أعلنت المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية «سيرن» أمس الجمعة أن تجربة محاكاة الانفجار العظيم حققت أرقاما قياسية جديدة في مجال إحداث تصادم بين شعاعين من البروتونات فيما يعتزم المختبر الأوروبي لفيزياء الجسيمات التابع للمنظمة وقف أنشطته شهرين للإعداد لتجارب تتضمن استخدام طاقة تصادم أعلى. تجيء هذه التجارب داخل جهاز مصادم الهدرونات الكبير بالمختبر في إطار اختبارات محاكاة الظروف التي أعقبت الانفجار العظيم الذي نشأ عنه الكون وإجرامه بغية فك شفرة معضلة نشوء المادة. وقال «رولف هوير» المدير العام للمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية في بيان "هذه الفترة الزمنية المتصلة الأولى حققت تماما الغرض المناط بها.. الا وهو اختبار جميع مكونات مصادم الهدرونات الكبير وتوفير بيانات المعايرة للتجارب الأخرى والتعرف على ما هو مطلوب لإعداد الجهاز لفترة زمنية متصلة أطول من التشغيل بطاقة أعلى." واشرف علماء «سيرن» على تجارب تصادم حزمتين متقابلتين من البروتونات بطاقة 2.36 تريليون إلكترون فولت، والإلكترون فولت هي وحدة لقياس الطاقة وتعادل كمية طاقة الحركة التي يكتسبها إلكترون وحيد حر الحركة عند تسريعه بواسطة جهد كهربائي ساكن قيمته واحد فولت في الفراغ. وهذه الطاقة التي انطلقت في مصادم الهدرونات الكبير تمثل رقما قياسيا يتوج أنشطة اقوي معجل للجسيمات في العالم منذ إعادة تشغيله في نوفمبر الماضي. وكانت «سيرن» سجلت الرقم القياسي السابق في 30 نوفمبر الماضي بعد أن دارت حزمتان من الجسيمات حول أنفاق بطول 27 كيلومترا تحت سطح الأرض بالمختبر في منطقة الحدود الفرنسية السويسرية المشتركة خارج جنيف. ويحطم الرقم القياسي الجديد طاقة 1.96 تريليون إلكترون فولت اكتسبتها الجسيمات في متصادم للجسيمات بمعمل فيرمي القومي للمعجلات بالولايات المتحدة. والهدف من تجارب المرحلة القادمة هو إحداث تصادم بين حزمتي جسيمات تسيران في اتجاهين متضادين وبطاقة تصل إلى 7 تريليون إلكترون فولت لمحاكاة الظروف التي أعقبت الانفجار العظيم الذي حدث قبل 13.7 مليار عام. وتم الآن إيقاف الأنشطة داخل مصادم الهدرونات الكبير - وهو مجمع ضخم من المغناطيسات الحلقية العملاقة والأجهزة الالكترونية المعقدة والحاسبات تكلف انشاؤه عشرة مليارات دولار - وسيستأنف العمل في فبراير شباط عام 2010 للتجهيز لتجربة تصادم الجسيمات عند طاقة أعلى. ويأمل العلماء بالتعرف على كيفية نشوء المادة وما إذا كان هناك وجود لما يعرف نظريا باسم «بوزون هيجز» وهو جسيم افتراضي قال عالم الفيزياء الاسكتلندي «بيتر هيجز» أنه يساعد على التحام المكونات الأولية للمادة.