لا يخلو تاريخ منهم، فهم الذين يحصدون النجاحات والغنائم بعدما اهتم غيرهم بأن يمهد الطريق ويضع الأساس، كما لا يخلو مجال منهم، فهم الذين يهبطون بالمظلات على كل نجاح أو أمل ليكونوا فوقه، تحملهم الطائرات، من مكان ما، ليتم إسقاطهم فوق أي شيء. في الصحيفة، مثلا، هم الجيل التالي للمؤسسين الذين دفعوا أفكارهم وجهدهم ليبنوا ويؤسسوا، وغالبا ما يخرجون من صحفهم بعد مؤامرة يشترك فيها واحد أو أكثر من هذه الفرقة المحمولة جوًّا؛ ليتولى، بعدها، جذب أمثاله ليشاركوه حصاد نجاحٍ زرعه غيرهم، واستحلوه، وتعاملوا معه بأنه من صنعهم وحدهم، شريطة أن يحفظوا الجميل لليد التي أسقطتهم على الكراسي وأجلستهم فوقها؛ فيأتمرون بأمرها ويخوضون معاركها مع معارضيها. وفي السياسة، يهبطون على التنظيمات والأوطان، من أماكن تخزينهم، التي قد تكون سجنًا أو حزبًا أو مؤسسة، تسقطهم الطائرات بالمظلات، بعدما يتم تقديمهم في صورة المخلِّصين وتقديمهم للغلابة باعتبارهم المنقذين والمكافحين، في حين أن دورهم لا يتعدى أن يكونوا "عرائس ماريونيت" تحركها يد خبيرة غير بادية، تسقطهم بالبراشوت، أو تظهرهم من أماكن تخزينهم، ليجنوا ثمار تاريخ طويل من التحرر الوطني والنضال، شريطة أن ينسب التحرر إليهم ويجنون الربح بالجلوس على الكرسي، أيضا، مقابل تأدية الدور المنوط بهم والذي رسمته لهم اليد التي أسقطتهم ودربتهم على القفزة. في كل المجالات تجدهم يؤسسون لمنطق التسلق وينظرون له، فهم المنظرون إذا كان الوسط اشتراكيا، كما أنهم دعاة التحرر إذا كان الوسط ليبراليا، وهم الأئمة إذا الوسط دينيا، لا يخلو مجال منهم، يؤدون الأداء نفسه بالمنطق نفسه على الوتيرة نفسها وبالطريقة المرسومة نفسها، لا يحيدون عن ذلك قيد أنملة، ولا يطرف لهم جفن أو تؤرقهم بقية من ضمير، فاحذرهم أنَّى وجدتهم.