¬كثيرا ما يختلف الرؤساء العرب عندما يلتقي بعضهم ببعض في قمة عربية تحت سقف واحد. وأصبح مشهد هرولة رئيس أو وزير خارجية تاركا القاعة التي تنظم بها القمة غاضبا مشهدا مألوفا في القمم العربية. ومن غير المستبعد أن يتكرر نفس الشيء بل وبشكل أسوأ في القمة التي تعقد اليوم السبت بمدينة سرت في ليبيا رغم أن هناك على الأقل موقفا موحدا بشكل أو بآخر للدول العربية الاثنتين والعشرين فيما يتعلق بالصراع في الشرق الأوسط. وفي هذا السياق قال الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إن احتمال فشل عملية السلام أكبر في الوقت الحالي من احتمال حدوث نجاح في هذه المنطقة، وليس هناك من يخالف عمرو موسى في هذا الرأي. لقد صدم العرب إزاء التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو حينما أكد عزم إسرائيل الاستمرار في بناء المزيد من المستوطنات في القدسالشرقية رغم انتقادات البيت الأبيض والاتحاد الأوروبي، لكن يبدو أن العهد الذي كان العرب يهددون فيه بإغلاق صنبور النفط لممارسة ضغط دولي على إسرائيل قد ولى بلا رجعة. سيكتفي الرؤساء العرب في ليبيا بإصدار بيانات استهجان وإطلاق مبادرات سياسية والإعلان عن الاستعداد لتقديم أموال لصندوق عربي للقدس، والحديث علنا عن نصف مليار دولار. ولا يكفي السخط الجماعي للعرب على إسرائيل لتجاوز الخلافات الداخلية وطيها، تلك الخلافات التي تخيم على أجواء قمة مدينة سرت الليبية، مسقط رأس العقيد الليبي معمر القذافي. وليس هناك بوادر أمل لتصالح حركة فتح بزعامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تسطير على قطاع غزة. أما من ناحية مشاركة الدول، فقد مارس القائمون على القمة جهودا كبيرة لإثناء وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الذي يمثل الرئيس جلال طالباني في القمة عن مغادرة ليبيا مبكرا والعودة لبلاده وذلك بعد أن استدعاه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عندما علم أن القذافي التقى مؤخرا مع بعض أعضاء حزب البعث العراقي. ولن يشارك الرئيس اللبناني ميشيل سليمان في القمة بسبب نزاع قديم مع ليبيا على خلفية اختفاء زعيم شيعي في ليبيا عام 1978. ولن يشارك عاهل السعودية الملك عبد الله بن سعود في القمة وذلك بسبب خلاف مع العقيد القذافي منذ القمة العربية في مصر عام 2003 وذلك رغم إعلان العقيد القذافي عن حدوث مصالحة بينه وبين الملك عبد الله، ولكن يبدو أن عاهل السعودية لم يسامح فعلا. ولدى الرئيس المصري حسني مبارك سبب مقنع لعدم المشاركة في قمة سرت حيث مازال يتعافى من الجراحة التي أجريت له مؤخرا في ألمانيا لاستئصال المرارة، وسيمثله في القمة رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف. ويتوقع مراقبون أن يستغل الرئيس السوري بشار الأسد المتحالف مع إيران غياب الثقل المصري والسعودي عن القمة للظهور كقائد بارز في المنطقة العربية، حيث سيحاول حسب هؤلاء المراقبين إقناع العرب الآخرين بالعمل على ألا تفرض عقوبات جديدة على إيران. يبقى أن نترقب ما إذا كان القذافي الذي يلقب نفسه بملك ملوك أفريقيا مستعدا لمشاطرة الرئيس السوري بشار الأسد أضواء القمة أم لا.