• مصادر مطلعة ل«الشروق»: الحلف لن يقرر قبول عضوية أوكرانيا رسميا لكن سيمهد الطريق لذلك.. ترحيب غربي بدعم تركيا انضمام السويد للناتو • ستولتنبرج: انتصار بوتين في الحرب يجعل العالم أكثر خطرا.. روسيا تهدد أوروبا ب«عواقب كارثية» يجتمع زعماء الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، اليوم الثلاثاء، في قمة تاريخية حاسمة في العاصمة الليتوانية فيلنيوس، على مقربة من الحدود الروسية، لتوجيه رسالة دعم إلى أوكرانيا التي تواصل هجوما مضادا صعبا ضد القوات الروسية وتنتظر التزامات بشأن عضوية مستقبلية في التحالف. وتجمع القمة السنوية للحلف 48 وفدا يتألف من 2400 عضو، بما في ذلك 40 رئيس دولة في مقدمتهم الرئيس الأمريكى جو بايدن. وتستضيف ليتوانيا حدثا بهذا الحجم للمرة الأولى بتكلفة إجمالية حوالي 38 مليون يورو، وفقا لما أعلنته الحكومة الليتوانية، التى فرضت قيودا على حركة المرور في العاصمة، وبات لا يمكن الوصول إلى معظم المدينة القديمة إلا سيرا على الأقدام. وتهيمن على القمة التي تستمر أعمالها على مدى يومين، تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، إذ من المقرر أن يوافق الزعماء على أول خطط دفاع شاملة للحلف منذ نهاية الحرب الباردة في مواجهة أي هجوم روسي. وقالت مصادر مطلعة داخل حلف "الناتو"، ل"الشروق"، إن القمة لن تأخذ قرارا بقبول أوكرانيا عضوا كاملا، لكنها ستتمهد الطريق لذلك من خلال خطة محددة تتضمن إعادة هيكلة الجيش الأوكراني ليكون متوافقا مع معايير الحلف وينتقل من الحقبة التى عاشها في ظل العقيدة العسكرية الروسية السوفيتية منذ عهد الاتحاد السوفيتي السابق. ونوهت المصادر بأن الولاياتالمتحدة ترى أنه لا يمكن قبول عضوية أوكرانيا وهي في حالة حرب كون ذلك يعني إعلان الناتو الحرب على روسيا، في حين أن هناك ضغوطا من جانب دول بالحلف مثل بولندا وليتوانيا لدعم انضمام أوكرانيا. ولفتت المصادر أيضا إلى أن القمة ستشهد إعلان حزمة من المساعدات الكبيرة لأوكرانيا اقتصادية وعسكرية وكذلك دعم سياسي، كما سيتخلى الحلفاء عن مطلب (خطة عمل العضوية) اللازمة لانضمام أوكرانيا للحلف، رغم ذلك سيكون على كييف أن تستكمل إصلاحات إضافية قبل الحصول على العضوية. وأوضحت المصادر أن انعقاد القمة في ليتوانيا القريبة من الحدود الروسية مسألة مجدولة من قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن الأمر يتضمن رسالة بأن الحلف لن يترك ليتوانيا ودول البلطيق والحلفاء وسيدعمهم في مواجهة التحديات. وأفادت المصادر المطلعة بأن القمة ستشهد زيادة نسبة الإنفاق الدفاعي بنسبة 8.3%، وهي أكبر زيادة منذ عقود، وأن الحد الأدني للزيادة سيكون 2%، مضيفة أن واشنطن ما زالت تضغط على دول الناتو لزيادة إنفاقها، لكون الولاياتالمتحدة تتحمل الجانب الأكبر من الإنفاق الدفاعي للحلف. وبحسب المصادر، ستشهد قمة ليتوانيا مزيدا من اللقاءات والدعم للحلفاء المقربين الذين سيحضروا القمة مثل أستراليا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية واليابان. كما تعتبر هذه أول قمة لفنلندا كحليف في الناتو. وأكدت المصادر المطلعة داخل الحلف أن الناتو يرى في روسيا تحديا كبيرا وأن مجموعة فاجنر شبه العسكرية الروسية الخاصة أيضا من بين التحديات التى يوليها الحلف اهتماما على غرار الإرهاب وقضية التغير المناخي، مشيرة إلى أن هناك غموضا حول بخصوص ملابسات تمرد "فاجنر" في روسيا. وحول الشراكات مع الدول من خارج الحلف لاسيما في منطقة الشرق الأوسط، وصفت المصادر الأردن ب"الحليف المهم" بجانب العلاقات بين الحلف وموريتانيا ودول اخري بالمنطقة. كما اعتبرت المصادر أن إيران ما زالت تمثل تحديا كبيرا. من جهته، أعرب الأمين العام لحلف "الناتو"، ينس ستولتنبرج، عن ثقته في أن البيان الختامي لقمة الحلف سيكون إيجابيا ويحمل رسالة قوية بشأن مسار عضوية أوكرانيا، محذراً من أن انتصار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الحرب "يجعل العالم أكثر خطراً، والحلف أكثر ضعفاً". وقال ستولتنبرج في مؤتمر صحفي قبيل انطلاق القمة بلحظات، إن أوكرانيا أصبحت قريبة للغاية من الحلف، مضيفا: "سنتخذ قرارات مهمة ونرسل رسالة واضحة إلى أوكرانيا مفادها أننا نقف إلى جانبها طالما يتطلب الأمر، ونتوقع من الحلفاء أيضًا إعادة تأكيد التزامهم بتقديم الدعم العسكري لأوكرانيا لمساعدتهم على تحرير المزيد من الأراضي. وتابع: "أتوقع أيضًا أن يرسل الحلفاء رسالة واضحة وإيجابية عن طريق المضي قدمًا نحو عضوية أوكرانيا"، ومضى قائلا: "اقترحت حزمة من 3 عناصر مع المزيد من الدعم العملي، مع برنامج متعدد السنوات لضمان التشغيل البيني الكامل بين القوات الأوكرانية وقوات الناتو، وتعزيز العلاقات السياسية مع إنشاء مجلس الناتو الأوكراني، وإزالة شرط خطة عمل العضوية ما سيؤدي لتحويل انضمام أوكرانيا إلى عملية من خطوة واحدة بدلا من خطوتين وكل هذا سيرسل رسالة إيجابية وقوية". كما صرح الأمين العام للناتو بأن "الحلفاء سيتخذوا قرارات مهمة لتعزيز الردع والدفاع بخطط دفاعية جديدة والمزيد من القوات في حالة الاستعداد العالي"، مضيفا: "أتوقع أيضًا أن يوافق الحلفاء على تعهد أكثر طموحًا للاستثمار الدفاعي، ليصبح تخصيص 2% من الناتج المحلي الإجمالي للدفاع هو الحد الأدنى". كما أتطلع إلى الترحيب أيضًا بشركائنا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ في هذه القمة، معتبرا أن هذا سيثبت أن الأمن "ليس إقليميا بل عالميا". وأوضح ستولتنبرج أن قمة فيلينوس "تاريخية" قبل أن تبدأ، لأن السويد ستصبح عضواً كامل العضوية في الحلف، معتبراً أن هذا أمر جيد للسويد، وتركيا ولدول البلطيق والناتو بأكمله"، لافتا إلى أنه مع انضمام السويدوفنلندا إلى الحلف فإن مهمة حماية منطقة البلطيق تصبح أكثر سهولة بالنسبة للناتو. وتابع: "هذا قرار تاريخي ولحظة تاريخية وقمة تاريخية". وأكد ستولتنبرج أن خطة تركيا لشراء مقاتلات "إف-16" من الولاياتالمتحدة ليست جزءا من الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين تركياوالسويد والناتو بخصوص انضمام ستولكهولم إلى الحلف. وبعد ساعات من المحادثات أمس الاثنين، أنهى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أشهرا من الجمود بالموافقة على إحالة طلب السويد لعضوية الناتو إلى البرلمان التركي للموافقة عليه. وعقب محادثات في فيلنيوس مع أردوغان ورئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، قال ستولتنبرج: "يسرني أن أعلن أن الرئيس أردوغان وافق على عرض بروتوكول انضمام السويد" على البرلمان التركى "في أسرع وقت ممكن وعلى العمل مع المجلس لضمان المصادقة" عليه، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال كريسترسون خلال مؤتمر صحفي: "نخطو خطوة كبيرة نحو المصادقة رسميا على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي. إنه يوم جيّد للسويد"، معربا عن "سعادته الكبيرة" بالاتفاق. ويتعين أن يصادق برلمان المجر على طلب السويد أيضا، وأكدت وزارة الخارجية المجرية إن تصديق المجر "مجرد مسألة فنية" ، مضيفة أن الحكومة المجرية تؤيد انضمام السويد. إلى ذلك، رحب الرئيس الأمريكي جو بايدن بموافقة تركيا على انضمام السويد للحلف، وأعلن البيت الأبيض أن بايدن يعتزم المضي قدماً في نقل مقاتلات "إف-16" إلى تركيا بالتشاور مع الكونجرس، فيما ألمح سيناتور الأمريكي البارز بوب مينينديز إلى تخليه عن معارضة بيع المقاتلات لأنقرة في الصفقة المعطلة منذ عام 2021. كما وصف رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك موافقة تركيا بأنها "خطوة تاريخية لحلف الناتو، ستجعلنا جميعًا أكثر أمانًا"، واعتبرتها وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، "بشرى سارة من فيلنيوس". كانت تركيا قد عرقلت طلب السويد للانضمام إلى الحلف متهمة ستوكهولم بإيواء ناشطين أكراد تعتبرهم أنقرة إرهابيين، وربط أردوغان في وقت سابق عضوية السويد في الناتو بإعادة الاتحاد الأوروبي إطلاق مفاوضات انضمام بلاده إلى التكتل. وقالت ستوكهولم في بيان إنها ستدعم الآن الجهود الرامية إلى إحياء محاولات تركيا المتوقفة منذ فترة طويلة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. من جهته، عبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن ثقته في انضمام بلاده إلى حلف "الناتو"، قائلا إنه يتوقع أن تتمخض قمة الحلف عن "طريقة" تنضم كييف من خلالها رسميا إليه. وأضاف زيلنيسكي في خطابه الليلي المصور أمس الاثنين: "نعمل على وضع طريقة للحصول على العضوية (في الحلف) بأوضح صورة ممكنة وفي أسرع وقت ممكن"، وفقا لوكالة رويترز. ورأى زيلينسكي أن قمة فيلنيوس يجب أن تؤكد أن أوكرانيا عضو في الحلف "بحكم الأمر الواقع" لأنها تملك أسلحته وتشاركه القيم نفسها، مشيرا إلى أن أوكرانيا ستُجري على هامش القمة محادثات ثنائية مع دول منها، الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا واليابان، بشأن إرسال المزيد من الأسلحة والذخيرة إلى كييف. من جهته، أعلن البيت الأبيض أن حلف الناتو سيعرض مسارا يتيح في نهاية المطاف انضمام أوكرانيا إلى صفوفه، لكن من دون تحديد "جدول زمني" لذلك. وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إن الحلف سيحدد "مسار إصلاح لأوكرانيا"، لكن "لا يمكنني تحديد جدول زمني لذلك". وأوضح أن الرئيس بايدن سيلتقي نظيره الأوكراني في العاصمة الليتوانية غدا الأربعاء. كما أكد وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو أن البيان الختامي لقمة فيلينوس لا يتضمن جدولاً زمنياً محدداً لعملية انضمام أوكرانيا إلى الحلف. في غضون ذلك، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن الدبلوماسي الروسي قسطنطين جافريلوف قوله إن إعلان الولاياتالمتحدة عن خطط لزيادة إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا يظهر عدم اهتمامها بالتوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة. وأضاف جافريلوف في تعليقات نشرت قبيل انطلاق قمة الناتو أمس، أن أوروبا ستكون أول من يواجه "عواقب كارثية" في حالة تصعيد الحرب. كما قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن انضمام السويد المتوقع إلى حلف "الناتو" سيكون له تداعيات سلبية واضحة على الأمن الروسي، وإن موسكو سترد بإجراءات مماثلة لتلك التي اتخذتها بعد انضمام فنلندا إلى الحلف. وأضاف بيسكوف أن القادة الأوروبيين لا يبدو أنهم يفهمون أن تحريك البنية التحتية لحلف (الناتو) باتجاه حدود روسيا "خطأ".