أعلن الدكتور أحمد فؤاد هَنو، وزير الثقافة، عن فتح أبواب جميع المتاحف الفنية والقومية التابعة لوزارة الثقافة مجانًا أمام الجمهور، اليوم 18 مايو، ضمن احتفال اليوم العالمي للمتاحف. وقال الوزير: "تُعد المتاحف حاضنة لذاكرة الأمة، ومجالًا حيًّا لتفاعل الأجيال مع تراثها وهويتها. واحتفالنا بهذا اليوم هو دعوة مفتوحة للجمهور، خاصة الشباب، لاكتشاف الكنوز الفنية والمعرفية التي تختزنها هذه المؤسسات الثقافية". وأضاف أن هذه المبادرة تأتي في إطار استراتيجية الوزارة لتعزيز دور المتاحف في نشر الوعي الثقافي والتاريخي، وتحفيز مختلف فئات المجتمع على التفاعل مع كنوز مصر الفنية والتراثية، بما يسهم في ترسيخ الهوية الوطنية وتعميق الشعور بالانتماء. وتُعد الآثار المصرية بمختلف عصورها من أبرز الشواهد على التاريخ الحضاري العريق للبلاد، ما جعل إنشاء "المتحف" ضرورة ثقافية ووطنية لحفظ هذا الإرث وعرضه بشكل لائق لزوار مصر من داخلها وخارجها. ويُعتبر المتحف المصري أحد أشهر المتاحف على مستوى العالم، لما يحتويه من آلاف القطع الأثرية النادرة، وعلى رأسها كنوز توت عنخ آمون، وفي مقدمتها القناع الذهبي المعروض في قاعة مخصصة للفرعون الذهبي. ورغم شهرة المتحف وزيارات الملايين له، فإن القليلين يعرفون صاحب فكرة تأسيسه. تعود الفكرة إلى العالم الفرنسي فرانسوا ميريت، المولود عام 1821 في مدينة بولوني سور مير بفرنسا. وقد نشأ مولعًا بالأسفار والاكتشاف، وانجذب بشدة إلى الحضارة المصرية القديمة، خصوصًا بعد رؤيته لتابوت مصري نُقل إلى متحف في بلدته بعد الحملة الفرنسية، ما أثار فضوله تجاه الكتابات الهيروغليفية التي تزينه. سعى ميريت لتعلم اللغة المصرية القديمة بمساعدة كتابات شامبليون، وانكبّ على دراسة الآثار في متحف اللوفر بباريس. وبعد إقامته في مصر، التقى بمحمد سعيد باشا، والي مصر آنذاك، وشرح له حجم النهب الذي تتعرض له الآثار، مؤكدًا أن أكثر من 700 مقبرة اختفت من منطقتي أبو صير وسقارة خلال أربع سنوات فقط. أقنع ميريت الوالي بضرورة تأسيس دار للآثار، فصدر مرسوم في يونيو 1858 بتعيينه في وظيفة "مأمور أشغال العاديات" براتب سنوي قدره 720 جنيهًا، كما يورد الدكتور عبد المنعم أبو بكر في مقاله بمجلة المجلة (عدد ديسمبر 1958، بمناسبة مئوية الفكرة). وبدأ ميريت فعليًا في إنشاء أول متحف للآثار في بولاق، مستخدمًا مبنى صغيرًا كان يُستخدم كمكتب للبريد، يضم فناءً ودهليزًا يؤدي إلى أربع قاعات متوسطة الحجم. كان ذلك أول نواة للمتحف المصري، الذي مر لاحقًا بمراحل عدة وتنقلات في الأزبكية والجيزة، قبل أن يستقر في موقعه الحالي بميدان التحرير. رحل فرانسوا ميريت قبل أن يشهد افتتاح المبنى الدائم للمتحف، لكن الدولة المصرية كرّمته بوضع تمثال له في فناء المتحف، وإطلاق اسمه على أحد الشوارع المؤدية إليه، تخليدًا لإسهامه الكبير في صون ذاكرة مصر الحضارية.