جامعة عين شمس تفتتح فعاليات مبادرة "تمكين" لتعزيز حقوق ذوي الإعاقة    مصر وطن السلام    «تجاوزت 7.5 مليون طن».. وزير الزراعة: مصر من أكبر المصدرين للبطاطس والبرتقال والفراولة    وزير المالية: إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة والتعليم خلال السنوات المقبلة    محافظة المنيا تحقق الترتيب الرابع على محافظات الجمهورية في ملف التقنين    الرئيس البرازيلي يعرض على ترامب المساعدة في حل الأزمة الفنزويلية    لافروف: مبادرة عقد لقاء بين بوتين وترامب لا تزال قائمة    جدول ترتيب الدوري الإسباني بعد فوز ريال مدريد على برشلونة اليوم    منتخب مصر تحت 17 عامًا يختتم استعداداته لمواجهة قطر وديًا    الكوكي يعلن تشكيل المصري لمباراة الاتحاد الليبي بالكونفدرالية    السيطرة على حريق هائل بمخزن قطع غيار سيارات بالفراهدة غرب الإسكندرية (صور)    الأرصاد تكشف توقعات حالة الطقس وفرص الأمطار المتوقعة غدا بمحافظات الجمهورية    المايسترو أحمد عاطف ل الشروق: ناير ناجي ساعدني في بداياتي.. وأحلم بقيادة أكبر الأوركسترات بالعالم    مش بيحبوا يكتموا جواهم.. 5 أبراج تعاتب الآخرين بكل صراحة    «ابني مات بسببها».. إجلال زكي تحذر الجمهور من حقن تنشيط الدورة الدموية    كيف يفكر الأغنياء؟    إدارة مكافحة العدوى بهيئة الرعاية الصحية تتابع معايير السلامة بوحدة طب أسرة وادي مندر بشرم الشيخ    محافظ الدقهلية خلال الاجتماع الأول لمجلس الصحة الإقليمي: خريطة شاملة لتعزيز الخدمات المقدمة للمرضى    طاهر الخولي: افتتاح المتحف المصري الكبير رسالة أمل تعكس قوة الدولة المصرية الحديثة    هل رمي الزبالة من السيارة حرام ويعتبر ذنب؟.. أمين الفتوى يجيب    نقابة الصحفيين تحتفل باليوم الوطني للمرأة الفلسطينية.. والبلشي: ستبقى رمزا للنضال    ضبط المتهم بإصابة 3 أشخاص في حفل خطوبة بسبب غوريلا.. اعرف التفاصيل    وزير الصحة يبحث مع جمعية أطباء الباثولوجيا المصريين في أمريكا تعزيز التعاون في التعليم الطبي والبحث العلمي    البابا تواضروس يكلف الأنبا چوزيف نائبًا بابويًّا لإيبارشية جنوب إفريقيا    بسبب خلافات بينهما.. إحالة مدير مدرسة ومعلم بالشرقية للتحقيق    الهجرة الدولية: نزوح 340 شخصا بولاية شمال كردفان السودانية    أستون فيلا ضد مان سيتي.. السيتيزنز يتأخر 1-0 فى الشوط الأول.. فيديو    وزير الخارجية يتابع استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    مستوطنون يهاجمون المزارعين ويسرقوا الزيتون شرق رام الله    مقتل شخصين وإصابة ثمانية آخرين جراء هجمات روسية على منطقة خاركيف    إطلاق مبادرة "افتح حسابك في مصر" لتسهيل الخدمات المصرفية للمصريين بالخارج    تامر حبيب يهنئ منة شلبي وأحمد الجنايني بزواجهما    نقابة الصحفيين تعلن بدء تلقى طلبات الأعضاء الراغبين فى أداء فريضة الحج    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    القوات المسلحة تدفع بعدد من اللجان التجنيدية إلى جنوب سيناء لتسوية مواقف ذوي الهمم وكبار السن    محافظ المنوفية يتفقد إنشاءات مدرسة العقيد بحري أحمد شاكر للمكفوفين    تجهيز 35 شاحنة إماراتية تمهيدًا لإدخالها إلى قطاع غزة    المرشح أحمد حسام: "شرف كبير أن أنال ثقة الخطيب وأن أتواجد ضمن قائمته"    الزمالك يوضح حقيقة عدم صرف مستحقات فيريرا    مساعد وزير الثقافة يفتتح مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    محافظ كفر الشيخ يتفقد التجهيزات النهائية لمركز التحول الرقمي    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    الرئيس الفلسطيني يصدر قرارًا بتولي نائبه رئاسة فلسطين حال خلو منصب الرئيس    منح العاملين بالقطاع الخاص إجازة رسمية السبت المقبل بمناسبة افتتاح المتحف    الموعد والقنوات الناقلة لمباراة ريال مايوركا وليفانتي بالدوري الإسباني    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    حصاد أمني خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا تهريب وتنفيذ 302 حكم قضائي بالمنافذ    مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، عن 10 آداب في كيفية معاملة الكبير في الإسلام    مصدر من الأهلي ل في الجول: فحص طبي جديد لإمام عاشور خلال 48 ساعة.. وتجهيز الخطوة المقبلة    «الداخلية» تكشف حقيقة اعتداء وسرقة «توك توك» بالإسماعيلية    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    الكشف على 562 شخص خلال قافلة طبية بالظهير الصحراوى لمحافظة البحيرة    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    مصرع شخص في حريق شقة سكنية بالعياط    بث مباشر الأهلي وإيجل نوار اليوم في دوري أبطال إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصدقائى اليهود الرافضون لسياسات إسرائيل
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 06 - 2025

سعدت بلقاء السيدة ماجدة هارون، رئيسة الطائفة اليهودية المصرية، وآخر يهودية من أبوين يهوديين فى مصر، خلال لقاء نظمه المركز الثقافى الفرنسى فى القاهرة. تحدثت ماجدة بحماس عن نشاط الجمعية التى ترأسها من أجل العناية بالتراث اليهودى وعن عضوات وأعضاء الجمعية من المسلمين والمسيحيين، والذى يرون فى الحفاظ على تراث مصر اليهودى، رسالة تخص كل مصرى، وليس فقط اليهود المصريين. وتحدثت ماجدة ببعض الحزن عن كونها اليهودية الأخيرة فى مصر. عندما سألتها إحدى الحاضرات عن شعورها إزاء هذا الأمر، قالت أعتقد أن لدى نفس شعور الديناصور الأخير، وهو الوحدة. كون السيدة ماجدة هارون هى اليهودية المصرية الأخيرة يفسر لماذا ربما لا يلتقى المصريون طوال حياتهم بيهودى واحد، إلا عندما يسافرون إلى خارج مصر.
التقيت أول يهودية فى حياتى بعد أن تجاوزت عامى الخامس والعشرين خلال دراستى فى إيطاليا، وهى يهودية أمريكية اسمها يانا. وبينما كنت أدرس أنا العلوم السياسية، كانت يانا تدرس القانون. عندما توطدت علاقتنا وصرنا أصدقاء، حكت لى يانا أنها، وبعد أن أنهت دراساتها الثانوية بتفوق فى نيويورك، عرضت عليها إحدى الجمعيات اليهودية الأمريكية رحلة مجانية إلى إسرائيل لمدة أسبوعين. فرحت هى بتلك الرحلة المجانية، وأخبرت والدها بالأمر. إلا أن الوالد، وهو الأستاذ الجامعى، وبعد أن وافق على قيامها بتلك الرحلة، أصر على أن تلتقى يانا بزميل له أمريكى من أصل فلسطينى، ناصحا إياها، بأنها خلال تلك الزيارة سترى وتستمع إلى النسخة الإسرائيلية فقط من الصراع الدائر على أرض فلسطين، وأن عليها أن تستمع من صديقه الفلسطينى إلى النسخة الأخرى من القصة. وعندما سألتها عن تلك الزيارة إلى إسرائيل، قالت إنها كانت محاولة ساذجة للترويج لسياسات إسرائيل. أنهت يانا دراساتها للقانون، وصارت اليوم محامية تدافع عن حقوق اللاجئين فى الولايات المتحدة، أى كانت ديانتهم أو جنسيتهم.
وفى مرة ثانية، سعدت بلقاء السيد أندريه أزولاى، وهو يهودى مغربى، يعمل مستشارا خاصا للملك محمد السادس، كما تقلد سابقا منصب مستشار للملك الحسن الثانى. شاركنا سويا فى ورشة عمل حول الشرق الأوسط، وكان السيد أزولاى واضحا حادا فى مداخلته، والتى أتذكر منها جملته «إن أكبر إساءة إلى الدين اليهودى هو ما تقوم به إسرائيل تجاه الفلسطينيين».
ما يجمع ما بين ماجدة ويانا وأندريه هو كونهم يهودا يرفضون الممارسات الإسرائيلية فى فلسطين، ويرون فى تلك السياسات ضررا كبيرا للمعتقد الدينى اليهودى، وهم ليسوا وحدهم فى معارضتهم لسياسات إسرائيل الاستعمارية فى فلسطين. منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة بعد السابع من أكتوبر 2023، والمستمرة إلى اليوم، شهد الحراك الغربى المساند للقضية الفلسطينية نشاطا لافتا لأصوات يهودية رفضت حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، وأدانت محاولات استخدام الدولة الإسرائيلية لنصوص دينية يهودية، وكذلك تاريخ اضطهاد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية ضمن مبرراتها للحرب التى تشنها ضد الفلسطينيين.
●●●
لفت انتباهى هذا النشاط اليهودى المعارض، وقررت كتابة ورقة بحثية مع منتدى البدائل العربى للدراسات عن الحركة اليهودية المعارضة للحرب الإسرائيلية على غزة فى الغرب. وتواصلت مع يانا لكى تمدنى ببعض المعلومات عن هذا الحراك فى الولايات المتحدة. ولم أفاجأ عندما قالت لى إن زوجها دافيد نشط فى هذا الحراك، ووضعتنى فى تواصل معه. ولم يبخل على دافيد بالمعلومات والتحليل.
تعد الحركات اليهودية الأمريكية المعارضة لسياسات إسرائيل هى الأكثر نشاطا حول العالم، وخاصة حركتى «صوت يهودى من أجل السلام» وحركة «إن لم يكن الآن». تعمل هاتان المجموعتان، إلى جانب شركاء آخرين من اليسار اليهودى الأمريكى، على حشد آلاف اليهود الأمريكيين للمطالبة بإنهاء حرب إسرائيل على غزة تأسست منظمة «صوت يهودى من أجل السلام» عام 1996، وتصف نفسها بأنها أكبر منظمة يهودية تقدمية مناهضة للصهيونية فى العالم. وتعرف المنظمة نفسها على موقعها الإلكترونى بأنها حركة شعبية، متعددة الأعراق والطبقات والأجيال لليهود الأمريكيين تضامنا مع النضال الفلسطينى من أجل الحرية، وأن هدفها هو أن ترى «جدار الفصل العنصرى مُحطمًا على أرض فلسطينية حرة. أما منظمة «إن لم يكن الآن»، فقد تأسست خلال الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2014، عندما نظمت مجموعة من الشباب اليهودى تلاوةً علنيةً لكاديش الحداد، وهى صلاة يهودية تُقام على أرواح الموتى. رغب هؤلاء الشباب بتلاوة أسماء الضحايا اليهود والفلسطينيين فى استخدام التقاليد اليهودية لتحدى الاستخفاف الإسرائيلى بأرواح الفلسطينيين.
وفى حين أن هاتين المنظمتين فاعلتان رئيسيتان، إلا أنهما مجرد جزء من طيف متنوع من المنظمات التى تسعى إلى حشد الأصوات اليهودية المعارضة للحرب فى فلسطين حول العالم، كما هو الحال مع منظمة «الأصوات اليهودية المستقلة» فى كندا، وهى منظمة قاعدية ترتكز على التقاليد اليهودية التى تعارض جميع أشكال العنصرية، وتدافع عن العدالة والسلام للجميع فى إسرائيل وفلسطين. وكذلك حركة «نامود» فى بريطانيا، والتى تعرف نفسها أنها «حركة من يهود فى المملكة المتحدة تسعى إلى إنهاء دعم المجتمع الإنجليزى للاحتلال الإسرائيلى ونظام الفصل العنصرى، وتعبئته فى النضال من أجل الحرية والمساواة والعدالة لجميع الفلسطينيين والإسرائيليين». أما اسمها، فهو يعنى «سنقف» باللغة العبرية، وهو يشير إلى الكلمة المستخدمة لدعوة اليهود لقراءة التوراة فى المعابد اليهودية.
●●●
لكن وعلى الرغم من أنشطتها المتعددة وصوتها الصاخب، فإن تلك الحركات اليهودية لا تعبر عن غالبية المجتمع اليهودى فى الغرب، وتظل هى الاستثناء فى وسطهم. بل أن هذا الخطاب المعادى لسياسات إسرائيل وضع هذا الحراك اليهودى فى حالة صراع مع المنظمات اليهودية الكبرى فى الولايات المتحدة، والتى ساندت موقف الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية من الحرب على غزة. لكن وإن كانت هذه الأصوات اليهودية المساندة لحقوق الشعب الفلسطينى أقلية اليوم، فإن المستقبل قد يحمل تغييرا فى ميزان القوى هذا. فقد وجد استطلاع الرأى الذى أجراه مركز بيو الأمريكى فى فبراير 2024، أن اليهود الأصغر سنًا يميلون إلى التعبير عن مواقف سلبية تجاه إسرائيل أكثر بكثير من الأمريكيين الأكبر سنًا. فبينما تقول الغالبية العظمى من اليهود الأمريكيين (93%) إن أسلوب حماس فى تنفيذ هجومها فى 7 أكتوبر كان غير مقبول. إلا أن اليهود دون سن 35 عامًا منقسمين بشأن الرد العسكرى الإسرائيلي: 52% يعتبرون أسلوب إسرائيل فى شن الحرب مقبولًا، بينما يصفه 42% بأنه غير مقبول، و6% غير متأكدين. أما اليهود الذين تبلغ أعمارهم 50 عامًا فأكثر، فهم أكثر ميلًا بكثير لوصف أسلوب إسرائيل فى شن الحرب بأنه مقبول (68%). أما بالنسبة لسبب خوض الحرب من الأساس، فإن 77% من اليهود يرون أن أسباب حماس لمحاربة إسرائيل غير مبررة. لكن اليهود الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا أكثر ميلًا من اليهود الأكبر سنًا إلى اعتبار أسباب حماس للقتال مبررة: إذ يتبنى 31% من اليهود الأصغر سنًا هذا الرأى.
تروج إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 لسرديتين تدعم أحدهما الأخرى. السردية الأولى سياسية تدعى فيها إسرائيل أن السابع من أكتوبر هو ذاته الحادى من عشر من سبتمبر، وأن حماس هى ذاتها تنظيم القاعدة، وأن إسرائيل تحارب الإرهاب كما حاربه العالم الحر بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر، بل ونيابة عنه. أما السردية الثانية فهى دينية، وهى تستدعى النصوص الدينية اليهودية، وكذلك تاريخ المحرقة اليهودية خلال الحرب العالمية الثانية، لتحتكر إسرائيل بذلك الحديث باسم اليهود فى العالم كله، مدعية أنها تخوض هذه الحرب حتى لا يتكرر لليهود ما جرى لهم على أيدى الأنظمة الفاشية فى أوروبا خلال أربعينيات القرن الماضى. إلا أن الحراك اليهودى الغربى المساند لحقوق الشعب الفلسطينى يدحض كل من هاتين السرديتين. فإصرار أصوات هذا الحراك على هويتها اليهودية ينزع عن إسرائيل ادعائها بأنها تمثل اليهود كلهم فى العالم، وأنها تخوض تلك الحرب نيابة عنهم. كما أن الخطاب الذى يتبناه هذا الحراك، والذى يرى الصراع على أرض فلسطين كجزء من صراع الشعوب من أجل تحقيق استقلالها الوطنى والتحرر من الاستعمار يدحض كذلك سردية الحرب ضد الإرهاب التى تروج لها إسرائيل.

مدير بحوث بمنتدى البدائل العربى للدراسات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.