أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة 4 يوليو 2025    أسعار طبق البيض اليوم الجمعة 4-7-2025 في قنا    استقرار أسعار حديد التسليح في مستهل تعاملات اليوم الجمعة 4 يوليو 2025    ترامب يتوقع رد "حماس" خلال 24 ساعة على مقترح وقف إطلاق النار    ترامب: سنعرف خلال 24 ساعة رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار    محمد منير يودّع شيكابالا برسالة مؤثرة: أتمنى لك مستقبلا باهرا    رمضان السيد ينتقد تعاقد الزمالك مع جون إدوارد: النادي لا يحتاج إلى سماسرة    حالة الطقس اليوم الجمعة 4-7-2025 في محافظة قنا    مصطفى كامل يعلن موعد ومكان عزاء أحمد عامر    إقبال جماهيري واسع على معرض الفيوم للكتاب.. وورش الأطفال تخطف الأنظار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 4-7-2025 في محافظة قنا    مؤسسة غزة الإنسانية تنفي تقريرا لأسوشيتد برس عن استخدام متعهديها للذخيرة الحية    الهلال يُكرم حمد الله قبل موقعة فلومينينسي في مونديال الأندية    قوات الاحتلال تنسحب من أمام مبنى محاصر في جنين بعد اعتقال شاب    لليوم الثالث.. استمرار البحث عن 3 مفقودين في حادث غرق حفار البترول بجبل الزيت    وزير الأوقاف: الاحتلال يواصل سلسال جرائم الحرب والإبادة باغتيال الدكتور مروان السلطان وأسرته    رسميًا.. جدول المرتبات الجديد بعد رفع الحد الأدنى للأجور 2025    فيلم أحمد وأحمد يحقق هذا الرقم في ثاني ليالي عرضه    «أوقاف شمال سيناء»: تنفيذ قوافل دعوية في 3 مراكز للشباب الأربعاء المقبل    «نعم القائد وأسطورة».. مدرب شيكابالا السابق يوجه رسالة له بعد اعتزاله رسميا    السفير ماجد عبد الفتاح عن إصلاح مجلس الأمن: أبقى قابلني.. الأمم المتحدة تمر بأسوأ حالاتها منذ 40 عاما    «الجبهة الوطنية» يجتمع بمرشحي الحزب في انتخابات الشيوخ لوضع اللمسات الأخيرة    حبس قائد سيارة نقل ذكي تحرش بأجنبية بالسيدة زينب    الصحة بشمال سيناء: فرق طبية شاملة لشواطئ العريش حتى نهاية الصيف    أسعار الفراخ اليوم الجمعة 4-7-2025 بعد الهبوط وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    أصالة لزوجها بعد نجاح ألبومها «ضريبة البعد»: «بحبك يا أحن وأعظم شريك»    يوم طار باقي 9 أيام، إجازات الموظفين في شهر يوليو 2025    حريق بمحطة وقود بقرية سرسنا في الفيوم والعناية الإلهية تنقذ السكان من كارثة    ملاكي طائش دهسه.. التصريح بدفن جثة الطفل "عبدالله" بشبين القناطر    رئيس اتحاد المهن الطبية: نقف على مسافة واحدة من جميع النقابات    مصدر من الأهلي يوضح ل في الجول الحالة الوحيدة للموافقة على رحيل وسام أبو علي    "لم يكن يحتفل قبل الحادث ولهذا ذهب شقيقه معه".. معالج جوتا يروي الساعات الأخيرة في حياته    "قلت له مش هقعد".. شيكابالا يكشف حقيقة تدخله لرحيل كريستيان جروس عن الزمالك    الإيجار القديم.. هل يحق للمستأجر الحصول على شقة من الدولة؟    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة 4 يوليو 2025.. اللهم أجرنا من النار، واصرف عنا كل مكروه، وأرض عنا يا أرحم الراحمين    نشرة التوك شو| احتمالية لتعرض مصر ل"تسونامي" وموعد طرح 110 ألف وحدة "سكن لكل المصريين"    أضرار النوم الكثير، أمراض القلب والاكتئاب وضعف المناعة    أخبار مصر اليوم: شروط الحصول على معاش ربات المنزل 2025.. الأرصاد تعلن تلاشي فرص سقوط الأمطار.. تحقيق عاجل في فضيحة اختلاس التعاون    وظائف حقيقية في انتظارك.. أكثر من 2900 فرصة عمل في كبرى الشركات الخاصة ب الشرقية والمحافظات    ترامب: أريد أن أرى أهل غزة آمنين بعد أن مروا بالجحيم    اكتشفها خالد يوسف .. من هي ملكة جمال العرب سارة التونسي    مجدي البدوي: نرفض افتتاح سد النهضة دون اتفاق ملزم يحفظ حقوق مصر المائية    الفاصوليا البيضاء ب 80 جنيها.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية الجمعة 4 يوليو 2025    لماذا الإسلام دين السلام؟| عالم بالأوقاف يُجيب    أهالي المنيا يشيعون جثامين الأطفال الثلاثة الذين قُتلوا على يد والدهم    «ظهور تلفزيوني»..شيكابالا يبدأ مهمته الجديدة بعد اعتزال كرة القدم    الدكتور حاتم سلامة.. بصيرة تتحدى الظلام ورؤية تصنع الأمل    الشاي ب لبن| أخصائي تغذية يكشف حقيقة أضراره    مهرجان عمّان السينمائى .. خارج النص    ماكرون يهدد طهران بإجراءات انتقامية بسبب اتهام فرنسيين بالتجسس لصالح إسرائيل    تصل للحبس والغرامة.. عقوبة تسلق الأثار دون ترخيص (تفاصيل)    كارولين عزمي على البحر ومي عمر جريئة.. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    مراجعة ليلة الامتحان في الرياضيات فرع (الإستاتيكا) للثانوية العامة 2025 (pdf)    خالد الجندي: "عاشوراء" سنة نبوية قديمة ليست مقتصرة على الإسلام    خالد الجندي: شرع من قبلنا شرعٌ لنا ما لم يخالف شرعنا    لميس جابر: الإخوان وضعوني على قوائم الإرهاب وفضلت البقاء في مصر رغم صعوبة فترتهم    تفاصيل القبض على أصحاب فيديو السباق في مدينة 6 أكتوبر.. فيديو    مستشفى 15 مايو ينجح فى إنقاذ مريضين في عمليات حرجة تنتهي بلا مضاعفات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التجويع تمهيدا لمرحلة رفح
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 03 - 2024

تحولت حرب غزة فى شهرها السادس إلى حرب تجويع للشعب الفلسطينى المحاصر، بعدما فشلت آلة الحرب الإسرائيلية فى تحقيق أهدافها المعلنة بفضل استبسال المقاومة الفلسطينية. وزاد التعنت الإسرائيلى فى ملف التجويع، حيث فرضت على كل الأطراف الإقليمية والدولية توصيل المساعدات إلى قطاع غزة بالطريقة التى تراها مناسبة لتحقيق أمنها المفقود. فسمحت بالإنزال الجوى للمساعدات، الذى تبين عدم جدواه الاقتصادية، والآن أضافت الإمداد البحرى عن طريق قبرص، ولكن بعد عملية تفتيش صارمة تظهر التوجس والريبة الإسرائيلية فى كل شىء، فحتى مقص الجراح اللازم لعمليات الجراحة ممنوع، خشية وصوله إلى حماس. هذا ولم يعرف بعد جدوى الإغاثة عن طريق البحر، ما يعنى أن ما تبحث عنه إسرائيل هو المراوغة بالوقت، قبل أن تحين اللحظة المناسبة لاجتياح رفح.
يبدو أن المفاوض الفلسطينى فهم نوايا إسرائيل من خلال ما ظهر فى مفاوضات القاهرة التى كان من المفترض أن تحسم مسألة الهدنة قبل رمضان. فإذا بإسرائيل تتعنت يوما بعد الآخر. ولم يقبل الوفد الفلسطينى إملاءات إسرائيل، فكيف يوافق على هدنة ذات طبيعة مؤقتة يتخللها عملية تبادل أسرى محدودة ليست فى صالح المقاومة الفلسطينية، ثم تعود بعدها آلة الحرب لتضرب بلا هوادة 1,4 مليون فلسطينى فى مدينة رفح!. ومع فشل المفاوضات ودخول شهر رمضان زاد الضغط على مسألة توصيل المساعدات بسرعة للجوعى فى قطاع غزة، فلم تجد إسرائيل بدا من إعادة تشغيل معبر كرم أبو سالم لإدخال بعض المساعدات كما رأينا يوم 14 مارس. ولكنها مساعدات غير كافية، فالقطاع الذى كان يعيش على 500 شاحنة يوميا قبل الحرب يحتاج 2000 شاحنة يوميا بشكل فورى وليس بعض الشاحنات التى لا تزيد عن 230 شاحنة على أفضل تقدير. وتحاول إسرائيل إلصاق تهمة التجويع بالمقاومة وكأن الأخيرة هى المسئولة عن طريقة وصول ودخول المساعدات من خارج القطاع. بينما واقع الأمر أن المقاومة تعانى بنفس القدر مثل باقٍ أهالى القطاع المحاصر.
• • •
مسألة أخرى ظهرت مع ملف التجويع، وهى مسألة التوزيع. فأيّا كانت طريقة وصول المساعدات إلى داخل غزة، فإن مسألة توزيعها تخضع إلى الجهة التى تملك الإمكانيات من حيث المخازن، وتوزيعها الجغرافى، والكوادر ذات الخبرة فى توزيع المساعدات، بالإضافة إلى قوائم الأهالى. وتحت هذا العنوان «توزيع المساعدات» يتستر الاحتلال الإسرائيلى بغرض الإحاطة بالمقاومة الفلسطينية. فبداية شيطنة إسرائيل منظمة الأونروا، وهى الجهة الدولية الوحيدة القادرة على توزيع المساعدات، كما كان الحال منذ نشأتها عام 1949. وتحججت إسرائيل بأن الأونروا تعتمد على عناصر من المقاومة فى أعمالها، بينما الواقع تريد إسرائيل هدم الأونروا لأن مناهج مدارس الأونروا تنص على مسألة «حق العودة»، الذى ترفضه إسرائيل. ثم حاولت إسرائيل عن طريق آخر وهو استقطاب العشائر والقبائل التى ليست على وفاق مع حماس مثل دعمش والرميلات، من أجل تكليفها بمسألة توزيع الإغاثة. فإذا رفضت حماس هذا التعاون بين بعض العشائر وإسرائيل فإنها تساهم فى تجويع الشعب الفلسطينى، وإذا وافقت فإنها تساهم فى تقوية العشائر وسيكون لذلك ما بعده. ويجرى هذا المخطط فى ظل استهداف القوات الإسرائيلية لشرطة حركة حماس، الأمر الذى جعل مسألة توزيع المساعدات عملية مفخخة قابلة للانفجار.
وتؤكد هذه التحركات الإسرائيلية على أن أولويتها هى استمرار حالة عدم الاستقرار داخل غزة، مع فعل كل شىء ممكن لتعطيل معبر رفح، وعمل فصل وعزل فعلى بين غزة ومصر. وتجمع حكومة نتنياهو على هذا الأمر، وهى بذلك تعد مسرح العمليات فى القطاع، وتعد الموقف داخل إسرائيل، وتمهد دوليا لاجتياح رفح عبر التفاهمات مع الولايات المتحدة حتى تحين لحظة إطلاق الهجوم، والمرجح وقوعه بعد انتهاء شهر رمضان مباشرة. ويبدو أن موقف الولايات المتحدة الرافض للهجوم على رفح تراجع بعض الشىء. فبعدما كانت تنادى بعمل ممر إنسانى آمن لخروج أهالى القطاع باتجاه الشمال قبل بدء العملية، فإن الإشارات الواردة من الإدارة الأمريكية تؤكد موافقتها على شن إسرائيل عملية «مكافحة إرهاب» لتدمير أربع كتائب من حماس تمثل لواء رفح. ويبرر نتنياهو هذه الخطة بالقول، بإن عدم تنفيذها يعنى خسارة إسرائيل وانتصار حماس. ولكن لم يظهر نتنياهو كيف سنقيس صدق ما يدعيه، فبعد أشهر من دخول إسرائيل بريا إلى القطاع، لا تزال المعارك دائرة فى أقصى شمال غزة. ولقد حاولت المقاومة تنفيذ عملية تسلل يوم 13 مارس إلى داخل قاعدة زيكيم البحرية الإسرائيلية التى تبعد 2 كلم شمال القطاع، فى رسالة تشكك فيما تدعيه إسرائيل عن الموقف الميدانى.
نفس الشىء تكرر بعد ادعاء إسرائيل اغتيال مروان عيسى الرجل الثانى فى كتائب القسام، فهى تصنع هالة من شخصية وتضيف عليها كل الصفات الخارقة، ثم تدعى تصفيته، وتنشر الخبر لبث روح الانكسار والهزيمة داخل المقاومة. بينما على أرض الواقع، تقدم المقاومة عشرات القادة الشهداء من قبل، وأثناء طوفان الأقصى، ومنهم من أضافت إليه إسرائيل صفات خرافية، وفى كل مرة تدعى أن اغتيال ذلك القيادى كفيل بتغير كل شىء. ولكن يأتى الواقع بعكس ما تدعيه تصريحات جيش الاحتلال وادعاءات ساسته. فالمقاومة مستمرة بالرغم من فقد عشرات القادة من قبل، وفى أثناء حرب 7 أكتوبر الحالية، حيث تملأ كوادر الصف الثانى والثالث الأماكن الشاغرة بطريقة فورية دون أن ينتقص ذلك من أداء المقاومة، ولو كان الوضع عكس ذلك كما تدعى إسرائيل لانهارت المقاومة منذ شهور. ولكن الواقع أن إرادة الشعب الفلسطينى وصمود مقاومته هى الحقيقة التى تفعل إسرائيل المستحيل حتى تمحوها، ولكن لا تجد سبيلا لذلك. وبالأمس كشف تقرير سنوى تصدره وكالات المخابرات الأمريكية، صدر يوم 11 مارس الجارى، بعنوان «تقييم المخاطر» جاء فيه «من المحتمل أن تواجه إسرائيل مقاومة مسلحة مستمرة من حماس لسنوات قادمة، وأن الحرب فى قطاع غزة أبعد من أن تنتهى فى المستقبل القريب. وسيكافح الجيش لتحييد البنية التحتية تحت الأرض لحماس، والتى تسمح للمتمردين بالاختباء واستعادة قوتهم ومفاجأة القوات الإسرائيلية».
• • •
الشاهد أن دخول رفح واغتيال القادة، لن يغير من الواقع شيئا، فما تقوله إسرائيل هو محاولة لإخفاء واقع آخر أليم، حيث تكبدت خسائر عسكرية، واقتصادية غير مسبوقة فى تاريخها. الأمر الذى دفع حكومة نتنياهو لمناقشة قانون لتجنيد اليهود المتدينين من فصيل الحريديم لتعويض نقص الجنود، مما أدى إلى زيادة التحديات داخل المجتمع الإسرائيلى، بعدما هدد الحاخام الأكبر بأنه سيترك هو وأتباعه إسرائيل حال مرور هذا القانون. وبذلك على إسرائيل الاختيار بين استدعاء الاحتياط وتعميق الخسائر الاقتصاد، أو إنفاذ القانون مع المخاطرة بحدوث هجرة جماعية لعدة آلاف للخارج. وكلما مر الوقت كلما تكشفت هشاشة الموقف فى إسرائيل، والنصر فى هذا النوع من المعارك لمن يصبر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.