مع بدء انحسار المنخفض الجوي الأول الذي شهده قطاع غزة وتسبب بغرق آلاف الخيام وتضرر أصحابها، تتعالى المطالبات بتدخل جذري لحل الكارثة قبل المنخفضات المقبلة، وسط تحذيرات من اعتبار «توفير الخيمة» حلًا. وضرب منخفض جوي المنطقة يوم الجمعة، وتسببت الأمطار الغزيرة بغرق عشرات الخيام في القطاع، الأمر الذي فاقم معاناة النازحين أكثر، في ظل عدم وجود جهات قادرة على التعامل مع حالات الغرق. ويبدأ المنخفض ظهر اليوم بالانحسار، حيث توقعت دائرة الأرصاد أن تهطل كميات من الأمطار ساعات النهار الأولى، على عدة مناطق منها قطاع غزة. ويقول رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة، إن «الخيام وحدها لا تمثل إنقاذاً للسكان مطلقاً، حتى لو توفرت كل الكمية المطلوبة، فإنها تبقى مجرد خطوة أولى في سلسلة طويلة من الاحتياجات الضرورية التي يجب توفيرها لضمان حماية المدنيين من الشتاء». وأضاف الثوابتة، في حديث لوكالة «صفا»، اليوم الأحد، أن «الخيمة لا توفر الدفء، ولا تمنع تسرب المياه، ولا تصمد أمام الرياح، ولا تحمي الأطفال أو المرضى أو كبار السن من موجات البرد». وشدد على أن ما يجري «بيئة تهجير قاسية للغاية، لا يمكن أن يتجاوزها السكان بالخيام فقط»، محذرًا من اعتبار الخيمة «حلاً» أو «إنقاذاً»، معتبرًا أن هذا تبسيط خطير للمشهد، لا يعكس الواقع الحقيقي على الأرض. وذكر أن قطاع غزة يحتاج بشكل عاجل وفوري إلى 300,000 خيمة وبيت متنقل كحد أدنى، لاستيعاب الأعداد الهائلة من النازحين الذين حوّلهم الاحتلال إلى مشرّدين بلا مأوى. ووفق الثوابتة، فإن الحديث يجري عن كارثة إنسانية غير مسبوقة يعيشها شعب فلسطين، في ظل ظروف مأساوية تفوق قدرة البشر على الاحتمال. ويوضح أن هذه الكارثة تأتي مع غياب شبه كامل للتدخلات الفاعلة التي كان يمكنها الحد من حجم الانهيار الإنساني القائم. وأكمل: «حذرنا منذ أشهر طويلة من هذا السيناريو، لكن العالم لم يتحرك، وها نحن اليوم نواجه مأساة تتفاقم مع كل ساعة ومع كل منخفض جوي». وعن غرق آلاف الخيام في المنخفض، يفيد الثوابتة بأن الخيام الموجودة حالياً، وحتى التي قد تتوفر، غير كافية مطلقاً من حيث العدد أو الجودة أو القدرة على الصمود أمام ظروف الشتاء القاسية. وأوضح أن آلاف الخيام غرقت فعلياً مع أول منخفض جوي، لأن ما يتوفر اليوم هو خيام بدائية هشة، غير مصممة لمواجهة الأمطار أو الرياح أو البرد القارس. واستطرد: «نحن أمام مشهد كارثي؛ عائلات كاملة تقف داخل مخيمات طينية غارقة، بلا حماية، بلا أرضيات عازلة، وبلا دعم لوجستي يضمن الحد الأدنى من مقومات الحياة.. الموجود الآن ليس إيواء، بل محاولة يائسة للبقاء على قيد الحياة في ظروف غير إنسانية». وأمام ذلك، يؤكد الثوابتة أنه- إضافة إلى الخيام- هناك سلسلة كاملة من المتطلبات الإنسانية العاجلة التي يجب توفيرها فوراً، تشمل شوادر وأغطية بلاستيكية عازلة للمياه، لضمان الحد الأدنى من الحماية ضد الأمطار. ويوضح أن المواطنين بحاجة لوسائل تدفئة آمنة، خاصة للأطفال والمرضى وكبار السن، وأرضيات خشبية أو بلاستيكية تمنع تحوّل الخيام إلى برك من الطين، وأغطية، فرشات، ومواد عزل حراري. وشدد على ضرورة توفير مرافق صحية متنقلة، مع خدمات مياه وصرف صحي ملائمة، ومستلزمات إنارة وطاقة بديلة، لضمان القدرة على العيش في الحد الأدنى من الظروف الإنسانية. وحتى هذه اللحظة، يجزم الثوابتة أن الاحتلال يمنع إدخال هذه المواد كافة، في خرق خطير للبروتوكول الإنساني الذي وقع عليه، وفي انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، ما يؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية التي يدفع ثمنها المدنيون وحدهم. وطالب بتوفير هذه الاحتياجات كواجب قانوني وأخلاقي وإنساني على المجتمع الدولي.