تم التوقيع صباح الأربعاء 14 أبريل 2010، في القاهرة على اتفاقية ثنائية لحِماية التراث الثقافي بين مصر وسويسرا من خلال التّعاون بين البلدين في مجال مكافحة تهريب الآثار. وقع الاتفاقية عن الجانب المصرى الدكتور زاهى حواس، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، وعن الجانب السويسري، دومينيك فورجلر، السفير السويسري بالقاهرة بحضور جمع غفير من الباحثين والمتخصصين والمهتمين بالآثار، واهتمام إعلامي كبير، شمل العديد من الصحف والفضائيات ووكالات الأنباء العربية والعالمية. وتهدِف الاتفاقية إلى تحديد مجالات التعاون لمنع استيراد ونقل القطع الأثرية، التي خرجت من أراضى أحد البلدين بطرق غير مشروعة ودخلت إلى أراضي الطرف الآخر، والعمل على استعادة هذه القطع والمحافظة عليها، لحين إعادتها إلى موطِنها الأصلي، كما تتضمن الاتفاقية حظر أو نقل أي أثر تم خروجه من مصر أو سويسرا بطريقة غير شرعية. وتتألف الاتفاقية من 15 مادة تغطي مجالات التعاون بين البلدين في مكافحة تهريب الآثار والاتجار فيها، بالإضافة إلى ملحق يضم قائمة تصنيفات القطع الأثرية المصرية والسويسرية، من الأحجار والمعادن والفخار والزجاج والعظام والأخشاب والجلد والنسيج والجداريات والأحجار الكريمة وأوراق البردي والمومياوات. وحول أهم بنود الاتفاقية التي تم توقيعها صباح يوم 14 أبريل الجاري بين الجانبين، المصري والسويسري ونوعية القطع الأثرية المطلوب إعادتها من سويسرا لمصر والجهود المصرية لاستعادة الآثار المهربة من العالم، استجوبت سويس إنفو في القاهرة السيدين دنيز كنوبل، نائب السفير السويسري بالقاهرة وأديب سليمان، المُلحَق الصحفي بالسفارة السويسرية بالقاهرة إضافة إلى الدكتور أحمد مصطفى عثمان، مدير الإدارة العامة للآثار المستردّة والدكتور زاهي حواس، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار. مصر.. ميراث ثقافي وأثري كبير! السيد دنيز كنوبل، نائب السفير السويسري بالقاهرة أشار إلى أن "الاتفاقية تفسر بوضوح ما هو المقصود بالقطعة الأثرية، وقد خصصت ملحقا خاصا يضم قائمة تصنيفات القطع الأثرية المصرية والسويسرية، كما ينص الاتفاقية على تحديد من له الحق في استعادة الأثر الذي خرج بطرق غير مشروعة، مع بيان وسيلة الاستعادة والتعويضات الواجب سدادها". وأوضح كنوبل أن "المهِم بالنسبة لسويسرا، أنها تعود وترجع إلى اتفاقية اليونسكو لعام 1970. فدائما تلتزم سويسرا بالرجوع إلى الإتفاقيات الدولية التي وقعت في هذا الشأن"، معترفًا بأن "سويسرا ليس لديها ميراث ثقافي وأثَري مثل مصر، غير أن لدينا بعض الأشياء الأثرية التي يمكن أن نراها في العالم أجمع". وذكر نائب السفير السويسري بالقاهرة بأنه "بالنسبة لسويسرا، فإن لديها إطار قانوني يسمح بوجود سوق وتجارة للآثار، وهي بالنسبة للعالم سوق مهمة، غير أن سويسرا تود أن تضفي على الأمر شكلا قانونيا، ولذا، فهي تهتم بالتعاون مع دول العالم الراغبة في إعادة الآثار التي دخلت إليها بطرق غير مشروعة. فسويسرا تود أن تؤكّد دوما على احترامها للقوانين الدولية". أصبع رجل مومياء... متفقا مع السيد دنيز كنوبل، نائب السفير السويسري بالقاهرة، أكّد السيد أديب سليمان، الملحق الصحفي بالسفارة السويسرية بالقاهرة على أن "الجانب المصري هو المستفيد الأكبر من إبرام هذه الاتفاقية، من الناحية الثقافة والأثرية، وإن كان أكثر ما يهم الجانب السويسري، هو التأكيد على احترامِه للقوانين والمبادئ الدولية، من خلال التزامه بالتعاون مع العديد من الدول – ومن بينها مصر- لاستعادتها القطع الأثرية التي تم تهريبها من خلال التّجارة غير المشروعة". وحول الأصبع الأثرية التي تم تسليمها صباح يوم الأربعاء 14 أبريل الجاري إلى الجانب المصري، قال السيد دنيز كنوبل "هي عبارة عن أصبع رجل أخذت من مومياء مقبرة KV55، ويتوقع أن تكون أصبع المومياء إخناتون"، مشدِّدا على أن "هذا الأمر، وإن كان يمثل بادرة حسن نية، إلا أنه ليس له أي علاقة مباشرة بتوقيع الاتفاقية، وإنما تم بمبادرة شخصية من البروفيسور والأثري السويسري رولي، أستاذ علم المصريات بجامعة زيورخ، وليس له علاقة بالحكومة السويسرية". يُشار إلى أن هذا الاتِّفاق الثُّنائي مع مصر لاستيراد وإعادة المُمتلكات الثقافية، هو الخامس من نوعِه، حيث عقَدت الحكومة الفدرالية السويسرية اتِّفاقات مُماثلة مع كل من إيطاليا في أكتوبر 2006 ومع بيرو في ديسمبر عام 2006 ومع اليونان في مايو 2007 ومع كولومبيا في فبراير 2010. صورة سويسرا أمام العالم من جهته، قال الدكتور أحمد مصطفى عثمان مدير الإدارة العامة للآثار المستردة "هذه اتفاقية ثنائية، هدفها المحافظة على آثار البلدين، مصر وسويسرا، ضد الاتّجار غير المشروع، حيث يلتَزم الطرفان بموجب الاتفاقية، بمصادرة القطع الأثرية والمحافظة عليها، إلى حين إعادتها إلى موطنها الأصلي"، مشيرا إلى أن "القانون المحلي السويسري يسمح بالتجارة في الآثار". وأوضح الدكتور أحمد مصطفى أن "ما يهم سويسرا في هذه الاتفاقية، هو المحافظة على صورتها أمام العالم وأنها تحترم الإرث الثقافي والتاريخي وتحافظ على الآثار التي خرجت بطريق غير مشروعة إلى حين استرجاعها إلى مصر". وعن صحة ما يتردد عن أن الأصبع المستردّة اليوم لمصر هي للمومياء إخناتون، قال مدير الإدارة العامة للآثار المستردّة بالمجلس الأعلى للآثار بمصر "هذا ما يردده بعض الخبراء من الجانب السويسري، ولكن من ناحيتنا، لا نستطيع الجزم أو الَنفي، حتى نشكّل لجنة متخصصة لدراسة وفحص الأصبع، ثم عمل تحليل الDNA للتأكد من الأمر، وبعدها سنقرر ونعلن الأمر بالتفصيل". وفي تعليقه على الموضوع، قال الدكتور زاهي حواس "إن هذه الاتفاقية التي تم توقيعها يوم 14 أبريل بين جمهورية مصر العربية والحكومة الفدرالية السويسرية، تأتي في إطار الجهود المصرية لاستعادة الآثار المهربة في العالم، كما أنها تؤكد على عمق الروابِط والتعاون بين البلدين، وخاصة في المجال الثقافي والتاريخي". وأضاف حواس الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار "الاتفاقية تدور حول نقطة محورية، وهي التزام كلا من مصر وسويسرا بالتعاون المخلص في إطار استعادة الآثار المهربة من البلدين والعمل معا لمنع تهريب القطع الأثرية، بل وضبطها والمحافظة عليها وإعادتها إلى البلد الآخر"، معتبِرا أن "قيام الجانب السويسري بِرد أصبع قدم إحدى المومياوات المصرية خلال توقيع الاتفاقية اليوم، هو أكبر دليل على صدق وجدية الجانب السويسري في تفعيل بنود الاتفاقية". قانون جديد للآثار في مصر وكان البرلمان المصري قد صادق في شهر فبراير 2010، على قانون جديد للآثار في مصر، وأوضح أشرف العشماوي، المستشار القانوني للأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن المواد التي تمت إضافتها، تصب في حماية الآثار ووضع تعريفات دقيقة للمنظومة المسئولة عنها واختصاصات العاملين بها؛ بداية من وزير الثقافة والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار واللجان الدائمة. كما وضع القانون، تعريفات لحرمة الأثر والأبنية المحيطة به وأراضي المنافع العامة التابعة للآثار والأراضي المرافِقة لها، وتنص بنود القانون الجديدة على منع خروج القطع الأثرية النادرة، إلى المعارض الدولية وإمكانية الموافقة على احتفاظ الأفراد بالقطع الأثرية وورثَتها، مع منع تداولها خارج البلاد أو الاتجار بها، كما جرم تواجد الباعة الجائلين والحمير والجمال داخل الآثار أو في الشوارع والمناطق الأثرية. أيضا، نص القانون على أحقية المجلس الأعلى للآثار في توفيق أوضاع المستأجرين للأثر والمنتفعين به وإخلائه، بالتعاون مع أجهزة الدولة، مثل شرطة السياحة ووزارة الداخلية، كما وضع في يد المجلس الأعلى للآثار حق الموافقة أو الرفض بتأجير الآثار وإقامة الحفلات بها وتنظيمها. 300 قطعة مهربة.. استرجعت! وكان مسئول في المجلس الأعلى للآثار بمصر قد صرح لوسائل الإعلام في وقت سابق، بأن أكثر من 300 قِطعة أثرية هربت إلى سويسرا، تم العثور عليها خلال عمليات حفر غير مشروعة، قد أعيدت إلى مصر. وكانت سلطات الجمارك في جنيف اكتشفت الآثار في وقت سابق من العام الماضي، وأرسلت مصر لجنة في سبتمبر الماضي للتحقق من أنها قطع أصلية. ووصلت تلك القطع الأثرية إلى القاهرة ليلة الأحد 11 أبريل الجاري. وقال صبري عبد العزيز رئيس ادارة الآثار الإغريقية والرومانية في المجلس الأعلى للآثار "القطع كلها نتيجة أعمال حفر غير مشروعة، حيث يمكن لأي أحد أن يحفر بسهولة ويعثر على آثار في كل أنحاء مصر". وأضاف عبد العزيز أن الآثار تضم قِطعا تعُود إلى ما قبل التاريخ وقطعا خاصة بالحضارة الفرعونية خلال الفترة ما بين 2686 و2181 قبل الميلاد. كما توجد نصوص هيروغليفية وخرطوشة جيرية لرمسيس الثاني، وتابوتين حجريين من الحضارة الإغريقية القديمة.