البابا تواضروس يعزي بطريرك أنطاكية للروم الأرثوذكس في ضحايا هجوم كنيسة مار إيلياس    مصر تستأنف تدريجيًا حركة الطيران مع دول الخليج ووزير الطيران يتابع من غرفة إدارة الأزمات    المطارات المصرية تستقبل الرحلات المحول مسارها نتيجة الأحداث الإقليمية    رويترز: إيران توافق على وقف إطلاق النار مع إسرائيل بوساطة قطرية واقتراح أمريكي    عاجل وقف إطلاق النار خلال 6 ساعات بين إيران وإسرائيل    ترامب: ننتظر بدء وقف إطلاق النار كامل وشامل في غضون 6 ساعات    أيمن سمير يكتب: 4 سيناريوهات للحرب الإسرائيلية - الإيرانية    عاجل.. مفاجآت في تشكيل الأهلي الرسمي أمام بورتو بكأس العالم للأندية    نجم الأهلي يقترب من الرحيل.. الغندور يكشف وجهته المقبلة    موعد مباراة بايرن ميونخ وبنفيكا في كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    صحف إسبانيا تتحسر على توديع أتلتيكو مدريد لمونديال الأندية    مران خفيف للاعبي الأهلي في فندق الإقامة    وفاة شاب في حادث تصادم على الطريق الصحراوي الشرقي بسوهاج    سقوط عامل من الطابق الثالث أثناء العمل بطما ونقله إلى مستشفى أسيوط الجامعي    إصابة عامل بطلق خرطوش في دار السلام بسبب خلافات الجيرة وضبط الجاني    منال عوض: تقييم لجميع القيادات المحلية من رؤساء المدن والأحياء والمراكز بالمحافظات    انعقاد لجنة اختيار المرشحين لمنصب عميد كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة قناة السويس    الخارجية الروسية: يجب وقف المسار الخطير في الشرق الأوسط لتجنب عواقب طويلة الأمد    السوداني يدعو إلى عدم الانجرار لخطر يهدد الأمن والاستقرار والسلم في العالم أجمع    رغم التساوي في النقاط.. لماذا ودع أتلتيكو وتأهل باريس وبوتافوجو بالمونديال؟ (لائحة)    منتخب مصر لكرة اليد للشباب يتأهل رسميًا لربع نهائي بطولة العالم في بولندا    مجموعة الأهلي.. موعد مباراة إنتر ميامي وبالميراس في كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    سفارة اليمن في مصر تعقد ندوة حول تطورات الأوضاع الإقليمية وانعكاساتها على البلدين    روسيا والصين وباكستان تطالبان بقرار أممي ضد ضربات أمريكا على إيران ووقف إطلاق النار    وزير قطاع الأعمال يشارك ممثلا عن مصر في افتتاح قمة الأعمال الأمريكية الأفريقية في دورتها ال17 بأنجولا    د.حماد عبدالله يكتب: وسائل النقل العام (هى الحل!!)    تصادم مروع على طريق السلوم الدولي يودي بحياة 3 أشخاص بينهم مصري وليبيان ويصيب 3 آخرين    ليلى الشبح: الدراما العربية تعد من أبرز أدوات الثقافة في المجتمعات    تحذير عاجل بشأن حالة الطقس غدًا: الرطوبة تُسجل 90% ودرجة الحرارة تتخطى 40 مئوية    طلعت مصطفى تتصدر قائمة أقوى 100 شركة في مصر.. وتحصد جائزة المطور العقاري الأول لعام 2025    رامي جمال يستعد لطرح أغنية «روحي عليك بتنادي»    فرقة طنطا تقدم عرض الوهم على مسرح روض الفرج ضمن مهرجان فرق الأقاليم    وزير التعليم العالي: تجهيز الجامعات الأهلية بأحدث الوسائط التعليمية والمعامل    اتحاد التأمين: ورشة إعادة التأمين توصى بالاستعانة بمؤشرات الإنذار المبكر في الاكتتاب    محافظ المنيا يوجّه بإخلاء عاجل لعمارة آيلة للسقوط بمنطقة الحبشي ويوفر سكن بديل ودعم مالي للمتضررين    «المحامين» تعلن بدء الإضراب العام الأربعاء المقبل بعد تصويت الجمعية العمومية    تزامنا مع الذكرى الثلاثين لرحيله.. "عاطف الطيب" على "الوثائقية" قريبا (فيديو)    خبير: إيران فى مأزق الرد.. ونتنياهو يجرّ الشرق الأوسط إلى مواجهات خطيرة    أسامة عباس: أواظب على صلاة الفجر في موعدها ومقتنع بما قدمته من أعمال    نادى سينما الأوبرا يعرض فيلم أبو زعبل 89 على المسرح الصغير.. الأربعاء    مجمع البحوث الإسلامية في اليوم الدولي للأرامل: إنصافهن واجب ديني لا يحتمل التأجيل    دار الإفتاء توضح بيان سبب بداية العام الهجري بشهر المحرم    هل من حق الزوجة معرفة مرتب الزوج؟.. أمينة الفتوى تُجيب    الرعاية الصحية تطلق الفيديو الخامس من حملة «دكتور شامل» لتسليط الضوء على خدماتها لغير المصريين    وزير الصحة يؤكد التزام مصر الكامل بدعم الجهود الصحية في إفريقيا    الكنيسة تنظم قافلة طبية شاملة لخدمة أهالي زفتى وريف المحلة الكبرى    ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا لأعلى مستوى منذ أبريل    اعتراضا على رفع رسوم التقاضي.. وقفة احتجاجية لمحامي دمياط    سامو زين يستعد لبطولة فيلم رومانسي جديد نهاية العام | خاص    وظائف شاغرة في الهيئة العامة للأبنية التعليمية    تناول هذه الأطعمة- تخلصك من الألم والالتهابات    مي فاروق تحيي حفلا بدار الأوبرا مطلع يوليو المقبل    وزير التعليم العالي يضع حجر الأساس لمركز أورام الفيوم    الطائفة الإنجيلية بمصر تنعى شهداء «مار إلياس» بدمشق    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-6-2025 في محافظة قنا    الحبس والحرمان، عقوبة استخدام الطلبة اشتراك المترو بعد انتهاء العام الدراسي    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 35.. حالة الطقس اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خصوم أوباما يستعدون بموجة عنف جديدة
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 04 - 2010

عادت لغة العنف تهيمن على الخطاب السياسى فى الولايات المتحدة. أقصد هنا خطاب تيارات اليمين المحافظ واليمين الدينى المتطرف، لا استبعد الخطاب السياسى الرسمى للحكومة الأمريكية. لاحظنا أنه بينما احتفظ أوباما إلى حد كبير بمستوى معقول من الاعتدال وواصل الحديث عن الحلول السلمية للمشكلات الداخلية والخارجية، فإن خطاب إدارته يتدرج نحو مزيد من عنف اللهجة عندما يتعرض للأوضاع فى الأقاليم المكسيكية المتاخمة للولايات المتحدة حيث تدور حرب فعلية بين ميليشيات مسلحة تابعة لعصابات تهريب المخدرات من ناحية وبين القوات الحكومية المكسيكية وقوات مرتزقة ومتطوعة من الولايات المتحدة من ناحية أخرى. وتساعد فى هذه الحرب بوسائل أخرى وعلى نطاق واسع أجهزة أمريكية متعددة.
نجد أيضا خطابا أمريكيا لا يقل عنفا موازيا للحرب الدائرة فى أفغانستان ومتعلقا بالخطط المعدة للتوسع فيها. يكاد أوباما يكون متمسكا بخطاب الرئيس بوش ومعظم توجهاته بالنسبة لهذه الحرب، بل وفى العام الأول من عهده نجحت المؤسسة العسكرية الأمريكية فى توسيع جبهات القتال لتشمل أجزاء واسعة من باكستان إلى جانب الأقاليم التى تدور فيها رحى الحرب بين قوات الأطلسى وقوات الطالبان فى أفغانستان. لاحظنا أيضا فى الأيام الأخيرة، وبخاصة أثناء الإعداد لعقد مؤتمر قمة الإرهاب النووى فى واشنطن، نية أوباما فى تصعيد لهجة خطابه «الإيرانى»، ولم تمض أيام على انتهاء عقد المؤتمر حتى كان البنتاجون يسرب وثيقة «سرية» تنشر الزعم بأن واشنطن تواجه ورطة شديدة التعقيد، فهى لا تملك إستراتيجية واضحة المعالم تجاه إيران فى حال صعدت هذه الأخيرة جهودها لتطوير خبرتها النووية، وفى الوقت نفسه لن تتخلى عن قرارها إجبار إيران على التخلى عن سياساتها النووية. المعنى واضح، أو هكذا يعتقد محللون أمريكيون.
تريد إدارة أوباما تحذير حلفائها بأنهم إذا لم يتدخلوا على الفور للضغط على إيران سياسيا واقتصاديا، فإن مسئولية حرب جديدة فى إيران تقع عليهم جميعا، ولا يخفى التلميح بأن إسرائيل وليست فقط أمريكا قد تجد انه فى غياب إستراتيجية بدائل للتعامل مع إيران يصبح من حقها اللجوء إلى أقصى درجات العنف للقضاء على القوة النووية الإيرانية. لم يكن عبثا أو مصادفة أن يركز أوباما فى مؤتمر واشنطن على احتمالات نقل التكنولوجيا النووية ومنتجاتها إلى جماعات إرهابية فى وقت يستعد فيه زعماء دول ناهضة للاجتماع فى البرازيل فيما بدأ يأخذ بالتدريج شكل مجموعة دولية جديدة قرر أعضاؤها سلفا ممارسة بعض التحفظات على الهيمنة الأمريكية. أعرف أن هناك من يقول إن ما يجمع هذه الدول هو شعورها بأن الهيمنة الأمريكية تتهاوى ضعفا وأن استمرار ضعفها سيخلق فراغا يهدد الاستقرار العالمى يجب الاستعداد لملء جانب منه، وأعرف آخرين يعتقدون أن هذه الجماعة تحاول تأمين مصالحها الدولية والإقليمية فى حال اضطر أوباما أو غيره من قادة أمريكا تصعيد ممارسة العنف لوقف تدهور وضع الهيمنة.
تصورت فى مرحلة من المراحل أن اعتدال الخطاب الرسمى الأمريكى ونزوعه نحو تشجيع نهج التفاوض سيؤدى بالتدريج إلى هبوط فى مستوى العنف فى الخطاب السياسى الداخلى المتبادل بين القوى السياسية والاجتماعية الأمريكية. يبدو أنه فى أمريكا أيضا كما فى مصر يغلب الطبع على التطبع. إذ عاد الخطاب الداخلى إلى درجة من العنف أعلى بكثير من مستوى العنف الكلامى الذى كان سائدا خلال حكم الرئيس بوش رغم أنه مارس عنفا هائلا فى الخارج أخفت صوت العنف الداخلى. تابعنا مسيرة العنف فى الولايات المتحدة خلال عقدى الثمانينيات والتسعينيات وكانت عالية المستوى ولاحظنا فترة هدوء نسبى بعد تفجيرات11 سبتمبر، ونلاحظ الآن عودة مفاجئة وخطيرة إلى خطاب عنيف وتهديد بممارسات عنيفة ضد النواب الذين أيدوا أوباما وضد إعلاميين وأكاديميين يناصرون الفقراء والسود والعدل الاجتماعى.
نذكر فترة شهدت طقوس انتحارات جماعية نفذتها جماعات دينية متطرفة واهتز لها العالم بأسره، نذكر كذلك الحادث الرهيب فى مدينة «أوكلاهوما سيتى» فى عام 1995 عندما قامت جماعة يتزعمها تيموثى ماكفى بتفجير مبنى الأجهزة الفيدرالية والمعروف باسم مبنى ألفريد مارّا، وهو الانفجار الذى راح ضحيته 165 فردا بينهم عدد من الأطفال تركهم أهاليهم من موظفى المبنى فى دار حضانة تابعة للدولة. وقد حوكم ماكفى وشريكه تيرى نيكولس وأعدم الأول فى عام2001 بينما أدخل شريكه السجن.
كان لهذا الحادث أصداؤه الواسعة لسببين على الأقل. السبب الأول، أنه كشف عن مدى انتشار الجماعات الدينية المتطرفة، وبعضها مخرب أكثر منه متطرف، فى أنحاء أمريكا وبخاصة فى مناطق السهول الوسطى. السبب الثانى أنه أعاد إلى الأذهان مسألة كراهية قطاع كبير من الأمريكيين للحكومة الفيدرالية وما تمثله رغم السياسات اليمينية وبخاصة النقدية التى انتهجها الجمهوريون فى عهدى ريجان وبوش الأب، تركزت الكراهية على أجهزة تحصيل الضرائب. فى ذلك الوقت كان العنف قد بدأ يتصاعد بشكل مطرد حول قضايا دينية واجتماعية، مثل رفض الإجهاض، وكانت الحادثة الأبرز قيام سكوت ريدر بقتل الطبيب جورج تلير فى عيادة يديرها لعمليات الإجهاض...
فى هذه الحالة كما فى حالة تفجير المبنى الفيدرالى فى أوكلاهوما سيتى، اتضح أن ريدر كان يقود مع آخرين ميليشيات مسلحة من مواطنين متحمسين وغاضبين «هدفهم الدفاع عن أمريكا ضد غزو كائنات قادمة من عوالم أخرى فى الفضاء تحالفت معهم الحكومة الفيدرالية فى واشنطن التى كانت قد تحالفت مع قوى معادية للديمقراطية الأمريكية ونظامها الدستورى. هذه القوى الأجنبية تسترت تحت اسم النظام العالمى الجديد». أذكر أنه قيل وقتها إن الميليشيات «الوطنية» المسلحة كانت مدربة للقتال ضد هجوم تستعد لشنه طائرات مروحية سوداء تحمل علم الأمم المتحدة تقوم بتدمير مؤسسات الدولة الدستورية.
يعتقد البعض من الذين قرأت لهم أو تحدثت معهم أن بوش الابن جاء معبرا بأسلوب دستورى وسياسى عن هذه التيارات والأفكار الدينية المتطرفة، بل وإنه شخصيا كان نموذجا وقدوة وأنه أبقى جذوة التطرف مشتعلة بكثرة ما ردد من عبارات وأفكار دينية متزمتة. كانت ممارسات بوش مثل اختيار بولتون لمهمة محاربة الأمم المتحدة من داخلها ومثل شن حرب عنيفة ضد أفغانستان وأخرى ضد العراق، إلى جانب تطورات أخرى فى عهده أسبابا وغيرها دفعت الجماعات المتطرفة فى أمريكا إلى التخلى نسبيا عن العنف المسلح ونقلت ضغوطها إلى داخل المؤسسات الحكومية واختصت البنتاجون وبعض كبار القادة العسكريين وتسللت إلى المدارس والجامعات. ويظن بعض أصحاب الرأى أن أحداث تفجير برجى التجارة فى نيويورك وجناح من البنتاجون فى 2001 نفثت بعض بخار العنف المخزون لدى القيادات اليمينية المتطرفة وأعادت توجيهها نحو الإسلام والعرب كأعداء أكثر إلحاحا من الكائنات القادمة من الفضاء وإن كان الهدف واحد وهو تدمير المؤسسات الديمقراطية كما كان يردد الرئيس بوش.
هكذا احتلت أحداث 11/9 المكانة التى كانت تحتلها أحداث أوكلاهوما سيتى. كل منهما كان نموذجا لحالة قصوى من العنف هزت أركان أمريكا. ولا أخفى أن فضولى وفضول بعض ممن أعرف عنه متابعته للشأن الأمريكى أثارته حقيقة أنه على امتداد سنوات تسع أو عشر كاد يختفى من الوعى الأمريكى حادث أوكلاهوما سيتى وغيره مثل جرائم الانتحار الجماعى وفظائع الميليشيات المسلحة المتطرفة، بينما يبرز فوق السطح وفى أعماق الوعى حادث 11/9 ربما لأنه وجد من يضخمه ويترجم بعض آثاره تدخلا خارجيا ينقل الغضب فى الداخل بسبب اختلالات فى النظام الاجتماعى والاقتصادى الأمريكى إلى ساحات خارجية يمارس الأمريكيون العنف فيها بكل الصور الممكنة.
سمعت آل جور نائب الرئيس كلينتون يتحدث فى إحدى الفضائيات. كان الموضوع عودة العنف إلى الساحة السياسية الأمريكية. فوجئت بأن الرجل لم يذكر عنف الشارع الأمريكى فى عقود ما قبل 9 سبتمبر 2001. العنف حسب الكثير من السياسيين الأمريكيين لم يوجد قبل 2001. لذلك يبدو الجميع مذهولين بالعنف الرهيب المنبعث من الخطاب السياسى الجديد لليمين المتطرف فى أمريكا هذه الأيام. هناك اهتمام حقيقى، وقلق كذلك، من احتمال أن تتطور ظاهرة تيار «حفلات الشاى» إلى معارضة مخربة لاستقرار النظام وليس فقط معارضة لإدارة أوباما.
هؤلاء عادوا يذكرون بثورة اليمين ضد تجاوزات الحكومة الفيدرالية فى الحقوق وضد القوة المتزايدة للدولة ممثلة فى واشنطن على حساب استقلال الولايات وإراداتها، بمعنى آخر يعودون بالذاكرة إلى ما قبل 2001، يدفعهم نجاح أوباما فى تمرير قانون الرعاية الصحية واستعداده لتنفيذ إصلاحات اجتماعية أخرى، ويدعم حماسته لتشريعات ليبرالية أوسع تتعلق بالحق فى الإجهاض وعلاقات المثليين.
«أوباما ليبرالى ويسارى ومسلم وأسود»... هكذا تصنفه كعدو كامل العداء لجماعة حفلات الشاى التى لا تضم يساريين أو ليبراليين أو مسلمين أو سود، وهكذا تستعد بخطاب سياسى شديد العنف لتعبئة جماهير اليمين والحزب الجمهورى للتأثير فى انتخابات نوفمبر القادم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.