مع نهاية شهر سبتمبر الحالى، يبدأ العد التنازلى لعودة مهرجان الجونة السينمائى بعد غياب عام، لتقام دورته السادسة خلال الفترة من 13 إلى 20 أكتوبر المقبل، بمشاركة 82 فيلما، فيما يعرض فى الافتتاح الفيلم القصير «60 جنيه» للمخرج عمرو سلامة. «الشروق» التقت بمدير المهرجان انتشال التميمى، ليتحدث عن برنامج الدورة السادسة، وسبب اختيار فيلم قصير للافتتاح، ولماذا تبحث إدارة المهرجان دائما عن نموذج نجاح الدورة الأولى، كما يتحدث عن التغييرت التى جرت على الفريق الفنى، وحجم التحدى الذى يواجه الميزانية فى ظل الظرف الاقتصادى الحالى، كما يكشف عن صعوبات فى جذب الأفلام العربية، بسبب الدعم الذى يقدمه لها مهرجان البحر الأحمر. يقول انتشال التميمى: متفائل جدا بهذه الدورة رغم الصعوبات الاقتصادية العالمية التى تأثرت بها صناعة المهرجانات فى مصر بدرجة كبيرة، فقد كان هناك تخوف من حدوث خلل فى الميزانية وتجاوزنا ذلك، وكان هناك تخوف كبير أيضا من عدم الوصول لأرقام جيدة تقدم كجوائز لمشاريع منطلق الجونة، ولكن كانت المفاجأة أن ما توصلنا إليه حتى هذه اللحظة، 320 ألف دولار نصفها نقدى، ولا نزال نحصل على دعم إضافى، لأن المؤتمر الصحفى أعطى دفعة قوية جدا، للمهرجان، وشجع رعاة جدد على الانضمام للمهرجان. فما يمكننى قوله إن هذا المهرجان يسعى للتطور المستمر مهما كلفنا الأمر من وقت وجهد ومال. ونحن لدينا هذا العام برنامج يضم 82 فيلما، تشكل جزءا من أهم أفلام العالم، منها الحاصل على السعفة الذهبية لمهرجان كان، «تشريح سقوط»، والحاصل على الدب الذهبى لمهرجان برلين الوثائقى الفرنسى «على قارب أدامان»، والحاصل على النمر الذهبى لمهرجان لوكارنو، «أن نحلم ونموت»، بالإضافة إلى واحد من أهم أفلام العام وهو «قتلة زهرة القمر» أحدث أفلام المخرج الأمريكى مارتن سكورسيزى، وغيرها من الأعمال الهامة. تعددت أسباب تأجيل المهرجان العام الماضى.. فالبعض قال إن القرار بسبب أزمة اقتصادية والبعض قال بسبب خلافات إدارية والبعض قال بسبب صدام مع الدولة بعد أزمة فيلم «ريش».. فما الحقيقة؟ تأجيل الدورة أصبح شيئا من الماضى، ولا أحب الخوض فى أسباب ذلك الآن، لأن المهم فى الوقت الحالى هو أن المهرجان عاد، ونستعد بالفعل لإطلاق دورته السادسة فى 13 أكتوبر المقبل، أى بعد أسبوعين تقريبا، وقد قمنا باستغلال هذه السنة، فى البحث عن أفكار جديدة لتطوير المهرجان. لكن ما أود التأكيد عليه، أن الحكومة لم تتدخل يوما فى المهرجان، ولم تضغط علينا فى شىء، بالعكس هم يسهلون لنا كثيرا من التفاصيل، من خلال التعاون مع وزارة الثقافة والمركز القومى للسينما. توقع الجميع عدم عودة المهرجان كما حدث مع أبو ظبى ودبى.. هل كان مهددا بالإلغاء تماما؟ الحقيقة أننى منذ إعلان قرار التأجيل، كان لدى ثقة كاملة فى عودة المهرجان، لعدة أسباب منها حماس سميح ساويرس، واحتفاظه بفريق البرمجة لمدة 6 أشهر، فمن المستحيل أن يدفع رواتب للفريق هذه المدة إلا إذا كان لديه نية عودة المهرجان. ربما أكثر من 95% من الناس لم يصدقون وقت إعلان تأجيل الدورة السادسة ل2023، أن المهرجان سيعود مرة أخرى، وربما يكون لديهم بعض الحق لأن هناك أكثر من سابقة لمهرجانات أخرى فى المنطقة العربية، تم تأجيلها ولم تعد حتى الآن، وأبرزها دبى وأبو ظبى، ولكن الجانب الإيجابى لذلك، أن الجميع فى الوسط السينمائى شعر بفرحة كبيرة عند إعلان عودة المهرجان، لأن الكثيرين شعروا بفراغ كبير بغيابه، فالمهرجان منذ دورته الأولى أصبح موعدا منتظرا، للسينمائيين والصحفيين العرب. تتحدث عن احتفاظ المهرجان بالمبرمجين ولكن الواقع يقول إن فريق البرمجة جرت عليه تغييرات كبرى.. هل كان ذلك بسبب استقالة محمد طارق ومحمد عاطف؟ التغيير فى المهرجانات شىء طبيعى، وبالفعل حدث تغيير كبير فى فريق البرمجة، فبعد أن تعاقدنا مع أندرو محسن قبل مهرجان كان بأيام قليلة، صادف ذلك استقالة محمد طارق، ومحمد عاطف، ثم جاءت بعد ذلك فكرة أن يتم تعيين مدير فنى، فتم اختيار ماريان خورى، بالإضافة إلى الشوربجى، والمبرمجون الثلاثة الأجانب؛ نيكول جيميه، وتيريزا كافينا، ورامان شاولا. ورغم أنه لم يكن هناك نية فى البداية لتعيين مدير فنى خلفا لأمير رمسيس، باعتبار الإدارة الفنية من مهام مدير المهرجان، ولكن الحقيقة أن وجود ماريان خورى، كان فارقا، فقد أضافت للمهرجان الكثير بخبرتها وتجربتها وعلاقاتها، وهى إنسانة دءوبة جدا، والحقيقة أنها وأندرو محسن كانا منسجمين جدا مع فريق البرمجة، انصهرا سريعا معه، وهذا ما جعلنى أشعر أن الفريق متكامل. توقف البعض عند وجود يوسف الشاذلى مديرا لجسر الجونة بالتوازى مع اختيار والدته ماريان خورى مديرا فنيا وعرض أفلام المهرجان فى سينما زاوية.. ما هى فلسفة المهرجان فى الاختيار؟ البداية كانت باختيار يوسف الشاذلى مديرا لجسر الجونة، وقد قدم بالفعل أداء جيدا جدا فى الدورة السادسة، وقام بتحضير برنامج واسع جدا ومميز عن ما تم تقديمه فى الدورة الخامسة. بعد فترة من تعيين يوسف الشاذلى حصل تواصل بخصوص سينما زاوية، لأنها كانت تمر بظروف صعبة وتحتاج إلى رعاة، فتوجهت إدارتها إلى المهندس سميح ساويرس، ووافق على أن يكون مهرجان الجونة أحد رعاتها على مدار العام وليس فقط خلال فترة المهرجان. أما اختيار ماريان خورى مديرا فنيا، فقد جاء فى مرحلة لاحقة، وبالتالى الأمور لم تجرَ كما قد يتصور البعض، فماريان خورى لم يكن لها أى علاقة بترشيخ يوسف الشاذلى، لأنه بالفعل تعاقد مع المهرجان وبدأ عمله قبلها. صرحت ماريان خورى أنها ستتواصل مع مهرجان البحر الأحمر للتفاهم بخصوص اشتراطهم على الأفلام العربية التى يدعمونها بأن تعرض عندهم أولا.. هل يعنى ذلك أنكم واجهتم أزمة فى استقطاب الأفلام العربية هذا العام؟ كان هناك تنافس كبير هذا العام على الأفلام الجيدة دوليا وعربيا، وقد حصل مهرجان البحر الأحمر على حصته الطبيعية من الأفلام الدولية، كما حصل الجونة وكذلك القاهرة على حصتهما من الأفلام الدولية الجيدة، لكن على مستوى الأفلام العربية، فقد اكتشفنا، أن 90% من الأفلام العربية المشاركة فى مهرجان «كان» حاصلة على دعم من مؤسسة مهرجان البحر الأحمر، ولأن مهرجان «كان»، استقطب بالفعل أهم الأفلام العربية هذا العام، فكان طبيعيا أن تذهب الحصة الأكبر منها لمهرجان البحر الأحمر، ولكن رغم ذلك احتفظنا فى الدورة السادسة بحصتنا الطبيعية التى تتراوح كل عام بين 4 و5 أفلام عربية، مميزة وجادة. ميزانية المهرجان كانت فى دورته الخامسة تتراوح بين 50 إلى 70 مليون جنيه بما يعادل 4 ملايين دولار تقريبا.. مع التغيرات الاقتصادية التى حدثت هل تأثرت ميزانية المهرجان هذا العام؟ لا يوجد مؤسسة فى مصر تواصل نشاطها هذا العام، إلا وستكون مجبرة على زيادة ميزانيتها على الأقل بنسبة 50%، وهذا ما حدث فى مهرجان الجونة هذا العام. وما يميز الجونة أن جزءا كبيرا من ميزانيته يتم تحصيلها بالدولار، وبالتالى الغلاء مسّ جزءا من الميزانية الذى يتم تحصيله بالجنيه المصرى وليس كامل الميزانية. ورغم أن الميزانية تأثرت، وبالكاد تكفى لإقامة الأنشطة الأساسية، لكن المهرجان بشكل عام لا يواجه أزمات مالية، فكل الثغرات نعمل على حلها أولا بأول، حتى لا تتأثر جودة المهرجان، التى اعتاد الجميع عليها فى دوراته الخمس السابقة. المهرجان أعلن عن تدشين سوق هذا العام رغم أنك كنت ضد الفكرة فى السابق وتراها غير عملية.. ماذا تغير؟ صحيح أننى فى وقت سابق كان لدى شكوك حقيقية حول إمكانية إقامة سوق ناجحة فى مهرجانات المنطقة وليس فقط فى مصر، ولكن المهرجان يفكر له أشخاص عديدة لهم أصوات ورؤى مختلفة، وبالتالى لست صاحب الرأى الوحيد داخل المهرجان. وما حدث أن هناك فكرة تم تقديمها لانطلاق السوق فى هذه الدورة، كجزء من التوسع الذى يشهده نشاط منصة الجونة، خاصة أن جميع أنشطتها هذا العام ستقام فى مكان واحد، هو مركز المهرجان الرئيسى «بلازا»، وبالتالى المكان سيجمع كل ما يتعلق بالصناعة وسيكون أكثر فعالية. والحقيقة أن البدايات حتى هذه اللحظة كانت مبشرة، فقد تم تخصيص 20 كابينة تم بيعها بشكل كامل. فى الدورة الخامسة تخليتم عن عرض فيلم فى الافتتاح وهذا العام تعرضون فيلما قصيرا هو «60 جنيه».. ألن يرسخ ذلك الانطباع بأن الجونة مهرجان للفساتين وليس للسينما وهو الاتهام الذى تتبرأون منه دائما؟ السبب أن تفاصيل حفل افتتاح مهرجان الجونة طويلة مقارنة بمهرجانات السينما الأوروبية، وهذا الحفل لا نستطيع التخلى عنه ولا نقطتع منه، لأنه يقدم إفادة كبيرة جدا للمهرجان، فهو الجزء الذى يذاع على الهواء، والجمهور ينتظره فى كل العالم العربى من العام للعام، فقد أصبح حفل الافتتاح حدثا لا يمكن التخلى عنه، ومن هنا جاءت فكرة عرض فيلم قصير فى الافتتاح، حتى لا نكون تخلينا عن فكرة عرض فيلم فى الافتتاح، وفى الوقت نفسه لا نطيل على ضيوف الافتتاح، فالأمر فى الدورات السابقة كان مرهقا على من يحضر الافتتاح، ففعاليات السجادة الحمراء تستمر لمدة ساعتين تقريبا، يضاف إليهما ساعة هى مدة الحفل، ولأن المدة طويلة ومرهقة، كان جزء كبير من ضيوف حفل الافتتاح يغادرون القاعة ولا يشاهدون فيلم الافتتاح، ربما يحدث ذلك لأن نسبة كبيرة منهم ليسوا سينمائيين، بعضهم مسئولون وآخرون رعاة. ووقع الاختيار على فيلم «60 جنيه»؛ لأنه تتوافر فيه مقومات فيلم الافتتاح، مخرجه معروف هو عمرو سلامة، ومحتواه مناسب جدا لحفل الافتتاح وينسجم مع فقراته، فمن يشاهده لن يشعر أنه انفصل عن أجواء الحفل. وهى فى النهاية تجربة نتمنى لها النجاح، لكن لا يوجد شىء ثابت. ذهاب التكريم فى هذه الدورة للمخرج مروان حامد وليس لنجم تمثيل.. هل هى إشارة إلى تغيير فى استراتيجية التكريمات بسبب الانتقادات التى طالت المهرجان بعد تكريم هنيدى والسقا؟ لا أعتبر اختيار مروان حامد هذا العام تغييرا فى استراتيجية التكريمات، فنحن كل عام يكون لدينا مجموعة من الأسماء المقترحة للتكريم ونختار من بينهم فى النهاية اسما واحدا، لكن باقى الأسماء كلها تستحق التكريم أيضا وسيأتى عليها الدور فى الدورات المقبلة. هذا العام وقع الاختيار على المخرج مروان حامد من مصر، وسيكون هناك مكرّم عربى سيتم الكشف عنه قريبا، كما نواصل المفاوضات مع نجوم أجانب للاختيار من بينهم. توقف البعض عند إعلان المهرجان اختيار رئيسة لجنة تحكيم من البوسنة بعد يوم من إعلان مهرجان القاهرة مخرجا من البوسنة أيضا لرئاسة لجنة تحكيمه.. هل الصدفة تصل إلى هذا الحد؟ هذا العام خاطبنا غالبية أعضاء لجنة التحكيم فى شهر يونيو الماضى، وحصلنا على موافقات فورية من الغالبية، باستثناء عدد قليل من الأعضاء أجلوا موافقتهم لشهر يوليو، المخرجة البوسنية ياسميلا زبانيتش، كانت من بينهم، لأنها كان معروضا عليها مسلسل أمريكى، وتعطل تصويره بسبب إضراب الممثلين فى هوليود، فوافقت منذ شهر يوليو الماضى على أن تكون رئيسا للجنة التحكيم. أما أن يكون توقيت الإعلان عنها، موافقا لتوقيت الإعلان عن المخرج البوسنى دانيس تانوفيتش رئيسا للجنة تحكيم مهرجان القاهرة، فهذا شىء غريب، لكنه فى النهاية يبقى محض صدفة. أخيرا.. تتحدثون دائما عن نموذج نجاح الدورة الأولى وأنكم تسعون إليه.. لماذا الدورة الأولى وليس غيرها من الدورات التالية؟ نبحث جميعا عن تكرار نجاح الدورة الأولى، لأنها كانت عبارة عن مفاجأة كبرى، ليس فقط للجمهور وصناع السينما، ولكن لفريق المهرجان أيضا، فما نقصده من السعى لتحقيق نجاح الدورة الأولى، أننا دائما فى كل دورة نسعى لتحقيق عنصر المفاجأة، كما حدث فى الدورة الأولى. وهذه المفاجأة، حدثت لأننا حتى قبل أسبوع واحد من انطلاق الدورة الأولى عام 2017، كانت تلاحق المهرجان شائعات، تقول إن المهرجان سيكون كارثة كبرى، ربما كان ذلك بسبب تسريب معلومات فى شهر يوليو السابق لانطلاق الدورة الأولى بأن المهرجان لم يحصل إلا على ثلاثة أفلام فقط، وكان ذلك حقيقيا بالفعل، لذلك عندما حدث هذا النجاح الكبير الذى فاق توقعات الجميع، حدث عنصر المفاجأة، ونستطيع أن نقول بأن نجاح المهرجان، كان نقلة حقيقية فى أداء المهرجانات السينمائية بالمنطقة، وتحديدا فى مصر. التتبع