وزير الداخلية الإيراني: هبوط اضطراري لطائرة هليكوبتر ضمن موكب الرئيس إبراهيم رئيسي    سعر الدولار اليوم الأحد 19 مايو 2024 مقابل الجنيه المصري ختام التعاملات البنكية    «خطة النواب» توافق على اعتماد إضافي للموازنة الحالية بقيمة 320 مليار جنيه    هيئة الاستثمار تتيح استخراج شهادة عدم الالتباس وحجز الاسم التجاري إلكترونياً    جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تتصدر تصنيف التايمز العالمى للجامعات الناشئة لعام 2024 وتحقق نجاحات محلية وإقليمية ودولية    الدفاع الروسية: مقتل نحو 1900 عسكري أوكراني خلال الساعات ال24 الماضية    رمضان صبحي يقود تشكيل بيراميدز في مواجهة الإسماعيلي بالدوري    توجيهات البنك المركزي السعودي بشأن مواعيد عمل البنوك خلال عيد الأضحى 2024    اليوم في ختامي نوادي المسرح.. عرض «سوء تفاهم» و«هاللو فوبيا» بقصر ثقافة روض الفرج    الأربعاء.. عرض فيلمي «فن القلة» و«فن العرايس» بمركز الثقافة السينمائية    أزمة الدولار لا تتوقف بزمن السفيه .. مليارات عيال زايد والسعودية وصندوق النقد تتبخر على صخرة السيسي    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    إنجاز قياسي| مصر تحصد 26 ميدالية في بطولة البحر المتوسط للكيك بوكسينج    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    عاجل.. براءة متهم من قتل سيد وزة ب "أحداث عنف عابدين"    تسلق السور.. حبس عاطل شرع في سرقة جهاز تكييف من مستشفى في الجيزة    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    إهداء درع معلومات الوزراء إلى رئيس جامعة القاهرة    عاطف أبو سيف: إسرائيل تعمدت نفينا خارج التاريخ    مصطفى قمر يتألق بأغانيه في حفل زفاف نجلة سامح يسري.. صور    «يا ترى إيه الأغنية القادمة».. محمد رمضان يشوق جمهوره لأغنيته الجديدة    طلاب مدرسة التربية الفكرية بالشرقية في زيارة لمتحف تل بسطا    «الإفتاء» توضح حكم حج وعمرة من يساعد غيره في أداء المناسك بالكرسي المتحرك    الجبالى مازحا: "الأغلبية سقفت لنفسها كما فعلت المعارض وهذا توازن"    نصائح وزارة الصحة لمواجهة موجة الطقس الحار    وزير الصحة: تقديم القطاع الخاص للخدمات الصحية لا يحمل المواطن أعباء جديدة    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية مجانا في قرية أبو سيدهم بمركز سمالوط    أسرة طالبة دهس سباق الجرارات بالمنوفية: أبوها "شقيان ومتغرب علشانها"    مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية يوضح أنواع صدقة التطوع    "علشان متبقاش بطيخة قرعة".. عوض تاج الدين يكشف أهمية الفحوصات النفسية قبل الزواج    خالد عباس: إنشاء وإدارة مرافق العاصمة الإدارية عبر شراكات واستثمارات عالمية    إعلام إسرائيلي: اغتيال عزمى أبو دقة أحد عناصر حماس خلال عملية عسكرية في غزة    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    وزيرة الهجرة: مصر أول دولة في العالم تطلق استراتيجية لتمكين المرأة    إيرادات فيلم السرب تتخطى 30 مليون جنيه و«شقو» يقترب من ال71 مليون جنيه    وزارة الإسكان تخطط لإنشاء شركة بالشراكة مع القطاع الخاص لتنشيط الإيجارات    3 وزراء يشاركون فى مراجعة منتصف المدة لمشروع إدارة تلوث الهواء وتغير المناخ    10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت    موعد انعقاد لجنة قيد الصحفيين تحت التمرين    رئيس الأغلبية البرلمانية يعلن موافقته على قانون المنشآت الصحية    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    مساعدون لبايدن يقللون من تأثير احتجاجات الجامعات على الانتخابات    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    ياسر إبراهيم: جاهز للمباريات وأتمنى المشاركة أمام الترجي في مباراة الحسم    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    حجازي يشارك في فعاليات المُنتدى العالمي للتعليم 2024 بلندن    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    سعر السكر اليوم.. الكيلو ب12.60 جنيه في «التموين»    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    بعثة الأهلي تغادر تونس في رحلة العودة للقاهرة بعد التعادل مع الترجي    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن مقامرة الليدي ميتسي التي تفيض بالعذوبة
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 01 - 2024

لم أقرأ منذ سنوات رواية مصرية تفيض بالعذوبة الموجودة فى رواية (مقامرة على شرف الليدى ميتسى) وهى من إصدارات دار دون للنشر، ومن تأليف الروائى الشاب أحمد المرسى.
والمؤكد أن لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية تستحق الشكر الجزيل لانها انتبهت لقيمة الرواية واختارتها ضمن روايات القائمة الطويلة التى يصعد منها 6 روايات للقائمة القصيرة وبعدها يتم اختيار الرواية الفائزة من بين رواياتها قبل يوم من افتتاح معرض أبوظبى للكتاب. يعمل المرسى الذى لم اتشرف بمعرفته إلا من خلال الكتابة صحفيا فى صحيفة الوطن، ويمتلك لغة انيقة لا تبتعد عن لغة الشعر؛ الا بالقدر الذى يجعلها تؤدى وظيفتها السردية.
وقد نجح نجاحا فائقا فى بناء عالم روائى فريد، ويندر ان تجد فى روايته صفحة لا تكشف مقدار الجهد الذى بذله فى التحضير لها.
تدور أحداث الرواية فى عشرينيات القرن الماضى لكنها تنجو من جرائم الرواية التاريخية وحلولها السهلة، وتركز على عالم جديد تماما لم تقربه الرواية المصرية من قبل، وهو عالم سباقات الخيل.
غاص المرسى تماما فى جميع التفاصيل المتعلقة بالخيل وأغرم بها وصاغ قطعة من نسيج انسانى متواشج، كما ابتكر لغة تنهض على مفردات مجلوبة من عالم السباقات، ومن الفضاء اللغوى لتلك السنوات البعيدة لذلك بدا العالم غرائبيا بفضل المسافة الزمنية التى تفصلنا عنه، واصبح السباق بؤرة تنصهر فيها مصائر الأبطال وغالبيتهم من التعساء وسيئى الحظ. وأول هؤلاء سليم حقى ضابط الداخلية الذى فقد وظيفته بسبب مواقفه الوطنية وهتافه مع الثائرين لأجل نصرة سعد باشا زغلول، والثانى مرعى المصرى مرمطون السباق فى نادى هليوبوليس، والثالث فوزان الطحاوى الصبى البدوى الذى تم جلبه مع الفرسة (شمعة) بعد ان اختيرت لتكون فرسة السباق، أما الرابعة فهى السيدة الإنجليزية ميتسى خشاب التى مات ابنها وارتبطت بمصر، والخامسة عايدة زوجة سليم.
كل هؤلاء يربطون أمنياتهم فى غد أفضل بأقدام الخيل على أمل أن تفوز ليتمكن سليم من تسديد الديون التى تجمعت فوق رأسه بعد مرض زوجته (عايدة) التى باع لأجل علاجها أثاث منزله ولم يتبقَ له شىء سوى الجرامافون الذى يؤنس وحشتها. وبعد ان استدان من طوب الارض، صدق أن الخيل قد تكون حلا لأزمته، فالجرى سر، والخيل لصاحبها الفخار، عندما تفوز الفرس يحصد فارسها المجد، حتى لو كان فقيرا معدما، الفائز يقوم له الشيوخ الكبار فى المجالس إذا دخل ويباركونه».
بعد أن قام بالتحريات اللازمة يذهب سليم إلى (مقهى الديوك) بحثا عن مرعى المصرى مرمطون السباق العارف بأسراره على امل ان يرتب له فرصة الفوز. ينصحه مرعى بجلب فرس أصيلة من جزيرة الخيل لدى قبيلة الطحاوية ويذهبان معا إلى هناك ويعودان بالفرسة ومعها فوزان الصبى الذى رفض التخلى عنها وأراد ان يهرب من القهر الذى يمارسه عليه عمه، فيأخذه سليم إلى بيته وهناك يتحول على نحو ما إلى ابن لعايدة التى لم تنجب فاختارت ان تسامره وتعوض رغبتها فى الامومة عبر نهر الحياة الذى امتد بينهما. تنسج الرواية علاقة رائعة تجمع بين سليم ومرعى الذى يتعاطف مع سليم ودوافعه ويساعده لاجل ان تشفى عايدة، كما تؤطر الرواية لعلاقة أخرى تجمع بين مرعى والسيدة الانجليزية ميتسى التى ترق لحاله وتدرك جوهره، بعد أن لمست انسانيته البالغة أحبها ودعته لحفل عشاء تنظمه على شرف البارون إمبان فى فندق قصر هليوبوليس وهنا يطلب مرعى من سليم ان يصحبه فى هذه السهرة لكن سليم يهاجم كبار الحاضرين لأنهم شمتوا فى سعد زغلول وسخروا منه، ومن الثورة.
تعجب ميتسى بشجاعته، وتدعوه إلى بيتها لمرات عديدة، ويتبادلان ما لديهما من أسى. إلى ان تقرر منحه فرستها ليراهن عليها وتصبح هى طوق النجاة للجميع الا ان الرياح لا تأتى دائما بما تشتهى السفن.
وعلى الرغم من أن ظاهر الرواية قد يوحى بانها رواية ميلودرامية تفيض بالحزن، إلا أن هذا الانطباع يبدو غير دقيق، لأن ما فيها هو شىء آخر لا علاقة له بالفجيعة أو الحزن وانما هو وثيق الصلة بالحنان أو الاسى، انها فجيعة الامل الكاذب والامنيات غير المحققة، فمن الصعب استقبال مونولوجات سليم فى مراجعته لمواقفه وما جرى فى الثورة الا بوصفة مرثية يكتبها المرسى لثورة جيله اكثر مما تعود إلى ثورة 19 ويسهل على القارئ ان يلاحظ كذلك ان علاقات الحب والصداقة تؤسس فى الرواية على الحنان لكنها تنمو فى ظلال من الأسى الذى يضرب بجذوره فيها فيحولها إلى أنشودة فاتنة من اناشيد الفقد والغياب، أو رحلة يعيد ابطالها اكتشاف أنفسهم وهم يرممون أرواحهم للإفلات من علاقات القهر لبلوغ الحرية، وإلا كيف نفسر موقف فوزان من عمه الذى سرق أرضه أو رفض مرعى اهانة خليل بك وثورته عليه.
وكذلك يصعب على القارئ أن يتفادى فيها مشاهد تعرف كيف تستقر فى القلب ومنها المشهد الذى يظهر فوزان لعايدة للمرة الأولى ويبدو كأنه ابنها بالاختيار يطل عليها فى ظلام غرفتها كمعادل للنور. ولاشك أن شخصية مرعى المصرى تبقى واحدة من أجمل الشخصيات التى رسمها الأدب المصرى المعاصر
فى السنوات الاخيرة ويتجلى فيه ابن البلد (نبيه الاحساس) الذى جعل من الرواية (مغامرة) تسعد القلب وتهدهد الروح ودعوة للتصالح مع الحياة كما كتبت ميتسى فى رسالتها الأخيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.