يملك الشاعر والروائي العُماني، زهران القاسمي، الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" اليوم، مسيرة إبداعية ممتدة، فهو من مواليد دماء والطائيين، سلطنة عُمان، عام 1974. صدر للقاسمي أربع روايات: "جبل الشوع" (2013)، " القنّاص" (2014)، "جوع العسل" (2017) و"تغريبة القافر" (2021)، بالإضافة إلى عشرة دواوين شعرية و"سيرة الحجر 1 (قصص قصيرة، 2009) و"سيرة الحجر 2" (نصوص، 2011). يعرف القاسمي دروب الترشح للجوائز الكبرى والمرموقة، حيث حصلت رواية (القناص) على جائزة الإبداع الثقافي من الجمعية العمانية للكتاب والأدباء عام 2015، ورواية (تغريبة القافر) التي وصلت للقائمة الطويلة المرشحة للحصول على الجائزة العالمية للرواية العربية 2023، قبل أن تفوز بها. ويحمل القاسمي في جعبته مجموعة من الأعمال الشعرية، ومنها "أمسكنا الوعل من قرونه" 2006، الهيولى 2008، أغني وأمشي 2008، يا ناي 2009، و سيرة الحجر 2009. وجاء من حيثيات فوزه اليوم بجائزة البوكر، وفق ما صرح به محمد الأشعري، رئيس لجنة التحكيم: "اختارت لجنة التحكيم رواية تغريبة القافر لزهران القاسمي للفوز بالجائزة؛ لكونها اهتمت بموضوع جديد في الكتابة الروائية الحديثة وهو موضوع الماء في علاقته بالبيئة الطبيعية وبحياة الإنسان في المناطق الصعبة. وقد قدّم الكاتب لنا هذا الموضوع من خلال تآلف مستمر بين الواقع والأسطورة، ويفعل ذلك من خلال بناء روائي محكم ولغة شعرية شفافة ومن خلال نحت شخصيات مثيرة تحتل دوراً أساسياً في حياة الناس وفي نفس الوقت تثير نفورهم وتخوّفَهم. وقد استطاع الكاتب أن يقرّبنا من مسرح غير مؤلوف للرواية المتداولة في الوطن العربي، هو مسرح الوديان والأفلاج في عُمان وتأثير العناصر الطبيعية في علاقة الإنسان بمحيطه وبثقافته". وبدوره، قال ياسر سليمان، رئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية: "تنبع رواية تغريبة القافر من بطن بيئتها القروية العمانية التي تعيش حياتها بإيقاع يهيمن عليه الماء بمخاطر الشُحّ والإغداق الذي لا يذر. تعايش هذه الرواية شخصية القافر الذي انتُشل وليدًا من رحم الماء، وعاش حياته يرصد مساراته في أحافير الأرض في مجتمع تعشعش فيه الأساطير التي يستخدمها في سبر علاقته بمحيطه البيئي والبشري. يميز هذه الرواية سردها الانسيابي انسياب الماء بإيقاعها الشاعري الذي يطلوه حلاوة ورشاقة حملت في ثناياها محليّة عذبة تتعايش مع فصاحة السرد بوئام". تغريبة القافر" رواية مائية تُعيد للراوي وظيفته الأولى وهي ريّ الناس وإشباع ظمئهم، وتدور أحداثها في إحدى القرى العُمانية وتحكي قصة أحد مقتفي أثر الماء، تستعين به القرى في بحثها عن منابع المياه الجوفية، وتكون حياة القافر منذ ولادته مرتبطة بالماء، فأمّه ماتت غرقًا، ووالده طُمر تحت قناة أحد الأفلاج؛ حيث انهار عليه السقف، ينتهي سجينًا في قناة أحد الأفلاج ليبقى هناك يقاوم للبقاء حيًّا. وتعمل الرواية من منطقة جديدة في السرد، هي ذاكرة الأفلاج، كونه نظام فلاحي لريّ البساتين، مرتبط بالحياة القروية في عُمان ارتباطًا وثيقًا؛ حيث دارت حولها الحكايات والأساطير.