جاءت انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى- الغرفة الثانية للتشريع، لتعيد الحيوية إلي الساحة السياسية، التي شهدت استقطابا كبيرا حول مرشحي الرئاسة الافتراضين، وفي مقدمتهم الدكتور محمد البرادعي مدير وكالة الطاقة الذرية السابق ورئيس الجمعية الوطنية للتغير، التي حركت مياها راكدة في الشارع السياسي المصري، سرعان ما خفتت مع إعلان بدء الموسم الانتخابات المصري الذي تبدأ فعالياته أول يونيو القادم مع انتخابات تجديد الشوري. عش الدبابير ومع الدخول في انتخابات التجديد النصفي لانتخابات الشوري، نجد أن الحزب الوطني الحاكم، وحزب الوفد المعارض التاريخي، وجماعة الإخوان المسلمين الغريم الرئيسي للحزب الحاكم، هم أكثر القوى التي قررت خوض الانتخابات عبر تقديم رؤي وبرامج حول قضايا الوطن السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ويري مراقبون أن التباين الذي ظهرت عليه البرامج الثلاث، هو تجسيد لحالة الخلاف الواضح لرؤيتهم للدولة، وللعلاقة بينهم البعض، وبينهم وبين الشارع، وأزماته الاقتصادية والسياسة والاجتماعية. علاقة مأزومة ويري المهتمون بالشأن السياسي المصري، أن الحزب الوطني، باعتباره الحزب الحاكم وصاحب الأغلبية، وعبر علاقته المأزومة مع الشارع المصري الذي يعيش أزمة اقتصادية كبيرة، ناتجة عن عن السياسات الاقتصادية الخاطئة التي تسببت في حالة من الغلاء المعيشي والركود الاقتصادي، بات برنامجه يميل أكثر للجانب التنموي، حيث أخذ علي نفسه تعهدات خمس أهمها، إيجاد فرص عمل جديدة ومكافحة البطالة، وتحسين الدخول، وتفعيل نظام جديد لتأمين البطالة يضمن تعويضا فى حدود 75%من صافى الاجر الاخير قبل التعطيل، وتطوير نظام التأمينات الاجتماعية والمعاشات ومد مظلة الحماية التأمينية لتشمل كافة المواطنين، وتطوير الخدمات العامة. بينما جاءت المطالبات بتفعيل مبادئ الديمقراطية، وفتح باب الحريات والتعديلات الدستورية، ومنح حرية الاعتقاد والرأي، وفتح الباب أمام حرية النقابات المهنية والعمالية، ووقف التدخلات الأمنية في الحياة المصرية زيل التعهدات الخمس التي أعلن عنها. التاريخ المتوقف أما حزب الوفد، فكعادته يدخل الحلبة الانتخابية، معتمدا علي تاريخه العريض الذي توقف فعليا مع ثورة يوليو وإلغاء الحياة الحزبية آنذاك، وبدا برنامجه الانتخابي تنظيريا، يحتوي علي مبادئ عامة دون التطرق إلي تفاصيل داخلية هامة، حيث ركز علي ضرورة إلغاء جميع القوانين الاستثنائية، ودعم وحماية الديمقراطية، وإعداد قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية، وسن قانون لتحديد المسئولية السياسية لرئيس مجلس الوزراء والوزراء، وإجراءات محاكمتهم أثناء وجودهم في السلطة. لا جديد وفي النهاية تأتي جماعة الإخوان ببرنامج عبرت فيه عن أزمتها مع النظام الحاكم، وإن كانت حاولت فيه الخوض في نقاط تمس الشارع المصري ومشاكله ولكنها فشلت هي الأخرى في إيجاد حلول عملية فعالة في الخروج بالمجتمع المصري من أزمته، موجهة جل تفكيرها في قضية الحريات والديمقراطية وحرية تشكيل الأحزاب. وجاء البرنامج الانتخابي للجماعة من 7 فصول، تناول أزمة المادة 76 و77 الخاصة بالانتخابات الرئاسية وتحديد فترة ولاية الرئيس، والمادة 88 لتحقيق الإشراف القضائي التام على الانتخابات، والمطالبة بإنهاء حالة الطوارئ، وإلغاء القوانين الاستثنائية المقيدة للحريات، وإعادة النظر في الاتفاقات والمعاهدات الدولية، خاصة كامب ديفيد. وعلى الجانب الاقتصادي، شددت الجماعة علي ضرورة إلغاء الدعم المقدم للصناعات الكثيفة، وترشيد بعض بنود الدعم كمقدمة للصادرات، وزيادة دعم المزارعين ودعم معاش التضامن الاجتماعي، فضلا عن أهمية تعديل قانون حماية المنافسة، ومنع الممارسات الاحتكارية لتحفيز المبلغين عن الجرائم الاحتكارية، مع تغليظ العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم، فضلا عن جوانب أخري في البرنامج تتعلق بالصحة والأزهر والتعليم لم تقدم جديدا فيه، ولم تجب عن تساؤلات لدي المواطن البسيط أو عن كيفية حل أزمات تلك القطاعات الهامة.