفسه فأضاف ولم يحذف، ثم كان بين يدى أمس الأول فى زيارته للقاهرة للمشاركة فى فاعليات مجمع اللغة العربية.. وفيه رسائل لمبارك عن الحكم ومصر وفلسطين وإيران.. فيه يغلق باب قتل المرتد ويدعو إلى استتابته وفيه لقطات من محاضرته لعلماء المستقبل ضمن مشروع اتحاد علماء المسلمين الذى يرأسه الشيخ.
وإلى نص الحوار:
اسمح لى فضيلة الشيخ أن أبدأ من الأزهر الشريف.. ومجمع البحوث الإسلامية، خاصة أنه تم اختياركم عضوا فى المجمع مؤخرا، ما تقييمكم لأدائه، وهل نحن فى حاجة إلى تطوير؟
بالطبع، المجمع فى حاجة ماسة إلى دفعة قوية، وليس مجرد تطوير والمشكلة فى تكوينه، حيث إن كثيرا من أعضائه ليسوا متخصصين فى قضايا الحلال والحرام أى الفقه ففيهم المتخصصون فى الاقتصاد والطب والقانون والتفسير، وحين تعرض على المجمع القضايا الفقهية يكون رأى المجمع فيها غير ناضج، لقلة عدد الفقهاء؛ لذلك فإننى أقترح أن يكون التصويت للفقهاء فقط، والتخصصات الأخرى يكون رأيها استشاريا.. فعلى سبيل المثال حينما عرضت على المجمع فتوى الدكتور طنطاوى عن فوائد البنوك أجازها، لأن تكوينه ليس من الفقهاء فقط.
لن أسأل عما أصاب الأزهر.. فيراه القاصى والدانى.. لكن الأهم كيف يعود كما كان، يصدح بآرائه السديدة؟
الأزهر يحتاج إلى رؤية واضحة.. وتحديد للأهداف المرجوة التى نسعى إليها وننشدها، والوسائل التى نستطيع من خلالها تنفيذ تلك الأهداف، ثم نبدأ التنفيذ على مراحل. وهذا يحتاج لرجال عندهم نزعة للإصلاح والتجديد، وهؤلاء نادرون الآن، فكان الإمام محمد عبده أول من سعى للتجديد، وكان يقول «يستحيل بقاء الأزهر على حاله، إما أن يعمر وإما أن يتم خرابه».. إما تقفلوه أو تصلحوه، وبدأ فى الإصلاح، ثم جاء المراغى وعمل على إصلاح الأزهر، والإصلاح يحتاج إلى التجديد، فلا يوجد إصلاح ثابت، هناك نزعات إصلاحية جديدة لكن لا تجد الرجال الذين يطبقون الإصلاح كما أراده أصحابه، فتغلب النزعة التقليدية القديمة: «ليس فى الإمكان أبدع مما كان»، وما ترك الأول للآخر شيئا.. وهذه الأفكار التقليدية البالية كثيرا ما تسود وتمنع الإصلاح، ولأن هناك أناسا لا يريدون أن يصلح الأزهر ولا يقوى.
من هم؟ هل تتحدث فضيلتكم عن أشخاص بعينهم؟
هناك تيارات لا تريد للأزهر أن ينصلح..
ما هى؟
السياسة لا تريد أن يكون الأزهر قويا، تريد أن يبقى هكذا ولا تتيح له الفرص.
لماذا؟
يصمت
حتى لا يعارض سياستها؟
نعم.. فالمؤسسة الدينية فى كثير من البلدان للأسف إما ضعيفة، وإما متخلفة عن عصرها.
ماذا أصاب تلك المؤسسات؟
إنها السياسة، فلها دور أساسى لأنها تبعد الرجال الأقوياء عن هذه المؤسسات وتفرغها من الناس المصلحين. «آه هادخلينى فى متاهات»!!
علماء الأزهر كانوا يقفون أمام حكامهم ويجأرون بكلمة الحق، ويصعب على المرء حصر مواقفهم التى تشهد عليها ذاكرة المسلمين.. فماذا حدث.. هل بسبب القيادات؟
لا أريد الخوض فى هذا الأمر.. ها تعملى لى مشكلة.
حقيقة ليست هناك إرادة سياسية للإصلاح، الإرادة إذا صممت تستطيع الوصول ولو حتى بالتدريج.. عموما اطمئنى فالأقدار سوف تضع الحلول، فتأتى بأناس تستطيع تقديم حلول منطقية، وتصلح من شأن الأزهر.
مصر أغلقت بابها خوفا من الإحراج
نترك الأزهر وضعفه، إلى الأمة وهوانها وما يحدث فى غزة ومؤخرا قضية الرئيس البشير.. لماذا لم يقم الاتحاد بجولة كما فعلتم لغزة وما تقييمكم لجولة الوفد الذى ترأسه فضيلتكم، وجاب بعض الدول العربية؟
فى قضية البشير أصدر الاتحاد بيانات وتحدثت كثيرا عنه فى خطبى التى تنقل على مواقع الانترنت والتليفزيون، وهى قضية بالغة الأهمية، ولكنها ليست بأهمية غزة، وإذا تطور الموقف سوف نتطور معه، وقد كون الاتحاد أخيرا وفدا برئاسة نائبى العلامة الشيخ عبدالله بن بية وذهب للخرطوم وأبلغ البشير موقف الاتحاد.
والوفد الذى شكلناه لغزة كان مهمته تحريك المياه الراكدة، وإعلان رأى العلماء الذين يعدون ميزان حرارة الأمة، وأردنا أن نشعر العالم أن الرأى العام مهتم.. والأغلبية تجاوبت معنا.. وأردنا أن نقيم الحجة، وهناك من رفض استقبالنا.
تتحدث إذن عن مصر.. لماذا رفضوا؟
- لا أدرى اسأليهم هم!
هل رفضوا خوفا من مطالبتكم بفتح المعابر بشكل دائم؟
إنهم خافوا من الإحراج أمامنا، فأغلقوا الباب، وهذا أفضل من مقابلتنا ورفض طلباتنا.. ونحن نأسف لهذا.
لو سمح لفضيلتكم والوفد المرافق بالزيارة ما مطالبكم التى كانت فى أجندتكم لهذا اللقاء؟
- أول ما كنت سأقوله للرئيس بعد التحية، هو شكر مصر على سعيها للصلح بين الفصائل الفلسطينية، وخصوصا بين فتح وحماس، وضرورة استمرارها فى هذا الدور والتنويه بما قدمته مصر تاريخيا من أجل القضية الفلسطينية التى خاضت مصر فى سبيلها 4 حروب كان آخرها حرب العاشر من رمضان سنة 1393 هجرية 6 أكتوبر 1973.
وكنا سنطالبه بالسعى لعقد قمة طارئة للزعماء العرب، فالوضع الخطير فى غزة كان يستوجب ذلك، وإذا لم يجتمع العرب لمثل هذه المحنة القاسية فمتى يجتمعون؟
وكنا فى نهاية اللقاء سنسلمه رسالة تتضمن مطالبنا مكتوبة محررة، كما سلمناها لأمير قطر وخادم الحرمين والرئيس السورى وملك الأردن والرئيس التركى ونقول له فى هذه الرسالة:
«إن العدوان الغادر فى أهلنا فى غزة، حصارا وتجويعا، قتلا وتدميرا، جوا وبحرا وبرا من جانب قوى باطشة لا تقيم وزنا للحياة والحقوق والمقدسات وتمارس إرهاب الدولة فى أبشع صوره، يقتضى تحركا عاجلا، وضغوطا مكثفة لإيقاف هذا العدوان الغاشم، وفك الحصار الظالم، وإيصال الدعم اللازم، عبر خطوات عملية تتجاوز حالة الشجب والإدانة.
إن محاولة إضعاف المقاومة الفلسطينية أيا كان توجهها هى كسر لإرادة الأمة، وتمكين للعدو من إحكام سيطرته، وبسط عدوانه وتدمير لمعنويات الأجيال، الأمر الذى يتعين معه دعم صمود المقاومة والمحافظة عليها، إذ هى عنوان شرف الأمة وكرامتها».
ويواصل القرضاوى فى رسالته لمبارك: «إن التشرذم العربى والإسلامى هو المناخ الذى مكن للعدوان الصهيونى، مما يتطلب جهودا حثيثة عاجلة، لرأب الصدع العربى والإسلامى وتحقيق الحد الأدنى من التنسيق والتفاهم والتضامن حول القضايا الكبرى فى هذا العالم، الذى لا يؤمن إلا بمنطق القوة اقتصاديا، وسياسيا وعسكريا.
وأؤكد الشكر لمصر على دورها فى تجميع الفلسطينيين ومحاولة إصلاح ذات بينهم ونريد أن تكمل هذا بفتح معبر رفح للفلسطينيين، فهو الرئة الوحيدة التى يتنفسون منها أو بها، وهو شريان الحياة بالنسبة لهم، وإغلاقه كأنما نساعد إسرائيل فى قتلهم، كما نريد لمصر فى مصالحتها كما قال تعالى «فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين، إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون»، فكلا الفريقين أخ لنا، ولا يجوز لنا أن نتحيز لفريق على فريق، فهذا يجعل منا خصما لا حكما».
يكفيك.. يا ريس!
تلك رسالة فضيلتكم لمبارك فيما يخص غزة وجولة الوفد.. لكن ماذا لو قابلت الرئيس الآن.. ماذا تطلب منه فيما يخص مصر؟
- سأقول له «يكفيك يا ريس أن تتحمل مسئولية حكم مصر 30 عاما، فلا تتحمل تبعتها حيا وميتا، بأن يحكمها ابنك بعدك، لقد اقترح بعض الصحابة على عمر بن الخطاب أن يرشح للخلافة من بعده، ابنه العالم الفقيه الورع: عبدالله بن عمر، فقال بحسب آل الخطاب أن يسأل منهم واحد أمام الله. والله لوددت أن أخرج منها كفافا لا علىّ ولا لى.
وأقول له: فى آخر مدتك الخامسة، كن مع الشعب يا سيادة الرئيس، اعط للناس حقوقهم ما استطعت، وفر الحرية، وصن الكرامة، وكن للضعيف عونا وللصغير أبا، وللكبير أخا، ولا تنصر الأقوياء على الضعفاء، فإنهم لن ينفعوك يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.
واتح الفرصة يا سيادة الرئيس للإسلاميين المعتدلين، الذين لا يحملون السلاح وإنما يحملون القلم والفكر، وإن لم تفعل ذلك، زحف المتطرفون حملة القنابل والأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة.
وماذا تقول لمبارك عن الأزهر؟
أقول له لا تخف من قوة الأزهر، فإن قوته قوة لمصر وقوة لك، إن الأزهر الضعيف لا ينفعك، ولا ينفع مصر، ولا ينفع نفسه، الضعيف لا ينفع أحدا، وقوة الأزهر والمؤسسة الدينية عموما بالرجال الأقوياء والأمناء الذين يبلغون رسالات الله ولا يخشون أحدا إلا الله.
وإيران؟
إننى أنصح مصر أن تقف مع حق إيران فى امتلاك القوة النووية لاستخدامها فى السلم، وإذا كانت إسرائيل تملك القنبلة النووية فكيف نمنع إيران من امتلاك الطاقة السلمية؟ وهذا ما يوجبه الإسلام فى مناصرة إخواننا بالحق، ولهذا أعلنت أكثر من مرة أن إيران إذا اعتدى عليها سنقاتل من يقاتلها.
على أن هذا لا يعنى قبول انتشار المذهب الشيعى فى البلاد السنية، بتأييد من بعض كبار رجال الدولة فى إيران. فهذا نذير فتنة لا يعلم عواقبها إلا الله، وهذا ما حذرت، وسأظل أحذر منه.
فضيلة الدكتور.. قبل أن نترك السياسة الخارجية.. هل أنتم من المتفائلين بمقدم الرئيس أوباما؟
ليس كثيرا، لأن السياسة فى أمريكا لا يرسمها شخص، ولكن بوش كانت لديه نزعة أصولية متشددة أثرت على السياسة الأمريكية، وكان يزعم أنه ينفذ أوامر الله، عموما المأمول أن يكون أوباما خيرا من بوش، فلقد بدأ بداية طيبة بإغلاق سجن جوانتانامو، وقال إنه سيحدد موقفه مع العالم الإسلامى بناء على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.. وهذا ما نريده، ننتظر أن يكون الوضع أفضل والرجال الذين يعاونونه أرق وألين من رجال بوش ونساء بوش «كونداليزا رايس».. وأعتقد أن هيلارى كلينتون أفضل.
منع التعدد.. مرفوض
فضيلة الشيخ.. هناك قانون مقدم فى مصر من بعض الجهات الحقوقية لمنع تعدد الزوجات، نظرا لارتفاع حالات الطلاق بسبب الزواج الثانى.. فما رأيكم؟
أعجب أن يوجد مثل هذا التفكير فى مصر، بلد الإسلام والأزهر، ومنبت الدعوة إلى الإسلام، فمما لا ريب فيه أن تعدد الزوجات مما شرعه الله بيقين لا شك فيه، وهو معلوم من الدين بالضرورة.
ولا يجوز للمسلم أن يحرم ما أحل الله أو يحل ما حرم الله، فإن هذا من حق الله وحده، وقد ذكر الله تعالى أهل الكتاب بقوله «اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم» وفسر ذلك بأنهم أحلوا الحرام وحرموا عليهم الحلال، فأطاعوهم.
والإسلام لم يشرع تعدد الزوجات إلا لمصالح الخلق، ولم ينفرد الإسلام بذلك، بل كل الأديان أباحت التعدد، ولكن بلا قيد ولا شرط، فكانوا يتزوجون العشرات بل المئات بلا حرج، فجاء الإسلام، فوضع لإباحة التعدد قيدا وشرطا.
والقيد هو عدم الزيادة على أربع زوجات، والشرط هو العدل. فمن لم يثق من نفسه بالعدل لا يجوز أن يقدم على التعدد وهناك شرط آخر هو أن يكون قادرا على الإنفاق على بيتين وأحضان زوجتين.
لكن الزواج الثانى يثير عددا من المشكلات؟
بل إن هذا الزواج يحل مشكلات كثيرة، فى حال مرض الزوجة، أو مع الزوجة التى تطول فترة حيضها، أو التى لا تنجب، فبدل أن يطلق الزوج زوجته الأولى يتزوج عليها الأخرى، كما يعالج حالة المجتمعات التى يزيد فيها عدد النساء الصالحات للزواج على عدد الرجال القادرين عليه.
والعالم كله معترف فى الواقع بالتعدد إلا أن هناك تعددا أخلاقيا مسئولا، وهو التعدد الإسلامى، وتعددا لا أخلاقيا ولا إنسانيا، وهو التعدد الواقع فى أوروبا اليوم، فكل الناس تقريبا يعددون، ولكن دون الالتزام بأى مسئولية تجاه المرأة الأخرى، فلماذا نجيز تعدد الخليلات ولا نجيز تعدد الحليلات؟
ومن الطرائف فى هذا الأمر أن إحدى الدول التى تمنع التعدد تزوج رجلا بامرأة ثانية «عرفيا» وكان يذهب إليها سرا، حتى تربصت به الشرطة وألقت القبض عليه، وسألوه عن المرأة فقال إنها زوجته، فقالوا له ما الذى جعلك تتزوج ثانية فهذا مخالف للقانون، فتراجع الرجل وقال «لا إنها ليست زوجتى» فاعتذرت له الشرطة وقالوا له «آسفون كل الأسف، كنا نحسبها زوجتك ولم نعلم إنها صديقتك، وأخلوا سبيله»!!
وأرى أنه يمكن وضع ضوابط يقرها أهل الرأى والعلم، أما التحريم فمرفوض تماما.
ضوابط للإفتاء
هناك قانون آخر مقدم لتجريم الإفتاء لغير المتخصص، مع إجراء اختبار من خلال لجنة لهذا الغرض من كبار العلماء؟
أرى أنه لا مانع من وضع شروط وضوابط لمن يتعرض لإفتاء الناس بشكل عام، كالذين يفتون فى الفضائيات والإذاعات والصحف السيارة، حتى لا يتورط فى الإفتاء من ليس له أهلا، واشترط العلماء للفتوى المقبولة أن تكون من أهلها وفى محلها، وقد ذكر العلماء الكثير من الشروط التى لا يتسع المقام لذكرها الآن.
والمشكلة أن كثيرا ممن يتصدون للفتوى لا يحسن أحدهم أن يقرأ صحيفة بل سطورا فى علم الفقه أو علم أصول الفقه، ثم يقول هذا حلال وهذا حرام ليفتروا على الله الكذب، وهؤلاء لا يتورعون أن يفتى أحدهم فى مسألة لو عرضت على عمر لجمع لها أهل بدر ولم يجرؤ أن يفتى وحده فيها.
وضبط هذا الأمر بالتقنين قد يصعب، فبعض الناس الذين علموا أنفسهم بالقراءة والاطلاع والتتلمذ على العلماء قد يكونون أقدر على الفتوى من بعض العلماء الرسميين.. ويجب أن يكون المعول على الأسئلة والمقابلة الشخصية وأن يقتصر ذلك على من يفتى عموم الناس فى وسائل الإعلام المختلفة، دون من يفتى الناس فى المساجد ونحوها، فى دائرة محدودة، فهؤلاء لا يمكن الاستغناء عنهم.
المرتد لا يقتل
قال بعض العلماء بقتل القرآنيين وغيرهم باعتبارهم مرتدين.. فما رأى فضيلتكم؟
أولا أفضل أن يسمى هؤلاء باسمهم الحقيقى وهو «منكرو السنة»، لأن القرآنيين حقا لا ينكرون السنة، وكيف والقرآن يلزم المسلمين بحجية السنة، فى مثل قوله تعالى «وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حُمل وعليكم ما حُملتم وإن تطيعوه تهتدوا»، وكل مسلم فى حاجة إلى السنة حتى يتبين منها المقصود بالقرآن، والذين ينكرون السنة مقتضى قولهم إنهم منكرون الصلوات الخمس والزكاة والحج والعمرة وغيرها.
وقائل هذا مرتد عن الإسلام بلا ريب، وهذا فى الجملة، أى فى الحكم على الصنف لا على الأفراد، وهؤلاء يجب أن يقدموا للقضاء العادل ويناقشوا فيما نسب إليهم، ومن حق المحكمة أن تستعين ببعض العلماء ليواجهوهم ويردوا على شبهاتهم، حتى تطمئن المحكمة إلى إدانتهم أو تبرئتهم أو الحكم بردتهم.
وإن حكمت بردتهم؟
- وحتى لو حكمت بردتهم، أنا لا أفتى بقتل كل مرتد، فالردة أنواع منها الخفيفة ومنها المغلظة ولا يجوز التسوية بينهما، ومن أصحاب الردة من لا يدعو إليها ومنهم المتحمس لردته الداعى إليها وهو نذير فتنة وداعية فرقة.. فينبغى التفريق بينهما.
وأرى أن القتل ليس عقوبة لازمة من فى كل حال، بل يسعنا أن نأخذ بقول الإمامين النخعى والثورى، فى أن المرتد يستتاب أبدا ولا يقتل، وقد ورد عن سيدنا عمر بن الخطاب ما يؤيد هذه الوجهة.
الفوائد البنكية.. ربا
فضيلة الشيخ.. تؤكد بعض القيادات الدينية أن فوائد البنوك ليست ربا لأن التعامل الآن بالنقود الورقية وليست بالذهب والفضة، وأن البنوك الإسلامية مثلها مثل البنوك الربوية فما رأيكم؟ ألم يكونوا يشترون السلع بنقود الذهب والفضة؟
- نعم.. إذن المضمون واحد.. وإننى انتقدت فتوى البحوث الإسلامية فى إباحتها الفوائد البنكية، فقد حرمتها فى الستينيات بمشاركة نخبة من العلماء على مستوى العالم، ثم عادت وأباحتها بعد أن أجازها الشيخ طنطاوى!
فمن أعظم الفتن الفكرية، ومن أخبث المؤامرات على العقل الإسلامى المعاصر، تلك المحاولات الجريئة لتغيير المحكمات والقطعيات التى تمثل (ثوابت الأمة) التى انعقد عليها الإجماع، واستقر عليها الفقه والعمل، وتوارثتها الأجيال جيلا بعد جيل. والفوائد البنكية ربا وحرام وما زلت مصرا على هذا.
ولا ننكر أن فى البنوك الإسلامية أخطاء، وذلك لأن العنصر البشرى فيها جاء فى الغالب من البنوك التقليدية، فعقله مركب تركيبا ربويا، وليس عنده أى خلفية إسلامية، ولا حماس للفكرة، ولا فقه فى المعاملات الشرعية.
كما أن من الظلم أن نحكم على البنوك الإسلامية كلها حكما واحدا، فهى تتفاوت تفاوتا كبيرا، فبعضها بلغ مرحلة مهمة من التدقيق الشرعى وبعضها يطور معاملاته، ويتخلص بالتدريج من بعض السلبيات التى تعرض لها، وبعضها لم يدخل فى المعاملات التى كثر حولها الكلام، مثل بيع المرابحة، وقد توسعت البنوك الإسلامية، ودخلت كل أقطار المسلمين، ولا تزال تزداد.
أخيرا.. هل سنرى فضيلتكم مشاركا فى اجتماعات مجمع البحوث الإسلامية ولو كل 3 أو 4 أشهر؟
لن أستطيع، قولى أشارك كل سنة مرة.. وربنا يعطينا الصحة والوقت والبركة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.