بعد أكثر من 100 يوم من العدوان، قدّم خلالها تضحيات وتحمّل إثرها وأوجاع وآلام، ولم ينجَ فيها من الاستهداف، غادر مراسل قناة الجزيرة وائل الدحدوح قطاع غزة، مجبرًا لا مُخيًّرًا. الدحدوح الذي وصل اليوم الثلاثاء، إلى الأراضي المصرية عبر معبر رفح، كان مصابًا في يده، في حين لم يتوفر علاجه في غزة، فكان رحيله من القطاع لحظة متوقعة. خروج الدحدوح من قطاع غزة، أعاد إلى الأذهان تصريحات سابقة كان قد أدلى بها قبل بضعة أيام، وصف خلالها عن إمكانية مغادرة القطاع، وكيف يمكن أن يكون وقْع ذلك عليه. ماذا قال الدحدوح عن مغادرة غزة؟ في تصريحاته تلك، قال الدحدوح: «الكثيرون نصحوني بضرورة مغادرة غزة لأنني أحتاج العلاج لإنقاذ يدي، والعلاج غير متوفر في غزة». وأضاف: «إذا غادرت سيكون الأمر مبررا ولا يمكن لأحد أن ينتقد أو يتحدث عن ذلك، لكن مع ذلك فهذا الأمر صعب جدا.. لو قررت أن أغادر وأترك مهمنتي ورسالتي هو تجرع للسم». وتابع: «لو اتخذت هذا القرار لإنقاذ يدي سأكون كمن يتجرع السم.. أنا لا أتخيل أن أي إنسان صحفي ومهني ووطني يتخلى عن واجبه». الدحدوح يتجرع السم كما قال، تجرّع الدحدوح وغادر غزة بعد تغطية للحرب وُصفت بأنها كانت الأكثر صبرًا وصمودًا والأكبر تأثيرًا في توثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي في القطاع. اليوم، وبعد مغادرته غزة، تحدث الدحدوح عن تلك اللحظة الصعبة قائلًا: «هذا اليوم هو رحلة علاج.. وإن شاء الله ربنا يكشف الغُمة وتتوقف الحرب وتتوقف المعاناة.. وربنا يعين شعبنا على الحصول على حقوقه بمساعدة الأشقاء في مصر وفي قطر وفي كل العالم العربي والإسلامي». وأضاف: «إن شاء الله أعود إلى رأس عملي بعد علاج يدي»، وأكّد أنه يثمن أي جهود تجريها مصر وغيرها من الدول بما يدعم حقوق الشعب الفلسطيني، وأن تنتهي هذه الحروب والأوجاع. وائل الدحدوح "هو الخبر" وائل الدحدوح الذي اعتاد أن ينقل الخبر كان هو نفسه "الخبر"، عندما تصدّر العناوين على مدار أيام الحرب، وذلك بعدما كان فقد زوجته وابنه وابنته وحفيدته في غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً نزحوا إليه وسط قطاع غزة في أكتوبر الماضي. على قسوة هذه الضربة، أُصيب الدحدوح نفسه واستشهد زميله المصور سامر أبو دقة بقصف إسرائيلي خلال تغطيتهم لمجريات الحرب بمدينة خان يونس. ال ضربة الثالثة كانت استشهاد حمزة وائل الدحدوح؛ جراء قصف إسرائيلي على سيارة كان يستقلها مع زميله الصحفي مصطفى ثريا في خان يونس جنوبي قطاع غزة. جبل غزة.. التغطية مستمرة ضربات ثقال تلقّاها من بات يُوصف ب«جبل غزة»، وكان دائمًا يعقب كلًا منها بعودته سريعًا إلى عدسة الكاميرا ليقول «التغطية مستمرة».