أسعار الأسماك اليوم 21 ديسمبر.. «البلطي» يبدأ من 64 جنيهًا    الإحصاء: 6.31 مليار دولار صادرات مصر من «اللؤلؤ والذهب» خلال 9 أشهر    حكايات الكان 2025 | المغرب يبحث عن حلم غائب منذ نصف قرن وتكرار إنجاز «بابا»    بسبب خلافات بينهما| شقيق البرنس يشعل النار في نفسه أمام مطعمه بالشيخ زايد    اليوم.. محاكمة المتهمين بسرقة وتهريب 370 قطعة أثرية من متحف الحضارة    مقتل 10 وإصابة 10 بإطلاق نار في جنوب افريقيا    اتهام 4 طلاب بالاعتداء على زميلهم داخل حمام مدرسة بمدينة 6 أكتوبر    حياة كريمة بالغربية.. انتهاء رصف طريق نهطاى – حنون وربطه بالشبكة الإقليمية    لحظات ساحرة لتعامد الشمس على مقصورة قدس الأقداس بمعابد الكرنك.. فيديو    جيهان قمري تتحدى نفسها بدور جديد ومفاجئ في مسلسل "درش" مع مصطفى شعبان    الإجابة الوحيدة نحو الثامنة.. لماذا يشعر حسام حسن بالضغط؟    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب قبالة محافظة آوموري باليابان    انقطاع الكهرباء عن عشرات آلاف المنازل بمدينة سان فرانسيسكو الأمريكية    عامل بالإسكندرية يقتل صديقه.. ويقطعه 4 أجزاء لإخفاء جريمته    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 22 ديسمبر    محمد علي خير يطالب بعودة بطاقة «الكساء الشعبي»: المواطن محتاج سلفة بنك ومعاش العائلة والجيران لشراء كسوة شتاء    محمد علي خير: الرفض لفيلم الست كان أكبر من القبول.. وهذا لم يحدث في تاريخ الصناعة    في عيد ميلادها ال74، نجلاء فتحي «قمر الزمان» تكشف رأيها عن الحب والزواج في حوار نادر    الإسكان الاجتماعي لصاحبة فيديو عرض أولادها للبيع: سنوفر الحلول الملائمة.. والحاضنة لها حق التمكين من شقة الإيجار القديم    فتاة تطارد تامر حسني ومعجب يفقد النطق أمام أحمد العوضي، جمهور النجوم يثير الجدل (فيديو)    اندلعت بها النيران.. سقوط سيارة نقل من كوبري ترسا بالجيزة | صور    الاستخبارات الأمريكية تكشف حقيقة السيطرة الروسية على أوكرانيا    «جبر الخاطر».. محمد شاهين يطرح أحدث أغانيه    مصرع شخص غرقا أثناء الصيد في نهر النيل بمنشأة القناطر    بعد تصريحات مدبولي.. محمد علي خير: العاملون بالحكومة و11.5 مليون من أصحاب المعاشات تحت خط الفقر    الحماية المدنية تسيطر على حريق سيارة نقل بعد انقلابها أعلى دائرى ترسا.. فيديو    تغطية خاصة حول آخر التطورات فى سوريا وغزة بعد الضربات الأمريكية فى سوريا (فيديو)    مسئول بنقابة صيادلة القاهرة: لا نقص في علاج البرد وفيتامين سي.. وأدوية الأمراض المزمنة متوفرة    عضو بالأرصاد: أجواء مستقرة ودرجات حرارة طبيعية خلال الأسبوع الجاري    الدولة مش هتسيبهم، تدخل حكومي لحل أزمة أميرة عبد المحسن بعد عرض أطفالها للبيع    وفاة شقيقة جورج كلونى بعد معاناة مع مرض السرطان    معركة السيطرة على أموال التنظيم الدولي.. انقسام حاد بين قيادات «إخوان لندن»    مطارات مصر بين الخصخصة والأمن القومي.. لماذا يندفع ساويرس نحو السيطرة على البوابات السيادية؟    لأول مرة.. "الصحة": أعداد المواليد لم يتجاوز مليوني مولود سنويًا    وزير البترول: صادراتنا من الذهب تفوق مليار دولار    توروب يشترط ضم هذا اللاعب قبل الموافقة على إعارة محمد شكري في يناير    يوفنتوس يحسم قمة روما ويواصل انتصاراته في الكالتشيو    إنبي يخطف فوزًا قاتلًا من طلائع الجيش في كأس الرابطة المصرية    أمم إفريقيا - ندالا حكم مباراة الافتتاح بين المغرب وجُزر القُمر    10 نجوم إفريقية فى صراع بمعارك الأدغال    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    باريس سان جيرمان يتأهل لدور ال32 من بطولة كأس فرنسا    بعد ابتزازه بمقاطع فاضحة.. «ناصر» يستنجد بالهارب محمد جمال والأخير يرفض التدخل    مبابي يعادل رقم رونالدو التاريخي ويحتفل على طريقته    الصيام تطوعا في رجب وشعبان دون غيرهما.. الإفتاء توضح التفاصيل    محمد صبحي: غزة اختبار سقطت فيه كل الشعارات والمواثيق.. والقوى الدولية تلعب دور محامي العدو    خبير عسكري: مصر تمتلك أوراق ضغط دولية لم تستخدمها بشأن سد النهضة    9 عادات يومية تعيق بناء العضلات    مجدي مرشد نائب رئيس حزب المؤتمر ل"صوت الأمة": التدخل الرئاسي أنقذ الانتخابات.. ولا يوجد أي غبار على مجلس النواب الجديد    المصل واللقاح: انتشار الفيروسات التنفسية طبيعي في الخريف والشتاء.. و65% من الإصابات إنفلونزا    6 أعراض مبكرة للإصابة ب الذئبة الحمراء    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    النبراوي أول نقيب مهندسين مصري يتقلد رئاسة اتحاد المهندسين العرب    رئيس جامعة الأزهر: الجميع مع القرآن فائز.. والإمام الأكبر حريص على دعم الحفظة    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفير مجدي حفني: انقسام دول حوض النيل وحتمية العودة لمائدة التفاوض.. ولكن كيف؟
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 05 - 2010

المياه هبة الله وحق إنسانى للبشرية، وهى إرث عام مشترك فى أحواض الأنهار العابرة بين الأمم والشعوب، وقد أراد الله أن يجعل الموارد المائية سواء السطحية أو الجوفية متاحة للجميع مع حرية الوصول إليها للكل باعتبارها من الحاجات الضرورية لاستمرار الحياة على الأرض وجميع المخلوقات «وجعلنا من الماء كل شىء حى» صدق الله العظيم
ولكن المورد المائى المشترك أو النهر الدولى العابر للحدود بين الدول «مثل نهر النيل» له خصائص ثلاثية للتعريف به:
قابليته للتنازع وفى نفس الوقت هو أداة للتعاون المشترك والاعتماد على الخارج فى الإمدادات، وقد اصطلح على ذلك بدراما المشاركة «Tragedy of the Common»
غير قابل لاستبعاد أحد من استخداماته للنهر حتى لو قررت بعض الدول المتشاطئة ذلك، ويتطلب ذلك استمرار إعمال مبدأ التوافق والتوصل إلى اتفاقات بين الجميع.
لا يمكن الامتناع عن استهلاك المياه، ويتم السحب منها وفقا للمعايير الدولية، والمنصوص عليها فى الأعراف والقوانين الدولية المتعلقة بالأنهار المشتركة، ومن هنا يأتى مبدأ الحقوق المكتسبة والتاريخية.
أحاول فى هذا المقال أن أشارك بالرأى من واقع خبرتى فى معايشتى للواقع الاثيوبى، فقد شرفت بالعمل فى أثيوبيا سفيرا لمصر (1991 1995)، وكان همى الأول ورسالتى هى تدعيم العلاقات بين البلدين خاصة فى مسألة مياه النيل، وأمكن نتيجة لتضافر الجهود بين القيادتين السياسية فى مصر وإثيوبيا إنجاز اتفاق إطارى وتاريخى بين البلدين عام 1993،
كان النجاح فيه نتيجة للجهد المضنى لإيجاد التوازن بين المبدأ القانونى المتزايد الاعتراف به حاليا وهو الاستخدام العادل والمنصف مع المبدأ القانونى بعدم الإضرار بدولتى المصب والممر (مصر والسودان).
والسؤال المفتوح الآن هو كيف يمكن إيجاد صيغة توفيقية فى الاتفاقية الإطارية الحالية (المختلف عليها) بما يحقق هذا التوازن، مع الأخذ فى الاعتبار إقامة مشروعات لاستغلال الفاقد على الهضبة الإثيوبية لتوليد الكهرباء وتحقيق التنمية بشكل عام، وبالتالى يمكن من خلال الحوار والتفاوض إيجاد الصيغة المناسبة لأخذ المبدأين بعين الاعتبار وفى توازن تام، ومن ثم تقام المشروعات على هذا الأساس وفى إطار مبادرة حوض النيل على أساس المكسب للجميع؟
أولا: ما هى جذور مشكلة الانقسام؟
فى التقدير العام، فإن جذور مشكلة الانقسام هى بفعل الجغرافيا، لما نعرفه عن وضع مصر فى المنطقة الجافة من الحوض واعتمادها بنسبة 97% على دول المنابع لتوفير احتياجاتها من المياه، وكذلك السودان به مناطق شاسعة فى الشمال تقع فى المنطقة الجافة وشبه الجافة ويتعرض لهذه المشكلة أيضا، مما جعل موقفهما موحدا إزاء دول المنابع فى أعالى النيل.
وفى الإطار التاريخى: رتبت الاتفاقيات الدولية لنهر النيل خاصة 1929 و1959 حقوقا مكتسبة وتاريخية وفقا لمبدأ قانونى يحكم الأنهار الدولية يعرف بمبدأ عدم الضرر no harm principle، كما رتبت اتفاقية 1959 لمصر والسودان حقا تاريخيا فى الانتفاع الكامل بمياه النيل بفعل استمرارية الاستخدام دون انقطاع لما يزيد على خمسين عاما، ونصت اتفاقية1902 المبرمة بين بريطانيا (نيابة عن مصر) وإثيوبيا (فى عهد الأمبراطور منليك) على منع القيام بأى أعمال على النيل الأزرق إلا بعد استشارة مصر.
أما اتفاقية 1929 الموقعة بين بريطانيا (نيابة عن مصر ) ودول الهضبة الاستوائية، فقد تضمنت تفاصيل فنية مع الاتفاق على عدم القيام بأى حبس للمياه فى أوقات التحاريق، بما يلحق الضرر بمصر والسودان، وهناك اتفاقات قانونية عديدة بعد ذلك بما أوجد لنهر النيل نظاما قانونيا يوازن بين حقوق وواجبات دول الحوض.
وفى نفس السياق التاريخى أيضا نجد أنه منذ النصف الثانى من القرن العشرين تزايد الإحساس بنقص الموارد المائية وظهر مبدأ الاستخدام العادل والمقبول reasonable and equitable utilization ويعلو على مبدأ عدم الإضرار no harm principle الذى كان تأتى فى المقام الأول سابقا، ونصت عليه اتفاقيات 1902 و1929 المشار إليهما آنفا.
ومن الناحية المنطقية يكفى أن نذكر هنا أن الكمية المتنازع عليها والتى تصل فى المتوسط من 80 إلى 85 مليار متر مكعب إلى أسوان كل عام لا تتعدى 5% فقط من كمية المياة الناتجة على سقوط الأمطار على حوض نهر النيل فى منابعه الثلاثة والتى تبلغ 1600 مليار متر مكعب، أى أن المياه المهدرة فى المستنقعات عند المنابع ونتيجة لارتفاع نسبة البخر والتى تصل نسبتها إلى 95%. وقد جاءت مبادرة مياه النيل للتركيز أساسا على إقامة المشروعات بما يحقق المكسب للجميع فى النهاية.
هذا بالإضافة إلى مياه الأمطار التى تسقط على دول المنابع فى حوض النهر وتعتمد الزراعة على الرى من هذه الأنهار والبحيرات، وجزء من هذه المياه يستقر فى باطن الأرض ويكون المياه الجوفية ومياه البحيرات مثل بحيرة فيكتوريا فى أوغندا، والتى يطلق عليها الخبراء المياه الزرقاء Blue Water وتعتمد عليها دول المصب (مصر والسودان)، أما دول المنابع فتعتمد بصفة رئيسية فى استخداماتها على المياه الخضراء المتوافرة نتيجة الأمطار Green Water، فتوفر الرعى للأبقار والدواب بصفة رئيسية فى أعالى النيل، وتعد إثيوبيا وتنزانيا من أكبر الدول التى تملك ثروة حيوانية هائلة.
ومجمل القول فإن المياه الزرقاء والتى تصل إلى دولتى المصب (مصر والسودان) ضئيلة مقارنة بوفرة المياه الخضراء والزرقاء نتيجة للأمطار الغزيرة فى دول المنابع، حتى أن إثيوبيا قد وصفت بأنها نافورة المياه فى شرق أفريقيا عند بحيرة تانا والنيل الأزرق وفروعه. هذا بالإضافة إلى تمتع أثيوبيا بأنهار أخرى عديدة بخلاف النيل الأزرق (بلغ عددها 14نهرا) عابرة إلى دول الجوار (مثل الصومال وكينيا).
كما أن القضية محل الخلاف الجوهرى الآن هى عدم الإشارة فى الاتفاقية الإطارية (الجارى التفاوض بشأنها) إلى الحقوق المكتسبة والتاريخية بموجب الاتفاقيات الدولية بإصرار دول المنابع على عدم تضمين أى إشارة لها فى المادة 14 الخاصة «بضمان الأمن المائى»، بالإشارة إلى الحقوق التاريخية والاستخدامات القائمة.
ثانيا: الخطوات المقترحة لتجاوز الانقسام
مما تقدم تتضح بجلاء أن قضايا المياه المشتركة لها بعدها السياسى والقانونى وبعدها الفنى أيضا المتعلق بالحصحصة والتوزيع للمياه بين الدول المتشاطئة. وقد تكون الخطوات المقترحة لتجاوز هذا الانقسام الواضح بين دول المنابع ودولتى المصب (مصر) والممر (السودان)، والعودة إلى مائدة التفاوض فى القترة القادمة هى:
استيعاب ما جرى من ردة الفعل لدى بعض الدول التى اتخذت موقفا منفردا بالتوقيع على الاتفاقية الإطارية كإجراء منفرد فى 14 مايو الجارى، وعلى تجاهل بمبدأ التعامل مع النهر باعتباره «حوضا واحدا»، وفى نفس الوقت هو إرث مشترك يستفيد منه الجميع.
إعمال مبدأ الحوار والتفاوض بعيدا عن المواجهة، ويتطلب ذلك تبادل المصالح الاقتصادية على نطاق أوسع والبناء على نتائج زيارة الأستاذ الدكتورأحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء مؤخرا لإثيوبيا وزيارات السيدة وزيرة التعاون الدولى فى برنامجها لتوثيق التعاون خاصة مع إثيوبيا، بحيث يكون النهر أداة فعالة للتعاون المشترك ومن خلال المشروعات الاستثمارية ومشروعات مبادرة حوض النيل، والتى تم من خلالها دراسات جدوى فى الخمسة عشرة عاما الماضية.
استثمار موقف الدول المانحة التى تعهدت بتقديم الدعم منذ بداية «مبادرة حوض النيل» فى عام 1999، وقد بلغت قيمة التعهدات 250 مليون دولار على هيئة منح ونحو مليار دولار على هيئة قروض، مع التنبيه المبنى على «دراسة مستقلة» بمدى تصاعد حجم الخسارة المنتظرة للجميع نتيجة هذا العمل الانفرادى، بالإضافة إلى فقدان الدول المانحة والمجتمع الدولى للثقة التى تم بناؤها فى ظل المبادرة المذكورة.
وقد يكون «موضوع الحوار والتفاوض» هو النقاط العالقة فى الاتفاق الإطارى موضع الخلاف، وكذلك البناء ما هو إيجابى فى العلاقات المصرية الإثيوبية فى مجال العلاقات المائية، خاصة «الاتفاق الإطارى والتاريخى» الموقع من القيادة السياسية فى مصر وإثيوبيا عام 1993، وكان النجاح فيه نتيجة للجهد المضنى لإيجاد التوازن بين المبدأ القانونى المتزايد الاعتراف به حاليا وهو الاستخدام العادل والمنصف مع المبدأ القانونى بعدم الإضرار بدولتى المصب والممر (مصر والسودان).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.