• مراسل التليفزيون الفلسطيني: أغلبنا خرج عن التغطية وتوجه لجنوب القطاع • مراسلة محلية: الاحتلال يتعمد استهدافنا • صحفية فلسطينية: قصفوا منزلي ومحوا المدينة بالكامل • صحفي فلسطيني: جميع سبل التواصل انقطعت في القطاع • نقابة الصحفيين الفلسطينية: استشهاد 11 صحفيا بيد الاحتلال مع دخول الحرب الإسرائيلية الشرسة على قطاع غزة أسبوعها الثاني، أصبح أهالي القطاع يتجرعون مآسي لم يشهدوها في تاريخهم، فلاتزال إسرائيل تقطع المياه، والكهرباء، وإمدادات الطعام، والوقود عن القطاع، بالإضافة لمنع تمرير قوافل المساعدات المصرية والدولية للقطاع من معبر رفح المصري، وسط دمار القصف الواسع بالفسفور المحرم المستمر. وتستمر إسرائيل في ارتكاب جرائم حرب بعد قصفها مستشفى الأهلي المعمداني بالقرب من خان يونس، في مجزرة زادت الشهداء لأكثر من 3 آلاف والمصابين لأكثر من 12 ألفا، وما يزيد على مليون نازح لجنوب القطاع على حدود سيناء، فيما سقط أكثر من 1300 قتيل إسرائيلي وإصابة أكثر من 3300، في حصيلة رسمية غير نهائية لليوم ال11 من الحرب. وتستمر طائرات الاحتلال في تكثيف القصف العنيف مستهدفة المباني السكنية والمرافق، مع التصعيد مع الجبهة اللبنانية بقصف متبادل بين حزب الله وقوات الاحتلال في مناطق الجنوب اللبناني. وتأتي عملية إسرائيل "السيوف الحديدية" ردا على عملية "طوفان الأقصى"، التي شنتها المقاومة ضد مستوطنات غلاف القطاع، وقتلت المئات وأسرت ما يقرب من 250 بينهم عسكريين، 7 أكتوبر الجاري، فيما لايزال تبادل القصف مستمرا مع عدم توافق القوى العسكرية، حسبما أعلنته حركة حماس في بيانها لليوم ال11 من الحرب. - الاحتلال يغتال 11 صحفيا كاميرا وسترة صحافة أصبحتا أكثر ما يرعب الاحتلال الإسرائيلي، الذي اغتال أكثر من 11 صحفيا فلسطينيينا خلال تغطيتهم لحرب الإبادة جماعية المستمرة ضد سكان القطاع، في حصيلة غير نهائية. وأعنت نقابة الصحفيين الفلسطينية استشهاد 11 صحفيا استهدفهم قصف الاحتلال، كانوا يعملون لدى صحف محلية فلسطينية وصحف دولية كوكالة رويترز الإخبارية. كما تعرض بعض مراسلي القنوات العربية الدولية لفقدان عدد كبير من أسرهم، ومنهم من فقد عائلته كاملة مثل الصحفي معتز عزايزة، الذي حول القصف أفراد عائلته لأشلاء. وتحت الحصار الشامل الذي فرضه الاحتلال على كل سكان القطاع، بمن فيهم العاملين بمجال الإعلام، استطاعت "الشروق" التواصل مع بعضهم لتوثيق شهاداتهم عن أوضاع العمل الصحفي تحت القصف المستمر والاستهداف المتعمد الذي أودى بحياة عدد من زملائهم، مع صعوبة وجود خدمات الإنترنت والاتصال داخل القطاع. - "الشروق" توثق شهادات صحفي غزة خلال القصف من غرب القطاع يقول مراسل التليفزيون الفلسطينيبغزة، فؤاد جرادة، في تصريحات خاصة ل"الشروق"، إن حجم الدمار في المنطقة بلغ 80%، مؤكدا أن مكتب التليفزيون في هذه المنطقة تعرض للدمار ولا يمكن العمل فيه. وتابع، "كل شيء أصبح مدمر، هجرت منزلي ولا استبعد أن يدمره الاحتلال أصبح موضع خطر بوقوعه في منطقة منطقة تل الهوا التي دمرها الاحتلال". وأكد جرادة، أن الاحتلال يتعمد استهداف المراسلين الصحفيين في محاولة منه للتغطية على جرائمه، وإنهاء المنظومة الإعلامية في القطاع للقيام بجرائم ضد الإنسانية، مشيرا إلى شح الطعام، والماء، والإنذار بكارثة إنسانية، حال عدم دخول المساعدات للقطاع عبر معبر رفح. واستكمل، "نسبة كبيرة من المواطنين لم يستنفذو المواد الغذائية حتى اليوم الخامس من الحرب، نظرا لفتح المحال التجارية، ولكن في حال عدم سرعة تقديم المساعدات القطاع وهدنة إنسانية فستحدث أزمة إنسانية للبحث عن الطعام والماء، هناك شح في استخدام الماء وكمية محدودة للشرب، وقلة كبيرة في الإمدادات للمستشفيات". وأوضح، "حتى النوم الذي قد يدفع الإنسان لتحمل المعاناة لم يهنأ به أهل غزة"، ويقول جرادة: "لا نستطيع النوم لفترة طويلة، فقط ننام على فترات متقطعة ساعات قليلة خلال النهار؛ لأنه أكثر هدوءًا من الليل، ولأن غالبية المجازر تحدث أثناء الليل، وللأسف ليست هذه الساعات كافية لاستراحة أي شخص خلال الحرب، لكننا مضطرين فلا يوجد هنا مكان للخوف أو للتعب، لابد أن نقاوم". وأكد جرادة، استحالة العمل الصحفي في هذه الظروف الصعبة والقصف المستمر، ويقول: "تعرض القطاع للضرب بالفسفور، ورأيناه بأعيننا المجردة وشعر برائحته المواطنين الذين لا يزالون يتذكرونه منذ الهجوم الإسرائيلي عام 2012". وفي اليوم السابع للحرب، اضطر جرادة للخروج من بيته في المنطقة الغربية التي كان يغطيها بعد دعوات جيش الاحتلال إخلاء المناطق الشمالية اتجاهًا للجنوب استعدادا لعملية واسعة جديدة، ما أدى لتوقف عمله وزملاءه عن التغطية. وأضاف، "بعد أسبوع من الحرب توقفنا عن التغطية بنسبة 60%، وكنا نرسل رسائل التغطيات عبر الجوال، لكن مع دخول الأسبوع الثاني خرج معظم مراسلي غزة في الشمال والوسط و(أنا منهم) عن الخدمة، ولم يعمل غير صحفي الجنوب، وخاصة خان يونس، حيث يقل القصف فيها عن المناطق الأخرى"، لافتا إلى أن ذلك قد يعني اقتصار التغطية الصحفية لما يحدث في شمال ووسط غزة على المشاركات الحرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي". واستطاع جرادة النفاد من الموت خلال مغادرة غرب القطاع، في الوقت الذي غدر فيه الاحتلال بقوافل النازحين ليقتل منهم 70 شهيدا، أغلبهم من النساء والأطفال في مجزرة بشعة: "في كل لحظة لدينا جديد اضطريت مغادرة من منطقتي إلى الجنوب بسبب قوة الدمار". ويرى جرادة، أن هذه الحرب مختلفة، من حيث البداية وكثافة القصف والمباغتة، بغض النظر عن الطرف المبادئ إن كان المقاومة أم إسرائيل. ونقل جرادة ل"الشروق" مخاوف زملائه الصحفيين في القطاع من أن تفضي الحرب إلى مشروع أسماه ب"الخيانة"، وهو تهجير جديد لسكان غزة وتكرار مشهد عام 1948، خاصة بعد حجم الدمار الكبير جدا بسبب كثافة القنابل والمتفجرات، خلال ال4 أيام الأولى من الحرب، موضحا أنه أكبر بكثير من الدمار الذي تمخض عن حرب ال51 يوما التي جرت بين المقاومة وإسرائيل في 2014. من وسط القطاع في دير البلح، نجت الصحافية ومراسلة قناة عودة طيف البحيصي من الموت بمعجزة، بعدما استهدف الاحتلال منزل جيرانها بقذيفة لتصاب بصدمة عصبية، فيما انقطعت خدمة الإنترنت ليومين، ولم تستطع التواصل مع الآخرين. وقالت البحيصي ل"الشروق"، إن الاحتلال نسف 90% من المكاتب الإعلامية بشكل مباشر، مثل قنوات الغد، والعالم، والكوفية، بسبب قصف الأبراج كبرج وطن، الذي يضم عدد كبير من المؤسسات الإعلامية، وبرج حجي الذي اسشتهد في محيطه زملاءها الصحفيين سعيد الطويل، وهشام النواجحة، ومحمد صبح أبو رزق. وأضافت أنه برغم القصف المستمر لم يتوقف الصحافيين عن التغطية، وتجمعوا في مستشفى مركز الشفاء في غزة، مشيرة إلى أن العمل الصحفي أصبح خطير، "أصبح العمل في الخارج خطيرا لا أحد يستطيع مغادرة المبنى الذي يسكن فيه فأنا أراسل القناة من المنزل لعدم قدرتنا كصحفيين على الخروج في الشوارع لغياب الحماية وتعرضنا للقصف الجنوني المستمر والاستهداف المتعمد". وتابعت البحيصي، "هذه الحرب مختلفة وبشعة، فهي إبادة جماعية للقطاع ليس لها مثيل، والاحتلال يستهدف الإعلام، وهذا ظهر جليا في استشهاد زملائي الصحفيين، لكن لا يوجد مستحيل ضد إيصال صوت الحقيقة وسنوصل إيصال صوت شعبنا ورعب نساءنا وأطفالنا من هول القصف والفسفور المحرم". من وسط القطاع لم تستطع الصحفية والناشطة الحقوقية كاري ثابت التعبير عن حجم الألم الذي ألم بها بعد قصف الاحتلال منزلها، في قصف عنيف ضرب وسط القطاع ولم يترك حياً سليما على حد تعبيرها. وتقول ثابت: "كل شيء تم مسحه، لقد دمر الاحتلال منزلي -الله سيرزقنا بالعوض أكيد- لكن الحياة في غزة ذهبت وأصبحت مدمرة كليا، ولأول مرة أراها بهذا الشكل، لقد ذهبت معالم مدينتي والحي الذي أسكن فيه بالكامل". وأضافت ثابت ل"الشروق"، "اضطررت للخروج من منزلي هربا مع أطفالي بعد أن تلقينا إنذارا من الاحتلال بإخلاء المنزل استعدادا لقصفه، كصحفية لا أستطيع العمل في هذه الظروف البشعة، هذه حرب إبادة جماعية يقصفون أطفالنا في حضن أمهاتهم ببراميل الفسفور المتفجرة، والقصف لم يتوقف منذ اندلاع الحرب". وتحولت كاري لشخص عاجز مكلوم، بعدما كانت عون لأصحاب الحاجات في أوقات الاستقرار والحرب، وتقول: "هنا غزة لا مكان للنوم أو الراحة قُطعت الاحتلال قطع عنا الطعام أو الماء حتى إمدادات الوقود، يهددون بقصف الملاجئ والمشافي وعائلات بأكملها بلا رحمة أو إنسانية، لم يستطع أحد حتى الآن إدخال شربة ماء أو قطعة خبز إلى غزة ونحن صامدون". ومن غرب القطاع وثق المراسل الصحفي الميداني الشاب أحمد معين قنن شهادته ل"الشروق"، عن بشاعة الحرب وصعوبة العمل بما يصعب نقل الحقيقة، فيقول: "القصف طال كل مكان في القطاع، أنا وزملائي لازلنا نعمل بأقل الإمكانات والأدوات المتاحة في ظل انقطاع كل سبل الاتصال في القطاع من كهرباء وإنترنت". وتابع معين، "هناك استهداف متعمد للصحفيين في القطاع، وأنا أعمل في تغطية الأحداث غرب القطاع مع زملائي على قدم وساق لإيصال الرسالة ونقلها بشكل متزامن للمواطنين وللعالم، بالرغم من الاستهداف المباشر للمكاتب الصحفية بدمار هائل، نتيجة القصف المتواصل". - العمل في جحيم مستمر يستمر الاحتلال في ارتكاب أبشع المجازر التاريخ في التاريخ بقصفها مستشفى الأهلي في اليوم ال11 للحرب، ما أدى لمئات الشهداء تحت الأنقاض، فيما رصد الهلال الأحمر الفلسطيني، 17 حالة انتهاك ارتُكبت بحق طواقمه الطبية، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة 7 أكتوبر الجاري، بالإضافة لاستشهاد 4 مسعفين في قذيفة على عربة الإسعاف. كما تعرضت 8 سيارات إسعاف لأضرار مختلفة، ولحقت أضرار جسيمة في مقر الجمعية شمال قطاع غزة وغرفة عمليات الطوارئ، وفق البيان. وتبدو مستشفيات القطاع في حالة شلل، وسط مخاوف من نفاد الوقود، وخروج أجهزة طبية ضرورية من الخدمة، مع تزايد الضغط على مجمع الشفاء الطبي الأكبر، وإعلان مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية أن احتياطي الوقود في مستشفيات قطاع غزة يكفي لمدة 24 ساعة فقط، ما يعرض آلاف المرضى للخطر. بالإضافة إلى ذلك لم تستجب المشافي لإنذارات جيش الاحتلال بإخلاء شمال القطاع؛ لاعتبارهم ذلك حكما بالإعدام على المرضى، خاصة ضحايا الحرب وأصحاب الأمراض المزمنة من غسيل الكلى ومرضى السرطان، الذين نفد دواءهم. - لا ماء أو كهرباء أو طعام استطاعت "الشروق" الوصول لبعض المواطنين وسط انقطاع سبل الاتصال، في شمال القطاع، يعيش سلمان أبوناموس مترقبا خشية أن يواجه مرارة الفقد مرة أخرى، بعدما فقد طفله ساهر ذو ال4 سنوات في قصف للاحتلال على القطاع عام 2014. وفي غرب القطاع روى ل"الشروق"، والد الطفلة، سيلين أبو مرق، ذات ال4 سنوات، المعروفة إعلاميا ب"طفلة الركام"، بعد انتشار صورتها خلال الحرب الأخيرة على غزة 2021، "الرعب الذي تعانيه مع أخويها خوفا من أن يطال القصف المتواصل منزلها الواقع غرب القطاع". أما في وسط القطاع وصف لنا "ق.ي" أحد المواطنين معاناته تحت القصف المتواصل بأنه تغول للاحتلال بسبب عشوائيته وعنفه واستمراره بلا هوادة أو هدنة منذ السبت الماضي. وفي مشهد آخر ينقله خليل عطالله من وسط القطاع، الذي وصف الوضع الإبادة الجماعية للسكان، بسبب القصف الذي طال كل مكان، موضحا تعرض السكان للقصف بأسلحة محرمة، مثل الفسفور الأبيض أدى لوقوع مجزرة بالقرب من منزله أقاربه وجيرانه، الذين استشهد في القصف، مع قطع الكهرباء والماء والطعام و الإنترنت. - إبادة جماعية لم تشهدها غزة في تاريخها فسرت الدكتورة حنان أبو سكين، أستاذ العلوم السياسية المساعد بالمركز القومي الاجتماعي والجنائية، تعمد إسرائيل قصف الأهداف المدنية، بأنها لا تلتزم بأي مواثيق دولية ولا معاهدات دولية ولا تلتزم بأي قاعدة من قواعد القانون الدولة الإنساني، التي تجرم ضرب المدنيين وتحميهم وقت الحرب. وأضافت أبو سكين، في تصريحات خاصة ل"الشروق"، أن الاحتلال يستهدف المدنيين من الشعب الفلسطيني، ويزيد من عدد الشهداء العزل غير المدربين وغير المؤهلين على التعامل في تلك المواقف، معبرة: "كلما زادت خسائر فلسطين من النساء والأطفال كلما خدم مصلحتها في الانتقام ليهيبتها". واستخلصت سكين، أن عملية إسرائيل العسكرية "السيوف الحديدية" جاءت ضروس على القطاع، بسبب وقوع عملية طوفان الأقصى في توقيت قاتل لإسرائيل، تعاني فيه أوضاعا سياسية واقتصادية واجتماعية هشة، ما دفع قادتها للانتقام ردا لاعتبارها. وبينما تدخل الحرب الإسرائيلية على القطاع أسبوعها الثاني، تبذل مصر مساعِ جادة ومستمرة لتمرير المساعدات للقطاع مقايل رفض تام من الاحتلال فتح المعبر الفلسطيني، في ظل أوضاع إنسانية كارثية، فيما اتفقتا مصر والأردن على الرفض التام لتهجير أهالي القطاع إلى جنوبه، في إشارة إلى سيناء المصرية، بالإضافة لاتخاد موسكو وبيكين مواقف أكثر دعما للقضية الفلسطينية، في مقابل الدعم غير المحدود الذي تقدمه أمركيا وعدد كبير من الدول الأوروبية لإسرائيل.