نجح العلماء في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن) في إحداث تصادمات بين جسيمات دون ذرية بطاقة قياسية اليوم الثلاثاء، بغرض محاكاة الظروف التي أعقبت الانفجار العظيم الذي نشأ عنه الكون منذ 13.7 مليار عام. ولدى بدء التجربة تعالت صيحات الاستحسان من 80 عالما في سيرن في غرفة المراقبة بالمجمع البحثي العملاق الواقع في منطقة الحدود السويسرية الفرنسية قرب مدينة جنيف وعلى عمق مئات الأمتار تحت الأرض. خطوة نحو الأمام وقال رولف ديتر هوير المدير العام لسيرن "تظهر التجربة ما بمقدورنا بذله من أجل دفع المعرفة إلى الأمام فيما يتعلق بمستوى العلوم الراهنة وبكيفية نشأة الكون في أطواره المبكرة". وأضاف أن هذه التصادمات التي تمثل حتى الآن ذروة التجربة ، تكلفت (9.4 مليار دولار) وتستغرق فترات متناهية الصغر وبسرعة تكاد تقترب من سرعة الضوء. وأعلن سيرجيو بيرتولوتشي مدير الأبحاث في سيرن، أنها خطوة نحو المجهول لأننا أنجزنا عملا لم يسبق لأحد أن قام به قبلنا، وأضاف "توجد حقائق مجهولة على غرار المادة المعتمة والأبعاد الجديدة، غير أنه من الممكن أن نجد بعض الحقائق التي قد تعود بالنفع على البشرية، كما أن الاستعانة بمصادم الهدرونات الكبير تكون لدينا الأداة التي نحتاجها". مصادم الهدرونات وتضمنت التجربة إحداث تصادم بين حزمتي جسيمات من (البروتونات) تسيران في اتجاهين متقابلين في مسار بيضاوي داخل نفق طوله 27 كيلومترا، في (مصادم الهدرونات) الكبير وبكم طاقة يصل إلى 3.5 تريليون (إلكترون فولت) لمحاكاة الظروف التي أعقبت الانفجار العظيم. ويذكر أن مصادم الهدرونات الكبير هو، مجمع ضخم به قطع مغناطيس حلقية عملاقة وأجهزة الكترونية معقدة وحاسبات متطورة وتكلف إنشاؤه 10 مليارات دولار ويصل عمره الافتراضي إلى 20 عاما، أما الإلكترون فولت فهي وحدة لقياس الطاقة وتعادل كمية طاقة الحركة التي يكتسبها إلكترون وحيد حر الحركة عند تسريعه بواسطة جهد كهربائي ساكن قيمته واحد فولت في الفراغ. ومن المقرر أن يعكف آلاف العلماء في العالم، خلال السنوات القادمة على تحليل الكم الهائل من المعلومات الناتجة عن التجربة وذلك عبر شبكة كمبيوتر لفك طلاسم كونية منها منشأ النجوم والكواكب والمجرات وماهية المادة المعتمة غير المرئية التي تكون 25 % من الكون، فيما تمثل الطاقة المعتمة - التي يعتقد أنها مسئولة عن اتساع الكون واستمرار حركته - حوالي 70 % من كتلة الكون.