رغم الصدمة والعجز نحمل إيمانًا فى قلوبنا بأن التضحية والصمود هما أمل الحصول على الحرية والعدالة نقاوم بكل قوة سيطرة الصوت الواحدة على الإعلام العالمى.. ونعمل على نقل صورة صحيحة لما يحدث بفلسطين قال المخرج الفلسطينى إياد أبو روك، إنه يعمل حاليا على جمع مواد فيلمية لكل ما يشهده قطاع غزة من انتهاكات على يد جيش الاحتلال، والتى سيضعها فى فيلم وثائقى ضخم يسجل جرائم إسرائيل فى الأراضى الفلسطينيةالمحتلة. وفى تصرحيات خاصة ل«الشروق» كشف المخرج المهاجر إلى النرويج، أنه يعمل الآن على إعداد فيلم يحمل عنوان «كارثة غزة»، يسلط من خلاله الضوء على الجانب الإنسانى للحرب والمآسى التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى. وأضاف أن الصور والفيديوهات المأساوية التى خرجت من غزة تحمل قصصًا مؤلمة؛ يعمل هو وفريق عمله حاليا على جمعها وتنسيقها بشكل درامى لخلق فيلم ينطلق من النرويج بلغات متعددة، بهدف إيصال رسالة إنسانية مؤثرة إلى العالم. وعن محتوى فيلمه «كارثة غزة» قال أبو روك إنه يروى قصص عن مأساة الحرب بين الفقدان والتضحية، ويسجل أصوات الضحايا الأبرياء. وكشف عن صعوبات واجهته بهذه التجربة، والتى يسجل فيها مشاهد من الحرب فى غزة، والتى تعرض هو شخصيا لخسارات عظيمة فيها، تمثلت فى فقد أعزاء وأحباب، ومنها استشهاد ثلاثة من أعز أصدقائه وثمانية من أقاربه، فى ضربات أدمت القلب وآلمت الروح، فضلا عن إصابة القذائف الإسرائيلية لمنزل عائلته فى شرق غزة، وهو البيت الذى عاش فيه وسط أجواء مليئة بالحب ودفء الأسرة، وحمل له كثير من الذكريات وضحكات الأطفال والقلوب المليئة بالحنان. وعن المشهد الأكثر تأثيرا قال: رسالة ابنة أخيه الصغيرة «نور» البالغة من العمر سبع سنوات، والتى تصف فيها حالة الذعر التى تنتابها عند سماع صوت القنابل، كما تتساءل «نور» فى رسالتها.. لماذا يقتل الأطفال؟ وتطالب العالم بفعل شىء من أجل إيقاف القذائف التى تسقط على الرءوس الناس فى غزة ليلا ونهارا. أكد أبو روك استمرار محاولات الجاليات العربية فى أوروبا دفع الرأى العالمى نحو تعزيز التعاطف باتجاه وقف الحرب على غزة، والذى حقق بالفعل بعض التحول فى وجهات نظر الناس فيما يحدث بفلسطين، وهذا ما عكسته المسيرات التى خرجت غاضبه تندد بوحشية النازيون الجدد فى إسرائيل. وعلق أبو روك قائلا: «نحن كفلسطينيين مهاجرين لأوروبا، نحاول بشكل كبير توثيق الحقائق ونقل الصورة الصحيحة لما يحدث فى فلسطين، ونقاوم بكل قوة سيطرة الصوت الواحدة على الصورة الإعلامية، ونعمل بشتى الوسائل على نقل هذه الصورة الحقيقة إلى الصحف ووسائل الإعلام الأوروبية، وإظهار المشهد كما هو بالفعل». وأشار المخرج الفلسطينى إلى التحدى الكبير الذى يواجهونه فى نقل الصورة الصحيحة، خاصة مع تأثير وسائل الإعلام الأخرى، موضحا استخدامهم لكل الوسائل الممكنة لتوصيل هذه الرسالة لأكبر عدد ممكن من الناس، ومنها وسائل التواصل الاجتماعى والأدوات الإعلامية الأخرى التى أصبحت تمثل أهمية خاصة بالنسبة لشعوب الغرب. وأوضح أن همهم الأكبر هو الاستمرار فى العمل على توثيق الحقائق ونقل صورة واقعية، بأساليب إعلامية مبتكرة ومبدعة، تجعل هذا الصوت يصل لأكبر عدد ممكن من الناس والعمل على تغيير الرؤية العامة للقضية الفلسطينية، مشيرا إلى تجربته الخاصة، وأنه بحكم إقامته فى العاصمة النرويجية«أوسلو» يسعى دائما لجعل قضايا العروبة حاضرة فى أفلامه التى تحمل الهوية النرويجية، ومن خلالها يتحقق التأثير وتوجيه رسالة إنسانية قوية إلى قلوب الناس وعقولهم. وعما يحدث فى غزة قال أبو روك: «إنها ليس مجرد أحداث إنها قضية إنسانية تتطلب إيقاظ الضمائر والنهوض للتصدى للظلم بكل الوسائل الممكنة». وأضاف منذ اندلاع الحرب على غزة، لم ينم أكثر من خمس ساعات يوميا، ويقضى يومه ما بين التوثيق المتواصل للأحداث، وبين كتابة التعليقات والتحليلات بشكل مستمر عبر مواقع التواصل الاجتماعى لما يرد من أخبار يفترض أنها تهز الضمائر، والعمل المتواصل على نقل الحقيقة الصعبة والمؤلمة التى تحاول بعض المؤسسات الصهيونية إخفائها عن أعين العالم والتلاعب فى مصداقيتها. تابع أبو روك قائلا: لا يقتصر عملنا فقط على مجال التوثيق والتعليق والتصويب، لكن نشارك أيضا فى المسيرات المناهضة للحرب على غزة، والتى تشهدها مدينة أوسلو. كذلك نعمل على نشر تفاصيل موثقة للأحداث والواقع فى قطاع غزة عبر شبكات التواصل الاجتماعى والصحف الأوروبية، وتوعية الناس حول القضايا الإنسانية الملحة. وعلق المخرج الفلسطينى بقوله: «أصبح واجبنا الأخلاقى الآن أن نكون صوتا لأولئك الذين تتناولهم الأخبار يوميا على شاشات القنوات الإخبارية، حتى لا يكونوا مجرد خبر مغلف بالاستنكار، والتأكيد على أنهم يعيشون واقعا لا يمكن تصوره إلا من خلال عيونهم». ويختتم إياد أبو روك كلامه قائلا: «رغم الصدمة والعجز، إلا أننا نحمل فى قلوبنا إيمانًا قويا، بأن التضحية والصمود هما الأمل الوحيد للحصول على الحرية والعدالة، ونحن على استعداد تام للدفاع عنهما بكل قوة وإصرار».