عاشت الأمة العربية 24 ساعة عصيبة في حياة العمل السياسي العربي منذ مساء أمس وحتي اليوم، وهناك تقلب في الأوضاع السياسية والمزاج العربي الذي تأرجح بين الأمل والإحباط ثم العودة للأمل مرة أخري.. جاء البيان التونسي المفاجيء بتأجيل القمة العربية بمثابة صدمة لمن كانوا في قاعة المؤتمر في تونس، وكذلك صدمة بالنسبة للزعماء العرب، وصدمة بالنسبة للشارع العربي، وجاء البيان المصري الصادر عن رئاسة الجمهورية المصرية ليزرع مشاعر الأمل في الشارع العربي ويزيل حالة الاحباط الشديدة التي اعترت ملايين المواطنين في العالم العربي. الجميع كانوا في حالة وجوم. كانوا يتساءلون كيف يمكن تأجيل هذه القمة العربية في وقت يعربد شارون في الأراضي الفلسطينية، وهناك مسائل فيما يختص بالوضع في العراق ثم قضية الشرق الأوسط الكبير وقضايا الإصلاح وأخيرا وليس آخرا إصلاح الجامعة العربية. جاء البيان المصري ليعلن بشكل واضح استضافة القمة العربية فيعيد الأمل لانقاذ الأمة ويحفظ لها ماء وجهها ويجعلها تستطيع أن تقول إن لدينا إمكانية للحل. ماذا حدث بالضبط.. في العاشرة مساءا بينما كان وزراء الخارجية العرب مجتمعين في تونس جاءت محادثة هاتفية للوزير التونسي وبعدها خرج إلي الإعلام وإلي الصحافة العالمية دون أن يبلغ أيا من الحاضرين من زملائه ويعلن إنهاء هذه المؤتمرات وتأجيل القمة، الأمر الذي أصاب الكثيرين بالاحباط، بعضهم مثل وزير الخارجية الاماراتي توجه مباشرة إلي المطار، وزير الخارجية المصري حمل غضبه ورحل علي الفور، وزير الخارجية السوري استشاط غضبا ثم وزير الخارجية الأردني أعلن أنه محبط للغاية، أما السيد عمرو موسي أمين عام الجامعة العربية فقد غادر دون تعليق، ثم أصدر مجموعة من التصريحات أعلن فيها أن تأجيل القمة بهذه الشاكلة يهدد الوضع العربي وهو سابقة خطيرة. - ماذا حدث ولماذا دعت مصر إلي انعقاد القمة في مصر؟ في اعتقادي واعتقاد الجميع أن أفضل من يجيب عن هذا السؤال هو الرئيس المصري محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية الذي قام بتوجيه هذه الدعوة التي أعادت الأمل إلي ملايين العرب. الرئيس المصري معنا علي الهواء مباشرة علي الهاتف. مساء الخير سيادة الرئيس. - الرئيس مبارك : مساء النور. أهلا بك سيدي.. السؤال الذي نطرحه اليوم ويسأله ملايين المواطنين في العالم العربي.. أولا: ماذا حدث بالضبط ولماذا تم الإلغاء أو التأجيل.. و ثانيا : لماذا أصدرت مصر هذا البيان السريع لإنقاذ الموقف؟ - الرئيس مبارك: الحقيقة أنني كنت أتابع أعمال المجلس الوزاري يوميا، والمكتب عندي يسأل بصفة مستمرة ماذا تم، وكأي اجتماع وزراء خارجية تقع خلافات في وجهات النظر تأخذ وقتها ولابد أن نجد لها حلا. وهذا حدث كثيرا ويحدث حتي في القمم التي تعقد في العالم كله. وليس فقط في العالم العربي، وكانت آخر مكالمة معهم الساعة العاشرة والنصف مساء يوم السبت، وقالوا لي إن هناك بعض المشاكل وقلت لهم حاولوا أن تنتهوا حتي الغد، أي اليوم التالي، وكان يفترض أنني سوف أذهب اليوم التالي فجر الاثنين، لكنني غيرت مواعيدي وقلت إنني سأذهب مبكرا يوم وصول الرؤساء حتي نساعد في التحضير للقمة، نمت في الحادية عشرة والنصف، وفي الصباح قرأت البرقيات التي وصلت وقالوا لي إن هناك مفاجأة أن القمة تقرر تأجيلها والذي قرر تأجيلها تونس. أنا اندهشت الحقيقة من تأجيل القمة بهذا الشكل، لأن التأجيل يجب أن يتم بالاتفاق مع رؤساء الدول. وخاصة أن القمة مازالت تحت رئاسة البحرين، وبالتالي أصابني ذهول، لأنه لأول مرة تلغي القمة دون استشارة أي أحد، ماذا نفعل.. وفكرت وقلت: نحاول ننقذ الموقف لأنني فعلا صدمت بهذا الموضوع. سيادة الرئيس ألم يصل تفسير من الجانب التونسي أو أي نوع من التشاور قبل الإلغاء أو بعده لتفسير سبب اتخاذ هذا القرار؟ - الرئيس مبارك: إطلاقا.. أنا فوجئت بهذا ا لموضوع في الساعة السابعة صباحا في برقية وصلتني تحتوي هذا المضمون.. حدث لي ذهول والرأي العام طبعا يريد أن يعرف ماذا حدث، وقلت لابد من إيجاد حل، وإنقاذ الموقف، وأن تنعقد القمة في أقرب وقت ممكن. بعد الأسي الذي عانيناه.. والقمة لها موعد دوري ثابت تعقد فيه وهو مارس من كل عام، وأن تؤجل دون استشارة بقية الرؤساء فقد كان الأمر غريبا ولم يحدث من قبل. وطبعا أصدرنا بيانا بالدعوة لعقد القمة في مصر، ورحبت به دول كثيرة جدا، لكننا فوجئنا بإخواننا في تونس يقولون: نحتفظ بحقنا في رئاسة القمة وأنا قلت نحن لا نأخذ القمة، لكننا قلنا طالما حدثت مشاكل فتعالوا نجلس معا لبحثها، واقترحنا مصر مقرا للانعقاد. وإذا كان الرؤساء يريدون الاجتماع مرة أخري في تونس أنا لا أعترض، وأنا لا أفرض شيئا علي أحد، لكنني أريد إنقاذ الموقف. وكل المشاكل التي جرت في الاجتماع الوزاري ممكن حلها. هل أبلغ سيادتكم الوفد المصري المشارك أنه كانت هناك مشكلات غير قابلة للحل أو غير طبيعية؟ - الرئيس مبارك: ليس هناك مشكلات غير قابلة للحل. ولا يوجد شيء اسمه غير قابل للحل، وقد قابلنا مشكلات كثيرة جدا من قبل، في القمم العربية والقمم الافريقية. لكن هذه هي المرة الأولي التي تؤجل فيها القمة دون استشارة أحد. لابد أن نتفق ولا نقدم القمم أو نؤجلها دون أن نتفاهم مع بعضنا البعض. سيادة الرئيس حينما دعوت إلي هذه القمة هل قبلها حدثت مشاورات بينك وبين بعض الزعماء العرب وماذا كان رد فعلهم إزاء هذا الاقتراح؟ - الرئيس مبارك: حدثني الرئيس اليمني، ورؤساء بعض الدول، وسألوا عما حدث، وكانوا يعتقدون أن لدي بعض المعلومات. لكنني قلت لهم لابد أنها خلافات بسبب بعض المبادرات، وأكدت أنه لا توجد خلافات بلا حل. سيادة الرئيس: هل إذا عقدت هذه القمة في مصر، هل تعتقد أن هناك قدرة لمصر باعتبارها دولة المقر لأن تلعب دورا توفيقيا لإنجاح القمة؟ - الرئيس مبارك : يا أخ عماد لا مفر من نجاح القمة، ولو كنا ذهبنا إلي تونس لاستطعنا أن نتحدث ونصل إلي حلول.. لكني لا أفهم لماذا حدثت الأمور بهذه العجلة. علينا أن نتشاور ونتحدث، وإذا كانت هناك نقاط خلاف نصل إلي حلول لها، لكن لا يصح أن يفرض أحد علي الجميع شيئا. هل من حق الزعماء العرب أن يختاروا مكانا يعقدون فيه القمة؟ - الرئيس مبارك: نعم.. هذا قرار الرؤساء إذا أرادوا عقده في مقر الجامعة العربية فهذا حقهم، فالجامعة ملك لكل الدول.. يريدون أن تستضيفهم دول أهلا وسهلا، وطالما أنه اتفقوا علي شيء، فنحن معهم. إذن كل ما يعني سيادتكم هو أن تنعقد القمة بأسرع وقت، وأن تكلل بالنجاح، بصرف النظر عن مكان، أو من يرأس هذه القمة؟ الرئيس مبارك: أنا لا يهمني المكان ولا يهمني من يرأس القمة.. ورغم أن البعض اعترض علي تونس في البداية، لكنني شخصيا لم أعترض ومستعد لأن أذهب إلي القمة في أي مكان، المهم أن تنجح القمة. حتي تنجح القمة سيدي الرئيس أعتقد أنها تحتاج إلي إعداد جيد، وهذا يعني أننا لا يجب أن نتوقع انعقادها خلال أيام. - الرئيس مبارك: خلال أيام لا.. سوف نبحث الأمر مع الأمين العام للجامعة، وبعض وزراء الخارجية، وسوف نجري اتصالات مع الجميع، ولابد أن نعمل علي إنجاح القمة بأي ثمن. إذن إذا استغرق التحضير لها اسبوعين أو ثلاثة لا توجد مشكلة؟ - الرئيس مبارك: طبعا لا توجد مشكلة، المهم أن تنعقد ، لأن الجميع ينتظر القمة، وعندما تؤجل فجأة بهذا الشكل تسبب صدمة، وأنا شخصيا لم أتخيل أن تؤجل القمة بهذا الشكل ونحن لا نعلم شيئا. ماذا تقول سيادتكم للشارع العربي الذي شعر بعد تأجيل القمة بالإحباط؟ - الرئيس مبارك: أقول لهم إن الأمل دائما كبير، وليست هناك مشكلة بدون حل.. يمكننا دائما أن نجد حلا. أنا من الناس المتفائلين دائما، والحوار والتفاهم لابد أن يصلا بنا إلي نتيجة. الآن سيادتكم سوف تسافرون إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية قبل القمة.. فهل ستحملون الرؤية العربية في مسألة العراق وفلسطين والشرق الأوسط الكبير والإصلاح إلي الرئيس الأمريكي؟ - بالتأكيد ما سوف أقوله للرئيس الأمريكي سيكون نتاج التشاور مع بقية الأخوة. ماذا تقول عن الفيتو الأمريكي؟ - تعودنا علي استخدام الفيتو.