• طارق الشناوى: النجم الكوميدى عمره الفنى قصير.. والخوف من عدم وجود جيل جديد يحمل الراية • ماجدة موريس: هانى رمزى اكتفى بلقب «ضيف الشرف».. ومحمد سعد شطب نفسه بنفسه • صفاء الليثى: أحمد حلمى كان يسير بخطى جيدة لكنه تراجع وهذا شىء مؤسف • رامى المتولى: «مرعى البريمو» كارت أصفر لهنيدى لكنه أكثر أبناء جيله قدرة على الاستمرار تشهد مواقع التواصل الاجتماعى هجوما شديدا على رموز جيل الكوميديا الذى بزغ نجمه مع بداية الألفية الجديدة، هذا الجيل الذى كان عنوانا للضحك لسنوات طويلة، وفى مقدمتهم محمد هنيدى وهانى رمزى ومحمد سعد وأحمد حلمى، فما إن ذكرت اسم أحدهم، حتى تستعيد ذكريات رائعة مع أفلامهم التى كانت تتصدر الإيرادات، وإفيهاتهم الراسخة فى الأذهان، لكن مع اختلاف الزمن، وظهور مقصلة. ال«سوشيال ميديا» التى لا ترحم بعد أن تحول كل روادها لنقاد أكثر قسوة وعنفا من نقاد الفن، لم يعد يمر فيلم لهم مرور الكرام، وبدأت سهام النقد اللاذع تنهال عليهم، وتساؤلات عديدة حول مدى إمكانية استمرارهم ك «نجوم شباك»، وطرح البعض تساؤلا هل بدأ العد التنازلى لنهاية هذا الجيل، هل فقد هنيدى وحلمى وسعد القدرة على الإضحاك، ومن منهم قادر على حمل راية الكوميديا من بعدهم، حملنا هذه الأسئلة وغيرها وتوجهنا بها لعدد من نقاد السينما، فى هذا التحقيق. البداية كانت مع الناقد طارق الشناوى الذى قال: النجم الكوميدى فى العالم كله «عمره قصير» أى له فترة زمنية يتوهج فيها، ثم يختفى، والذى يفرق بين نجم وآخر، هو كيفية التعامل مع تغير الكوميديا، والتى لها شفرة تميزها، فهى كغيرها من الأشكال الدرامية الأخرى مرتبطة بشكل كبير بحال المجتمع وبمفرداته اللغوية، وأسلوب الحياة، وهكذا، وعليه فالكوميديان يلعب دائما على الطزاجه فى التعبير، وإلا يكون خارج الزمن، ولن يتقبل أحد من الجمهور ما يقدمه. وأشار «الشناوى»: فمثلا نجد أن الراحل إسماعيل ياسين الذى كان يتمتع بوهج شديد، إلا أن فترة الستينيات شهدت خفوت نجمه، بعد أن تغير المجتمع ومفرداته، فلم يستطع ياسين مجاراة الزمان ومات فنيا قبل أن يموت بالفعل، لأن الجمهور والإنتاج انفصل عنه، وحل مكانه فؤاد المهندس الذى يحسب له تعامله بذكاء مع الجيل الذى سرق الأضواء منه، وفى مقدمتهم عادل إمام، فرغم أن المهندس هو مكتشفه، لم يجد غضاضة أن يتعاون معه بعد أن أصبح عادل نجما كبيرا، وأن يكتب اسمه رقم 3 على التيتر. وتابع: أما عن جيل هنيدى وشركاه، فهذا جيل «الهرشة الخامسة» أى إن كل واحد منهم يتوهج لخمسة أعوام ثم يختفى، هكذا الحال مع محمد هنيدى الذى لفت الانظار إليه فى فيلم «إسماعيلية رايح جاى» رغم أن اسمه كان رقم 4، وبعدها أصبح نجم إيرادات شباك بلا منافس، واستمر الحال معه خمسة أعوام، إلى أن قدم فيلم «صاحب صاحبه» الذى لم يحقق النجاح المرجو منه، ليبزغ نجم محمد سعد فى فيلم «الليمبى» ليستمر 5 أعوام أيضا، كرر فيها أخطاءه ولم يتحرر من أفكاره القديمة لينزوى ويحل مكانه أحمد حلمى، الذى يحسب له اعترافه. بالفشل كما حدث فى فيلم «صنع فى مصر» ومواجهته لحقيقة ما يحدث له، لكنه للأسف فى أفلامه الأخيرة «لف ودوران» و«خيال المآتة» و«واحد تانى» ظهر حلمى وكأنه لا يعرف إلى أين يذهب، فالأفلام دون المستوى، لدرجة أن هناك أخبارا متداولة عن تفكيره فى عمل جزء ثان من فيلمه «كده رضا» الفيلم الذى تذوق معه طعم النجاح والنجومية، وهذا خطأ كبير ومتكرر مع نجوم هذا الجيل، فكل فترة نسمع أن هنيدى يحضر لجزء ثان من فيلم «صعيدى فى الجامعة الامريكية» الذى شهد انطلاقه أيضا، كما يفكر هانى رمزى فى عمل جزء ثان من فيلم «غبى منه فيه» لنفس الأسباب، وهذا إن دل على شىء إنما يدل على حالة الإفلاس الفنى التى يعانون منها. وقال «الشناوى»: فى نهاية الأمر لا أستطيع أن أعلنها صراحة انتهاء هذا الجيل، لكن ما لم يغيروا أفكارهم فهم بالطبع فى خطر كبير، فأرقامهم تنزوى بشكل كبير، ويحسب لمحمد هنيدى أنه الوحيد منهم الذى يحاول، رغم أن محاولاته لم يكتب لها النجاح حتى الآن، فرغم أن فيلمه الأخير «مرعى البريمو» تفوق على منافسه «ع الزيرو» لمحمد رمضان، لكنه يبقى تفوق الضعيف على الأضعف، فالموسم «فاضى». أما عمن يراه قادرا على حمل الراية من بعد هذا الجيل أبدى الشناوى حزنه: هناك مكمن الخطورة للأسف، فجيل على ربيع من نجوم مسرح مصر وغيرهم أبناء هذا الزمن لم يقتنصوا الفرص الكبيرة التى أتيحت لهم، كى يصبحوا نجوم شباك، فرغم أن على ربيع يحقق إيرادات، لكنها إيرادات تضعه فى المنطقة الآمنة للاستمرار فى السينما، ولكن لا تؤهله لتصدر الإيرادات وأن يصبح نجم شباك حقيقيا، وهكذا الحال مع غيره من أبناء جيله، الوحيد الذى أستثنيه هنا هو محمد سلام، الذى أراه بذرة قوية ليكون نجم شباك قادما، لكن حتى الآن لم يستطع أن يكون. الناقدة ماجدة موريس كان لها موقف حاسم فى هذا الموضوع حيث قالت: لا يمكن لأحد التشكيك فى حقيقة أننا نشهد بالفعل على نهاية هذا الجيل، وليس الآن فحسب، بل لو نظرنا بالتدقيق، فهذا الجيل مختف منذ سنوات، وعلى سبيل المثال هانى رمزى، منذ فشل فيلمه الاخير «قسطى بيوجعنى» ولم «تقم له قومة» مرة أخرى، سواء بالسينما أو بالتليفزيون، حتى اختفى تدريجيا، واكتفى بالظهور كضيف شرف فى بعض الأعمال، ونفس الحال مع الفنان محمد سعد، الذى وللأسف ساهم بدور كبير كى «يشطب» نفسه بنفسه، لأنه فضل قيادة الاعمال التى يلعب بطولتها، متناسيا أن هناك مخرجا هو قائد العمل الحقيقى، وكاتب سيناريو، ولذا فهناك سوابق له فى انسحاب بعض المخرجين من أعماله، منهم المخرج عمرو عرفة، والوحيد الذى نجح فى تحجيمه هو المخرج شريف عرفة، فمحمد سعد عنده قدر من الغرور الذى يدفعه كى يظن أنه يفهم كل شىء. ولا يتعلم من أخطائه، فرغم فشله فى السينما والتليفزيون، إلا أنه يكابر، ويعيش فى التهيؤات، ويظن نفسه ما زال نجما وهو أبعد ما يكون. وتابعت: وهناك أيضا أحمد حلمى ومحمد هنيدى واتصور أن الاثنين يلفظان أنفاس النجومية الاخيرة، ف«حلمى» مقل جدا فى أعماله، وكأنه لم يعد لديه الجديد فى أعماله، فرغم نجاحه الكبير فى تقديم أعمال تكون حديث الناس، بما يتمتع به من قدرة على اللعب على المشاعر، لكنه انزوى، وأفلامه الأخيرة كانت دون المستوى الذى اعتدناه منه، أما محمد هنيدى فهو الوحيد الذى يحرص على الاستمرار، ويقدم تجارب واحدة تلو الاخرى، غير عابئ بالانتقادات الموجهة لها، وكل مرة يبدى ندمه أنه سيعوض جمهوره بفيلم جيد، مثل ما حدث أخيرا مع فيلم «مرعى البريمو» وللأسف نال تقييمات سيئة جدا، بل وشعر البعض أن هذا الفيلم ربما يشهد نهايته كنجم. وقالت: لست متشائمة إذا قلت أن هذا الجيل من الصعب جدا العودة للصورة من جديد، بل يكاد يكون الامر مستحيلا، فليس لدينا كتاب كبار قادرون على إعادتهم لمكانتهم من جديد، ومنتجون يتمتعون بالجرأة لتقديمهم فى أفلام مختلفة، ونحن لم نتجنى عليهم فى الإعلان عن نهايتهم، خاصة أننا نقر واقعا ملموسا، وللأسف الشديد لا يوجد جيل قادر على تسلم الشعلة من بعدهم، فنجن نفتقد ل «كوميديانات» قادرين على أن يصبحوا نجوم شباك الفترة القادمة. أما الناقد رامى المتولى فهو يرى أن الجيل بالفعل انتهى مع وجود استثناء وحيد، حيث قال: انتهى جيل محمد هنيدى للأسف، لكن هنيدى نفسه لم ينته، فلا تزال لدية الفرصة بما يتمتع به من شعبية وقبول، ومساحة كبيرة يستطيع من خلالها أن يقدم شيئا جيدا عن باقى أبناء جيله، فلا تزال أمامه بارقة أمل، وهو الجمهور الذى ما يزال «متعشم فيه خير» واعتدنا منه أن يقع ثم يعود ليقف على قدميه مرة أخرى حدث هذا، فقد وقع من قبل لكنه عاد بقوة من خلال فيلم «رمضان مبروك أبو العلمين» و«تيته رهيبة» لكن ربما فترة الوقوع الأخيرة طالت بعض الشىء، خاصة أن نجاح فيلمه «النمس والإنس» لا يعود له بشكل كبير، بل يعود للمخرج شريف عرفة الذى قدم صورة وجرافيك متميزين، وسيناريو متماسكا، لكن لم يكن هناك مساحة الضحك المعتادة من هنيدى. وتابع: للأسف كنا نتوقع فيلما متميزا، يعيد هنيدى لمكانته مرة أخرى، لكن خيب«مرعى البريمو» آمالنا وكان إيقاعه سيئا للغاية، وحكاويه مستهلكة بشكل كبير، ورغم أن هذا يعد بمثابة «كارت أصفر» له، لكن أؤمن أنه قادر على العودة، أما فيما يتعلق بهانى رمزى ومحمد سعد وأحمد حلمى، فقد انتهوا، «ولن تقوم لهم قومة»، وهذا استنادا للعثرات الأخيرة التى تعرضوا لها، واستنفادهم لكل الفرص التى اتيحت لهم، ورغم أن أحمد حلمى يعتبر الوحيد من بينهم الذى ما يزال موجودا بشكل أو بآخر على خريطة السينما، لكنه حريص أن يختار وقتا لا يوجد به منافسا لطرح فيلمه، حتى يلعب منفردا، ولا يجد منافسا حقيقيا يظهر حقيقة الأرقام التى يحققها، لكن هانى رمزى ومحمد سعد فأفلامهما الاخيرة فشلت بشكل كبير، ولا أتصور أن الجمهور قد يقبل على مشاهدة فيلم جديد لهما، وهذا انعكس على تواجدهما بالدراما التليفزيونية، فالثلاثة «حلمى وسعد وهنيدى» غير قادرين على تحقيق نجاحا بالدراما التليفزيونية، لكن فى المقابل هنيدى يستطيع، ولابد أن يبحث له عن طوق نجاة، من سيناريست جيد، ومخرج واعد قادر على مواكبة السوق. وبخلاف الآراء السابقة يرى رامى المتولى أن هناك أسماء قادرة على حمل الراية فى الفترة القادمة حينما قال: لدينا جيل من الشباب الواعد قادر على عمل موجة قوية فى الكوميديا، ويتمتع هذا الجيل بأنه متنوع، بخلاف جيل «هنيدى» المحدود الذى يعتمد على الفارس فقط، لكن الجيل الحالى ومنهم طه دسوقى، ومصطفى أبو سريع، وحمدى الميرغنى، ومحمد عبدالرحمن توتا، وأكرم حسنى قادرون على تقديم الكاراكترات والافيهات وتغيير جلدهم بشكل كبير، لكن للأسف لا يوجد المنتج القادر على استغلال هذا الأمر، فالإنتاج والظروف لا تسمح له أن يصبحوا نجوم شباك، حتى الفرص التى أتيحت لهم لم تكن بالفرص القوية، وكانت للوجود وليس للمنافسة. واخيرا ترى الناقدة صفاء الليثى أننا أخطأنا حينما نسبنا السينما لنجومها وليس لمن يستحق أن تنسب له، وقالت: أؤمن أن نجاح الفيلم لابد أن ينسب للمخرج والمؤلف، فالممثل أداة، وعليه اذا تعاملنا مع هذا المنطق، فلن يكون مناسبا أن نحكم على جيل من الممثلين بالانتهاء، لأنهم لم يعودوا نجوم شباك، فالعبء هنا سيقع على من يقوم على أكتافهم العمل الفنى. وقالت: أما وأن الحال هو أن السينما تقوم على كتف النجم، فوارد أن يأتى وقت ولا يتحمل فيه كتف هذا الفنان أن يحمل عبء فيلمه، فيسقط، وهذا سببه التكرار فى الأفكار، واستهلاك الموهبة فيما لا يفيد، كما يحدث مع محمد هنيدى الذى يكرر نفس افيهاته وحركاته، وأحمد حلمى الذى كان يسير بخطى ثابتة ومعقولة لكنه انزوى، وموضوعاته الاخيرة كانت دون المستوى وهذا شىء مؤسف حقيقة. وتابعت: ولا ننسى فى هذا الشأن إصرار محمد سعد على ارتكاب نفس الأخطاء، رغم أنه حينما أتيحت له الفرصة فى التعاون مع مخرج كبير بحجم شريف عرفة فى فيلم «الكنز» وقدم شخصية بعيدة عن الكوميديا، نجح بقوة ولفت الأنظار إليه، وشعر الجمهور بالموهبة الكبيرة التى يتمتع بها، لكن أصر على العودة لما كان عليه فسقط، وهذا أمر طبيعى. وأشارت: للأسف هذا الجيل قدم لنا شعارات جوفاء لم يعمل بها، فأطلق على نوعية السينما التى يقدمونها «السينما النظيفة» الخالية من القبلات والمشاهد الساخنة، لكنهم فى المقابل ملئوا أفلامهم بألفاظ وإيحاءات تتجاوز القبلات فى تأثيرها، ولعبوا على النمطية واستخدام المواقف المتشابهة فانتهوا من داخلهم، قبل أن ينتهوا على أرض الواقع، وعليه لدى أمل أن تحل مكانهم الموضوعات الكوميدية الاجتماعية، فهناك تجارب حققت نجاحا كبيرا رغم أن أبطالها غير مصنفين «كوميديانات»، مثل فيلم « بشترى راجل» فهو بطولة نيللى كريم ومحمد ممدوح، والاثنان غير مصنفين «كوميديانات» ولكن بسبب قوة الموضوع وقوة مخرج العمل، شاهدنا عملا كوميديا راقيا، أتمنى أن يتكرر الأمر ونجد بالفعل سينما حقيقية تعتمد على قوة النص والمخرج ثم يأتى الفنان فى مرحلة لاحقة.