مع تجدد دعوة المعارضة الإسرائيلية لتجنيدهم في جيش الاحتلال، عادت قضية "الحريديم" وصراعهم ضد التجنيد الإجباري إلى الواجهة، وذلك في ظل معاناة جيش الاحتلال الإسرائيلي من عجز كبير مع دخول الحرب على قطاع غزة يومها ال156. وجدد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، اليوم الأحد، مطالبته بتجنيد يهود الحريديم داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي. وقال لابيد، إن الجيش الإسرائيلي سيحصل على 105 كتيبة جديدة وصفها ب "الضرورية" لأمن إسرائيل إذا تم تجنيد 66 ألف شخص من الحريديم. وتأتي تصريحات لابيد بعدما هدد الحاخام الأكبر في إسرائيل يتسحاق يوسف بأنه "إذا أجبرتنا حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على التجنيد فسنغادر جميعا إلى خارج البلاد". * من هم "الحريديم"؟ "الحريديم" هم اليهود الأرثوذكس المتشددين، وكلمة "الحريدي" تعني التقيّ، ويشكل الحريديم نحو 13.3% من عدد السكان في إسرائيل ومع ذلك فإن نفوذهم كبير، حيث تستمد الأحزاب الدينية قوتها من حاجة الساسة الإسرائيليين إليها عند تشكيل الحكومات لنيل ثقة الكنيست. ويقول معهد ديمقراطية إسرائيل (خاص) في دراسة، إن معدل نمو السكان الأرثوذكس المتشددين "الحريديم" في إسرائيل هو الأعلى بين جميع السكان في البلدان المتقدمة، ويبلغ حوالي 4% سنويا. ويتنكر يهود "الحريديم" للصهيونية، وتعيش غالبيتهم في فلسطين التاريخية والولايات المتحدة، كما يعيش البعض منهم في الدول الأوروبية ويتنقلون بينها. وينتمون في معتقداتهم إلى التوراة والأصول الفكرية اليهودية القديمة. ويتكون الحريديم من كثير من المجتمعات المختلفة، وتتمحور كل منها حول حاخام، ويتشاركون في عاداتهم الخاصة في العبادة والطقوس والتشريعات التوراتية واللباس والحياة اليومية. * إلغاء قانون إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية منذ عام 2017 فشلت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بالتوصل إلى صيغة قانون توافقي يقضي بتجنيد اليهود المتشددون "الحريديم" بعد أن ألغت المحكمة العليا القانون الذي شرّع عام 2015 والقاضي بإعفائهم من الخدمة العسكرية وسوغت ذلك بأن الإعفاء يمس ب"مبدأ المساواة". وحصل نحو 66 ألف شاب من المجتمع "الحريدي" على إعفاء من الخدمة العسكرية خلال العام الماضي، وهو رقم قياسي، تحديدا وسط حالة الحرب التي تعيشها إسرائيل، وتعدد الجبهات التي تتعامل معها. لماذا يرفض يهود الحريديم التجنيد الإجباري؟ يرفض اليهود المتشددون التجنيد الإجباري، ويطالبون بالحق في الدراسة بالمعاهد اللاهوتية بدلاً من الخدمة بالزي العسكري طوال سنوات ثلاث. ويرى بعضهم أن أسلوب حياتهم المتشدد قد يتعارض مع الأعراف العسكرية، بينما يعبر آخرون عن معارضتهم الآيديولوجية للدولة الليبرالية. ويمتنع الشبان دائما عن التجنيد تحت ذريعة انشغالهم بدراسة تعاليم اليهودية والشرائع التوراتية، وأن التفرغ لدراستها لا يقل أهمية عن الخدمة العسكرية. وأعُفي اليهود المتشددون من الخدمة العسكرية تحت ضغط ممثليهم السياسيين في الكنيست وفي الحكومة، الذين يقولون إن دور الرجل المتدين هو دراسة التوراة وليس التجنيد. * أزمة نتنياهو مع الحريديم قبل الحرب، وعدت حكومة نتنياهو الأحزاب الحريدية بتمرير تشريع يحمي إعفاءهم من الخدمة العسكرية من الطعون أمام المحاكم في المستقبل. ومن بين المقترحات، كان تمرير قانون شبه دستوري يساوي بين دراسة التوراة والخدمة العسكرية، وبالتالي التغلب على مشكلة المساواة في الأعباء، لكن حكومة نتنياهو فشلت في تحقيق ذلك، بسبب انشغالها بملف "الإصلاح القضائي". وصوتت الحكومة الإسرائيلية لصالح منحها موعدا نهائيا في 31 مارس الجاري للتوصل إلى حل. وهي تطلب الآن من المحكمة العليا منحها ثلاثة أشهر أخرى، ولكن في جلسة 26 فبراير، أبدى القضاة القليل من التعاطف مع المزيد من التأخير. وفي حال لم يمد القضاة الموعد النهائي، فسيكون شباب الحريديم، من حيث المبدأ، عرضة للتجنيد الذي يبدأ في مطلع أبريل، وفقا لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية. * انتقادات داخلية لإعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية إلى جانب انتقادات المعارضة الإسرائيلية، انتقد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي بصورة غير مباشرة المسؤولين الحكوميين الذين يفكرون في الإبقاء على الإعفاء الشامل من التجنيد العسكري للحريديم. وجاءت تصريحات هاليفي في الوقت الذي اصطف فيه وزير الدفاع يوآف جالانت إلى جانب وزير الحرب بيني جانتس، ورئيس المعارضة يائير لابيد وآخرين، ضد الأحزاب الحريدية في الإئتلاف. وكان جالانت أكد أنه "لتحقيق أهداف الحرب، وللتعامل مع التهديدات القادمة من غزة ولبنان والضفة الغربية، تحتاج إسرائيل إلى الوحدة والشراكة في القرارات المتعلقة بالمستقبل"، على حد تعبيره.