المناعة ليست مجرد لفظ يطلقه الكثيرون في موسم الشتاء وتحديدًا حال انخفاض درجات الحرارة والصقيع، بل أصبحت هوسًا يوميًا لدى كثيرين، فهناك من يحرص على فيتامين سي كل صباح، وآخر يجرب وصفات الأعشاب المنتشرة على مواقع التواصل، وبينهما يختلط العلم بالخرافة، والنصيحة الطبية بنظيرتها على الواتساب، فما هي أفضل طرق توقية المناعة؟ * المناعة تبدأ من المائدة الدكتور رامي صلاح الدين، استشاري التغذية العلاجية، يجيب عن سؤال طرق تقوية المناعة، بأنها ليست عن طريق ابتلاع فيتامين، مشيرًا إلى أنها منظومة متكاملة تشمل "التغذية والنوم والحالة النفسية والنشاط البدني". وأضاف "صلاح الدين، ل"الشروق": "كلما كانت هذه العناصر متوازنة، كانت المناعة أقوى"، مشيرًا إلى أن المكملات الغذائية ليست بديلًا عن الطعام، بل وسيلة مؤقتة لتعويض نقص محدد في الجسم. ويحذر استشاري التغذية العلاجية، من الإفراط في تناول الفيتامينات دون إشراف طبي، مؤكدًا أن فيتامينات مثل "D وA"، ربما تسبب تسممًا خطيرًا عند تجاوز الجرعة، إذ تظهر أعراضه في صورة "دوخة ومغص واضطرابات هضمية". * فيتامينات من الطبيعة وأكد أن المناعة الحقيقية يتم بناؤها على عادات غذائية بسيطة مثل تناول الأطعمة التي تحتوي على فيتامين C، ومنها: "الجوافة والبرتقال والكيوي"، فضلًا عن الحصول على الكمية الكافية من فيتامين D من خلال التعرض للشمس 15 - 20 دقيقة يوميًا، بالإضافة إلى تناول البيض واللبن والجبن، والحصول على فيتامين A ، الموجود في "الجزر وقرع العسل والبرتقال". وأشار إلى ضرورة الحصول على مضادات الأكسدة الموجودة في الخضروات الورقية الداكنة مثل "السبانخ والملوخية، والشاي الأخضر". * الرياضة والهواء دواء مجاني وتابع أن النوم المنتظم والنفسية الهادئة يرفعان كفاءة الجهاز المناعي، مشيرًا إلى أهمية النشاط البدني في الهواء الطلق، معتبرًا أنه ينشط العضلات والجهاز العصبي والتنفس ويزيد كمية الأكسجين التي تصل للجسم. * جيش المناعة الخفي ولفت إلى أن الجهاز الهضمي مركز المناعة، متابعا أن التوازن بين البكتيريا النافعة والضارة هو خط الدفاع الأول ضد الأمراض. وقال إن الإفراط في المضادات الحيوية أو الأكل السريع يضعف البكتيريا النافعة، ما يؤدي لمشاكل في الهضم والشعور بانتفاخات وتقلصات وغازات وغيرها، ويؤثر على المناعة. ونصح بتناول أطعمة تحتوي على البكتيريا المفيدة مثل "الزبادي والرائب والمخللات"، لكن باعتدال، بجانب اللجوء إلى المكملات يكون فقط تحت إشراف طبي إذا لم يتحسن الجهاز الهضمي. * وجه آخر من الطبيعة كما حذر الدكتور محمد علي عز العرب، أستاذ الكبد، في تصريحات سابقة ل"الشروق"، من الإفراط في الأعشاب والمكملات العشبية دون رقابة. وأشار إلى أن بعض الأعشاب قد تتعرض للتلوث أو الفطريات التي تفرز مواد سامة، وبعضها قد يؤدي إلى تليف أو فشل كبدي، خصوصًا الشاي الأخضر وأعشاب سن اليأس وغيرها. * الواقع خير دليل وتدعم هذه التحذيرات قصص حقيقية كثيرة منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي صحيفة الجارديان البريطانية، مثل إرناندا طومسون التي بدأت بتناول نصف ملعقة صغيرة من الكركم يوميًا لتعزيز المناعة، لكن بعد عام كشفت الفحوصات عن انخفاض خلايا الدم البيضاء وتضخم الكبد، وحين توقفت فورًا عن المكمل، عادت خلايا الدم البيضاء طبيعية بعد ستة أشهر. كما يأتي من بين تلك النماذج، نافين كاثوريا الذي تناول الأشواجاندا يوميًا بجرعة 150 ملجم، فارتفعت عنده إنزيمات الكبد وظهرت أعراض مثل اليرقان وفقدان الوزن، لكنه تعافى بعد التوقف عن المكملات وأخذ وقت الراحة. وتبرز تلك الأمثلة، أن حتى المكملات الطبيعية يمكن أن تكون خطيرة، وأن آثارها تختلف باختلاف التركيب الوراثي والاستجابة الفردية للجسم. * المناعة تبدأ من أسلوب الحياة ويمكن من خلال نصائح الأطباء وقصص المرضى، استخلاص أن المناعة الحقيقية لا تكمن في المكملات العشبية أو الكبسولات، لكن يمكن الحصول عليها من مجموعة عادات بسيطة سواء التعرض للشمس، وتناول أطعمة غنية بالفيتامينات، والرياضة في الهواء الطلق، إلى الاهتمام بالنوم والصحة النفسية، فكلها طرق طبيعية وأكثر أمانًا وفعالية لبناء جهاز مناعة قوي، لكن يجب أن يكون كل شيء باعتدال، فحتى المنتجات الطبيعية قد تحمل مخاطر جسيمة إذا تم استخدامها دون وعي أو إشراف طبي.