صرف 300 ألف جنيه لأسرة كل متوفي بحادث الطريق الإقليمي    3 توجيهات عاجلة من الرئيس السيسي للحكومة بشأن «طريق الموت» بالمنوفية    "أوبك+" يرفع إنتاج النفط في أغسطس 548 ألف برميل يوميا    إعلام عبرى: المجلس الوزارى المصغر سيناقش اليوم رد حركة حماس    جودون شيكا يجتاز الكشف الطبى قبل التوقيع على عقود انضمامه لمودرن سبورت    ثلاثي منتخب مصر يتأهل لنهائي رجال الخماسي الحديث في كأس العالم 2025 بالإسكندرية    افتتاح ملحق جديد لفندق اللسان برأس البر خلال 2027    محافظ القليوبية يتفقد أعمال رصف شارع أحمد حلمي المؤدي إلى مستشفى الناس    تأجيل اولي جلسات محاكمة 5 رجال أعمال متهمين بتمويل الإرهاب ل 9 سبتمبر    بمسرح كامل العدد.. الإيقاعات الشرقية تحيي أولى حفلاتها الصيفية بقصر ثقافة الأنفوشي    مستشفيات جامعة بنى سويف تعيد الأمل لطفل أصيب بانفجار فى العين اليمنى    "الوطنية للانتخابات": 201 طلب بالنظام الفردي في أول أيام الترشح لمجلس الشيوخ    الشرطة الألمانية تعتدي بالضرب على متظاهرين داعمين لغزة- فيديو    3 جلسات برلمانية ساخنة تحسم قانون الإيجار القديم    الإسماعيلية تتوسع في زراعة عباد الشمس.. 1271 فدانًا لدعم الاكتفاء الذاتي من الزيوت    الملحن وليد سعد: قدمت ألحان تركت بصمة مع جمهور عمرو دياب    أمينة الفتوى: "مقولة على قد فلوسهم" تخالف تعاليم الإسلام والعمل عبادة يُراقبها الله    مونديال الأندية.. باريس سان جيرمان يقصي بايرن ميونخ ب9 لاعبين    صحة الشرقية: تنفيذ حملة للتبرع بالدم بقرية المزارقة بفاقوس    أسماء الفائزين فى الموسم الرابع من المسابقة العالمية للوافدين والأجانب بالأزهر    باحث: رفع العقوبات عن سوريا يفتح الباب أمام الاستثمارات ويُحسن الاقتصاد    غدًا.. النواب يستكمل مناقشة قانون المهن الطبية    «الفيوم بلا بلاستيك» حدوتة أطلقتها «أمنية»    «خفاف على القلب» 3 أبراج روحهم حلوة.. هل أنت واحد منهم؟    أيمن الرقب: ترامب وإدارته جزء من المقتلة الكبيرة ضد المدنيين في قطاع غزة    وزير الخارجية يجري اتصالات دولية وإقليمية لدعم الأمن وخفض التوترات في الشرق الأوسط    مدرب أحمد حجازي الجديد.. نيوم يتعاقد مع جالتيير رسميًا    الأمين العام للأمم المتحدة يُحذّر من خطر نووى فى زابوريجيا    أمريكا.. مقتل 27 شخصًا جراء فيضانات مفاجئة وسط ولاية تكساس    بي إس جي ضد البايرن.. التشكيل الرسمى للقمة النارية فى كأس العالم للأندية    "المخدرات مش هتضيعك لوحدك" حملة لرفع وعى السائقين بخطورة الإدمان.. فيديو    إجتماع تنسيقي بين «الرعاية الصحية» و«التأمين الصحي الشامل» في أسوان    قانونية مستقبل وطن: مصر تواصل الاستحقاقات الدستورية وسط التحديات التي تشهدها المنطقة    مصرع شخص وإصابة اثنين آخرين في حادث مروري بدمياط    استمرار تلقي تظلمات الإعدادية بكفر الشيخ حتى 13 يوليو الجاري    بالأسماء.. إصابة 15 شخصًا في انقلاب ميكروباص على صحراوي المنيا    شريهان تعود للأجواء الفنية بزيارة خاصة لمسرحية "يمين في أول شمال"    لمرشحي مجلس الشيوخ 2025.. «الصحة» تطلق منظومة إلكترونية لخدمات «الكشف الطبي» (تفاصيل)    «محتوى البرامج الدراسية» في ندوة تعريفية لطلاب علوم الحاسب بجامعة بنها الأهلية    تفاصيل اجتماع وزير الرياضة مع لاعبة الإسكواش كنزي أيمن    «الصمت أحيانًا يعني أننا تعبنا».. حنان مطاوع توجه رسالة غامضة في أحدث ظهور لها    بمشاركة طلاب صينيين| بالصور.. تنظيم أول مدرسة صيفية بجامعة القاهرة    "بدأت بموقف محرج".. قصة تعارف أمير صلاح الدين وزوجته ليالي    وزير الرياضة يفتتح منشآت جديدة بمركز التنمية الشبابية بالساحل    العروض تحاصر ثلاثي بيراميدز.. والإدارة تعد قائمة بدلاء    فضل صيام عاشوراء.. هل يجوز صيامه منفردًا؟    أحمد نبوي: الأذى النفسي أشد من الجسدي ومواقع التواصل تتحول لساحة ظلم    تداول 14 ألف طن و1160 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    «المونوريل والبرج الأيقوني».. المشروعات القومية رموز جديدة ب انتخابات مجلس الشيوخ 2025 (فيديو)    محلل بريطاني: انتقادات زيلينسكي قد تدفع ترامب للانسحاب من تسوية الحرب الروسية الأوكرانية    طبق عاشوراء يحسن صحتك.. فوائد لا تعرفها    طقس الأحد شديد الحرارة وشبورة ورطوبة والعظمى بالقاهرة 36 درجة والإسكندرية 31    خبير: دعوة آبي أحمد لمصر والسودان لحضور افتتاح سد النهضة خطوة رمزية تخفي مناورة سياسية    3 وديات.. في الجول يكشف تفاصيل معسكر الأهلي في تونس تحضيرا للموسم الجديد    محافظ بني سويف يستقبل وزير الإسكان والمرافق في بداية زيارته للمحافظة    محافظ المنوفية يتوجه لمستشفى الباجور العام للإطمئنان على الحالة الصحية لمصابي حادث الإقليمي    اختيار ناصيف زيتون لحفل افتتاح مهرجان جرش بالأردن.. وأصالة في ختام الفعاليات    الجار قبل الدار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترامب.. ومبدأ «عدم ضبط النفس»
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 07 - 2025

لا تخلو أى تصريحات أو بيانات للمسئولين السياسيين أو الدبلوماسيين المحترفين على مدار العقود الأخيرة من ترديد عبارة «ضرورة ضبط النفس» عند التعليق على أى أزمة خطيرة أو مناوشات أو اشتباكات عسكرية أو عند بروز بوادر أزمة بين دولتين أو أكثر.
فى الوقت ذاته، دلت خبرة الأشهر الخمسة الأولى من فترة حكم الرئيس دونالد ترامب الثانية، على عدم اكتراثه أو اقتناعه بهذه العبارة، بل احتقرها فى أحسن الأحوال.
لا يعد ضبط النفس جزءا من أسلوب أو طريقة ترامب السياسية سواء فيما يتعلق بالشأن الداخلى الأمريكى أو الشرق أوسطى أو العالمى.
وفى سعيه لتجميع أكبر قدر ممكن من السلطات التنفيذية فى يده داخليا، وتوغل البيت الأبيض على الصلاحيات التشريعية والقضائية فى النظام الأمريكى القائم بالأساس على توازن السلطات بين المستوى الفيدرالى ومستوى الولايات وما دونها على مستوى المقاطعات والمدن. وخارجيا، وبعيدا عما يتكرر عن التراجع الأمريكى «الحتمى» والصعود الصينى «المنطقى»، نجح ترامب بوضع نفسه فى قلب الشئون الدولية. ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 وحتى الآن، قادت واشنطن النظام العالمى، وصممت شكل مؤسساته، ومعادلات توازناته، ولم يتأثر ذلك بهوية ساكن البيت الأبيض وميوله الشخصية وانتماءاته الحزبية. ولم يطغ شخص الرئيس أو تفضيلاته على مسلمات ورؤية المصالح الأمريكية كما تنظر لها، وتبلورها، المؤسسات الفاعلة المتنوعة سواء السياسية مثل الكونجرس والوزارات المختلفة، أم المراكز المشاركة فى صنع القرار الأمريكى بصورة أو أخرى مثل الإعلام، ومراكز الأبحاث، والرأى العام. إلا أن ترامب، وخاصة خلال الأشهر الأولى من فترة حكمه الثانية، أظهر هيمنة غير مسبوقة، أمريكيا وعالميا، فيما يتعلق بكل القضايا.
• • •
لم يُظهر ترامب خلال الأشهر الأخيرة إلا الضئيل من ضبط النفس. زلزل ترامب عالم المال والأعمال حول العالم، وداخل أمريكا، بسبب تبنيه العميق لسياسات دراكونية فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية على مختلف دول العالم، ودفع ترامب أسواق الأسهم والسندات إلى تأرجح غير مسبوق، ولم يراع أى ضوابط لضبط النفس.
يكره ترامب الحروب الطويلة والمكلفة، ولا يكترث بنشر ما تؤمن به النخبة الأمريكية وتدعى أنها قيما ديمقراطية وليبرالية يجب أن تسود العالم. يحتقر ترامب المنظمات الدولية، ويعامل القانون والمحاكم الدولية بازدراء يراه مستحقا. يستطيع ترامب، فى لحظات، التأثير على ربحية وقيمة وأسهم أكبر الشركات الأمريكية والعالمية. يؤمن ترامب -فقط- بضرورة التوصل لصفقات ثنائية يراها أفضل مما حصلت عليه الولايات المتحدة من خلال النظام متعدد الأطراف، ويؤمن أن ذلك يعظم القوة الاقتصادية الأمريكية بدلا من كبحها.
مرة أخرى، لم تُظهر سياسات ترامب أى ضبط للنفس.
ومنذ خطاب ترشحه، طالب بالحصول على جزيرة جرينلاند واستعادة امتلاك قناة بنما، ناهيك عن ضم كندا. أما أوروبيا، تلهث القارة العجوز خلف الرئيس الأمريكى بلا توقف وبلا فترة راحة لالتقاط الأنفاس سواء فيما يتعلق بالهجوم على الاتحاد الأوروبى، أو التهديد بفض حلف الناتو، وناهيك عن التناغم مع عدو أوروبا الأول الرئيس الروسى فلاديمير بوتين.
• • •
يظهر عدم ضبط النفس عند ترامب بوضوح فى الشرق الأوسط، حيث يسرع محاولا تصفير مشاكل وأزمات المنطقة على حساب الأطراف الأضعف، ودعما لمصالح الحليف الإسرائيلى. ويسعى ترامب لتحقيق هدوء وسلام ترامبى لا يكترث فيه بأى حقوق ثابتة للأطراف العربية سواء فى فلسطين أو لبنان أو سوريا، وكذلك الحال مع إيران. يريد ترامب تحقيق ما فشل فيه 13 رئيسا أمريكيا من قبل بصنع سلام فى الشرق الأوسط، سلام بمعنى الاستسلام، سلام ليس عادلا، حيث لا يكترث ترامب بهذا المبدأ. لا يملك ترامب أى صبر ولا يخفى رغبته فى تحقيق أجندة واضحة تترك هيمنة واشنطن قوية مسيطرة على المنطقة، وتطلق العنان لحليف واشنطن الوحيد بالمنطقة، إسرائيل، لتفعل ما تريد على مختلف جبهاتها الشمالية والشرقية والجنوبية.
لم يملك ترامب الصبر، ولم يمنح إيران إلا شهرين فقط كحد أقصى للتفاوض على اتفاق جديد بدلا من الاتفاق الذى انسحب منه قبل 6 سنوات. ولم يطالب ترامب طهران بضبط النفس، بل طالبها بالاستسلام الكامل والشامل، وإلا فهى الحرب وهو ما كان، ويعتقد ترامب أنه دمر البرنامج النووى للأبد، وهو ما يناقض بعض تقديرات العديد من الخبراء داخل وخارج أمريكا.
لم يطالب ترامب إسرائيل بضبط النفس بعد شنها هجمات مفاجئة على إيران، وامتدح ما اعتبره ضربات إسرائيلية ساحقة مكنتها من السيطرة على السماء الإيرانية. ولم يطالب ترامب طهران بضبط النفس بعد أن ضربتها القاذفات الأمريكية بأكبر قنابل خارقة للتحصينات فى العالم، وطالبها فقط بالتريث والحكمة فى الرد، وهو ما كان.
• • •
فهمت إسرائيل ترامب بشدة، وساعدها لوبى يهودى أمريكى قوى حيث تتضح الأهداف فى إطار المصالح الأمريكية الصلبة فى الشرق الأوسط. تقدم إسرائيل لترامب ما يريد وتأخذ منه ما تريد، وتتحدث لغته بوضوح سواء المصلحية أو اللفظية.
ومن منطقة وثقافة وإقليم مختلف، وعلى النقيض من الفهم الإسرائيلى لترامب، قدم الرئيس الصينى شى جين بينج نموذجا آخر للمواجهة مع ترامب. تصعيد مقابل تصعيد، تهديد مقابل تهديد، مع الاستعداد لمواجهة طويلة الأجل سواء كانت تجارية أو عسكرية.
استعمل ترامب الغموض كاستراتيجية ناجحة حتى الآن، وفى الوقت الذى يخشى فيه المعلقون الأمريكيون من تضخم وغرور ترامب بما يستسهل معه تحقيق أهداف خارجية صعبة فى عالم متشابك وشديد التعقيد. وفى الوقت الذى تدعم فيه قوة الولايات المتحدة التكنولوجية والعسكرية من مهام ومطالب ترامب، وتسهل تحقيقها بما لا يتطلب منه «ضبط النفس»، إلا أن الصين وحدها تستطيع دفع ترامب لطلب «ضبط النفس» حال الوصول لمواجهة لا تفيد الولايات المتحدة، ويستحيل معها تحقيق الانتصار الساحق الذى يبشر به ترامب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.