تتزايد احتمالات تعرض إسرائيل لضغط جديد الشهر المقبل خلال اجتماع للأمم المتحدة بشأن الأسلحة النووية، في الوقت الذي تفكر فيه الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا في مساندة دعوة مصر لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية. وتجتمع الدول الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي لعام 1970، وعددها 189 دولة، في مقر الأممالمتحدة بنيويورك في مؤتمر يستمر من 3 حتى 28 مايو المقبل. ويناقش المؤتمر المعاهدة المتعثرة التي يرى محللون أن مصداقيتها تضررت من إحجام القوى النووية الكبرى عن التخلص من ترساناتها ومن البرنامج النووي لكل من إيران وكوريا الشمالية ومن عدم توقيع دول تملك أسلحة نووية مثل الهند وباكستان وإسرائيل التي يعتقد أنها الدولة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط. وفي المقابل فإن إسرائيل لا تشارك في مؤتمر الأممالمتحدة كما أنها لم تنف أو تؤكد امتلاكها أسلحة نووية. وتعقد مؤتمرات مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي كل 5 سنوات. وفي مؤتمر عام 1995 أيدت الدول الأعضاء الموقعة على المعاهدة بالإجماع قرارا يدعم فكرة جعل "الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى". وطالبت القاهرة الدول الأعضاء في المؤتمر المقرر عقده الشهر المقبل، أن يعبروا رسميا عن أسفهم "لعدم تحقيق أي تقدم لتطبيق قرار 1995، وأن يدعو لعقد مؤتمر بداية عام 2011 لوضع معاهدة دولية". وجاء في ورقة العمل المصرية أن الهدف من هذا المؤتمر هو "إطلاق مفاوضات تشارك فيها كل دول الشرق الأوسط بشأن معاهدة دولية يمكن التأكد من الالتزام بها بشكل فعال لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية". ويعتقد دبلوماسيون غربيون على دراية بالقضية أن الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وهي الولاياتالمتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا قد تكون مستعدة لتأييد عقد مثل هذا المؤتمر دون أن تعطيه صلاحية تفاوضية. وقال دبلوماسيون رفضوا الكشف عن هويتهم، إن القوى الغربية الثلاث قد تشجع إسرائيل أيضا على المشاركة، وإن كانت تتفق على أنه لا يمكن منح المؤتمر تفويضا ببحث مثل هذه المعاهدة الآن، في الوقت الذي لا تعترف فيه دول كثيرة في المنطقة بإسرائيل. وقال الدبلوماسيون إن مساندة الدول الدائمة الخمس في مجلس الأمن وهي أيضا الدول النووية الرسمية بموجب المعاهدة سيضمن حصول الخطة المصرية على تأييد واسع الشهر المقبل. وأكد مبعوث غربي أن إصرار مصر على عقد مؤتمر له صلاحيات تفاوضية هو "نقطة الخلاف" الرئيسية، بينما عبر آخر عن أمله في أن تقبل مصر بحل وسط خلال المفاوضات المكثفة التي تجري في الأسابيع المقبلة، لكن مندوب مصر في الأممالمتحدة ماجد عبد العزيز أوضح أن حجر العثرة هو عزوف إسرائيل عن المشاركة في المؤتمر، وقال: "نريد من الإسرائيليين أن يجلسوا إلى المائدة وان يتفاوضوا، نحن مرنون بشأن مكان المؤتمر وشكله العام" مضيفا أن إحدى الأفكار المحتملة جعل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مشرفا عليه. ويرى دبلوماسيون غربيون أن استعداد الولاياتالمتحدة لبحث فكرة تأييد مثل هذا المؤتمر تبرز التغيير الكبير الذي طرأ على توجه واشنطن إزاء إسرائيل تحت رئاسة الرئيس الديمقراطي باراك أوباما مقارنة بالرئيس الجمهوري السابق جورج بوش. وقال دبلوماسي غربي إن إحجام الإسرائيليين عن المشاركة "مفهوم" حتى لو كانت النتيجة التي سيتمخض عنها المؤتمر مجرد رمزية، لكنه أضاف انه سيكون من الصعب الرفض إذا بدأت واشنطن تمارس الضغوط على إسرائيل. وقال دبلوماسي أخر إن الإسرائيليين "لهم مصلحة هنا..إذا حصل العرب على شيء يريدونه من إسرائيل سيكونون أكثر تعاونا بشأن البرنامج النووي الإيراني والعقوبات الإضافية..إسرائيل ستستفيد من هذا". ومن جهة أخرى، لم تعقب البعثة الإسرائيلية في الأممالمتحدة على الاقتراح المصري، لكن دبلوماسيا إسرائيليا قال إن بلاده ستكون مستعدة لمناقشة قضايا مثل جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية إذا أقر السلام في الشرق الأوسط. وشدد عدد من الدبلوماسيين على أن مصر أوضحت أنها تضع إسرائيل على رأس أولوياتها لا إيران، وهددت بمنع مؤتمر معاهدة حظر الانتشار النووي المقرر عقده مايو المقبل من التوصل إلى أي اتفاقات إذا لم تحصل على ما تريد بشأن إسرائيل، حيث أن القرارات في ذلك المؤتمر تتخذ بالإجماع. يذكر أن مؤتمر عام 2005 لمراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي لم يتوصل إلى اتفاقات، واعتبر فاشلا على نطاق واسع بعد أن عملت واشنطن على التركيز على إيران وكوريا الشمالية بينما هاجمت مصر وإيران إسرائيل، واتهمتا الولاياتالمتحدة وآخرين بالحنث بوعودهم بشأن نزع السلاح.