أصاب الاعتداء الإسرائيلى على أسطول المساعدات المدنى كل عقلاء العالم بالصدمة. إذ شاهدنا القوات المسلحة الإسرائيلية تعمل مرة أخرى كما لو كانت عصابة. ولا مجال لدى إسرائيل للدفاع عن هذا التصرف فى الساحة السياسية العالمية. إذ ليس هناك ما يقال حول هذا الهجوم الجنونى على سفينة لا تستخدم سوى للأغراض السلمية فحسب. فكان هناك أشخاص من كل الأديان ومختلف وجهات النظر السياسية مشاركون فى قافلة المساعدات. ولا ينبغى لنا نسيان أنه فضلا عن المسلمين، كان هناك مسيحيون ويهود أيضا. ولا يمكن أن يمثل هدف قافلة سلمية على الإطلاق سببا للهجوم عليها بالقوات المسلحة، سواء كان سياسيا أم إنسانيا. الوقائع داخل المياه الدولية، تم اعتراض سبيل سفينة مدنية عزلاء لا تحمل أى أسلحة وأعلنت بوضوح أنها تحمل إغاثة لأهالى غزة الذين يعانون. ثم هبط رجال الكوماندوز الإسرائيلى على السفينة، وقتلوا على الأقل عشرة أشخاص، وقبضوا على الباقين واستولوا على السفن. وعبرت الدولة التركية بالفعل عن وجهة النظر التالية: «هذا التصرف المؤسف، الذى تم داخل المياه الدولية، فى انتهاك خطير للقانون الدولى، قد يسبب أضرارا فى علاقاتنا سوف يكون من المستحيل إصلاحها». وأنا أتفق مع وجهة نظر وزير الخارجية التركية إذ يقول إن الدولة اليهودية ارتكبت «جريمة خطيرة، فى تجاهل تام لكل القيم التى تعهدنا بدعمها منذ إنشاء نظام الأممالمتحدة». ما الذى تحاول إسرائيل فعله؟ من الغفلة الاعتقاد أن إسرائيل فعلت هذا دون تخطيط مسبق. ولكن ما هى الخطة؟ وما المقصود من هذه الخطوة؟ هل هو العمل على إثارة معركة كبرى؟ هل هو بيان أن إسرائيل لا يمكن المساس بها أمام العالم؟ ماذا يقول القانون؟ تنص اتفاقية قانون البحار على أن الدولة الساحلية قد تنظر فى اعتراض سفينة ما إذا توافرت شروط بعينها فقط.. وهى شروط من قبيل أن تكون السفينة متورطة فى تهريب الأسلحة أو المخدرات أو العبيد أو الأنشطة الإرهابية. فأى هذه الشروط كان متوافرا فى هذه الحالة؟ كما قلت لكم، يعلم العالم أجمع أن السفن لم تكن تحمل إلا مواد الإغاثة. وقد أبحرت تلك السفن وفقا لقانون الجمارك والضوابط الدولية الأخرى. ومن المعلوم على نطاق واسع أنها تحمل مساعدات إنسانية وليس أسلحة. بشكل واضح، تعد العملية الإسرائيلية انتهاكا لاتفاقية قانون البحار. فهى تمثل موضوعا خاصا بالجريمة الدولية، وأدعو من هنا النيابة العامة التركية إلى ملاحقة هذه المسألة. ذلك أنها جريمة ضد المواطنين الأتراك، وهناك بالتأكيد عقوبة لابد من توقيعها عليها بموجب القانون التركى أينما كان الموقع الذى ارتكبت فيه. أقصى حد للتدخل مسموح به لإسرائيل وفقا للقانون الدولى هو تولى السيطرة على سفن المساعدة مؤقتا ومنع مرورها باتجاه مياهها. وليس هناك حتى ما يخول لإسرائيل اعتقال هؤلاء الأشخاص فى المياه الدولية. وبدلا من إعادة الناشطين إلى بلادهم، قتلت إسرائيل الكثير منهم واعتقلت الباقين، وكان كثير منهم مصابين إصابات بدنية أو نفسية. من المؤكد أن تصرف إسرائيل يعد خرقا خطيرا للقانون الدولى. فهو إرهاب من قبل دولة. وهو لصوصية وقرصنة، بل هو قتل بدم بارد من قبل دولة. إن هذه جريمة. وهى جريمة ضد الإنسانية كذلك. ويجب الآن تقديم بلاغ ضد جميع المسئولين فى دولة إسرائيل إلى السلطات المختصة، ويجب تقديمهم للمحاكمة. إذ لا يسمح لأى طرف أن يعترض طريق سفينة مدنية ويقتل الناس عليها. أعتقد أن القانون موجود كى يطيعه الناس. وبالنسبة للذين لا يؤمنون بذلك، فالقانون الوحيد هو «القوة مع القوى، والقوى هو القادر». وهذا ما تفعله إسرائيل.