بينما تنشغل العيون بصفوف الناخبين أمام اللجان، يقف الشحات إسماعيل، عامل النظافة البالغ من العمر 54 عامًا، على بعد أمتار من المقر الانتخابي بمدرسة الشيخة جواهر في بولاق الدكرور بالجيزة، يرتدي بدلته الخضراء التي بهت لونها من أثر الشمس والغبار. يمسك الشحات بمكنسته القديمة كأنها رفيق عمره، بينما يجر عربته الصغيرة، غير مبالٍ بضجيج الميكروفونات أو صور المرشحين المعلقة في كل زاوية، ما يعنيه فقط أن يبقى الشارع نظيفًا. يعمل الشحات مع ثلاثة من زملائه في فريق واحد، يتحركون في صمت وسط الزحام، يجمعون الأعلام والمنشورات التي تسقط أولا بأول على الأرض. يقول بابتسامة متعبة وهو يلتقط بطاقة دعائية ممزقة: "بننضف أول بأول.. علشان الصورة تفضل حلوة". ورغم ازدحام الشوارع بالأطفال والشباب الذين يوزعون منشورات الدعاية الانتخابية، بدا المكان أمام اللجان نظيفًا ومنظمًا، وكأنه لم يشهد سباقًا انتخابيًا. وفي مشهدٍ يُحتفى فيه بالمرشحين، يمر هؤلاء العمال غالبًا بلا انتباه، لكن وجودهم هو ما يحفظ النظام والجمال وسط ضجيج السياسة.