التأمين الصحي في كندا

أكتب هذا الأسبوع من مونتريال كندا المدينة التى عشت فيها وعملت بمستشفياتها من قبل، أسعى بالطبع لزيارة مستشفى رويال فيكتوريا للقاء زملائى وأصدقائى بعد أن انتقلت من مبناه القديم وكان قصرا قديما يشبه القلعة على الجبل إلى مبناه الحديث الرحب المكون من مجموعة أبنية مستقلة فالمستشفى هو أكبر مستشفى عام بمونتريال يتبع جامعة ماكجبل وكلية الطب بها وتضم كل التخصصات إلى جانب مركز للأبحاث.
لا تشعر بالغربة على الإطلاق فى مستشفيات كندا إذ يفاجئك دائما عدد الأطباء العرب الذين يعملون بها على جميع المستويات خاصة المصريين ومنهم من ارتفعت أسماؤهم عاليا حتى إن المرضى يقصدونهم من أقاليم أخرى من كندا بالاسم. أيضا المرضى، فالمجتمع الكندى يستوعب تجمعات كثيرة من العرب المهاجرين إليها ومنهم بالطبع أجيال جديدة ولدت هنا واندمجت فى المجتمع الكندى متعدد الأعراق.
تطبق كندا قوانين التأمين الصحى الشامل: حق العلاج مكفول كاملا للمواطن الكندى متى كان وضعه قانونيا ويسدد ضرائبه ومنها جزء للتأمين الصحى يتناسب دائما ووضع المواطن الاجتماعى والوظيفى، الكل سواء بلا أى استثناءات فى حق العلاج المجانى إضافة إلى عدد من برامج الصحة العامة التى تعنى عناية خاصة بالمرأة كبرامج رعاية الأسرة بمختلف تخصصاتها، فيها لا يقف الأمر عند تشخيص الأمراض وعلاجها بل يشمل أيضا برامج الوقاية من أمراض معروفة ورعاية خاصة للسيدات الحوامل ثم برامج رعاية الأطفال ومتابعة مراحل نموهم نفسيا وجسديا.
يعد نظام التأمين الصحى الشامل فى كندا من أهم ما تحققه الدولة من دعم للمواطن الكندى بالفعل مقارنة بذلك النظام الذى تتبعه الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال. تشخيص المرض وعلاجه باستخدام جميع الوسائل المتاحة سواء للتشخيص أو العلاج والمتابعة أمر مكفول للكنديين مجانا دون أى تفرقة وإن كان الأمر قد يختلف فى الأداء والتطبيق بين إقليم وآخر فى الأحد عشر إقليما التى تضمها كندا، كلها فى الواقع اختلافات تنافسية لصالح المواطن الكندى.
لا مكان للطب الخاص فى كندا فالمستشفيات تملكها الدولة وتديرها مراكز متخصصة سواء كليات الطب فى الجامعات أو وزارة الصحة رغم وجود عيادات لبعض الأطباء المتخصصين إلا إنها تتبع إشراف الدولة أيضا وتدفع الدولة نفقات علاج المرضى بها للأطباء.
الواقع أن نظام التأمين الصحى فى كندا يستحق دراسة من أصحاب الشأن الطبى فى مصر فهو الأقرب لروح العدالة الاجتماعية التى تتيح للجميع الحق فى العلاج والصحة.
لاحظت ربما للمرة الأولى بعض الملصقات التى تحمل توجيها باللغتين الإنجليزية والفرنسية عند مكاتب استقبال المرضى يشير إلى أن أى عنف غير مقبول بالمرة وسيواجه بحزم إذا ما حدث!
سألت زميلا يعمل بقسم القلب عن تلك اللافتات وأى عنف تشير إليه. رد متعجبا من أمرى: عنف لفظى طبعا كأن يحتد مريض اعتراضا على تأخره فى موعد الكشف أو يطالب بتغيير الطبيب.
تراجعت على الفور عن استكمال السؤال لكن ذلك لم يمنع مشاهد كثيرة للعنف فى أقسام الاستقبال من أن تداهمنى بقية النهار تحدث فى كل مستشفيات مصر ومنها معهد القلب القومى.
على الله القصد وكل عام وأنتم بخير
عيد أضحى إن شاء الله سعيد.