جلس إياد صالح سبيته، مواطن فلسطيني، وصل إلى مستشفى العريش رفقة حفيده المصاب، مثبتا بصره للمدى البعيد عندما طلبنا منه الحديث مع "الشروق" عن الأوضاع الإنسانية التي تمر بها غزة وظروف وصوله إلى مصر. وصف سبيته الأوضاع في قطاع غزة بجملة واحدة، وهي "العيشة في غزة رعب، وكلمة رعب لا تؤدي معناها فهي أكثر من رعب". وبدأ سبيته في حديثه، قائلا: "أنا من سكان شرق الشجاعية، أعمل طباخ، نزحنا من شرق الشجاعية إلى حي الزيتون، لنسكن بمدرسة إيواء، عندي 6 بنات وولد واحد، وفي لحظة بين العصر والمغرب سقطت قذيفة أو صاروخ أصابت حفيدي "حلمي أشرف سبيته"، الذي لا يتجاوز عمره 11 عاما، حيث كان بيلعب، كما استشهد أخوه والكثير من الفلسطينيين معه". وتابع، "وللأسف كان مستشفيي المعمداني والشفا خارجان عن الخدمة، ولم نستطع الخروج لانعدام الآمان، وانتظرنا ثاني يوم، وفي الصباح أخذنا الطفل لمستشفى شهداء الأقصي بدير البلح، ثم تحول إلى مستشفى الميداني الإماراتي، ثم خرجنا من خان يونس لرفح، ثم أتوا بي إلى السفينة الإيطالية بالعريش، ثم تم نقل الطفل إلى مستشفى العريش، وتم إجراء عمليتين بلاتين وزراعة جلد في قدمه، فشلت أول عملية، ولكن نجحت نصف الثانية، ونتظر إعادة عملية ثالثه لرقعة الجلد. وأكد سبيته، أن الظروف في منتهى الصعوبة بقطاع غزة، قائلا: "نتعرض للتهديد من اليهود، ويأمرونا بالذهاب جنوبا، اعتقدنا في بداية الأمر أن الحرب يومين ثلاثة وتنتهي، ولكن لم يكن الأمر كذلك". وأردف الفلسطيني، "اتمنى انتهاء الحرب، فالحياة شبه متوقفة، نحن نعيش حالة تجويع داخل القطاع، نحصل على وجبة غذاء يوميا إن وجدت، نستخدم أثاث المنازل المهدومة لإشعال النار والتدفئة، لا يوجد خبز لا يوجد طعام". ووصف سبيته المشهد الأصعب -حد وصفه- التي لن تمحى من ذاكرته، قائلا: "شاهدت حالات وفاة جراء الهجوم على سيارات المساعدات، رأيت ناس متوفيين بطونهم منتفخة ومحللين، وسيارات مقصوفة في داخلها ناس لا أحد يقرب عليها، وخلال النزوح مرينا على حاجز نتساريم، كنا رافعين الهوية، ونرى جثث متحللة، تحركنا من دوار الكويت حتى جسر بعد وادي غزة لمسافة كيلو ونص، ومعي زوجتي المريضة، ولا تزال رحلة النزوح مستمرة".