رئيس الجزائر يأمر بفتح تحقيق في أحداث مباراة المولودية والمجرة    إيكو: ليفربول مهتم بضم مدافع كريستال بالاس    اتحاد الكرة يخطر كاف بالأندية المشاركة في البطولات الإفريقية الموسم المقبل    السيسي يحذر من تبعات توسع دائرة الصراع في المنطقة    وزير البترول: إنتاج برميل زيت أو متر مكعب غاز يمثل نجاحا مهما    الصين: الهجوم الأمريكي على إيران انتهاك جسيم لميثاق الأمم المتحدة    إبادة غزة.. استشهاد 26 فلسطينيا في هجمات إسرائيلية على القطاع    رفع أعمال الجلسة العامة لمجلس الشيوخ    "الرقابة النووية" في الإمارات: لا تأثيرات على الدولة نتيجة التطورات في إيران    رغم ضربات أمريكا لإيران.. البورصة تغلق على مكاسب ملحوظة اليوم    محافظ الفيوم يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 80.56%    محافظ الجيزة يشارك في إعلان مشروع تمثال يُخلّد مسيرة مجدي يعقوب بالأوبرا    خامنئي يبدأ مسار تسليم الراية.. كيف تختار إيران مرشدها الأعلى؟    جوارديولا لا يستبعد التدريب في أمريكا الجنوبية.. ويعلق على مصير جوندوجان    شوبير يدافع عن لاعبي الأهلي: "كانوا محتاجين يغيروا جو.. ومفيش تجاوزات"    «هل انشغلنا أكثر بتقديم الصفقات؟» عبد الحفيظ يحرج مسؤولي الأهلي بسؤال شائك    محافظ الغربية يشهد تدشين مبادرة سكن كريم من أجل حياة كريمة    السيطرة على حريق بجوار مديرية الصحة ومطاحن الدقيق ببني سويف    السجن المؤبد وغرامة 100 ألف جنيه لعامل بتهمة الاتجار في المخدرات وحيازة سلاح دون ترخيص بالقليوبية    وزير الإسكان: نستهدف زيادة المساحة المعمورة في مصر إلى 18%    زينة تُفاجئ جمهورها بدور مذيعة في فيلم "الشيطان شاطر"    وكيل صحة قنا يعتذر لمريض في منزله ويشدد: لا تهاون مع المقصرين    فيديو استغاثة يكشف احتجاز شابة من ذوي الاحتياجات الخاصة.. وضبط شقيقها في دمياط    "حياة كريمة" تقترب من إنجاز مرحلتها الأولى بتكلفة 350 مليار جنيه.. أكثر من 500 قرية تم تطويرها و18 مليون مستفيد    حالة الطقس اليوم في السعودية.. أمطار رعدية وتقلبات بمكة والمدينة    منها «7 تماثيل لأبو الهول».. «سياحة الإسكندرية» تستعرض اكتشافات أثرية ب6 مواقع (صور)    تأجيل دعوى هيفاء وهبي ضد نقيب الموسيقيين إلى 10 يوليو للاطلاع    تجديد حبس المتهمين باحتجاز أجنبي بسبب خلافات مالية بمدينة نصر    كورتوا: لا نلتفت للانتقادات وعلينا الفوز على باتشوكا لانتزاع الصدارة    ماتيرازي: محمد صلاح أسطورة.. ويستحق الكرة الذهبية    أمان القابضة تغلق الإصدار الثالث من سندات التوريق بقيمة 665.5 مليون جنيه    زلزال بقوة 5.2 درجة قرب جزر توكارا جنوب غربي اليابان    الليلة.. نانسي عجرم تغنى في موازين بعد غياب 7 سنوات    الحرس الثورى الإيرانى: الطائرات المشاركة بالهجوم على إيران تحت المراقبة    في ذكرى ميلاده.. عمرو الليثي يعرض أخر لقاء تلفزيوني أجراه أشرف عبدالغفور    غسلو 90 مليون جنيه.. سقوط شبكة خطيرة حاولت تغطية جرائمها بأنشطة وهمية    وزير التعليم العالي يتفقد مركز أسوان للقلب ويشاهد إجراء عملية جراحية للقلب المفتوح من خارج غرفة العمليات    د.عبدالراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "15" .. التساؤلات العشر حول ناكر الجميل    الحرس الثوري الإيراني: القدرات الأساسية للقوات المسلحة لم يتم تفعيلها بعد    مصدر إيراني: نقلنا معظم اليورانيوم من منشأة «فوردو» إلى موقع آخر    محافظ أسيوط يبحث آليات دعم المنظومة الصحية وتحسين مستوى الخدمات الطبية    تداول حل امتحان اللغة العربية للثانوية العامة 2025 في جروبات الغش.. والتعليم تحقق    «الرعاية الصحية»: إطلاق برنامج «عيشها بصحة» لتعزيز الوقاية ونمط الحياة الصحي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "130"    "الصحفيين" تطالب باجتماع عاجل مع "الأعلى للإعلام"    رئيس حزب المصريين الأحرار ل«روزاليوسف»: عصام خليل: نستعد للانتخابات بكوادر جديدة    هل يجوز إعطاء زكاة المال للأبناء؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    ثانوية عامة 2025.. أولياء الأمور يرافقون الطلاب لدعمهم أمام لجان الدقي    بعد آخر انخفاض.. سعر الذهب اليوم الأحد 22-6-2025 في مصر وعيار 21 الآن    أبرزهم زيزو.. محسن صالح منتقدًا ثلاثي الأهلي: «ليس لهم عنوان في القلعة الحمراء»    ترامب عن مهلة الأسبوعين لإيران: الوقت وحده هو الذي سيخبرنا    إيران: " فوردو" النووية لا تحتوي على مواد مشعة    صديقة طبيبة طنطا الراحلة: خدمت مرضى كورونا وتوفيت أثناء عملها    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟    30 يونيو.. تأكيد وحدة مصر    ب 1450 جنيهًا من البيت.. خطوات استخراج جواز سفر مستعجل إلكترونيًا (رابط مباشر)    التعجل في المواجهة يؤدي إلى نتائج عكسية.. حظ برج الدلو اليوم 22 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبادرة السلام العربية.. متى نتوقف عن التهديد بسحبها؟
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 05 - 2010

تصدر من وقت لآخر دعوات تحث عن سحب مبادرة السلام التى سبق أن أقرتها الدول العربية فى قمتها فى بيروت عام 2002. لا تأتى هذه الدعوات بالطبع من فراغ، بل كرد فعل طبيعى على تصرفات إسرائيلية جائرة أو نتيجة الشعور بالإحباط تجاه الشلل الذى أصاب عملية السلام. المشكلة تكمن فى أن البعض يتصور أن إسرائيل سترتجف خوفا وهلعا متى استمعت لمثل تلك التهديدات من الجانب العربى، وتبادر على الفور بالتراجع عن سياساتها والإقلاع عن تصرفاتها. هذا التصور هو أبعد ما يكون عن الحقيقة.
فلا شك أنه لا شىء آخر يمكن أن يدخل السعادة على نفوس قادة إسرائيل أكثر من إقدام العرب على سحب مبادرتهم السلمية أو تعليق سريانها على أجل محدد. عندئذ ستُشهد إسرائيل العالم أجمع على النوايا غير السلمية التى بدرت عن العرب، وستدّعى على الفور بأنها أضحت بلا شريك عربى أو فلسطينى للتفاوض معه حول عملية السلام، وستنكب على عمليات التهويد والاستيطان والتهجير والحصار، إنما بوتيرة أسرع وبعدوانية أكبر. وفوق ذلك نكون نحن قد خسرنا تعاطف المجتمع الدولى ودعمه المتصاعد لقضايانا العادلة. المبادرة العربية للسلام ليست ورقة لعب نكشفها حينا ونحجبها حينا آخر.
لا يجب أن يغيب عن أذهاننا أن مجلس الأمن الدولى وفى أكثر من قرار صدر عنه (القرار 1850 لعام 2008 والقرار 1860 لعام 2009)، قد أشاد بهذه المبادرة المهمة. واعتبرتها خريطة الطريق التى أعلنت فى 30 أبريل 2003 عنصرا حيويا فى الجهود الدولية الهادفة إلى التوصل إلى سلام شامل على كل المسارات. وحرص الاتحاد الأوروبى بدوره فى كل مناسبة على إبراز المبادرة ودعمها، وكان آخر ذلك فى البيان الوزارى المهم الصادر عنه فى 8 ديسمبر 2009، والذى وضع المبادرة على مصاف مرجعيات السلام الأخرى المتمثلة فى قرارات مجلس الأمن، ومبادئ مؤتمر مدريد، وخريطة الطريق، والاتفاقات التى سبق للأطراف التوصل إليها. أضف إلى ذلك مواقف المجموعة الرباعية التى حرصت فى بيانها الوزارى الأخير الصادر فى موسكو يوم 19 مارس الماضى على تأكيد أهمية هذه المبادرة، مؤكدة التزامها بمداومة اتصالاتها مع اللجنة الوزارية المشكلة من قبل جامعة الدول العربية والمعنية بمبادرة السلام.
إذن فالمبادرة لم تعد ملكا لنا وحدنا، بل أصبحت من أدبيات عملية السلام ومن مرجعياتها الأساسية. توقفت كثيرا عند خطاب وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون الذى ألقته يوم 15 أبريل الماضى فى افتتاح مركز دانيل إبراهام للسلام فى الشرق الأوسط والذى أفاضت فيه بالحديث عن المبادرة العربية ومدى أهميتها حتى تصورت أنها توشك على تبنيها. تقول وزيرة الخارجية: «إن من مصلحة الدول العربية أن تدفع قدما بالمبادرة العربية للسلام، ليس فقط بالأقوال، إنما بالأفعال. وتضيف بأنه إذا كانت المبادرة العربية تمثل عرضا صادقا لتحقيق السلام، كما هو واضح منها، فلا يجب أن نواجه بتهديدات من قبل دول عربية معينة بسحبها من على الطاولة فى كل مرة يحدث فيه قدر من الإخفاق. إننا نتطلع إلى قناعة عميقة بضرورة تنفيذ المبادرة، وإلى النتائج الملموسة التى ستتحقق نتيجة لذلك بالنسبة لشعوب المنطقة».
جنيا إلى جنب مع هذه الدعوة الصريحة للتمسك بالمبادرة العربية والدعوة الأمريكية المطالبة بتفعيلها، حدث تطور مهم فى مفهوم ونظرة الولايات المتحدة تجاه النزاع العربى الإسرائيلى. انتهز الرئيس الأمريكى أوباما فرصة عقده لمؤتمر صحفى عقب إنهاء مؤتمر الأمان النووى فى واشنطن يوم 13 أبريل الماضى ليعلن أن حل نزاع الشرق الأوسط هو فى مصلحة الأمن القومى الأمريكى، مضيفا أن تفجر النزاع فى هذه المنطقة سيؤدى إلى تورط الولايات المتحدة فيه بشكل أو بآخر، بما سيترتب على ذلك مد خسائر فادحة للولايات المتحدة سواء فيما يتعلق بالأرواح أو بالنفقات! ثم يستطرد أوباما إلى القول بأنه مهما مارست الولايات المتحدة من ضغوط فإنها لا تستطيع أن تفرض الحلول على الأطراف إذا كانت هذه الأخيرة على غير استعداد لنبذ العداوة تجاه بعضها البعض.
لم يكن لمثل هذا الربط الصريح بين حل نزاع الشرق الأوسط وبين المصالح الأمريكية وأمن أمريكا القومى أن يمر مر الكرام على اللوبى الإسرائيلى فى الولايات المتحدة أو فى داخل إسرائيل نفسها. اعتبر البعض ذلك بأنه نذير شؤم كبير. وفى إعلانات مدفوعة على صفحات كاملة بالصحف الأمريكية، تساءل رئيس المؤتمر اليهودى العالمى رولاند لودر فى خطاب موجه إلى أوباما عن السبب من وراء قيام إدارة أوباما بإلقاء اللوم على إسرائيل لعدم إحراز تقدم فى عملية السلام؟! أما الكاتب والناشط السياسى إيلى فيزل فقط طالب أوباما بأن يكف يده عن القدس، ولكنه كشف فى نفس الوقت عن مدى قصور علمه عندما تباهى فى إعلانه بأن القدس قد ذُكرت فى الكتاب المقدس أكثر من 600 مرة، فى حين أن القرآن الكريم لم يأت على ذكرها ولو لمرة واحدة. لم يصل إلى علم هذا الكاتب والذى حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1986، أن المسجد الأقصى كان أولى القبلتين لمن دخلوا فى دين الله، وأن الله عز وجل أسرى بعبده عليه صلوات الله إلى هذه البقعة المباركة، وخص القرآن الكريم هذه المعجزة الربانية بسورة تحمل اسمها.
على أية حال لم يستطع حتى أقرب الناس لإسرائيل أن يتجاهل هذه النظرة الأمريكية الجديدة للنزاع العربى الإسرائيلى وارتباط التوصل إلى حل له بمصالح الولايات المتحدة العليا، ومن ثم دعوة نتنياهو إلى أن يأخذ مأخذ الجد هذا التحول بعيد الأثر فى الموقف الأمريكى. نشر مارتين ايندك السفير الأمريكى السابق فى إسرائيل ونائب الرئيس الحالى لمعهد بروكينجز مقالا فى صحيفة النيويورك تايمز يوم 20 أبريل الماضى، كما أدلى بحديث فى راديو إسرائيل فى اليوم التالى، أكد فيمها أن حل النزاع الفلسطينى الإسرائيلى قد أصبح ضرورة إستراتيجية أمريكية فى ظل انخراط أكثر من 200 ألف جندى أمريكى فى حروب على امتداد الشرق الأوسط الكبير. وقال ايندك إن هذا الموقف الأمريكى الجديد يتطلب من نتنياهو أن يفاضل بين مناطحة أمريكا أو مناطحة الجناح اليمنى المتطرف فى حكومته الذى يعرقل عملية السلام. بل وصل بايندك الحد إلى القول بأنه إذا كانت إسرائيل فى حاجة إلى الولايات المتحدة فإن عليها أن تأخذ فى اعتبارها المصالح الامريكية.
ظاهرتان تضجان مضاجع إسرائيل حاليا. الأولى تتمثل فى إصرار أمريكى على دفع عملية السلام قدما مع اعتبار المبادرة العربية أحد أركانها الرئيسية، والثانية النظر إلى تحقيق السلام فى الشرق الأوسط على أنه ضرورة إستراتيجية للحفاظ على الأمن القومى الأمريكى.
لم يكن غريبا إذن أن تتحدث الصحف الإسرائيلية عن جو التشاؤم والقلق الذى ساد الأوساط الإسرائيلية، اليسارية منها واليمينية، أثناء إحياء إسرائيل مؤخرا ذكرى إنشائها. مصدر هذا القلق هو ازدياد عزلتها الدولية، وتضاعف الضغوط من حولها، جنبا إلى جنب مع تفجر الخلاف بينها وبين حليفتها الكبرى، الولايات المتحدة، التى تدين لها بوجودها. ولم يكن غريبا أيضا أن يصرح إيهود باراك وزير الدفاع ورئيس حزب العمل الإسرائيلى يوم 19 أبريل الماضى بأن التباعد بين أمريكا وإسرائيل ليس فى صالح الأخيرة، ولابد من إصلاح ذات البين. وأضاف، فى اعتراف من النادر أن يصدر عن مسئول إسرائيلى، «أن العالم لم يعد على استعداد لأن يتقبل أن تحكم إسرائيل شعبا آخر لعقود جديدة مقبلة، ومثل هذا الوضع لا يوجد له مثيل فى أى بقعة أخرى من العالم!».
فإذا كانت الولايات المتحدة قد تنبهت أخيرا تلك العلاقة العضوية بين السلام فى الشرق الأوسط وحماية مصالحها القومية، وتكشّفت أمامها أهمية المبادرة العربية فى التوصل إلى سلام شامل فى هذه المنطقة الحيوية، فأتصور أن الوقت قد حان كى تقوم الدول العربية بالدخول فى حوار متعمق مع الولايات المتحدة من أجل البحث عن سبل تفعيل هذه المبادرة، والاتفاق على خطوات محددة من أجل وضعها موضع التنفيذ تحقيقا لمصلحة الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.