لا تزال الملكة كليوباترا مصدرا لإلهام العديد من الكتّاب والباحثين على مستوى العالم، فأخيرا صدر عن قسم النشر بجامعة أكسفورد البريطانية العريقة كتابا حول السيرة الذاتية لهذه الملكة حملت اسم «كليوباترا»، ووقعت فى 265 صفحة، وقام بكتابتها المؤرخ دوان روللر الذى قدم الكتاب بقوله «قليلة هى الشخصيات المرتبطة بالتاريخ والآثار القديمة التى تتمتع بشهرة ملكة مصر كليوباترا وأيضا قليلة هى الشخصيات التى تنتمى لهذه الحضارة التى لم يتم فهمها كما ينبغى، وطمست الكثير من الحقائق حول سيرة هذه الملكة التى كانت خلال القرون التى تبعت موتها، فى القرن الثلاثين قبل الميلاد، مصدرا للإلهام للكثير من الفنون والثقافات الشعبية، بما فى ذلك تراجيديات شكسبير ولوحات الفنون التشكيلية والأوبرا والأفلام السينمائية» . انتقد الكتاب من اكتفوا بتصنيف الملكة كليوباترا باعتبارها سيدة فاتنة الجمال وحسب، وألقى المؤرخ الضوء على كليوباترا الزعيمة التى وجد أنها ذات بصيرة ثاقبة، وكان همها الأول هو الحفاظ على المملكة التى ورثتها وسلالتها الحاكمة، واعتمدت السيرة على وثائق تعود للحقبة اليونانية الرومانية، بما فى ذلك المصادر الأدبية، وكتابات كليوباترا نفسها، بخلاف صورتها التى قدمتها الفنون وصكوك العملات التى أنتجت أثناء حياتها، فالبورتريه الذى رسمه الكتاب لملكة مصر هو بورتريه لملكة شجاعة اهتمت بتطوير مملكتها ورفع شأنها فى مواجهة قوة روما المتزايدة، وأدارت بجسارة المملكة الواسعة التى تتسم بالتعددية الشديدة من آسيا الصغرى وحتى شعاب مصر، وكذلك قائدة بحرية استطاعت أن تقود أسطول بلادها خلال المعركة، وكذلك كدارسة وداعمة لحركة الفنون. تعرضت السيرة لقصص العشق التى تغنى بها الأدب، وترتبط بيوليوس قيصر وأنطونيوس، وهى القصص التى دائما ما كانت تجعل صورة كليوباترا المرأة قاهرة الرجال، فيما ربطت السيرة بين هذه العلاقات وسياسة الدولة التى كانت تديرها كليوباترا بمهارة، ولفت الكتاب إلى أن رواية سيرة كليوباترا يعيد لها حقوقها التاريخية بوصفها قوة ضاربة فى العالم القديم، كان لسياساتها دور حاسم فى مستقبل عصر البطالمة والإمبراطورية الرومانية، وليست فقط اسم براق فى عالم هوليوود، أو اسم تحمله «موديلات» الحلى والمجوهرات، أو مجرد سيدة فاتنة أوقعت بكثير من الرجال فى شباك عشقها. فى تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» قالت إن الكتاب الجديد أثار حوله الكثير من الجدل بعد أن صُنف باعتباره «سيرة ذاتية» لملكة راحلة قبل قرون، وأنه اقترح وجود الكثير من الوثائق التاريخية حولها التى لم يتم التعرض إليها من قبل كما ينبغى. اعتبرت مارجريت جورج مؤلفة «ذكريات كليوباترا» أن كتاب دوان روللر قدم طرحا ثريا وموضوعيا لأبعاد شخصية كليوباترا المختلفة، كقائدة بحرية ومتحدثة مفوهة وموهوبة، وكاتبة محنكة فى علم اللغويات والطب،وأيضا كدبلوماسية بارعة، وذلك بالاستناد إلى وثائق تنتمى إلى العالم القديم، وحرر سيرتها من الأساطير التى علقت بها بعد وفاتها، وحاول البحث عن كليوباترا الحقيقية. سبق وقدم دوان روللر، الأستاذ فى جامعة ولاية أوهيو الأمريكية، عددا من الكتب التاريخية مثل «أعمدة هرقل» و«هيرودوت العظيم».