لم تنقطع على مدار الساعات مقاطع الفيديو لمقاتلين فلسطينيين يحتجزون جنودا ومستوطنين إسرائيليين في خضم هجوم غير مسبوق أطلقته حركة "حماس" ضد إسرائيل. وتحدثت وسائل إعلام فلسطينية وإسرائيلية عن تسلل أكثر من ألف مقاتل من نشطاء حماس وفصائل أخرى إلى بلدات ومستوطنات إسرائيل المحاذية لقطاع غزة. ووصل هؤلاء حتى 40 كيلومترا من قطاع غزة ليتم نقل المعركة إلى داخل إسرائيل في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ونشرت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي عدة مقاطع فيديو لأسر مقاتليهما جنودا إسرائيليين. وظهر في مقاطع أخرى مدنيين إسرائيليين يتم اقتيادهم إلى داخل قطاع غزة من مسلحين وحتى من مدنيين فلسطينيين. وتوافد مئات الفلسطينيين منذ ساعات الصباح إلى المنطقة الحدودية في قطاع غزة فيما ظهرت دبابة تقوم بهدم السياج الفاصل الذي تقيمه إسرائيل. وأطلقت "حماس" هجومها ضد إسرائيل تحت اسم "طوفان الأقصى" منذ ساعات صباح اليوم بشكل مباغت ومن دون أي مقدمات ميدانية. وبدأ هجوم حماس بإطلاق آلاف القذائف الصاروخية باتجاه إسرائيل. وقال الجيش الإسرائيلي إنه "تم إطلاق نحو 2200 قذيفة وصاروخ نحو إسرائيل". بالموازاة تمت عمليات تسلل غير مسبوقة لمقاتلين فلسطينيين داخل الأراضي الإسرائيلية. وجرت محاولات عمليات التسلل من قطاع غزة برا وبحرا وجوا، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية. وأعلنت إسرائيل عن أكثر من 40 قتيلاً و740 جريحاً على الأقل منذ الصباح. وصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بداية جلسة المجلس الوزاري السياسي الأمني، بأن إسرائيل "في حالة حرب". وقال نتنياهو "هدفنا الأول هو أولا وقبل كل شيء تطهير الأراضي من قوات العدو التي تسللت وإعادة الأمن والسلام إلى المستوطنات التي تعرضت للهجوم". وأضاف "الهدف الثاني في نفس الوقت هو محاسبة العدو على ثمن باهظ، وفي قطاع غزة أيضاً. والهدف الثالث هو تحصين الساحات الأخرى حتى لا يتسنى لأحد يرتكب خطأ الانضمام إلى هذه الحرب". وبعد نحو ساعتين من هجوم حماس، أعلن الجيش الإسرائيلي عن إطلاق عملية "السيوف الحديدية" ضد الحركة التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007. وبموجب ذلك شنت عشرات الطائرات الحربية الإسرائيلية سلسلة كبيرة من الغارات على مناطق متفرقة من قطاع غزة الذي تحول إلى ساحة حرب مفتوحة. واستهدفت الغارات الإسرائيلية -بحسب مصادر محلية- منازل سكنية ومقرات تابعة لحماس وأراض زراعية. واستشهد أكثر من 160 فلسطينيا وأصيب نحو 1000 آخرين بجروح في الهجمات الإسرائيلية المتواصلة، بحسب مصادر طبية في غزة. وأفاد مصدر طبي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، بأن مقر الطوارئ في مجمع الشفاء الطبي الأكبر في قطاع غزة يستقبل بشكل مستمر إصابات حرجة، وأن حصيلة الشهداء مرشحة للتصاعد بشدة. وقالت مصادر محلية إن صحفيين قتلا خلال تغطيتهما التطورات قرب السياج الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل. وتم إعلان تعطيل كل أشكال الحياة في قطاع غزة والعمل بنظام الطوارئ من الجهات الحكومية التابعة لحماس. وتوافد سكان قطاع غزة البالغ عددهم أكثر من مليوني و300 ألف نسمة على المحلات التجارية لشراء مواد تموينية وغذائية لتأمين احتياجاتهم. ويسود التأهب في قطاع غزة من استمرار العنف مع إسرائيل لأيام في ظل التطورات غير المسبوقة الحاصلة. وشنت إسرائيل أربع حروب على قطاع غزة بين عامي 2008 إلى 2021 وعشرات الجولات من العنف المتقطع. وأعلن قائد كتائب القسام محمد الضيف في مستهل هجوم الحركة عن إطلاق عملية "طوفان الأقصى" ضد إسرائيل. وقال الضيف في رسالة صوتية "قررنا أن نضع حدا للانتهاكات الإسرائيلية والضربة الأولى من عملية طوفان الأقصى تجاوز 5 آلاف صاروخ استهدفت العدو (إسرائيل)". فيما صرح إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بأن "المقاومة الفلسطينية تخوض ملحمة بطولية عنوانها الأقصى والمقدسات". وقال هنية، في بيان تلقت ال (د.ب.أ) نسخة منه، إن السبب المركزي والأساس لما يجرى "العدوان الإسرائيلي الإجرامي الذي تم على المسجد الأقصى وبلغ ذروته خلال الأيام الماضية". من جهته، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس على "حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه" في أول تعليق له على التوتر الحاصل في قطاع غزة. وأوردت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، أن عباس ترأس اجتماعا قياديا طارئا ضم عددا من المسئولين المدنيين والأمنيين. وبحسب الوكالة، وجه عباس ب"ضرورة توفير الحماية لأبناء شعبنا"، مؤكداً على "حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه في مواجهة إرهاب المستوطنين وقوات الاحتلال". وأصدرت فصائل فلسطينية بيانات منفصلة تؤيد فيها هجوم حماس وتدعو إلى النفير العام ضد إسرائيل. وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي وجماعات أخرى مسلحة انخراط مقاتليها في المواجهة مع إسرائيل.