نحتفل في عام 2023 بمرور نصف قرن على ذكرى انتصار حرب أكتوبر، التي اشتعلت شرارتها في السادس من شهر أكتوبر عام 1973. وعلى الجانب الآخر تهتم الصحافة والإعلام الإسرائيلي بالحديث عن هذه الفترة، والتي يعرفونها باسم "حرب يوم الغفران"، كما أُطلقت قبل شهر من إحياء الذكرى الخمسين أرشيف شامل من آلاف الوثائق والصور والتسجيلات ومقاطع الفيديو عن الحرب، ولكن ماذا عن السينما والتلفزيون؟. ماذا يعرض في سينمات إسرائيل عن الحرب؟ في 28 أغسطس بدأت صالات السينما الإسرائيلية في عرض فيلم Golda، من تأليف نيكولاس مارتن، وإخراج جاي ناتيف، وتجسد شخصية رئيسة وزراء إسرائيل جولدا مائير الممثلة البريطانية هيلين ميرين، وهو إنتاج بريطاني أمريكي، وكان عرضه الأول في 20 فبراير 2023 في ألمانيا. تجري أحداث فيلم "جولدا" في إطار زمني محدد وضيق، الأسابيع الثلاثة بين اندلاع حرب أكتوبر والاقتراح الأمريكي بوقف إطلاق النار، وتنحصر مواقع التصوير داخل الفيلم أيضاً في: الخندق الذي يجتمع فيه رئيس الأركان في إقليم كاريا، وغرفتا النوم والمستشفى، حيث تعيش فيهما جولدا أسوأ لحظاتها، والمطبخ الذي تعد فيه الطعام وتستضيف كبار رجال دولتها ورئيس وزراء الولاياتالمتحدةالأمريكية. يركز الفيلم على شخصية جولدا بصورة مركزة، وتأثير القرارات التي تأخذها هي بنفسها أو رجال دولتها على حالتها النفسية والصحية، حيث يقدم شخصيتها كسيدة مضحية وعاطفية، تخرج من جلسات العلاج الكيميائي، إلى الخندق لتلقي صدمات الحرب، وفي نفس الوقت تعاني بسبب الضحايا من الجنود وذويهم. بالتزامن مع فيلم "Golda" يُعرض في دور السينما أيضاً فيلم درامي آخر مستوحي من أحداث حقيقية، فيلم the dock الرصيف، الذي يحكي قصة الحرب ولكن بعيون جنود محطة جيش الدفاع الإسرائيلي في السويس، كلا الفيلمين يظهران نهجين مختلفين في طرح ما حدث في الحرب. بدأ عرض الفيلم في السينمات الإسرائيلية في 3 أغسطس، وهو إنتاج إسرائيلي، وتدور أحداثه حول طبيب من تل أبيب يصل إلى الخدمة الاحتياطية في موقع ميزهات، معقل القوات المحتلة الإسرائيلية في أقصى الجنوب على خط بارليف على طول قناة السويس، وفي يوم 6 أكتوبر أصبح 42 جندياً برفقة الطبيب محاصرون بعد هجوم القوات المصرية. تقوم فكرة الفيلم الرئيسية على الصراح بين طرفين أحد الجنود الذي يرفض الاستسلام والطبيب الاحتياطي الذي يقترح الإنضمام إلى معسكر الأسرى، لأنهم تحت الحصار، وفي ظروف جسدية وعقلية تزداد سوءًا، ويصبح من الواضح أنه لا معنى فعليًا للوقوف في وجه الجيش المصري، مع نفاذ المعدات الطبية اللازمة لعلاجهم، وفي هذه المرحلة يطرح الطبيب ناحوم فيربين، إمكانية الاستسلام والدخول في الأسر بديلاً عن تعليمات "الحرب حتى الرصاصة الأخيرة" والطبيب "هيبي علماني" من إحدى المدن الكبيرة، ويقف في وجهه الملازم شلومو إردنست، خريج مدرسة سيدر الدينية وابن أحد الناجين من "المحرقة النازية التي أقامها هتلر لليهود على حد وصفهم"، وكأن الفيلم يشير إلى الفروق بين المواطنين الإسرائيلين وكيف تنعكس جذورهم على تصرفاتهم في الحرب. - شاشة التلفزيون تركز على حكايات سلاح الطيران بينما تعرض السينما أفلام تعود بالزمن إلى الخلف 50 عاماً لتروي الأحداث من وجهات نظر مختلفة، تركز شاشة التلفزيون الإسرائيلي على عرض سلاسل وثائقية عن قصص سلاح الطيران خلال حرب أكتوبر. حيث تعرض قناة Kaan 11 الإسرائيلية، "The One" في شهر سبتمبر، وهو سلسلة وثائقية جديدة، تريد أن تكشف القصة الكاملة للسرب 201 من سلاح الطيران الإسرائيلي، وكان السرب 201 هو المقاتل الذي تكبد أكبر الخسائر في الحرب، حيث قُتل 7 من طياريه وملاحيه، وتم أسر 14 طيارًا وملاحًا، وتضررت 15 طائرة من طائرات السرب. تُقدم السلسلة من خلال وجهة نظر الصحفية سيما كادمون، وهي جندية شابة، عملت ضابطة عمليات السرب أثناء الحرب، وكان عليها نقل الرسائل التي تأتي من ساحات القتال للقادة وأفراد السرب وعائلات الطيارين، وقد أصبح العديد من قدامى محاربي هذا السرب فيما بعد شخصيات رئيسية في النظام الأمني والعام والسياسي في إسرائيل، ومن بينهم دان حالوتس وإيتان بن إلياهو ورون حولداي وجيل ريجيف. وعلى رغم من مرور 50 عاما على الحرب إلا أن إسرائيل مازالت تتحدث عن أسباب الهزيمة وكيف وقعت ومن المقصر، لذلك يعرض الفيلم الوثائقي "Cheyil HaAvir BeYom Kippur" للمخرج الإسرائيلي ليفي زيني، والذي يطرح عدة أسئلة: هل قامت القوات الجوية بمهامها؟ وهل كانت على مستوى التوقعات الموضوعة عليها؟ وأين كانت القوات الجوية عند الهجوم؟ يعود الفيلم إلى تلك الأيام ويتطرق إلى المعركة بين الصاروخ "المصري - السوفيتي" والطائرة "الإسرائيلية - الأمريكية". يعتمد الفيلم على المواد الأرشيفية والبروتوكولات والتسجيلات التي النادرة، إلى جانب ذكريات أولئك الذين شاركوا في أيام القتال، ومن المتحدثين في الفيلم: اللواء متقاعد دافيد إيفري، اللواء متقاعد أفيحو بن نون، اللواء متقاعد إيتان بن إلياهو، العميد متقاعد أفيعام سيلا، العقيد يفتاح سبيكتور وغيرهم، ويحاول الفيلم أيضاً الإشارة إلى إفلات سلاح الجو من التحقيقات بعد الحرب.