ارتفاع أسعار الذهب اليوم الأربعاء في بداية التعاملات    30 دقيقة تأخر على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأربعاء 11 يونيو 2025    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 11 يونيو بسوق العبور    عمدة لوس أنجلوس تطالب إدارة ترامب بإنهاء مداهمات جهاز الهجرة    ضحايا المساعدات، استشهاد 25 فلسطينيا بنيران جيش الاحتلال قرب محور نتساريم    القوات الروسية تتقدم في سومي وتهاجم خاركيف بالمسيرات    القاهرة الإخبارية: 25 شهيدًا برصاص الاحتلال قرب مركز توزيع المساعدات وسط غزة    13 منتخبا يحجزون مقاعدهم في كأس العالم 2026 آخرهم البرازيل    أبو مسلم: أنا قلق من المدرسة الأمريكية الجنوبية.. وإنتر ميامي فريق عادي    النيابة تعاين مكان انقلاب ميكروباص بطريق جوزيف تيتو في النزهة    الأرصاد: استمرار ارتفاع درجات الحرارة وتحذيرات من الشبورة    المتحف المصري الكبير؟ فخر وطنى و هدية للعالم    25 شهيدا برصاص قوات الاحتلال قرب مركز توزيع المساعدات وسط قطاع غزة    الموعد المتوقع لإعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي بمحافظة البحيرة    ارتفاع الأسهم الباكستانية إلى مستوى قياسي جديد بعد إقرار الميزانية الجديدة    رئيسة الاستخبارات الوطنية الأمريكية: العالم أقرب منه في أي وقت مضى إلى الدمار النووي    بعد إجرائه عملية جراحية وتدهور حالته الصحية.. محمد ثروت يطالب بالدعاء لابن تامر حسني    عروس الشرقية عن زوجها: «الواعي ميعملش كدة ومحدش يتدخل في خصوصيتي» (فيديو)    مصرع طالب ثانوي في حادث سير بكفر الشيخ    يتحدث نيابة عن نفسه.. الخارجية الأمريكية ترفض تصريحات سفيرها لدى إسرائيل بشأن الدولة الفلسطينية    تامر حسني يتحدث عن مرض نجله "آدم" ويوجه رسالة اعتذار ل محمد شاهين    موعد مباراة بايرن ميونخ وأوكلاند سيتي في كأس العالم للأندية 2025    غرق طالب أثناء استحمامه فى ترعة بسوهاج    الدولار ب49.52 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 11-6-2025    تراجع جديد يلامس 500 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 11-6-2025    عنان: متحور «نيمبوس» أقل خطورة.. ولكن أكثر تماسكاً مع خلايا الجسم    إصابة 3 بطلقات نارية في مشاجرة بسبب النزاع على قطعة أرض بسوهاج    يحيى الفخراني عن نبيل الحلفاوي: "أصدق الأصدقاء"    حملة دمياط الشاملة ترفع الإشغالات وتحمي المستهلك من تلاعب التجار    هل شريكك من بينهم؟ 3 أبراج الأكثر خيانة    رئيس جامعة دمنهور: «صيدلة البحيرة» أول كلية تحصل على اعتماد مؤسسي وبرامجي في مصر    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    لكسر الحصار.. التفاصيل الكاملة حول قافلة صمود    محمود وفا حكما لمباراة نهائى كأس عاصمة مصر بين سيراميكا والبنك الأهلى    10 أيام ونستقبل فصل الصيف .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : «توخوا الحذر»    بعد زيزو.. تفاصيل إنهاء الأهلي لصفقته قبل السفر لكأس العالم للأندية    «صفقات فاشلة».. تفاصيل تقرير ميدو في الزمالك (خاص)    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: لن نسمح بالتلاعب بمصير الشعب الفلسطينى    محاقظ المنوفية يحيل موظف وحدة محلية في أشمون إلى النيابة بتهمة الرشوة    محافظ الدقهلية يتفقد شوارع المنصورة ليلا.. ويؤكد: لا تهاون فى مواجهة الإشغالات    عن "اللحظة الدستورية" المقيدة بمطالب الشعب الثائر    بعض الأشخاص سيحاولون استفزازك.. حظ برج القوس اليوم 11 يونيو    مرض ابنى آدم وعملياته السبب.. تامر حسنى يعتذر عن حضور فرح محمد شاهين    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    إنفانتينو: الجميع يعرف تاريخ الأهلي.. وأعلم أنه بمثابة حياة لجماهيره    المذاكرة وحدها لا تكفي.. أهم الفيتامينات لطلاب الثانوية العامة قبل الامتحانات ومصادرها    بطريقة آمنة وطبيعية.. خطوات فعالة للتخلص من الناموس    هل لاحظت رائحة كريهة من تكييف العربية؟ إليك الأسباب المحتملة    مُخترق درع «الإيدز»: نجحت في كشف حيلة الفيروس الخبيثة    وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات الإقليمية لمتابعة سير العمل    التعليم: عودة قوية لاختبار "SAT".. بمشاركة 100% دون شكاوى    غدا.. 42 حزبا يجتمعون لتحديد مصيرهم بانتخابات 2025 (تفاصيل)    "الأوقاف" تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025    أستاذ اقتصاديات الصحة: نسبة تحور "كورونا" ارتفعت عالميًا إلى 10%    أمين " البحوث الإسلامية " يتفقَّد إدارات المجمع ويشدد على أهميَّة العمل الجماعي وتطوير الأداء    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    الجريدة الرسمية تنشر قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مأساة الوضع الصحي في غزة
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 10 - 2023

بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على شن حملة القصف والتدمير الجوى العنيف بقطاع غزة المكتظ بالسكان المدنيين (2.2 مليون نسمة)، وتدمير قرابة 130 ألف منزل، يمثلون قرابة 40% من منازل القطاع سُمح أخيرا بدخول المساعدات الإنسانية باتفاق دولى وإقليمى فدخلت بعض الأغذية والمستلزمات الطبية والأدوية، ولكن مازالت مستشفيات غزة تفتقد للوقود والطاقة اللازمة لتشغيلها بعد حصار كامل لقرابة ثلاثة أسابيع وأوشكت على الخروج من الخدمة تماما بسبب نفاد الوقود اللازم للعمل فضلا عن الطعام ومياه الشرب والكهرباء مما يهدد فعليا بانهيار النظام الصحى تماما فى القطاع.
الوضع الصحى هناك يشهد تدهورا خطيرا ينبئ بكارثة إنسانية وصحية لم تقتصر فقط على سكان القطاع بل قد تمتد إلى دول الجوار. إن نقص مياه الشرب والمياه التى يحتاج إليها المواطن والمواطِنة بصفة عامة وانتشار الرماد والغازات السامة نتيجة القصف المتواصل والعجز الشديد فى الكهرباء وتوقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة فى القطاع عن العمل أثر بطريقة مباشرة على عمل آبار المياه والكمية المستخرجة منها، وإلى توقف كثير من محطات تحلية المياه عن العمل، إضافة إلى توقف عمل محطات ضخ مياه الصرف الصحى؛ مما أدى إلى صبها مباشرة فى الوديان والشوارع وشواطئ البحر دون معالجة مما تسبب فى تلوث التربة، والبحار وآبار المياه، وانتشار الحشرات والذباب والبراغيت وخلافه بسبب نقص المياه اللازمة للنظافة والازدحام فى البيوت ومراكز الإيواء، واستمرار وجود الجثث والدماء وبقايا الجثث تحت الركام وتعفنها والعبث بها من الحيوانات والقوارض، وعدم مقدرة فرق الدفاع المدنى على انتشالها ودفنها بطريقة صحية مما يؤجج خطورة الوضع الصحى القائم والقادم.
نضيف إلى ذلك، استهداف المستشفيات من قبل الطائرات وتضرر بعضها، وتوقف عدد منها عن العمل والطلب بإخلاء عدد منها من العاملين والمرضى، والنقص الشديد فى المهمات الطبية والأدوية والوقود، وإرهاق الأطباء والممرضين والعاملين الصحيين بسبب العمل المتواصل صباحا ومساءً ووضعهم النفسى بسبب القصف الشديد المتواصل وفقدان البعض منهم لعائلاتهم وأصحابهم، وتوقف الخدمات الصحية الروتينية خاصة التطعيمات للأطفال ورعاية الحوامل وكبار السن ومرضى الأمراض المزمنة كالسرطان والفشل الكلوى مما يؤدى إلى تهديد حياتهم.
• • •
إنها مأساة كاملة تنذر بخطر تفشى الأمراض الوبائية والمعدية بين السكان وإعادة انتشار كثير من الأمراض التى نجح النظام الصحى فى التخلص منها (3150 حالة تعرضت لأمراض معدية)، مأساة لم تتكرر فى التاريخ البشرى حتى فى الحروب الكبرى الشاملة مما يعد انتهاكا للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى وحقوق الإنسان. ولذلك فالمؤسسات الدولية والصحية والحقوقية مدعوة للعمل الجاد من أجل وقف هذه الحرب فورا وإنقاذ الوضع الصحى من كارثة محققة لن يدفع ثمنها سوى سكان القطاع فقط وإنما محيطها الأوسع.
ولتوصيف بعض المعلومات عن هذا الوضع ننبه أن الأرقام تتغير ربما كل يوم فمن مصادر وزارة الصحة الفلسطينية والهلال الأحمر الفلسطينى، إذ بلغ عدد المجازر التى ارتكبت فى الساعات الأخيرة وحتى وقت كتابة هذه السطور تجاوزت 40 مجزره إنسانية وبلغت الأعداد الإجمالية لضحايا القصف الوحشى منذ بدء العملية وحتى الآن قرابة 7800 شهيد، نصفهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى إصابة قرابة 16 ألف جريح من المواطنين المدنيين وتلقى بلاغات عن 1500 مواطن مفقود مازالوا تحت الأنقاض منهم عددا من الأطفال، وكما قلنا إنها ارقام متغيرة ليس فقط كل يوم بل ربما كل ساعة ومرشحة للزيادة المستمرة طالما استمر القصف والعدوان البشع.
كما تعانى الطواقم الطبية نفسها من مواجهة إصابات بحروق شديدة لم يروها من قبل جراء استخدام قنابل مذيبة للجلد على أجساد الجرحى ويصعب التعامل، معها مما يدعو المؤسسات الدولية الصحية بالكشف عن طبيعة القنابل المستخدمة فى إذابة الجلد.
إن تلك الممارسات الإجرامية أدت إلى استشهاد وإصابة أعداد من الكادر الصحى تجاوز 150 فردا، وأدى القصف العشوائى إلى تدمير عدد من سيارات الإسعاف وخروجها من الخدمة وفق تصريح مدير مرفق الإسعاف إضافة إلى خروج عدد من المستشفيات والمراكز الصحية بسبب الاستهداف ونفاذ الوقود. بدأت المستشفيات بالفعل فى فقدان قدرتها العلاجية والاستيعابية مما دفع الطواقم الطبية للعلاج فى خيام وإجراء العمليات دون تعقيم أو مواد تخدير، كما يواجه الأطباء والعاملون الصحيون فى مستشفيات القطاع (54 مستشفى) فى محافظات القطاع الخمس نوعا جديدا من الإصابات والجروح يتعرض لها المدنيون بسبب قصف الصواريخ الحارقة من الطائرات؛ جروح وحروق وكسور متعددة فى مختلف أجزاء الجسم البشرى وسقوط ركام البيوت على المصابين ومكوثهم تحت أكوام الهدم والتراب لساعات طويلة، وصعوبة انتشالهم بالسرعة الواجبة، ومعاناتهم من النزيف ونقص الأوكسجين لمدة طويلة مما يجعل الأطباء يقفون شبه عاجزين أمام خطورة وتعقد هذه الإصابات التى يعانى منها كل مصاب ويحتاج بسببها إلى جراحات متخصصة قد لا تتوفر فى القطاع مما يستلزم نقلهم إلى أماكن فى خارج القطاع فى الدول المجاورة.
إن عددا كبيرا من الجرحى (16 ألف شخص جريح) الذين وصلوا إلى المستشفيات يحتاجون إلى إنقاذ سريع وإنسانى فى ظل ازدحام غرف الطوارئ وغرف العمليات ونقص الأسرة والأدوية، كما أن دول العالم مدعوة لإنقاذهم من هذه الكارثة. إنه وضع مأسوى غير مسبوق يعد انتهاكا صارخا لكل الشرائع الإنسانية والقوانين الدولية وحقوق الإنسان مما يجعلها تقف عاجزة إزاء ذلك، ومطالبة العالم والضمير العالمى بالتدخل الفورى لوقف إطلاق النار فورا ووقف تلك الحرب المدمرة، والبدء فى إدخال المزيد من المساعدات العاجلة بكميات كافية وإنشاء مستشفيات ميدانية فى المناطق المجاورة.
• • •
إن دول العالم المختلفة ومنظماتها الحقوقية والإنسانية والصحية مدعوة إلى سرعة إنقاذ سكان قطاع غزة من خطر الإبادة، وهذا يتطلب أولا العمل على وقف الحرب وتهدئة الأزمة وسرعة إدخال الأطباء المتخصصين والمستشفيات الميدانية والأدوية والوقود والمهمات الطبية التى يحتاج إليها المدنيون والجرحى. كما أن الخطوة الأساسية الآن هى البدء فى إنقاذ الوضع الصحى والإنسانى فى غزة تمهيدا لتهدئة الأزمة وتبادل الأسرى من الجانبين والشروع فى التفاوض على خريطة المستقبل للقضية الفلسطينية، وضمان أمن كل الأطراف على الجانبين ونزع فتيل الموت والحرب. إن السلام العادل هو الطريق الوحيد لضمان أمن كل الأطراف بحل الدولتين العادل، فهل يستجيب ضمير العالم لهذا المسار؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.