احتفى جمهور مهرجان الجونة في دورته الثامنة بمسيرة الفنانة يسرا، التي امتدت لنصف قرن من الإبداع والعطاء الفني، وذلك في جلسة حوارية بعنوان "50 سنة يسرا"، أدارها محمد عمر، مدير الشراكات العالمية في شركة "ميتا". جاء ذلك بحضور عدد من نجوم الفن، بينهم "ليلى علوي، وهالة صدقي، وإلهام شاهين، وأحمد مالك، ويسرا اللوزي، وأشرف عبد الباقي، وهاني رمزي، وعمرو جمال، وحسن أبو الروس، بالإضافة إلى المخرج هاني خليفة، والناقد طارق الشناوي". بدأت يسرا حديثها في الجلسة الحوارية التي أدارها محمد عمر، مدير الشراكات العالمية في شركة "ميتا"، بكلمات قليلة: "بحبكم أوي وبكبر بيكم". وتابعت: "السنوات العشر الأولى من مسيرتها لم تكن سهلة، إذ كانوا يلقبونها ب"النجمة المعلّبة" لأنها شاركت في 25 فيلمًا نزلت بعد أربع سنوات من بدايتها وفشلت فشلًا ذريعًا، ولم تكن تدرك أين الخطأ، هل في اختيارها أم في العمل نفسه، لذلك قررت أن تدرس وتتعلم، وكانت تحضر مونتاج فيلم "الكرنك" بالكامل لتفهم المصطلحات الفنية مثل "الراكور". وأوضحت يسرا، أن الموهبة وحدها لا تكفي، فالفنان يحتاج إلى ذكاء وصبر وحسن اختيار، مؤكدة أنه ليس بالضرورة أن يكون الدور الأفضل هو الأكبر من حيث المساحة، فهناك مشاهد صغيرة قد تشكل العمود الفقري للفيلم، مثل مشهدها مع أحمد زكي في "معالي الوزير"، الذي كان يحدد تاريخ الشخصية ومستقبلها، لافتة إلى أن غيابه كان سيغيّر مصير الفيلم بالكامل. وأضافت أن الذكاء يمكن اكتسابه من خلال التعلم من شخصيات أخرى ورحلاتهم، واستذكرت إعجابها بالسيدة فاتن حمامة التي كانت تستمع إليها لتتعلم منها، قائلة إنها لن تنسى حوارًا لها عندما سألوها كيف أتقنت لغات أخرى فقالت: "من الراديو". كما كشفت عن التحدي الأكبر في مسيرتها، مشيرة إلى أن الاستمرارية في مكانة معينة تتطلب مجهودًا مضاعفًا، ربما ثلاثة أضعاف. واستعادت ذكريات فيلم "إرهاب وكباب"، قائلة إنها بعد قراءتها للسيناريو لم تجد فيه جملة واحدة هي (فتاة ليل في الدور ال13)، فلم تفهم ما هو الدور، ولم ترد بالموافقة أو الرفض، لافتة إلى أنها لم تكن لتستطيع رفض دور من وحيد حامد، حتى تواصل معها المخرج شريف عرفة، وقال لها: "لماذا لم تردي على السيناريو؟ فذهبت إلى السيناريست وحيد حامد لتناول القهوة معه، وهناك أقنعها شريف عرفة بالدور قبل أن تتحدث مع "حامد"، رغم أنه لم يكن مكتوبًا، فقالت لوحيد حامد إنها مستعدة لتوقيع العقد فورًا، وطلبت منه مبلغًا قدره 10 جنيهات". وأكدت أنه كان مبلغًا كبيرًا وقتها، وصممت الفستان بنفسها أمام شريف عرفة في اليوم نفسه، قبل أن تبدأ التحضير للدور مع وحيد حامد ويخرج الفيلم بالشكل الذي شاهده الجمهور، مضيفة بابتسامة أن في كل رحلة نسبة من الحظ، لأنك تلتقي بأشخاص يضيفون لك وتتعلم منهم. وعن تقييمها لمشوارها الفني، فأكدت أن الاختيارات مهمة، وكذلك الأشخاص المحيطون الذين يثقفون الفنان ويدفعونه إلى الأمام. وروت موقفًا مع المخرج يوسف شاهين عندما سألته عن السيناريو، فأمسك ورقة ورسم عليها خطوطًا متعرجة، وقال لها: "هذا هو السيناريو". وأشارت يسرا، إلى أنها تتعامل مع المواقف الحياتية أحيانًا بتفهم، وأحيانًا بذكاء، وأحيانًا أخرى بضيق، لكنها تعلمت بمرور الوقت أن على الفنان مسؤولية تجاه جمهوره حتى في الأوقات الصعبة. وأوضحت أنها لا تربط بين حياتها الشخصية وتعاملها مع الجمهور، مستشهدة بمثال بسيط: "عندما يطلب منها أحد المعجبين التصوير لبضع ثوانٍ، لا تتردد أبدًا، لأنها تؤمن بأن إحراج أي شخص قد يجعل الحياة تردّ لها الموقف نفسه يومًا ما، كما أنه لن ينساه لها مدى الحياة". وعلى مدار هذا اللقاء، الذي جمعها بجمهورها ومحبيها، قررت يسرا أن تفتح قلبها وتتحدث بصراحة عن محطات حياتها، فوجهت إليهم سؤالًا عفويًا: "أنتو عاوزين تعرفوا إيه عني؟"، قبل أن تنضم صديقاتها المقرّبات. وقالت إلهام شاهين مازحة: "بيسألونا دايمًا بنحب بعض كده ليه؟ لحد النهارده إحنا مكملين زي فيلم دانتلا". فيما تحدثت هالة صدقي، عن الجانب الإنساني في شخصية يسرا، مشيرة إلى أنها تقوم بالكثير من أعمال الخير دون أن تُظهر ذلك، فتُرسل المال لمن يحتاجه دون أن يعرف أنها صاحبة الفضل. وأضافت أنها لا تفوّت واجب عزاء، وتحاول دائمًا إرضاء الجميع حتى على حساب وقتها وصحتها، وقالت مازحة: "بس مش مسامحاها إنها اشتغلت مع أحمد رمزي ورشدي أباظة!". وفي ختام الجلسة، سألتها ليلى علوي عن ثلاث نصائح تقدمها لها ولهالة صدقي وإلهام شاهين، فأجابت يسرا بحكمة اختصرت تجربتها كلها: "الصبر، والصفاء، ومهما كان عندكم، فوتوا، واعملوا نفسكم مش واخدين بالكم، لو حيطة قدامكم هتتهد".