تحول تردد المصريات على عيادات التخسيس وأندية اللياقة البدنية إلى ظاهرة في السنوات الماضية، ولم يعد يقتصر على النساء المتعلمات والأثرياء، بل وصل إلى ربات البيوت في المناطق الشعبية، حيث حدث تغير في معايير الجمال بعد أن كان الجسد الممتلئ موضة فترة الثمانينيات في مصر، أما الآن، فتغير الحال بسبب انتشار القنوات الفضائية التي تظهر النساء الرشيقات كنموذج للجمال وخاصة المطربات اللبنانيات، فأصبحت هناك موضة ملابس معظمها للحجم الصغير أو المتوسط، مما يصيب المرأة البدينة بالضيق والاكتئاب. وتتابع "فاطمة" أسبوعيا إنقاص وزنها مع أحد أطباء التخسيس، وهو أمر تقوم به منذ خمسة أشهر، حيث كان وزنها 92 كيلو جراما، واستطاعت عبر اتباع نظام غذائي محدد مع الطبيب إنقاص 15 كيلو جراما حتى الآن. وتقول "فاطمة" ربة المنزل البالغة من العمر 38 عاما، والتي تقطن بأحد الأحياء الشعبية في وسط القاهرة: "إنها كانت تعيش حالة اكتئاب شديدة لنقد زوجها باستمرار للتحول الذي أصاب جسدها بعد الزواج والإنجاب وزيادة وزنها بصورة كبيرة، الأمر الذي جعل ملاذها الأخير عيادة التخسيس، وخاصة بعدما جربت عدة وصفات شعبية، مثل خلطات الأعشاب، ولكن لم تنجح هذه المحاولات". "فاطمة" ليست الوحيدة في العيادة التي تكتظ يوميا بحوالي 50 سيدة، وعدد محدود جدا من الرجال. فالإقبال على استعادة الجسد الرشيق منتشر الآن بصورة كبيرة في مصر على عكس ما كان سائدا من قبل. ارتفاع معدل السمنة من سمات العصر الحديث ويرى أحد أخصائيين العلاج الطبيعي والتخسيس أن سر الإقبال على عيادته والأطباء الآخرين في نفس التخصص يرجع إلى ارتفاع معدلات السمنة في الفترة الأخيرة في العالم كله وليس في مصر فقط بسبب ارتفاع معدل الرفاهية والتحضر والاعتماد على الآلات، مما يؤدي إلى قلة الحركة، وبالتالي إلى زيادة الوزن. وأشار إلى أن هناك أيضا أطفالا بدناء لأنهم يجلسون أمام شاشات الكمبيوتر بالساعات، ولاختفاء حصص الرياضة من المدارس الحكومية، الأمر الذي زاد من معدل الخطورة على صحة الإنسان. "القوام الرشيق" موضة العصر الحالي ويروى المصدر ذاته من خلال خبراته أن معظم النساء المصريات اللواتي يقدمن لعيادته يردن إنقاص وزنهن لسببين، إما لكونها فتاة على وشك الزواج، وإما سيدة متزوجة تعيش حالة فتور ولديها مشكلات مع زوجها بسبب وزنها وتخشى الطلاق. ويفسر قلة إقبال الرجال على عيادات التخسيس لكون الرجل يلجأ لذلك فقط لأسباب مرضية وليس لأسباب جمالية. ومن جهتها تقول نهي البالغة من العمر "28 عاما" والتي تتردد على أحد عيادات التخسيس ونوادي الجيم النسائية: إن الإقبال على التخسيس وممارسة الرياضة من قبل النساء يعد ظاهرة صحية في مصر الآن، خاصة أن النساء لم يكن يمارسن حتى رياضة المشي لأن الشوارع المصرية مزدحمة ويتعرضن فيها للمعاكسات، مشيرة إلى أن المجتمع تغير ولم يصبح هناك قيودا على ممارسة النساء للرياضة بسبب العادات الموروثة، وأن هذه المشكلة حلت تماما بوجود نواد مخصصة للنساء فقط بأسعار رخيصة. وأضافت أن هناك أسبابا أخرى لبدانة النساء في مصر، منها وجود أوقات فراغ كبيرة ولحالة الحرمان العاطفي، وتؤكد أنها لم تخسر وزنا فقط مع طبيب التخسيس وصالة الألعاب الرياضية، بل اكتسبت أيضا ثقافة الطعام الصحي وتنظيم مواعيد الطعام. خطر "الوصفات الشعبية" غير معلومة المصدر ويضيف الأخصائي أن هناك من يحاولون إنقاص وزنهم بوصفات شعبية، أو باتباع أنواع معينة من الحمية يعرفونها عبر مواقع الإنترنت، ولكن غالبا لا تنجح هذه المحاولات، لأن طبيب التخسيس يعلم ما يحتاجه كل جسد على حدة، كما أنه يثقف الفرد، خاصة في المجتمع المصري حول كيفية اتباع نمط حياة صحي، لأن المصريين لا يزيد وزنهم بسبب تناول الطعام بكثرة، ولكن بسبب الإفراط في تناول الدهون والاعتماد على الوجبات السريعة، وهى ليست فقط وجبات المطاعم، ولكن أيضا أسهل شيء تطهوه المرأة الآن بطاطس مقلية ودجاج مجهز للقلي بشكل سريع ومعبأ في أكياس تباع في السوبر ماركت، على حد قوله. ويشير إلى أن الأسوأ حاليا هو تفاقم ظاهرة فوضى انتشار إعلانات أدوية وأعشاب التخسيس على شاشات الفضائيات، خاصة في ظل غياب القانون المنظم لهذه الممارسات وعدم حصولهم على تصاريح الرقابة من الجهات المعنية، مؤكدا أن عيادات التخسيس تخضع لرقابة شديدة من قبل وزارتي الصحة والشباب والرياضة، كما أن هناك شروطا لمنح التراخيص لنوادي اللياقة البدنية، ومنها وجود مدربين ومدربات من خريجي كليات ومعاهد التربية الرياضية والعلاج الطبيعي.