العاصمة الإدارية تطرح 16 وحدة تجارية بالإيجار في الحي الحكومي    طائرات الاحتلال تقصف منزلًا لعائلة "داود" في حي الزيتون جنوب شرقي غزة    طاقم تحكيم مباراة الإسماعيلي والداخلية في الدوري المصري    صفقة سوبر على أعتاب الأهلي.. مدرب نهضة بركان السابق يكشف التفاصيل    ميدو يوضح رأيه في اعتراض الزمالك على حكام نهائي الكونفدرالية    نقابة الموسيقيين تنعي كريم عبد العزيز في وفاة والدته    6 طرق لعلاج احتباس الغازات في البطن بدون دواء    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: 4 دول من أمريكا الجنوبية اعترفت خلال الأسبوع الأخير بدولة فلسطين    «الرئاسة الفلسطينية»: نرفض الوجود الأمريكي في الجانب الفلسطيني من معبر رفح    رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    عيار 21 الآن بعد الزيادة.. أسعار الذهب بالمصنعية اليوم الخميس 9 مايو بالصاغة (آخر تحديث)    توفر مليار دولار سنويًا.. الحكومة تكشف أهمية العمل بجدول تخفيف الأحمال (فيديو)    الزمالك يشكر وزيري الطيران والرياضة على تسهيل سفر البعثة إلى المغرب    قبل نهائي الكونفدرالية.. نجم الزمالك يسافر إلى اليونان للاتفاق مع فريقه الجديد    محمد فضل: جوزيه جوميز رفض تدريب الأهلي    ميدو: اعتراض الزمالك على وجود حكام تونسيين في نهائي الكونفدرالية ذكي للغاية    فينيسيوس: الجماهير لا يمكنهم تحمل المزيد من تلك السيناريوهات.. ولم يكن لدينا شك بالفوز    نماذج امتحانات الثانوية العامة 2024 بصيغة «PDF» لجميع المواد وضوابط اللجان    إنتل تتوقع تراجع إيراداتها خلال الربع الثاني    موعد إجازة عيد الأضحى 2024 في السعودية: تخطيط لاستمتاع بأوقات العطلة    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي المنيا».. مصرع شخص وإصابة 13 آخرين    العظمى بالقاهرة 36 درجة مئوية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 9 مايو 2024    "الفجر" تنشر التقرير الطبي للطالبة "كارولين" ضحية تشويه جسدها داخل مدرسة في فيصل    سواق وعنده 4 أطفال.. شقيق أحمد ضحية حادث عصام صاصا يكشف التفاصيل    تعرف على سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الخميس 9 مايو 2024    نبيل الحلفاوي يكشف سبب ابتعاد نجله عن التمثيل (تفاصيل)    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 9 مايو: مارس التمارين الرياضية    من يرفضنا عايز يعيش في الظلام، يوسف زيدان يعلق على أزمة مؤسسة "تكوين" والأزهر    محمود قاسم ل«البوابة نيوز»: السرب حدث فني تاريخي تناول قضية هامة    خبير اقتصادي: صندوق النقد الدولي يشجع الدعم المادي وليس العيني    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح استرازينكا    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    وكيل الخطة والموازنة بمجلس النواب: طالبنا الحكومة بعدم فرض أي ضرائب جديدة    ننشر أسماء ضحايا حادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    تحالف الأحزاب المصرية يجدد دعمه لمواقف القيادة السياسة بشأن القضية الفلسطينية    وزير الخارجية العراقي: العراق حريص على حماية وتطوير العلاقات مع الدول الأخرى على أساس المصالح المشتركة    "لا نريد وسيطاً".. فتح: نطالب بانسحاب إسرائيل من معبر رفح|فيديو    رئيس لجنة الثقافة: الموقف المصرى من غزة متسق تماما مع الرؤية الشعبية    حسام الخولي ل«الحياة اليوم»: نتنياهو يدافع عن مصالحه الشخصية    «زووم إفريقيا» في حلقة خاصة من قلب جامبيا على قناة CBC.. اليوم    عبد المجيد عبد الله يبدأ أولى حفلاته الثلاثة في الكويت.. الليلة    مستشهدا بواقعة على صفحة الأهلي.. إبراهيم عيسى: لم نتخلص من التسلف والتخلف الفكري    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    دعاء الليلة الأولى من ذي القعدة الآن لمن أصابه كرب.. ب5 كلمات تنتهي معاناتك    بالصور.. «تضامن الدقهلية» تُطلق المرحلة الثانية من مبادرة «وطن بلا إعاقة»    التحالف الوطنى يقدم خدمات بأكثر من 16 مليار جنيه خلال عامين    رئيس جامعة القناة يشهد المؤتمر السنوي للبحوث الطلابية لكلية طب «الإسماعيلية الجديدة الأهلية»    متحدث الصحة يعلق على سحب لقاحات أسترازينيكا من جميع أنحاء العالم.. فيديو    الكشف على 1209 أشخاص في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    أيهما أفضل حج الفريضة أم رعاية الأم المريضة؟.. «الإفتاء» توضح    رئيس«كفر الشيخ» يستقبل لجنة تعيين أعضاء تدريس الإيطالية بكلية الألسن    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    حزب العدل: مستمرون في تجميد عضويتنا بالحركة المدنية.. ولم نحضر اجتماع اليوم    موعد وعدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024    «اسمع واتكلم» لشباب الجامعات يناقش «الهوية في عصر الذكاء الاصطناعي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لنبن حداثتنا وأيديولوجياتنا الذاتية
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 02 - 2024

فى مقال سابق بينّا خصائص ومخاطر الوضع الحالى السائد لعملية التثقيف السياسى للأجيال الشابة، سواء فى كثير من البلدان المتقدمة أو فى بلدان العالم الثالث، ومن بينهم بلدان الوطن العربى.
ولقد ألمحنا إلى أن تلك الإشكالية تبدأ بشتى المحاولات، لأسباب فى أغلبها غير مقنعة، للتهجم على مكون تاريخى رئيسى من مكونات ذلك التثقيف، ونعنى به المكوّن الأيديولوجى، بمسمّياته المختلفة.
من أجل الإقناع بعدم الالتفات لتلك الهجمة وتوضيح الصورة لشابات وشباب الوطن العربى سنبدأ بتوضيح مكانة الأيديولوجيا: تعريفا وتكوينا وأهدافا، والإشارة إلى بعض صورها وممارساتها الخاطئة من جهة، والنتائج المجتمعية الكارثية فى حالة غيابها بشكل صحيح فى معركة إخراج كل أجزاء الوطن العربى من محنه الحالية من جهة أخرى.
لعل أفضل تعريف للأيديولوجية السياسية هى أنها مجموعة من الآراء الفكرية، ومن القيم، ومن المناقشات/ التصورات التى تتفاعل مع بعضها لتقدم صورة شاملة عقلانية متناغمة عن المجتمع البشرى الذى يراد العيش فيه أو بناؤه. ولقد طرحت تلك الأيديولوجيات تحت مسميات كثيرة من مثل: الليبرالية، والاشتراكية، والشيوعية، والمحافظة، والوطنية/ القومية، والفاشية، والبيئية، وغيرها، وما زالت المسميات تتراكم وتتنوع.
مواجهة موضوع الأيديولوجية فى الغرب يختلف كثيرا عن مواجهته فى بلاد العرب. هناك انبثقت كل تلك الأيديولوجيات من رحم الفلسفات التى قامت عليها الثورات الكبرى منذ قرنين من الزمن وبالتالى من أجل تحقيق أهدافها فيما نادت به الأنوار والحداثة. الحداثة الغربية الحالية منتقدة الآن عندهم بشدة ومتهمة بأنها فشلت فى تحقيق مبادئ فلسفات الأنوار، الداعية إلى بناء المجتمعات العقلانية، والأنظمة الديمقراطية الحقيقية؛ المشاركة لعموم المواطنين والمواطنات، وعدالة توزيع الثروة المادية والمعنوية، ومساواة المواطنين والمواطنات فى الكرامة والإنسانية، والمؤمنة بحتمية التقدم الحضارى واستمراريته. بل إنها فشلها أيضا فى التعامل الإنسانى المطلوب مع تحديات وأخطار التقدم المعرفى الهائل والتطور التكنولوجى المتسارع فى العصور الأخيرة.
ومن هنا المناداة بالتخلى عن الحداثة والانتقال إلى فلسفات ما بعد الحداثة المختلفة فى كثير من جوانبها عن فلسفات الحداثة. وهذا يعنى تلقائيا التخلى عن الأيديولوجيات التى نبعت عن الحداثة وارتبطت بها، أى المناداة بتقديم ثقافة سياسية جديدة لشبابهم خارج إطار الأيديولوجيات القديمة.
ولكن لنعد إلى أرض الوطن العربى ونسأل سؤالا صريحا موجعا: هل الأمة العربية نجحت عبر القرنين الماضيين فى بناء حداثتها الذاتية المنبثقة عن تاريخها وثقافتها، ومواجهة واقع تخلفها التاريخى وكوارث انتقالها من أيادى استعمار إلى أيادى استعمار آخر عبر عدة قرون؟ وهل الأيديولوجيات التى سادت فى الوطن العربى طيلة القرن العشرين كانت حصيلة تلك الحداثة الذاتية، أم أنها لم تكن أكثر من تبنّ لأيديولوجيات طرحتها حداثات الآخرين؟
نطرح تلك الأسئلة لنؤكد أهمية ابتعاد أيديولوجياتنا المستقبلية، وبالتالى ثقافة شاباتنا وشبابنا السياسية التى ندعو لها، عن معارك الحداثة وما بعد الحداثة فى الغرب وبالتالى عن معارك نواقص أو فشل الأيديولوجيات فى تلك المجتمعات الغربية الأوروبية والأنجلوسكسونية على الأخص.
ففى وطن العرب نحتاج أن نتكلم عن فلسفات حداثتنا وأهدافها وأولوياتها، والتى يفضل أن تقدم لمواطنينا ومواطناتنا العرب فى شكل مكونات ومنهجيات عمل وأهداف متناسقة ومتناغمة. وبالتالى، وبصوت عالٍ واضح مستقل، فى شكل أيديولوجيات عربية.
ولن يضير تلك الأيديولوجيات أن تطرح تحت مسميات قديمة أو تتجاوز ذلك إلى مسميات جديدة، ولا أن تتبنّى أجزاء من أيديولوجيات الآخرين المختلفة إذا كانت تلك الأجزاء ستتناغم وتتعايش وتقوى الأجزاء المنبثقة عن حداثتنا الذاتية.
وحتى تتضح الصورة أكثر دعونا نتصور كيف نتعامل مع مكون أيديولوجى غربى تحت مسمى العلمانية. فهل حقا إننا مجبرون أن نتبنّى التعريفات والتطبيقات المتواجدة فى هذا البلد الغربى أو ذاك، خصوصا وأن الغرب نفسه، وتحت مسمى أيديولوجى مشترك واحد مثل الليبرالية، يتعامل مع مكوّن العلمانية بأشكال مختلفة وأحيانا متعارضة؟ أم نجتهد ونضع فهمنا وتطبيقنا الذاتى للعلمانية، والنابع من حاجاتنا وأوضاعنا الحالية التى نعيشها؟ فقد نجد أن تجديد الفقه يجب أن يسبق الدخول فى الاختلافات والمماحكات حول مفاهيم وتطبيقات العلمانية التى هى بدورها تترّنح يمينا وشمالا مع ما تطالب به فلسفات ما بعد الحداثة التائهة هى الأخرى.
أخذنا هذا المثل لنبرز أهمية أخذ المحاذير فى طرحنا للأيديولوجيات العربية المستقبلية. وقبل وضع الأيديولوجيا المنشودة تحت مسمى معين دعونا أولا نتفق على أهمية وواقعية وصدق وصلاحية مكونات الأيديولوجية العربية التى باستطاعتها تكوين ثقافة سياسية توعوية نضالية لشابات وشباب الأمة العربية، والاتفاق على ماهية الأخطاء الفكرية والسلوكية التى يجب تجنبها حتى لا نعطى فرصة لأحد فى التشكيك والاستهزاء بحاجة العمل السياسى فى الوطن العربى أن يكون ضمن التعدّدية والأخذ والعطاء والتسامح فى الاختلاف، وتجنب الأخطاء السابقة التى ارتكبها الغير وارتكبها العرب بحق مبدأ تواجد الأيديولوجيات والاستفادة من الميزات الكامنة فيها.
موضوع الأيديولوجيات العربية المستقبلية هو فى صلب نجاح أو فشل المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.