• منى بدير: التوقعات بانخفاض قيمة العملة أكبر مخاوف المستثمر من أصول مقومة بالجنيه • محمد حسن: آلية تسعير الشركات أهم وسيلة لتسريع بيعها لمستثمر استراتيجي على الرغم من اتخاذ الحكومة العديد من الخطوات في سبيل تنفيذ برنامج الطروحات للحصول على حصيلة دولارية تساهم في تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية الراهنة، لكن عددا من الخبراء يرون أنه لابد من القضاء على السوق الموازية للدولار لتسريع وتيرة البرنامج، وتنفيذ أكبر عدد من الصفقات، مؤكدين أيضا ضرورة تقديم حوافز للمستثمرين تحميهم من مخاطر تخفيض قيمة العملة. واستطاعت الحكومة جمع 1.9 مليار دولار من خلال بيع حصص لها في 5 شركات ضمن برنامج الطروحات، في إطار جلب تدفقات دولارية للبلاد وتعزيز دور القطاع الخاص، وفقا لما أعلنه مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، في مؤتمر صحفي الشهر الماضي، مشيرا إلى أن الحكومة ستعلن قريبا عن صفقات بقيمة مليار دولار أخرى. وتقول منى بدير، كبير الاقتصاديين في أحد البنوك الخاصة، إن أهم خطوة لتسريع وتيرة برنامج الطروحات هي القضاء على السوق الموازية للدولار، متسائلة «ما الذي يدفع المستثمر لشراء أصل بقيمة 30 جنيها للدولار في حين أنه يمكن أن يشتريه ب40 جنيها على سبيل المثال». وتابعت: «أن أكبر مخاوف أي مستثمر سيضخ أمواله في أصول مقومة بالجنيه هي التوقعات بانخفاض قيمة العملة»، مضيفة أنه يجب سرعة الانتقال إلى سياسة سعر صرف أكثر مرونة حتى تكسب الأصول ثقة المستثمرين. وأضافت بدير أن تحرير سعر الصرف سيذهب في مهب الريح، دون توفير سيولة دولارية لدى البنوك تستطيع أن تلبي بها الطلب على العملة الخضراء، وهو ما يتسبب في استمرار السوق الموازية للدولار مع اتساع الفجوة بينها وبين القنوات الرسمية (البنوك). وتابعت أن المسألة تبدو معقدة، إذ «نريد تسريع وتيرة برنامج الطروحات، وهذا لن يأتي إلا مع تلاشي السوق الموازية للدولار، لكن القضاء على هذه السوق يحتاج إلى سيولة دولارية كبيرة، ولكي نجمع هذه السيولة نحتاج إلى تنفيذ برنامج الطروحات بأسرع وقت، وكأننا نجري في دائرة مغلقة». ولكن بدير ترى أن الحكومة تستطيع تقديم حوافز فنية عند إبرام الصفقات مع مستثمرين استراتيجيين، مثل بيع الأسهم بعلاوة سعرية، أو وضع تأمين لمخاطر تخفيض سعر الصرف، «هناك حلول فنية عديدة تساعد على حل تلك المشكلة»، مشيرة إلى أن تسريع وتيرة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي نفسه والوصول إلى الشريحة الثانية المتأخرة حتى الآن، يساهم في توفير سيولة دولارية بعض الشىء، وسيزيد من ثقة المستثمرين الأجانب وتشجيعهم على شراء الأصول المطروحة. وكان صندوق النقد الدولى، أعلن فى أكتوبر الماضى التوصل إلى اتفاق تسهيل ممد مع مصر بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 46 شهرا، وذلك لدعم اقتصادها والحفاظ على الاحتياطات النقدية، بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، مقابل تنفيذ إصلاحات تتعلق بمرونة سعر الصرف، وإفساح الاقتصاد أمام القطاع الخاص والضبط المالى لوضع الدين على المسار النزولى. وصرفت مصر الشريحة الأولى من قرض الصندوق فى ديسمبر 2022، بقيمة 347 مليون دولار، وكان من المقرر أن تجرى المراجعة الأولى لصرف الشريحة الثانية فى مارس الماضى، إلا أنه لم يتم تنفيذها حتى الآن. وقال فخرى الفقى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، في تصريحات سابقة ل«الشروق»، إنه سيتم ضم المراجعتين الأولى والثانية للصندوق ليتم تنفيذهما معا فى سبتمبر القادم. وأوضح محمد حسن، مدير صناديق الاستثمار بشركة أودن للاستثمارات المالية، إن آلية تسعير الشركات أهم وسيلة لتسريع بيعها لمستثمر استراتيجي، موضحا «إذا استطاعت الحكومة الاتفاق على تسعير قيمة العملة وقيمة الشركة وتحديد موقفها من تحرير سعر الصرف، فإن ذلك سيؤدى إلى تسريع إجراءات بيع الشركات الحكومية لمستثمر استراتيجي حتى تستطيع توفير حصيلة من العملة الخضراء لحل أزمة السيولة الدولارية بأسرع وقت ممكن، وهو ما تسعى إليه الحكومة حاليا، كما أنها يمكن أن تتجه إلى بيع حصص من الشركات التي تدر عائد بالدولار». وأكد ضرورة أن تتأكد الدولة من دخول حصيلة دولارية جيدة قبل الإقبال على خطوة تحرير سعر صرف الجنيه، بحيث يتم الاتفاق على مبالغ كبيرة ثم يتم اتخاذ خطوة التحرير، متابعا: «إذا استطاعت الاتفاق على دخول 10 مليارات دولار من حصيلة بيع الشركات ستحل الأزمة بشكل سريع». بينما لا يتوقع حسن أن نشهد طروحات حكومية في البورصة المصرية خلال الفترة المقبلة، حيث «يجب توفير حصيلة دولارية جيدة قبل طرح الشركات في البورصة حتى تشهد إقبالا من المستثمرين الأجانب على الشراء.. حاليا الطرح لن يكون عليه إقبال»، لافتا إلى أنه يجب حل أزمة الدولار قبل طرح الشركات في البورصة بشكل مباشر. من جانبه قال مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة العربية أون لاين، إن الحكومة تسعى جاهدة إلى تسريع وتيرة بيع الشركات الحكومية والانتهاء من برنامج الطروحات، بدليل أنها عقدت شراكة مع مؤسسة التمويل الدولية بهدف الحصول على المشورة الفنية وترتيب أوراق الشركات التى سيتم بيعها للمستثمرين، مضيفا «لا أعتقد أن الحكومة في يدها شىء آخر سوى التعامل مع مؤسسة التمويل الدولية، والتى تعتبر حاليا مسوقا لهذه الشركات لدى المستثمرين الأجانب». وأوضح أن الهدف من هذه الشراكة هو إعادة ترتيب الأوراق داخل الشركات التي لا تنطبق عليها الشروط والمتطلبات التى ينظر إليها المستثمر الأجنبي، مثل توفر دفاتر وقوائم مالية للشركات، والحوكمة وتكوين مجلس الإدارة، وهذا دور المؤسسة الدولية. ويري شفيع، أن طرح الشركات في الفترة الحالية سيكون خاصا لمستثمر استراتيجي وليس طرحا عاما في البورصة المصرية، خاصة أن الهدف من الطروحات توفير العملة الأجنبية، وهو ما يتوفر بشكل أكبر من خلال مستثمر خاص وليس الطرح العام، ثم يمكن أن تنظر الحكومة بعد ذلك في إمكانية الطرح للجمهور العام. وتعاقدت الحكومة في يونيو الماضي، مع مؤسسة التمويل الدولية - ذراع مجموعة البنك الدولي لتمكين القطاع الخاص- لتقديم الدعم والمشورة الفنية لبرنامج الطروحات الحكومية، والمساعدة في هيكلة وإعداد الشركات المستهدف طرحها للقطاع الخاص، في إطار تعزيز دور القطاع الخاص وجذب العملة الصعبة للبلاد.