محمد مسعود ل«الشروق»: إصدار كود فحص المبانى الأثرية فى مارس المقبل تحديث كود الزلازل خلال 8 شهور.. وإصدار كود منفصل للمبانى الشاهقة قريبا إعادة تقييم اشتراطات الحماية المدنية لمواجهة الحرائق بأقل قدر من الخسائر استخدام مخلفات البناء فى صناعة الطوب.. والبلاستيك للرصف المبانى الخرسانية الأنسب لمصر.. ونسعى لربط المطورين بصناع مواد البناء الأخضر قال رئيس المركز القومى لبحوث الإسكان والبناء، محمد مسعود، إن المركز يعيد تقييم اشتراطات الحماية المدنية لضمان مواجهة الحرائق والخروج منها بأقل خسائر ممكنة، وكذلك إصدار كود لفحص والتعامل مع المبانى الأثرية بحلول مارس المقبل. وأشار مسعود، الذى تولى مهام منصبه قبل أسابيع، إلى خطة لتوطين صناعة مستلزمات البناء لتوفير العملة الصعبة، وإعادة استخدام مخلفات البناء والهدم فى صناعة الطوب والبلاستيك المعاد تدويره لرصف الطرق. وتحدث مسعود فى حواره مع «الشروق»، عن التغير المناخى، مؤكدا أنه يدفع العالم إلى التحول للبناء الأخضر من خلال تشييد مدن صديقة للبيئة، وتحدث أيضا عن تكرار حالات انهيار العقارات، كاشفا عن إعداد دليل لفحص المبانى القديمة وترميمها، ضمن مشروع يستهدف إصدار «شهادات ميلاد» للعقارات، تتضمن حالتها وتسلسل ملكيتها.. وإلى نص الحوار: * بداية.. كيف يؤثر التغير المناخى على طرق وأساليب البناء؟ تغير المناخ دفع العالم إلى التوجه نحو إقامة مبانٍ صديقة للبيئة، أو ما يعرف بالبناء الأخضر؛ فقد ساهمت انبعاثات ثانى أكسيد الكربون الناجمة عن مصانع مواد البناء، والاستغلال السيئ للمواد الخام فى ظاهرة الاحتباس الحرارى والتغير المناخى، التى رأينا تداعياتها خلال الفترة الماضية وآخرها فى ليبيا. ونتيجة للتغيرات المناخية بدأت بعض الموارد المتاحة للبناء فى النضوب، مما دفع الأممالمتحدة، ومنظماتها المختلفة إلى تحفيز الدول على إعادة التعامل مع الموارد الطبيعية وإعادة استخدام المخلفات، بما يقلل من الانبعاثات. * ما هى مواصفات البناء الأخضر؟ هناك مقومات أساسية لتحقيق مبنى أخضر صديق للبيئة تشمل الطاقة والعزل واستخدام المياه وموقع العمارات ونسبة المساحات الخضراء. فى عام 2009 بدأنا إعداد كود البناء الأخضر، وحدثناه فى 2017، وعلى أساسه بدأنا تقييم المبانى؛ فلكل مبنى درجة توافق معينة مع معايير الكود، سواء ذهبى، أو بلاتينى أو فضى، كما نعمل حاليا على إعداد دليل مبسط للمواطن ونتوقع صدوره خلال أيام. * ما أهم ملامح هذا الدليل؟ الدليل سيشمل مجموعة من الإرشادات للتعامل مع الطاقة والمياه وغيرها بما يحول المنزل إلى صديق للبيئة؛ فمثلا ندعو لاستخدام اللمبات الليد الموفرة للطاقة، وعدم خفض درجة حرارة المكيفات عن 25 درجة، ووضع عاكس على زجاج النوافذ، واستخدم دهانات مقاومة للحرارة. الدليل أيضا سيتضمن نصائح لترشيد استهلاك المياه؛ بوضع مستشعرات، ومراجعة الخلاطات وأمور السباكة كافة؛ لمنع أى تسريبات، كما ينصح بالتوسع فى استخدام الأثاث والمنقولات المصنوعة من مواد معاد تدويرها. وهى أمور مهمة نعمل من خلالها على تحفيز المواطن للاستمتاع بمنزله، كما ستعود عليه بالنفع من خلال خفض فاتورة المياه والكهرباء. * ما هو دور المركز فى إعادة استخدام المخلفات؟ المركز مهتم بالتوسع فى إعادة استخدام المخلفات، بما يوفر مواد بناء منخفضة التكلفة ويحل مشكلة أخرى فى التخلص الآمن من هذه المخلفات. فالمخلفات الناتجة عن أعمال البناء والهدم من الممكن إعادة استخدامها فى صناعة الطوب، ويمكن أيضا استخدام الرمال بمواقع البناء فى الصناعة نفسها. كما ندرس الاستفادة من أتربة الأسمنت، وإعادة استخدام مخلفات محطات المعالجة. والمركز أصدر بالفعل كود المخلفات سواء الصلبة أو مخلفات المبانى، وبموجبه نعمل على الاستفادة من مخلفات البناء فى أعمال الطرق، واستخدام البلاستيك المعاد تدويره فى تقليل استهلاك البيتومين، وهو أحد المشتقات البترولية المستخدمة فى الرصف. * وما دوركم فى مواجهة تكرار حالات انهيار العقارات؟ المركز استشارى للدولة؛ دورنا إجراء دراسات فنية، وإصدار أكواد، وأدلة. وأخيرا تلاحظ تكرار حالات انهيار العقارات ومنها فى الإسكندرية والبحيرة والقاهرة وبدأ الأمر يتحول إلى ظاهرة؛ فبدأنا إعداد دليل للتعامل مع المبانى القائمة، خاصة القديمة، يستهدف حصر وتوصيف المبنى وتصنيفه إلى شديد الخطورة، ومتوسط الخطورة، وقليل الخطورة. وفى حالة المبانى شديدة الخطورة سيجرى التعامل معها مباشرة بعد معاينتها وتقييم حالتها على الطبيعة وتدعيمها بعناصر إنشائية تقاوم الأحمال الموجودة بالمبنى بما يجعله آمنا. أما المبانى متوسطة الخطورة فنحدد العناصر المختلفة المطلوبة ونتعامل معها دون استعجال، والمبانى قليلة الخطورة فتكون أمورا بسيطة لا تؤثر على أمان المبنى. * من سيتولى تطبيق هذا الدليل؟ الأحياء ومؤسسات الحكم المحلى، ونقترح تطبيقه من خلال تشكيل لجان فى كل محافظة بالتعاون مع الجامعات، على أن تعاين المبانى على أرض الواقع وفق المعايير المحددة بالدليل. والمشروع يستهدف فى الأساس، مبانى الستينيات والسبعينيات والخمسينيات، والتى قد تشهد شروخا أو عناصر أخرى تؤدى لانهيارها. والمشروع أيضا سيكون مفيدا فى إصدار شهادات ميلاد للمبانى، تتضمن حالتها الإنشائية واستخداماتها، فضلا عن تسلسل ملكية العقارات. * وما مستجدات تحديث كود الزلازل؟ بعد زلزال 1992 أصدرنا كود الأحمال (الزلازل)، وأصدرنا تحديثات فى عام 1997 وفى الألفينيات أيضا، وحاليا نعمل على تحديث هذا الكود وفقا للتعاون القائم مع معهد الدراسات الفلكية والفيزيقية، المسئول عن رصد ومتابعة الزلازل، والذى يمدنا بخريطة بمواقع الزلازل وشدتها على مستوى الجمهورية. وبناء على خريطة الزلازل الجديدة نعمل على تحديث كود الأحمال، لوضعها فى الاعتبار عند تصميم وتشييد المبانى؛ فعند تصميم المبانى الخرسانية مثلا نراعى القوة الزلزالية المتوقعة من خلال عناصر خرسانية أو معدنية معينة تمكن المبنى من مقاومة أى هزات أرضية. * متى يصدر هذا التحديث؟ فى غضون 7 أو 8 شهور. * كيف ترى أبراج العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة خاصة أنها نمط جديد للبناء فى مصر؟ هى تندرج ضمن المبانى الشاهقة، ولأجلها نعمل على إعداد كود خاص نتوقع صدوره خلال شهر، وهو يضع محددات معينة للتعامل مع هذا النوع، منها وضع مستشعرات «سينسور» فى المبنى لقياس الحركة الأرضية، وهو معمول به فى برج خليفة فى دبى، وكيفية التعامل مع هذه المبانى غير التقليدية، وصيانتها، بمرور الوقت. وعرضنا تفاصيل هذا الكود على جميع الشركات والمكاتب الاستشارية وشركات المقاولات وعلى الجامعات والمراكز البحثية، وتلقينا ملاحظاتهم. * وماذا عن مستجدات تحديث اشتراطات الحماية المدنية؟ بالفعل، صدرت توجيهات من وزير الإسكان بتشكيل لجنة لإعادة تقييم الاشتراطات الحالية والتعامل مع الحالات، التى تواجه مشكلات فى تطبيق هذه الاشتراطات. مع الأسف ثقافة الحريق لم تكن موجودة من قبل، الناس كانت تتعامل مع الأمر من منطلق «وهو امتى هيحصلنا حريق يعنى»، فتجد مبانى عديدة أقيمت دون أخذ اشتراطات الحريق فى الاعتبار. والمركز أصدر بالفعل كود حريق بالنسبة للأعمال الصناعية، والجراجات، والمولات، وللمبانى السكنية أيضا؛ لتوفير حماية للناس، وإيجاد منافذ للهرب، والتعامل مع الحريق بأقل دمار ممكن. والأكواد التى نصدرها تتمتع بالمرونة، وأى تحديث يراعى آخر الأبحاث، والتغيرات فى الأكواد العالمية، وننتقى منها ما يتناسب مع البيئة المصرية. وإلى جانب تحديث أكواد الحريق الموجهة للمبانى قيد الإنشاء، نعمل أيضا على إصدار كود للمبانى القائمة ولا تتمتع بمنظومة حريق، ومنها المنازل التى أقيمت فى التسعينيات والثمانينيات. * كيف تعاملتم مع الاعتراضات على كود الجراجات فى المدن الجديدة؟ الكود لا يزال قيد الإعداد، وناقشنا تفاصيله مع ممثلين عن الجهات المعنية، بما فى ذلك المستثمرون العقاريون، واجتمعنا مع مستثمرى العاصمة الإدارية والقاهرة الجديدة، بخصوص طلبهم تخفيض عدد السيارات داخل الجراجات. وكان لديهم تصور أن موعد استخدام الوحدات الإدارية مثلا للجراج مختلف عن الوحدات السكنية، وأيضا العقارات أو المراكز التجارية الموجودة بجانب محطات مترو الأنفاق أو من تتوفر لها أتوبيسات ستتراجع حاجتها إلى الجراج، وبالفعل أخذنا بهذه الملاحظات، ونتوقع الانتهاء من إعداد الكود فى غضون شهر. * بعد ارتفاع تكاليف البناء.. ما دور المركز فى إيجاد طرق بديلة؟ «أى حاجة هتوفر للدولة جنيه هنعملها».. ونعمل حاليا على دراسة مواد ومتطلبات البناء، التى تتضمن عناصر دولارية، ومنها منتجات الكهرباء على سبيل المثال؛ لتشجيع الشركات المصرية والمستثمرين المحليين على توطين صناعتها فى مصر. صحيح أنه من الصعب إيجاد بدائل محلية لكل المكونات لكن على الأقل نسعى لتعظيم المنتج المحلى وتقليل فاتورة الاستيراد. * هل هناك طرق بناء مناسبة بخلاف الطوب والخرسانة؟ مصر بلد رملى، الأسمنت رخيص بالنسبة لدول أخرى، تعتمد على طرق مختلفة مثل الخشب كما فى كندا والولايات المتحدة؛ التى تتمتع بتوافر الغابات. استخدمنا أنظمة مختلفة، مثل الحوائط الحاملة، والفوم، والرمال المثبتة، وكذلك الحديد فى مبانٍ من دور واحد أو دورين، لكن اقتصاديا فالمبانى الخرسانية هى الأنسب للبيئة المصرية. * ما الجديد فى ملف ترميم وصيانة المبانى التاريخية والتراثية؟ فى الفترة الأخيرة، وبعد الزلزال فى تركيا وسوريا، وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى بتشكيل لجنة لإعداد كود للتعامل مع هذه المبانى وصيانتها بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار ومعهد الفلك. * ما تفاصيل هذا الكود؟ الكود سيحدد الطريق الأنسب لفحصها والتعامل مع أى مشكلات تظهر، وطريقة ترميمها، وصيانتها. * متى يصدر؟ سيصدر خلال مارس المقبل. * أخيرا.. ما خطتك للمركز القومى لبحوث الإسكان فى الفترة المقبلة؟ المركز له ذراعان، الأولى بحثية والثانية أعمال استشارية تخص الدولة، وهدفى ربط الأبحاث بمتطلبات الدولة بما يحقق مردودا اقتصاديا، مثل استخدام مخلفات البناء، واستخدام المخلفات الصلبة الناتجة من محطات الصرف الصحى، وتقليل المكونات المستوردة فى المبانى، والتوسع فى أساليب الإسكان الأخضر. وفيما يخص الإسكان الأخضر تحديدا نعمل على ربط المطورين بصناع مواد البناء الأخضر، وجمعهم على طاولة واحدة، من خلال معرض على مساحة 1500 متر مربع؛ فالمصنع لا يعلم من ينتج المواد المطلوبة، والمنتج لا يعلم احتياجات المصنع بصورة كاملة.