جاء اصطفاف معظم وسائل الإعلام الغربية الرئيسية إلى الجانب الإسرائيلي، وذلك منذ بدء عملية طوفان الأقصى، التي اخترقت بها حركة حماس، مستوطنات غلاف غزة، وما تبعها من عدوان إسرائيلي مستمر في يومه الخامس على قطاع غزة. وغضت هذه الوسائل الإعلامية الطرف عن أية رواية أخرى، مروجة لروايات إسرائيلية مكذوبة، تمعن في إظهار رد فعل المقاومة الفلسطينية على جرائم الاحتلال الإسرائيلي المستمرة لعقود، وكأنها هجمات إرهابية بربرية، ومن ثم التراجع عن الأكاذيب، بعدما يكون الخبر قد انتشر كالنار في الهشيم لفظاعته. وظهر انحياز تلك الوسائل الإعلامية جلياً، أمس الثلاثاء، عندما تم الترويج على نطاق واسع لمقتل 40 طفلًا على يد مقاتلي حركة حماس، وهو ما تراجع عنه أغلب المراسلين الغربيين وتنصلوا منه. - كيف بدأت الكذبة؟ جاءت البداية عندما قاد جيش الاحتلال الإسرائيلي مجموعة من الصحفيين والمراسلين الغربيين، في جولة بمستوطنة قرية غزة، أو كيبوتس - تعاونية كفار عزة، الواقعة قرب قطاع غزة، أمس، بعد استعادته من حماس، لتفقد ما بها من دمار وجثث. وادعت قناة "i24 " نيوز الإسرائيلية، على لسان مراسلتها، نيكول زيديك، في تقرير مصور للجولة أنّ مقاتلي حماس ذبحوا 40 رضيعًا إسرائيليًّا، غالبيتهم مقطوعي الرأس، خلال عملية طوفان الأقصى، السبت الماضي. وأشارت إلى أنها تحدثت إلى جنود الجيش الاسرائيلي الذين قالوا إنهم رأوا أطفال رضّع برؤوس مقطوعة، ونقلت القناة عبر موقعها: "يقول بعض الجنود إنهم عثروا على أطفال مقطوعي الرأس، وأسر بأكملها مقتولة بالرصاص في أسرتهم، وقد تم نقل حوالي 40 طفلًا رضيعًا وطفلًا صغيرًا على الحمالات حتى الآن". فيما لم يشر مراسل وكالة أسوشيتد برس، سام ماكنيل، والذي حضر الجولة أيضا، في تقريره إلى أي من تلك الادعاءات، التي سردتها مراسلة "i24 " نيوز، حول مقتل 40 طفلًا. بيل ترو مراسلة صحيفة الإندبندنت البريطانية، روجت لذلك في تقريرها عن الجولة المعنون ب"كفار عزة تفوح منها رائحة الموت": داخل القرية الحدودية الإسرائيلية، حيث "ذبح الأطفال" في هجوم حماس)، ونقلت عن الرائد بالجيش الإسرائيلي ديفيد بن تسهيون قوله: "عندما جاءت حماس إلى هنا قطعوا رؤوس النساء، وقطعوا رؤوس الأطفال، لقد رأينا أطفالاً وفتيات ميتات"، لكنها تشير إلى أن الإندبندنت لم تجد دليلاً على ادعاءاته. وفي تغريدة لها تتراجع ترو عن ذلك قائلة: "أردت فقط توضيح أنني لم أغرّد عن قطع رؤوس 40 طفلاً، لقد غردت بأن وسائل الإعلام الأجنبية قيل لها أنه تم قطع رؤوس النساء والأطفال ولكن لم يتم عرض الجثث علينا، وكان هذا ردي على التقارير التي انتشرت حول الأطفال الأربعين، أدركت أن الطريقة التي كتبت بها تغريدتي كانت قصيرة جدًا بحيث لا تشرح السياق الكامل، لذا حذفتها يشير العنوان الرئيسي لقصتي إلى مقتل أطفال صغار". I just wanted to clarify that I did not tweet 40 babies had been beheaded. I tweeted that foreign media had been told women and children had been decapitated but we had not been shown bodies - which was my response to reports which had gone viral about the 40 babies. I realised… pic.twitter.com/RMYBSJ8BhL — Bel Trew (@Beltrew) October 11, 2023 فيما أكد المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، عدم وجود معلومات لديه تؤكد تلك المزاعم وفقا لوكالة الأناضول التركية. وكانت حركة حماس وفقا للوكالة قد نفت في بيان نشرته عبر موقعها الإلكتروني، اليوم الأربعاء، ادعاءات وسائل إعلام غربية تتهمها ب"قتل أطفال وقطع رؤوسهم واستهداف مدنيين" في إسرائيل. واعتبرت أن "التبني والانحياز للرواية الصهيونية دون تحقّق، ما هو إلا سقوط إعلامي في محاولة للتستر على جرائم الاحتلال ومجازره التي يرتكبها ليل نهار في غزة والتي ترقى إلى جرائم حرب وإبادة جماعية باستهدافه المدنيين وقطع الكهرباء والماء والمواد الغذائية والطبية عنهم".