«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرضاوي لمبارك عبر الشروق .. يكفيك يا ريس أن تتحمل مسئولية حكم مصر 30 سنة
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 04 - 2009

اقتناص دقائق من وقت العلامة الدكتور يوسف القرضاوى قد يكون مستحيلا أحيانا.. فقد تظل مثلى 4 سنوات تحاول تحين هذه الفرصة.. لكنها كلما تقترب تنسلخ من يديك ثم تهرب.. ويضيع أمل الحوار مع الشيخ، ثم تأتى الفرصة.
مصادفة قادتنى إلى قاعة ال«vip» فى مطار القاهرة أثناء توجهى فى مهمة صحفية إلى تونس، فإذا بالشيخ معى فى نفس القاعة ومعه الشيخ تيسير التميمى قاضى قضاة فلسطين، وابنه الدكتور محمد القرضاوى.. وكان هو المشكلة.. فقاد حصارا شديدا حول الشيخ خوفا من إجهاده.. وبعد محاولات وإقناع، حدث المراد..
وأجرينا الحوار فى القيروان، الذى فضل الشيخ مراجعته بنفسه فأضاف ولم يحذف، ثم كان بين يدى أمس الأول فى زيارته للقاهرة للمشاركة فى فاعليات مجمع اللغة العربية.. وفيه رسائل لمبارك عن الحكم ومصر وفلسطين وإيران.. فيه يغلق باب قتل المرتد ويدعو إلى استتابته وفيه لقطات من محاضرته لعلماء المستقبل ضمن مشروع اتحاد علماء المسلمين الذى يرأسه الشيخ.
وإلى نص الحوار:
اسمح لى فضيلة الشيخ أن أبدأ من الأزهر الشريف.. ومجمع البحوث الإسلامية، خاصة أنه تم اختياركم عضوا فى المجمع مؤخرا، ما تقييمكم لأدائه، وهل نحن فى حاجة إلى تطوير؟
بالطبع، المجمع فى حاجة ماسة إلى دفعة قوية، وليس مجرد تطوير والمشكلة فى تكوينه، حيث إن كثيرا من أعضائه ليسوا متخصصين فى قضايا الحلال والحرام أى الفقه ففيهم المتخصصون فى الاقتصاد والطب والقانون والتفسير، وحين تعرض على المجمع القضايا الفقهية يكون رأى المجمع فيها غير ناضج، لقلة عدد الفقهاء؛ لذلك فإننى أقترح أن يكون التصويت للفقهاء فقط، والتخصصات الأخرى يكون رأيها استشاريا.. فعلى سبيل المثال حينما عرضت على المجمع فتوى الدكتور طنطاوى عن فوائد البنوك أجازها، لأن تكوينه ليس من الفقهاء فقط.
لن أسأل عما أصاب الأزهر.. فيراه القاصى والدانى.. لكن الأهم كيف يعود كما كان، يصدح بآرائه السديدة؟
الأزهر يحتاج إلى رؤية واضحة.. وتحديد للأهداف المرجوة التى نسعى إليها وننشدها، والوسائل التى نستطيع من خلالها تنفيذ تلك الأهداف، ثم نبدأ التنفيذ على مراحل. وهذا يحتاج لرجال عندهم نزعة للإصلاح والتجديد، وهؤلاء نادرون الآن، فكان الإمام محمد عبده أول من سعى للتجديد، وكان يقول «يستحيل بقاء الأزهر على حاله، إما أن يعمر وإما أن يتم خرابه».. إما تقفلوه أو تصلحوه، وبدأ فى الإصلاح، ثم جاء المراغى وعمل على إصلاح الأزهر، والإصلاح يحتاج إلى التجديد، فلا يوجد إصلاح ثابت، هناك نزعات إصلاحية جديدة لكن لا تجد الرجال الذين يطبقون الإصلاح كما أراده أصحابه، فتغلب النزعة التقليدية القديمة: «ليس فى الإمكان أبدع مما كان»، وما ترك الأول للآخر شيئا.. وهذه الأفكار التقليدية البالية كثيرا ما تسود وتمنع الإصلاح، ولأن هناك أناسا لا يريدون أن يصلح الأزهر ولا يقوى.
من هم؟ هل تتحدث فضيلتكم عن أشخاص بعينهم؟
هناك تيارات لا تريد للأزهر أن ينصلح..
ما هى؟
السياسة لا تريد أن يكون الأزهر قويا، تريد أن يبقى هكذا ولا تتيح له الفرص.
لماذا؟
يصمت
حتى لا يعارض سياستها؟
نعم.. فالمؤسسة الدينية فى كثير من البلدان للأسف إما ضعيفة، وإما متخلفة عن عصرها.
ماذا أصاب تلك المؤسسات؟
إنها السياسة، فلها دور أساسى لأنها تبعد الرجال الأقوياء عن هذه المؤسسات وتفرغها من الناس المصلحين. «آه هادخلينى فى متاهات»!!
علماء الأزهر كانوا يقفون أمام حكامهم ويجأرون بكلمة الحق، ويصعب على المرء حصر مواقفهم التى تشهد عليها ذاكرة المسلمين.. فماذا حدث.. هل بسبب القيادات؟
لا أريد الخوض فى هذا الأمر.. ها تعملى لى مشكلة.
حقيقة ليست هناك إرادة سياسية للإصلاح، الإرادة إذا صممت تستطيع الوصول ولو حتى بالتدريج.. عموما اطمئنى فالأقدار سوف تضع الحلول، فتأتى بأناس تستطيع تقديم حلول منطقية، وتصلح من شأن الأزهر.
مصر أغلقت بابها خوفا من الإحراج
نترك الأزهر وضعفه، إلى الأمة وهوانها وما يحدث فى غزة ومؤخرا قضية الرئيس البشير.. لماذا لم يقم الاتحاد بجولة كما فعلتم لغزة وما تقييمكم لجولة الوفد الذى ترأسه فضيلتكم، وجاب بعض الدول العربية؟
فى قضية البشير أصدر الاتحاد بيانات وتحدثت كثيرا عنه فى خطبى التى تنقل على مواقع الانترنت والتليفزيون، وهى قضية بالغة الأهمية، ولكنها ليست بأهمية غزة، وإذا تطور الموقف سوف نتطور معه، وقد كون الاتحاد أخيرا وفدا برئاسة نائبى العلامة الشيخ عبدالله بن بية وذهب للخرطوم وأبلغ البشير موقف الاتحاد.
والوفد الذى شكلناه لغزة كان مهمته تحريك المياه الراكدة، وإعلان رأى العلماء الذين يعدون ميزان حرارة الأمة، وأردنا أن نشعر العالم أن الرأى العام مهتم.. والأغلبية تجاوبت معنا.. وأردنا أن نقيم الحجة، وهناك من رفض استقبالنا.
تتحدث إذن عن مصر.. لماذا رفضوا؟
- لا أدرى اسأليهم هم!
هل رفضوا خوفا من مطالبتكم بفتح المعابر بشكل دائم؟
إنهم خافوا من الإحراج أمامنا، فأغلقوا الباب، وهذا أفضل من مقابلتنا ورفض طلباتنا.. ونحن نأسف لهذا.
لو سمح لفضيلتكم والوفد المرافق بالزيارة ما مطالبكم التى كانت فى أجندتكم لهذا اللقاء؟
- أول ما كنت سأقوله للرئيس بعد التحية، هو شكر مصر على سعيها للصلح بين الفصائل الفلسطينية، وخصوصا بين فتح وحماس، وضرورة استمرارها فى هذا الدور والتنويه بما قدمته مصر تاريخيا من أجل القضية الفلسطينية التى خاضت مصر فى سبيلها 4 حروب كان آخرها حرب العاشر من رمضان سنة 1393 هجرية 6 أكتوبر 1973.
وكنا سنطالبه بالسعى لعقد قمة طارئة للزعماء العرب، فالوضع الخطير فى غزة كان يستوجب ذلك، وإذا لم يجتمع العرب لمثل هذه المحنة القاسية فمتى يجتمعون؟
وكنا فى نهاية اللقاء سنسلمه رسالة تتضمن مطالبنا مكتوبة محررة، كما سلمناها لأمير قطر وخادم الحرمين والرئيس السورى وملك الأردن والرئيس التركى ونقول له فى هذه الرسالة:
«إن العدوان الغادر فى أهلنا فى غزة، حصارا وتجويعا، قتلا وتدميرا، جوا وبحرا وبرا من جانب قوى باطشة لا تقيم وزنا للحياة والحقوق والمقدسات وتمارس إرهاب الدولة فى أبشع صوره، يقتضى تحركا عاجلا، وضغوطا مكثفة لإيقاف هذا العدوان الغاشم، وفك الحصار الظالم، وإيصال الدعم اللازم، عبر خطوات عملية تتجاوز حالة الشجب والإدانة.
إن محاولة إضعاف المقاومة الفلسطينية أيا كان توجهها هى كسر لإرادة الأمة، وتمكين للعدو من إحكام سيطرته، وبسط عدوانه وتدمير لمعنويات الأجيال، الأمر الذى يتعين معه دعم صمود المقاومة والمحافظة عليها، إذ هى عنوان شرف الأمة وكرامتها».
ويواصل القرضاوى فى رسالته لمبارك: «إن التشرذم العربى والإسلامى هو المناخ الذى مكن للعدوان الصهيونى، مما يتطلب جهودا حثيثة عاجلة، لرأب الصدع العربى والإسلامى وتحقيق الحد الأدنى من التنسيق والتفاهم والتضامن حول القضايا الكبرى فى هذا العالم، الذى لا يؤمن إلا بمنطق القوة اقتصاديا، وسياسيا وعسكريا.
وأؤكد الشكر لمصر على دورها فى تجميع الفلسطينيين ومحاولة إصلاح ذات بينهم ونريد أن تكمل هذا بفتح معبر رفح للفلسطينيين، فهو الرئة الوحيدة التى يتنفسون منها أو بها، وهو شريان الحياة بالنسبة لهم، وإغلاقه كأنما نساعد إسرائيل فى قتلهم، كما نريد لمصر فى مصالحتها كما قال تعالى «فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين، إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون»، فكلا الفريقين أخ لنا، ولا يجوز لنا أن نتحيز لفريق على فريق، فهذا يجعل منا خصما لا حكما».
يكفيك.. يا ريس!
تلك رسالة فضيلتكم لمبارك فيما يخص غزة وجولة الوفد.. لكن ماذا لو قابلت الرئيس الآن.. ماذا تطلب منه فيما يخص مصر؟
- سأقول له «يكفيك يا ريس أن تتحمل مسئولية حكم مصر 30 عاما، فلا تتحمل تبعتها حيا وميتا، بأن يحكمها ابنك بعدك، لقد اقترح بعض الصحابة على عمر بن الخطاب أن يرشح للخلافة من بعده، ابنه العالم الفقيه الورع: عبدالله بن عمر، فقال بحسب آل الخطاب أن يسأل منهم واحد أمام الله. والله لوددت أن أخرج منها كفافا لا علىّ ولا لى.
وأقول له: فى آخر مدتك الخامسة، كن مع الشعب يا سيادة الرئيس، اعط للناس حقوقهم ما استطعت، وفر الحرية، وصن الكرامة، وكن للضعيف عونا وللصغير أبا، وللكبير أخا، ولا تنصر الأقوياء على الضعفاء، فإنهم لن ينفعوك يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.
واتح الفرصة يا سيادة الرئيس للإسلاميين المعتدلين، الذين لا يحملون السلاح وإنما يحملون القلم والفكر، وإن لم تفعل ذلك، زحف المتطرفون حملة القنابل والأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة.
وماذا تقول لمبارك عن الأزهر؟
أقول له لا تخف من قوة الأزهر، فإن قوته قوة لمصر وقوة لك، إن الأزهر الضعيف لا ينفعك، ولا ينفع مصر، ولا ينفع نفسه، الضعيف لا ينفع أحدا، وقوة الأزهر والمؤسسة الدينية عموما بالرجال الأقوياء والأمناء الذين يبلغون رسالات الله ولا يخشون أحدا إلا الله.
وإيران؟
إننى أنصح مصر أن تقف مع حق إيران فى امتلاك القوة النووية لاستخدامها فى السلم، وإذا كانت إسرائيل تملك القنبلة النووية فكيف نمنع إيران من امتلاك الطاقة السلمية؟ وهذا ما يوجبه الإسلام فى مناصرة إخواننا بالحق، ولهذا أعلنت أكثر من مرة أن إيران إذا اعتدى عليها سنقاتل من يقاتلها.
على أن هذا لا يعنى قبول انتشار المذهب الشيعى فى البلاد السنية، بتأييد من بعض كبار رجال الدولة فى إيران. فهذا نذير فتنة لا يعلم عواقبها إلا الله، وهذا ما حذرت، وسأظل أحذر منه.
فضيلة الدكتور.. قبل أن نترك السياسة الخارجية.. هل أنتم من المتفائلين بمقدم الرئيس أوباما؟
ليس كثيرا، لأن السياسة فى أمريكا لا يرسمها شخص، ولكن بوش كانت لديه نزعة أصولية متشددة أثرت على السياسة الأمريكية، وكان يزعم أنه ينفذ أوامر الله، عموما المأمول أن يكون أوباما خيرا من بوش، فلقد بدأ بداية طيبة بإغلاق سجن جوانتانامو، وقال إنه سيحدد موقفه مع العالم الإسلامى بناء على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.. وهذا ما نريده، ننتظر أن يكون الوضع أفضل والرجال الذين يعاونونه أرق وألين من رجال بوش ونساء بوش «كونداليزا رايس».. وأعتقد أن هيلارى كلينتون أفضل.
منع التعدد.. مرفوض
فضيلة الشيخ.. هناك قانون مقدم فى مصر من بعض الجهات الحقوقية لمنع تعدد الزوجات، نظرا لارتفاع حالات الطلاق بسبب الزواج الثانى.. فما رأيكم؟
أعجب أن يوجد مثل هذا التفكير فى مصر، بلد الإسلام والأزهر، ومنبت الدعوة إلى الإسلام، فمما لا ريب فيه أن تعدد الزوجات مما شرعه الله بيقين لا شك فيه، وهو معلوم من الدين بالضرورة.
ولا يجوز للمسلم أن يحرم ما أحل الله أو يحل ما حرم الله، فإن هذا من حق الله وحده، وقد ذكر الله تعالى أهل الكتاب بقوله «اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم» وفسر ذلك بأنهم أحلوا الحرام وحرموا عليهم الحلال، فأطاعوهم.
والإسلام لم يشرع تعدد الزوجات إلا لمصالح الخلق، ولم ينفرد الإسلام بذلك، بل كل الأديان أباحت التعدد، ولكن بلا قيد ولا شرط، فكانوا يتزوجون العشرات بل المئات بلا حرج، فجاء الإسلام، فوضع لإباحة التعدد قيدا وشرطا.
والقيد هو عدم الزيادة على أربع زوجات، والشرط هو العدل. فمن لم يثق من نفسه بالعدل لا يجوز أن يقدم على التعدد وهناك شرط آخر هو أن يكون قادرا على الإنفاق على بيتين وأحضان زوجتين.
لكن الزواج الثانى يثير عددا من المشكلات؟
بل إن هذا الزواج يحل مشكلات كثيرة، فى حال مرض الزوجة، أو مع الزوجة التى تطول فترة حيضها، أو التى لا تنجب، فبدل أن يطلق الزوج زوجته الأولى يتزوج عليها الأخرى، كما يعالج حالة المجتمعات التى يزيد فيها عدد النساء الصالحات للزواج على عدد الرجال القادرين عليه.
والعالم كله معترف فى الواقع بالتعدد إلا أن هناك تعددا أخلاقيا مسئولا، وهو التعدد الإسلامى، وتعددا لا أخلاقيا ولا إنسانيا، وهو التعدد الواقع فى أوروبا اليوم، فكل الناس تقريبا يعددون، ولكن دون الالتزام بأى مسئولية تجاه المرأة الأخرى، فلماذا نجيز تعدد الخليلات ولا نجيز تعدد الحليلات؟
ومن الطرائف فى هذا الأمر أن إحدى الدول التى تمنع التعدد تزوج رجلا بامرأة ثانية «عرفيا» وكان يذهب إليها سرا، حتى تربصت به الشرطة وألقت القبض عليه، وسألوه عن المرأة فقال إنها زوجته، فقالوا له ما الذى جعلك تتزوج ثانية فهذا مخالف للقانون، فتراجع الرجل وقال «لا إنها ليست زوجتى» فاعتذرت له الشرطة وقالوا له «آسفون كل الأسف، كنا نحسبها زوجتك ولم نعلم إنها صديقتك، وأخلوا سبيله»!!
وأرى أنه يمكن وضع ضوابط يقرها أهل الرأى والعلم، أما التحريم فمرفوض تماما.
ضوابط للإفتاء
هناك قانون آخر مقدم لتجريم الإفتاء لغير المتخصص، مع إجراء اختبار من خلال لجنة لهذا الغرض من كبار العلماء؟
أرى أنه لا مانع من وضع شروط وضوابط لمن يتعرض لإفتاء الناس بشكل عام، كالذين يفتون فى الفضائيات والإذاعات والصحف السيارة، حتى لا يتورط فى الإفتاء من ليس له أهلا، واشترط العلماء للفتوى المقبولة أن تكون من أهلها وفى محلها، وقد ذكر العلماء الكثير من الشروط التى لا يتسع المقام لذكرها الآن.
والمشكلة أن كثيرا ممن يتصدون للفتوى لا يحسن أحدهم أن يقرأ صحيفة بل سطورا فى علم الفقه أو علم أصول الفقه، ثم يقول هذا حلال وهذا حرام ليفتروا على الله الكذب، وهؤلاء لا يتورعون أن يفتى أحدهم فى مسألة لو عرضت على عمر لجمع لها أهل بدر ولم يجرؤ أن يفتى وحده فيها.
وضبط هذا الأمر بالتقنين قد يصعب، فبعض الناس الذين علموا أنفسهم بالقراءة والاطلاع والتتلمذ على العلماء قد يكونون أقدر على الفتوى من بعض العلماء الرسميين.. ويجب أن يكون المعول على الأسئلة والمقابلة الشخصية وأن يقتصر ذلك على من يفتى عموم الناس فى وسائل الإعلام المختلفة، دون من يفتى الناس فى المساجد ونحوها، فى دائرة محدودة، فهؤلاء لا يمكن الاستغناء عنهم.
المرتد لا يقتل
قال بعض العلماء بقتل القرآنيين وغيرهم باعتبارهم مرتدين.. فما رأى فضيلتكم؟
أولا أفضل أن يسمى هؤلاء باسمهم الحقيقى وهو «منكرو السنة»، لأن القرآنيين حقا لا ينكرون السنة، وكيف والقرآن يلزم المسلمين بحجية السنة، فى مثل قوله تعالى «وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حُمل وعليكم ما حُملتم وإن تطيعوه تهتدوا»، وكل مسلم فى حاجة إلى السنة حتى يتبين منها المقصود بالقرآن، والذين ينكرون السنة مقتضى قولهم إنهم منكرون الصلوات الخمس والزكاة والحج والعمرة وغيرها.
وقائل هذا مرتد عن الإسلام بلا ريب، وهذا فى الجملة، أى فى الحكم على الصنف لا على الأفراد، وهؤلاء يجب أن يقدموا للقضاء العادل ويناقشوا فيما نسب إليهم، ومن حق المحكمة أن تستعين ببعض العلماء ليواجهوهم ويردوا على شبهاتهم، حتى تطمئن المحكمة إلى إدانتهم أو تبرئتهم أو الحكم بردتهم.
وإن حكمت بردتهم؟
- وحتى لو حكمت بردتهم، أنا لا أفتى بقتل كل مرتد، فالردة أنواع منها الخفيفة ومنها المغلظة ولا يجوز التسوية بينهما، ومن أصحاب الردة من لا يدعو إليها ومنهم المتحمس لردته الداعى إليها وهو نذير فتنة وداعية فرقة.. فينبغى التفريق بينهما.
وأرى أن القتل ليس عقوبة لازمة من فى كل حال، بل يسعنا أن نأخذ بقول الإمامين النخعى والثورى، فى أن المرتد يستتاب أبدا ولا يقتل، وقد ورد عن سيدنا عمر بن الخطاب ما يؤيد هذه الوجهة.
الفوائد البنكية.. ربا
فضيلة الشيخ.. تؤكد بعض القيادات الدينية أن فوائد البنوك ليست ربا لأن التعامل الآن بالنقود الورقية وليست بالذهب والفضة، وأن البنوك الإسلامية مثلها مثل البنوك الربوية فما رأيكم؟ ألم يكونوا يشترون السلع بنقود الذهب والفضة؟
- نعم.. إذن المضمون واحد.. وإننى انتقدت فتوى البحوث الإسلامية فى إباحتها الفوائد البنكية، فقد حرمتها فى الستينيات بمشاركة نخبة من العلماء على مستوى العالم، ثم عادت وأباحتها بعد أن أجازها الشيخ طنطاوى!
فمن أعظم الفتن الفكرية، ومن أخبث المؤامرات على العقل الإسلامى المعاصر، تلك المحاولات الجريئة لتغيير المحكمات والقطعيات التى تمثل (ثوابت الأمة) التى انعقد عليها الإجماع، واستقر عليها الفقه والعمل، وتوارثتها الأجيال جيلا بعد جيل. والفوائد البنكية ربا وحرام وما زلت مصرا على هذا.
ولا ننكر أن فى البنوك الإسلامية أخطاء، وذلك لأن العنصر البشرى فيها جاء فى الغالب من البنوك التقليدية، فعقله مركب تركيبا ربويا، وليس عنده أى خلفية إسلامية، ولا حماس للفكرة، ولا فقه فى المعاملات الشرعية.
كما أن من الظلم أن نحكم على البنوك الإسلامية كلها حكما واحدا، فهى تتفاوت تفاوتا كبيرا، فبعضها بلغ مرحلة مهمة من التدقيق الشرعى وبعضها يطور معاملاته، ويتخلص بالتدريج من بعض السلبيات التى تعرض لها، وبعضها لم يدخل فى المعاملات التى كثر حولها الكلام، مثل بيع المرابحة، وقد توسعت البنوك الإسلامية، ودخلت كل أقطار المسلمين، ولا تزال تزداد.
أخيرا.. هل سنرى فضيلتكم مشاركا فى اجتماعات مجمع البحوث الإسلامية ولو كل 3 أو 4 أشهر؟
لن أستطيع، قولى أشارك كل سنة مرة.. وربنا يعطينا الصحة والوقت والبركة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.