ختام فعاليات التدريب البحري المشترك المصري الفرنسي (كليوباترا – 2025).. شاهد    باسل رحمي: جهاز تنمية المشروعات قدم تمويلات بأكثر من 750 مليون جنيه    محافظ أسوان يوجه الوحدات المحلية بالتعامل مع شكاوى المواطنين وإنهاء مشاكل الصرف الصحي    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد تشغيل فندق الكونتيننتال التاريخي وسط القاهرة بعلامة تاج العالمية    وزير الداخلية يستقبل وزير خارجية جنوب السودان لبحث التعاون الثنائي    أفشة يتعافى من الإصابة ويشارك في تدريبات الأهلي الجماعية    مصرع أبو دراع و4 من أعوانه بعد تبادل إطلاق النار مع الشرطة في أسوان    وزير الثقافة ومحافظ القاهرة يتفقدان قصر ثقافة عين حلوان للوقوف على أوضاعه وخطط تطويره العاجلة    ملعب "مولاى عبد الله" يتزين لاستضافة مباراة المغرب ضد جزر القمر.. صور    رئيس الإمارات يبحث مع نظيره الفرنسي تعزيز العلاقات    تحديث أسعار الذهب اليوم 21-12-2025 في التعاملات المسائية    رافينيا يقود هجوم برشلونة أمام فياريال في الليجا    القيمة السوقية لمنتخبات أفريقيا في كان 2025    رسالة عضو التحالف الوطنى تواصل أنشطتها الاجتماعية والتعليمية بعدد من المحافظات    أبرز أنشطة وفعاليات جامعة أسيوط خلال أسبوع    المفتي: المؤسسة الدينية خَطُّ الدفاع الأول في مواجهة الحروب الفكرية    أمن الجيزة يفحص فيديو اقتحام عدد من الخيول فناء مدرسة بمنطقة بولاق    انطلاق اليوم الأول للاختبارات التجريبية لمنصة الذكاء الاصطناعي اليابانية بالأزهر    إحالة أوراق قاتل زوجته أمام أبنائه إلى المفتي بالبحيرة    بحث الاستعدادات النهائية لاحتفالية اليوبيل الذهبي لجامعة حلوان    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الكهرباء الموقف التنفيذى لمشروعات الطاقة المتجددة    دراما بوكس | المسلسلات المؤجلة بعد رمضان 2026 .. وقصة آسر ياسين ودينا الشربيني مع الصدمات النفسية    نصيحة للأمهات، احذري من تأثير ضغط الدراسة على علاقتك مع أبنائك    إيمى سمير غانم تكشف كواليس اختيار أسماء أبنائها مع حسن الرداد    الداخلية تكشف حقيقة فيديو محاولة سرقة شخص بالسيدة زينب: خلافات عائلية السبب    اتحاد شركات التأمين: معالجة فجوات الحماية التأمينية تتطلب تعاونًا بين شركات التأمين والحكومات والمجتمع المدني    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    عراقجي: مستعدون لإبرام اتفاق "عادل ومتوازن" بشأن برنامجنا النووي    مراسل القاهرة الإخبارية من غزة: القطاع يعيش على وقع الأزمات في الأيام الأخيرة    مدير فرع الرعاية الصحية بالإسماعيلية يفاجئ مستشفى فايد (صور)    الشرعية الشعبية للانتخابات    ضبط 3 محطات وقود بالبحيرة لتجميع وبيع 47 ألف لتر مواد بترولية    محافظ المنوفية ورئيس الجامعة يفتتحان عدد من المنشآت الطبية الجديدة بمستشفى الطوارئ    ليلة استثنائية في مهرجان القاهرة للفيلم القصير: تكريم عبير عواد واحتفاء بمسيرة عباس صابر    تحرك عاجل من وزير العمل بعد فيديو الأم التي عرضت أولادها للبيع    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    إصابة 8 أشخاص إثر حادث انقلاب ميكروباص في العاشر من رمضان    محافظ أسيوط: استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية لاكتشاف المواهب الرياضية    محافظة الجيزة توضح حقيقة ما أثير بشأن وجود إزالات أو نزع ملكيات لإنشاء طريق الإخلاص    حملة للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن وذوي الهمم.. مجانًا    وزير الخارجية يبحث مع نظيريه الجزائري والتونسي تطورات الأوضاع في ليبيا    حقيقة تأثر رؤية شهر رمضان باكتمال أو نقص الشهور السابقة.. القومي يوضح    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    فضل العمرة فى شهر رجب.. دار الإفتاء توضح    وزير الخارجية يؤكد مجددا التزام مصر بدعم جهود تعزيز الأمن والاستقرار في الصومال والقرن الأفريقي    وزير الرى : متابعة موقف إيراد النهر والحالة الهيدرولوجية وإجراءات تشغيل السد العالي وإدارة المنظومة المائية    شهر رجب .. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    مانشستر يونايتد في اختبار صعب أمام أستون فيلا ب البريميرليج    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    سياح العالم يستمتعون بتعامد الشمس على مقصورة قدس الأقداس بمعابد الكرنك.. صور    انطلاق مهرجان التحطيب بالأقصر على المسرح المكشوف بساحة سيدي أبو الحجاج    الصحة: فحص أكثر من 20 مليون مواطن في مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    أمم إفريقيا – المغرب.. هل يتكرر إنجاز بابا؟    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    كورتوا: حمل شارة قيادة ريال مدريد كان حلما.. ومن الصعب إيقاف مبابي    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    قمة إنجليزية نارية.. ليفربول يحل ضيفًا على توتنهام في الجولة 17 من البريميرليج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التهجير القسري وسؤال سيناء
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 10 - 2023

يلوح شبح نكبة فلسطينية وعربية ثانية فى أفق القصف الإسرائيلى العشوائى المتصل على غزة للانتقام من بيوتها وأهلها بعد عملية طوفان الأقصى، التى أذلت جيشها كما لم يحدث من قبل.
تتصاعد عمليات التقتيل والترويع لإجبار أكثر من مليون فلسطينى على النزوح من شمال غزة إلى جنوبها تمهيدا لتوطينهم فى سيناء على ما تخطط إسرائيل.
فى النكبة الأولى (1948)، أجبر نحو (750) ألف فلسطينى على النزوح من ديارهم وقراهم بالترويع والمجازر، التى ارتكبتها العصابات الصهيونية المسلحة.
بعد (75) عاما تتكرر مشاهد الترويع بصورة أفدح، تقتيل جماعى بكتل نيران هدمت بنايات فوق رءوس أهلها وأزالت أحياء بكاملها، استخدمت القنابل الفسفورية المحرمة دوليا، قطعت الكهرباء والمياه وقصفت المستشفيات وسيارات الإسعاف، للوصول إلى الهدف نفسه.. «التهجير القسرى».
نزح عشرات الآلاف إلى الجنوب هربا من الموت المحقق دون أن يكون لديهم أدنى استعداد لمغادرة القطاع المنكوب إلى سيناء والتوطن فيها بذريعة الأمن والحماية!
تستهدف الدعوات الإسرائيلية الملحة والمكثفة لإخلاء شمال غزة أمرين رئيسيين:
الأول، اقتحام غزة بعملية عسكرية برية واسعة لاجتثاث حركة «حماس» وتصفية قياداتها.
حروب المدن بذاتها مكلفة.
بالنظر إلى أن قطاع غزة يعيش فيه أكثر من مليونى فلسطينى على مساحة لا تتجاوز (365) كيلو مترا مربعا فإن العواقب قد لا تطيقها آلة الحرب الإسرائيلية، التى نالتها خسائر فادحة فى «طوفان الأقصى» وفقدت ثقتها فى نفسها.
بصورة أو أخرى تطلب إسرائيل عملية تلفزيونية غير مكلفة لإعادة هيبة جيشها وقدرته على الردع بعد أن تكون قد أخلت شمال غزة ودمرت كل ما ينبض بالحياة فيها.
الثانى، يتجاوز الحساب العسكرى المباشر إلى الاستهداف الاستراتيجى بإعادة طرح سيناريوهات «الوطن البديل» فى ظروف وحسابات جديدة تبدو فيها الولايات المتحدة والتحالف الغربى وحلف «الناتو» الطرف الآخر المباشر فى الصراع المحتدم على المصير الفلسطينى.
الوطن البديل طرح نفسه أولا فى «الخيار الأردنى»، أو أن ينزح سكان الضفة الغربية إلى الجهة الأخرى من نهر الأردن حتى يتم الاستيلاء عليها بالكامل والتوسع الاستيطانى فيها دون ممانعة من الكتل السكانية الفلسطينية.
تراجع ذلك الخيار بأثر تطورين مهمين، أولهما، بروز الهوية الوطنية الفلسطينية المستقلة بعد حرب (1967)، التى وجدت تعبيرها السياسى فى منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعى ووحيد للشعب الفلسطينى.. وثانيهما، توقيع معاهدة وادى عربة، بين الأردن وإسرائيل عام (1994).
ثمة اعتقاد أردنى راسخ، رغم تلك الاتفاقية، إنه إذا ما جرى توطين فى سيناء بذريعة الإفلات من الموت فإن الخطوة التالية سوف تكون إجبار أهالى الضفة الغربية بمجازر مماثلة على الزحف إلى الضفة الأخرى.
إعادة إنتاج سيناريوهات وهواجس الوطن البديل تعبير صريح عن تقوض مبدأ «حل الدولتين»، وعدم استعداد الدولة العبرية لأى انسحابات من أية أراض عربية محتلة منذ عام (1967) على ما تنص القرارات والمرجعيات الدولية.
الوطن البديل طرح نفسه ثانيا على سيناء المصرية بدواعى التخلص من صداع غزة والمقاومة المتمركزة فيها.
رغم معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، التى وقعت عام (1979)، ظل ذلك المشروع مطروحا فى دوائر التفكير والتخطيط الإسرائيلية.
طرحه رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو» على الرئيس الأسبق «حسنى مبارك»، الذى كان رأيه قاطعا إنه «لا أنا ولا من هو أتخن منى يقدر على التخلى عن سيناء».
كان ذلك الاستنتاج صحيحا ودقيقا، إنه المستحيل بكل اعتبار، أو بأى حساب.
«التهجير القسرى» أخطر من الفصل العنصرى «الأبارتهيد»، والتقتيل الجماعى فى غزة أسوأ من غرف الغاز النازية فى سنوات الحرب العالمية الثانية.
بتعبير الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» فإن حصار غزة يشبه الحصار النازى ل«لينينجراد» فى تلك السنوات.
هذه حقيقة ماثلة بقوة صور المأساة الفلسطينية وجثث الأطفال الملقاة أمام البيوت المهدمة فى غزة.
التدليس على الحقيقة بدا مروعا فى الخطابين الرسمى والإعلامى الغربى، باستثناء أصوات معدودة.
عاد سيناريو «التهجير القسرى» بدعم أمريكى عسكرى واستخباراتى كامل هذه المرة.
لم يكن إرسال حاملتى الطائرات الأمريكيتين «جيرالد فورد» و«إيزنهاور» إلى شرق المتوسط ووصول بوارج بريطانية إلى نفس المكان محض مظاهرة عسكرية لدعم إسرائيل بقدر ما كان رسالة ردع لإيران وحزب الله وكل من يفكر فى «استغلال الوضع الإسرائيلى المتدهور».
إنه دعم مطلق لإسرائيل وتصريح بالقتل والتهجير القسرى.
فى مستهل جولته بالمنطقة صرح «أنتونى بلينكن»: «جئت لإسرائيل كيهودى لا كوزير خارجية الولايات المتحدة».
تماهت المواقف الأمريكية مع الرؤية الإسرائيلية للصراع، انتهكت كل القيم والحقائق، اختلقت روايات لا أساس لها ولا دليل عليها وثبت كذبها كتورط مقاتلى «حماس» فى اغتصاب النساء وقطع رءوس الأطفال وجرى وصفها بأنها «داعشية».
كان ذلك تدليسا على الحقيقة فالصراع بين احتلال عنصرى استيطانى ومقاومة مشروعة وفق القوانين الدولية.
بدت قضية «الرهائن» أولوية مطلقة على جدول أعمال جولة وزير الخارجية الأمريكى فى المنطقة، ساعيا إلى إدانة «حماس» وتوفير دعم إقليمى للإفراج عنهم دون قيد أو شرط، أو تبادل مع أسرى فلسطينيين يقبعون فى السجون الإسرائيلية منذ عشرات السنين.
ثم كان لافتا دعوته إلى «توفير مناطق آمنة للفلسطينيين».
كانت تلك الدعوة أقرب أن تكون إعادة صياغة لأوامر الجيش الإسرائيلى لأهالى غزة بالنزوح من الشمال إلى الجنوب طلبا للأمن والسلامة، رغم أن طائراتها استهدفت النازحين وقتلت وروعت أعدادا كبيرة منهم.
تبدت فى أهدافه تبنيه لمشروع التهجير القسرى إلى سيناء.
بتعبير إسرائيلى تردد على الشاشات: «لماذا لا تطلبون من مصر بدواعى الأخوة العربية والإسلامية فتح الحدود لاستضافة الفلسطينيين بصورة مؤقتة؟».
الأجدر بالحقيقة طرح سؤال: «لماذا لا يتوقف الأمريكيون عن دعم ارتكاب كل جرائم الحرب بحق الفلسطينيين العزل؟».
السؤال الأكثر إلحاحا الآن: سيناريو «التهجير القسرى» إلى سيناء هل هو ممكن؟.. ثم هل يفضى إلى أى استقرار أو أمن للدولة العبرية؟
الإجابة على السؤال بشقيه: مستحيل تماما.
لا المصريون ولا الفلسطينيون ولا العالم العربى بأسره ولا أى دولة مؤثرة فى الإقليم كإيران وتركيا بوارد قبول ذلك السيناريو الكارثى.
غزة فلسطينية وجزء لا يتجزأ من فلسطين المحتلة، لا إخلاؤها ممكنا ولا حذفها متاحا.
«حماس» أكدت بوضوح لا يحتمل لبسا على لسان رئيس مكتبها السياسى «اسماعيل هنية»: «لا هجرة من غزة إلى مصر».
لا يوجد فلسطينى واحد مستعد أن يتقبل تكرار النكبة الأولى باستعارة أوطان بديلة.
وسيناء مصرية وسوف تظل كذلك، وقد بذل المصريون فواتير دم وتضحيات هائلة من أجل تحريرها والحفاظ عليها، هذه مسألة أمن قومى خارج أى نقاش لا يملك أحد التفريط فيها، أو المساومة عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.