أعلنت وسائل إعلام ليبية وعربية، عن وفاة الشاعر مصطفى الطرابلسي، بعد ساعات من نشره أبيات شعرية داعمة لوحدة وطنه، في ظل الكارثة الطبيعية التي وقعت خلال الأيام الماضية، بعد أن اجتاح إعصار دانيال دولة ليبيا، وتسبب في مقتل الآلاف والإصابات والخسائر المادية. وكان آخر ما كتبه الطرابلسي على صفحته الشخصية عبر "فيسبوك": "لا أحد يستطيع إلا أن يعجب بهذا النسيج الليبي المتوائم وهذه النخوة الليبية التي تظهر عند كل شدة ومن قال إن ليبيا ليست واحدة؟!". مصطفى الطرابلسي هو شاعر وكاتب ليبي، ولد في مدينة درنة وتخرج في جامعة عمر المختار، كتب مقالاته ونصوصه في الصحافة ويعتبر من النشطاء الثقافيين في مدين درنة، حيث كان يشارك في العديد من النشاطات والفعاليات الثقافية فيها. ومن منشوراته الأخيرة على صفحته على "فيسبوك" قبل رحيله: "ليس لنا في هذه الشدة إلا بعض.. لنتساند حتى لا نغرق". كان مصطفى الطرابلسي متابعا جيدا لما يحدث على أرض وطنه، وتفاعل مع الكارثة الطبيعية التي وقعت، من خلال قصيدة -وهي آخر قصائده- بعنوان "المطر"، نشرها على صفحته على "فيسبوك"، وجاء فيها: المطر.. يفضحُ الشوارعَ الرطبة والمقاولَ الغشاش.. والدولةَ الفاشلة يغسلُ كلَّ شيء.. أجنحةَ العصافير.. ووَبَر القطط يذكرُ الفقير بسقفه النحيل.. وردائهِ الهزيل - أصوله ونشأته.. أما عن نسبه وأصوله، أوضح الطرابلسي في منشور سابق له، بسبب مضايقات تلاحقه حول عدم انتماءه إلى درنة، وقال فيه: "لم يكن بيني وبين طرابلس غير ما أسماه أهل النحو ياء النسبة، والتصقت الصفة بالموصوف مجازا ولا قربة بينهما إلا من أمد بعيد، حيث هاجر أحد جد الأجداد من هناك على متن الأمواج، فألقت به إحداها على شواطئ رأس التين، من ثم استأجر دابةً قادته إلى المنحدر الذي يلقيك في وسط المدينة المسماة درنة". وتابع، "تقريبا هذا الكلام له بالتقريب ما يقرب عن مئتي عام، حيث تناسلت من بعده الأجيال تلو الأجيال، دون أن يراود أحدنا شعور بالغربة، بل الغربة شخصيا تكمن حين أزور طرابلس، فأحس كأني غريب الوجه واليد واللسان، وقد تنقل جدي لأبي في الأربعينات والخمسينات بين قرى برقة من طبرق إلى البيضاء معلما ومديرا لمدرسة الأبرق، وكان مغرما بمدينة درنة، وقد أهداها جهده التاريخي المعروف بكتاب درنة الزاهرة". - قصائد عن حب الوطن في آخر قصائده المنشورة على صفحته على "فيسبوك" كتب الطرابلسي، مرفقا صورة من إحدى قرى ليبيا، قصيدة عن الوطن وتحدى الصعاب والشدائد، قال فيها: ياما شايفة وياما تريد تشوف.. وفي كل مرة صابرة عالظلم عنيد قلبها ما يمتثل للخوف.. وديما غناويها أفراح وحلم في كل شدة عاصفة وظروف.. على روحها أدْافع بروح القَلَم وعاللي فضلها ناكرين والمعررف.. ألقتْ في وداع وفي خشوع السّلَمْ شهير اسمها وتاريخها معروف.. في كل موطن راسخة كي العَلَمْ جميل وصفها ما يفارقه موصوف.. ويزيدها قوة وجيع الألم ومن الواضح، كان للطرابلسي مواقف قوية ويحاول ممارسة حرية التعبير عبر شعره، لذلك تعرض للخطف عام 2016، وكتب عدد من الشعراء رافضين بشدة ما حدث له، حيث عثرت عليه الجهات المعنية مرميًا بالقرب من المحطة البخارية بالمدخل الغربي لمدينة درنة، وتظهر عليه علامات التعذيب. وأعلن العديد من المثقفين الليبيين حينها تضامنهم الكامل معه، حيث كتب سمير الشوهدي عبر صفحته الخاصة بموقع "فيسبوك": "من يخاف من وهج الكلمات لا يمكن أن يبني دولة النور، كلنا الشاعر مصطفى الطرابلسي". ونشر الشاعر والكاتب سالم العوكلي منشورًا قال فيه: "الشاعر مصطفى الطرابلسي، المعلم الفاضل، ابن القاضي النزيه عبدالعزيز، وحفيد الشيخ الورع والعلامة مصطفى الطرابلسي، قال رأيه بصراحة وعبر عن الصامتين حين تحول كل المحيط إلى جماد، قيل صمتًا قلت لست بميت، إنما الصمت ميزة للجماد". كما كان مهتماً بقضايا مدينته بشدة، حيث كانت آخر الندوات الثقافية التي حضرها حول وادي درنة ومخاطر جفافه والانهيارات الأرضية والتشققات التي أصابته وتأثير ذلك على الزراعة، وحضر الندوة بعض متخصصي الزراعة.