إعلان القائمة الوطنية لانتخابات مجلس النواب بالقليوبية    وزير الري يلتقي نظيره الصومالي ضمن فعاليات أسبوع القاهرة الثامن للمياه    قفزة تاريخية فى سعر الذهب فى مصر لتسجيل قمة جديدة    الرئيس السيسي والبرهان يؤكدان رفضهما القاطع لأى إجراء أحادى يتخذ على النيل الأزرق    عملية أمنية شاملة لاستهداف المتعاونين مع الاحتلال في قطاع غزة    إصابات رمضان صبحي وأسامة جلال تدفع بيراميدز للاستعانة بأطباء ألمانيا    محافظ الجيزة يتفقد مركز شباب المناجم بالواحات البحرية    ضبط 8.5 طن زيوت طعام مجهولة المصدر بالشرقية وإحالة المتورطين للنيابة    هالة صدقى توضح سبب عدم تصالحها مع قائد السيارة المتورط فى حادث صدم سيارتها    مدحت صالح نجم ثاني أيام مهرجان الموسيقى العربية على مسرح النافورة    متحف الفن الحديث يحتفل باليوم العالمي للتراث غير المادي    مكتبة مصر العامة بدمنهور تحصد المركز الثالث في مسابقة مكتبة العام المتنقلة 2025    وكيل صحة الأقصر يتابع سير العمل بعدد من الوحدات الصحية    متحدث الحكومة: تمويل 128 ألف مشروع بالمحافظات الحدودية ب4.9 مليار جنيه    برشلونة يُحصن نجمه بعقد طويل الأمد وشرط جزائي خرافي    التعليم توجه المديريات بخطوات جديدة لسد العجز في المدارس للعام الدراسي الحالي    سلوك عدواني مرفوض.. «خطورة التنمر وآثاره» في ندوة توعوية ل«الأوقاف» بجامعة مطروح    محافظ أسيوط يتفقد موقع حادث تروسيكل مصرف قناطر حواس    وزير التعليم: 88% من طلاب أولى ثانوي اختاروا نظام "البكالوريا المصرية"    السجن المؤبد والمشدد في جريمة قتل بطوخ.. جنايات بنها تُصدر أحكامها على 12 متهما    الشيوخ الأمريكى يفشل فى فتح الحكومة للمرة الثامنة والإغلاق يدخل أسبوعه الثالث    تعرف على منتخبات أفريقيا المشاركة في كأس العالم 2026    مديرة صندوق النقد الدولي: عدم الرد على الرسوم الجمركية الأمريكية عزز نمو الاقتصاد العالمي    «القوس بيعشق السفر».. 5 أبراج تحب المغامرات    وفاة الفنان سمير ربيع.. بدون ذكر أسماء وشيخ العرب همام أشهر أعماله    هدى المفتى تقدم البطولة النسائية أمام محمد إمام في فيلم شمس الزناتى    بعد تعيينه شيخاً للمقارئ أحمد نعينع: أحمد الله على ما استعملنى فيه    حكم تشغيل القرآن الكريم عبر مكبرات الصوت قبل الفجر والجمعة    الجامع الأزهر يقرر مد فترة التقديم لمسابقة بنك فيصل لذوى الهمم حتى 20 أكتوبر الجارى    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بجلسة الأربعاء بتداولات تتجاوز 5 مليارات جنيه    اليوم العالمى لغسل اليدين.. خطوات بسيطة لتحضير صابون سائل من مكونات طبيعية    فيروس الميتانيمو خطير وسهل العدوى.. اعرف الأعراض والوقاية    وزير الصحة يبحث إنشاء مراكز تدريب للجراحة الروبوتية فى مصر    كرم الضيافة    إنجاز تاريخى    وزير الدفاع الألماني: إذا اختبر بوتين حدودنا فسنرد بحزم    مصر تعين سفيرا جديدا في إثيوبيا    هيقولوا مخي اتلحس.. باسم يوسف: خايف من الحلقة الجاية من برنامج "كلمة أخيرة"    اللجنة الخاصة: استثناء "فوات الوقت" في استجواب النيابة للمتهمين    منال عوض: مصر تمضي بخطى ثابتة نحو تعزيز الإدارة المستدامة للمخلفات الإلكترونية    الأمين العام لاتحاد المهن الطبية: بدء صرف معاش أكتوبر بالزيادة الجديدة اليوم    مانشستر يونايتد يوافق على تجديد عقد كاسيميرو    ضبط 340 قضية مخدرات و89 قطعة سلاح وتنفذ 62 ألف حكم خلال 24 ساعة    الإغاثة الطبية بغزة: 170 ألف مواطن فلسطيني استقبلوا بمستشفيات القطاع خلال عامين    مرتبات أكتوبر ب زيادات جديدة.. الحكومة تُعلن مواعيد الصرف للموظفين بالدولة    الحكومة تعلن رسميًا موعد صرف مرتبات أكتوبر 2025.. جدول الصرف الكامل والزيادات الجديدة    إنجاز دولي في الرعاية الصحية.. «الإسكوا» تمنح «جهار» جائزة النجمات الذهبية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 15-10-2025 في أسواق محافظة الأقصر    «التعليم العالي»: مصر تسعى للتحول إلى مركز دولي للبحث العلمي    تعرف على مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء في سوهاج    وليد صلاح عبداللطيف يكشف عن "فضيحة" في قطاع ناشئي الزمالك    أوبن أيه آي تعتزم تقديم محتوى للبالغين على منصة شات جي بي تي    متى يكون سجود السهو فى الصلاة قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح    الإفتاء: السير المخالف في الطرق العامة محرم شرعًا ويُحمّل صاحبه المسؤولية القانونية    قرار عاجل في الأهلي بشأن تجديد عقد حسين الشحات    مجموعة بحري.. نبروه يواجه دكرنس ودمنهور يصطدم ب سبورتنج بدوري القسم الثاني «ب»    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا    عمقها 30 مترًا.. وفاة 3 شباب انهارت عليهم حفرة خلال التنقيب عن الآثار بالفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التطورات فى الشرق الأوسط.. ماذا بعد رفع العلم الإسرائيلى على جبل الشيخ؟
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 06 - 2025

لم تمنع تطورات الأحداث فى الشرق الأوسط إسرائيل عن مواصلة سياساتها العدوانية التوسعية الخطيرة وتثبيت احتلالها العسكرى لمناطق واسعة من جنوب سوريا وهضبة الجولان وجبل الشيخ، والقيام بأعمال بناء التحصينات والمواقع وإمدادها بكل أنواع السلاح والعتاد، محولة مقر الفرقة 24 السورية بعد إخلائه إلى معسكر حربى إسرائيلى وإنشاء تحصينات عسكرية فى محيط قرية قلعة جندل وجبل بربر بما يعزّز سيطرتها الكاملة على جبل الشيخ ويمهد للاحتلال الكامل له وضمه تماما إلى حدود الكيان.
كما يقوم الجيش الإسرائيلى فى الوقت الحالى بتعزيز تحصينات القاعدة العسكرية التى أقامها خلال الشهور الماضية شمال غرب بلدة حضر ذات الغالبية الدرزية فى ريف القنيطرة بعد إتمامه إنشاء مهبط للمروحيات فيها، وتحويل القاعدة العسكرية الأخرى فى منطقة تل أحمر غربى إلى مركز قيادة للجيش الإسرائيلى داخل الأراضى السورية لتصبح ثكنة عسكرية شديدة التحصين، من حيث المعدات وأعداد الجنود المتمركزة فيها، والإمدادات اللوجيستية المستمرة من المعدات والأسلحة بمختلف أنواعها.
بذلك وفى صمت وتعتيم كاملين وفى ظل انشغال العالم بالجرائم الإسرائيلية فى قطاع غزة وحربها العدوانية الحالية ضد إيران، يتحرك الجيش الإسرائيلى لتنفيذ مخطط خطير فى الجنوب السورى ربما يتجاوز فى خطورته وقائع وأحداث وتداعيات حرب يونيو 1967.
• • •
الجيش الإسرائيلى الذى يعمل بدأب مواصلا قضم واحتلال الأراضى فى جنوب سوريا طوال الشهور السبعة الماضية، منذ استغلال إسرائيل الأحداث فى سوريا وقيامها بتدمير كامل سلاح وعتاد الجيش العربى السورى ومواقعه العسكرية ومستودعاته، واحتلالها للمنطقة العازلة المتاخمة للجزء السورى من مرتفعات الجولان محتلة بذلك أكثر من 1200 كم2 من الأراضى السورية ذات الأهمية الاستراتيجية البالغة.
هذه السيطرة على مرتفعات الجولان وجبل الشيخ تحقق لإسرائيل أفضلية استراتيجية كبرى للاستطلاع والرصد الرادارى والنيرانى على محافظات دمشق والقنيطرة ودرعا والسويداء وتتيح تمركز القوات الإسرائيلية على مسافة 25 كم فقط من العاصمة دمشق والتى باتت بذلك تحت السيطرة النيرانية الإسرائيلية.
من جهة أخرى فإن أنظمة الرادار الإسرائيلية فى الشمال تكون بذلك قد عالجت ثغرة رادارية كبيرة بعد استيلاء إسرائيل على مرتفعات جبل الشيخ، والتى كانت تتسبب بارتفاعها الهائل فى حدوث نقطة عمياء كبيرة للرادارات الإسرائيلية نتيجة حجب جبل الشيخ لموجاتها، الأمر الذى كان يتيح للطائرات بدون طيار الموجهة من محور المقاومة وحزب الله التحليق على ارتفاع منخفض من جنوب لبنان وضرب المستعمرات الإسرائيلية فى شمال فلسطين دون أن يتم اكتشافها.
الأهمية الاستراتيجية لجبل الشيخ لها بعد آخر هو التحكم والمراقبة والسيطرة بإطلالته على دمشق وبادية الشام والجولان وسهول حوران فى سوريا، وجبال الخليل وبحيرة طبريا وسهل الحولة وجزء من محافظة إربد فى الأردن، إضافة إلى إشرافه على كل جنوب لبنان وسلسلة جبال لبنان الغربية وسهل البقاع.
من جهة أخرى، يعد جبل الشيخ أحد أهم مصادر المياه لسوريا ولبنان وفلسطين والأردن، إذ تغذى ينابيعه العديد من الأنهار مثل نهر الحاصبانى الذى ينبع من السفوح الشمالية الغربية لجبل الشيخ ويصب فى لبنان، ونهر بانياس الذى ينبع من حافة جبل الشيخ فى سوريا ويصب فى فلسطين المحتلة، ونهر اللدانى الذى ينبع من سفوح جبل الشيخ وهو أحد روافد نهر الأردن العلوى، فضلا عن نهر الأردن نفسه وهو أطول الأنهار التى تنبع من جبل الشيخ.
وبإحكام إسرائيل قبضتها على منابع وروافد المياه فى جبل الشيخ، فإنها بذلك تكون قد حققت خطوة كبرى فى استراتيجيتها المائية العدوانية لتحويل مياه تلك الأنهار إلى الأراضى التى تحتلها فى فلسطين المحتلة، وهى مخططات خطيرة قائمة بالفعل وتنتظر الظروف المناسبة لتنفيذها.
• • •
الجيش الإسرائيلى الذى يعمل بدأب على تثبيت احتلاله للجنوب السورى، قام بحماية وتغطية عدة زيارات قامت بها فرق هندسية وجيولوجية تابعة لشركات نفط إسرائيلية قامت خلالها بعمليات مسح واختبارات فى الأراضى المتاخمة لشريط فض الاشتباك من جهة الجولان، قبل أن تَعبر إلى بعض النقاط المحددة داخل الجولان والجنوب السورى، حيث أجرت عمليات مسح مماثلة فى الأراضى المتاخمة لقريتَى بريقة وبير عجم، فى ما يبدو أنه تحضير لإعادة التنقيب عن النفط.
العمليات الاستكشافية الإسرائيلية للتنقيب عن النفط فى الجولان بدأت عام 1970، وتوسعت سرا طوال عقد الثمانينيات، حين حصلت شركة النفط الوطنية الإسرائيلية على ترخيص سرّى للتنقيب عن البترول فى الجولان، وتوقف ذلك عام 1992 بقرار من إسحاق رابين رئيس وزراء الكيان آنذاك، حين بدأ الحديث عن مسار للمفاوضات مع دمشق.
فى عام 1997 وافق رئيس وزراء الكيان نتنياهو على استئناف عمليات الحفر الاستكشافى للنفط والغاز الطبيعى فى الجولان تحت إشراف هيئة الشركات الحكومية الإسرائيلية حيث نفذت شركة أفيك ثلاث عمليات تنقيب كبيرة فى جنوب الجولان، أعلن بعدها الجيولوجى الإسرائيلى يوفال بارتوف أن احتياطى النفط فى الجولان قد يصل إلى مليارات البراميل.
يضاف إلى المخاطر السابقة، سعى الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية لتأجيج الصراع الطائفى فى الجنوب السورى مستغلة تنوع التركيبة السكانية التاريخية فى تلك المنطقة التى تضم المسلمين السنة والدروز، وإعلان دعمها للدروز وتشجيعهم للانفصال عن الدولة السورية.
• • •
التطورات الأخيرة فى جنوب سوريا هى تطورات خطيرة بدرجة غير مسبوقة، وهى لا تتعلق فقط بسوريا، بل تتجاوزها إلى لبنان والأردن وفلسطين، مع ارتباطها بالهيمنة العسكرية الإسرائيلية شبه الكاملة بعد حل الجيش العربى السورى وتدمير قدراته، وتحجيم قدرات الجيش اللبنانى، والإصابات الجسيمة التى لحقت بمحور المقاومة والتدمير الحالى الذى تشهده القدرات الإيرانية، مقابل الجيش الإسرائيلى المدجج بالسلاح والعتاد بإمدادات لا نهائية من الولايات المتحدة.
وواقع الأمر دون مواربة أن الوضع الحالى يمثل انكشافا عسكريا عربيا غير مسبوق على محاور التماس السورى واللبنانى والأردنى مع العدو الإسرائيلى، وهو انكشاف سيشجع إسرائيل على تصعيد أطماعها فى الأراضى العربية وموارد المياه والثروات النفطية والمعدنية المحتملة فى تلك المناطق، ويشجع نزعتها الاستعمارية للتوسع والهيمنة بعد التدمير الممنهج للدول والقدرات فى منطقة الشرق الأوسط، والدعم الأمريكى اللانهائى لإسرائيل.
وبات الأمر يحتم القيام بمراجعة عربية شاملة وإعادة لتقييم الأوضاع واتخاذ الإجراءات المناسبة قبل أن يصل التغول الإسرائيلى إلى مدى أبعد وأكثر خطورة.
أستاذ ومستشار الاقتصاد الدولى واللوجيستيات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.