تقع القدس على نتوء جبلي على ارتفاع نحو 760 مترا بين البحر المتوسط والبحر الميت وترويها الينابيع ويسكنها الناس منذ خمسة آلاف عام. وبدأت الأهمية الدينية للمدينة من اعتقاد يهودي بأن منطقة يغطيها حاليا مسجد قبة الصخرة ذو القبة الذهبية هي المنطقة التي أستعد فيها النبي إبراهيم لذبح ابنه قربانا لله قبل أن يهبط ملاك ليوقفه. وجاءت المسيحية والإسلام بعد ذلك لتأكيد الأهمية الدينية للمدينة. ودمر الرومان المدينة كعاصمة يهودية في القرن الأول بعد الميلاد وتحولت إلى مدينة مسيحية في عهد الحكم البيزنطي قبل الفتح الإسلامي لها في القرن السابع. وسيطر الصليبيون الأوروبيون على المدنية لمدة مائة عام قبل 700 عام من الحكم الإسلامي حتى هزم البريطانيون الإمبراطورية العثمانية عام 1917. ومع استعداد البريطانيين للخروج من فلسطين، اقترحت الأممالمتحدة حكما دوليا لها في عام 1947 ككيان منفصل. ولكن القتال طغى على هذا الاقتراح وخلف القدسالغربية في يد إسرائيل والشرقية في يد القوات الأردنية عام 1948. وسيطرت إسرائيل على بقية المدينة في حرب عام 1967. وتضم المدينة حاليا نحو 750 ألف نسمة ثلثيهم من اليهود والباقون فلسطينيين أغلبهم مسلمون. اليهود والقدس يرى اليهود القدس، منذ عهد ملوك ورد ذكرهم في التوراة مثل الملك سليمان إلى الإسرائيليين اليوم، باعتبارها مركزا لدينهم وعاصمة لدولتهم. ويعتقدون أن الملك سليمان بنى هيكلا كبيرا على الصخرة في عام 960 قبل الميلاد ليصبح هذا المكان قبلة دينية وتجارية. ولكن البابليين دمروا الهيكل الأول بعد ذلك بأربعة قرون وحل محله الهيكل الثاني. وتم تدمير الهيكل الثاني بدوره على يد قوات الرومان في عام 70 بعد الميلاد في إطار أحداث قادت إلى شتات اليهود في أوروبا والشرق الأوسط. ويعتقد أن الحائط الغربي أو حائط المبكى قبلة صلاة اليهود حاليا جزء من جدار باق من مجمع معبد الهيكل الذي دمره الرومان. وكان المعبد هو ما يجذب اليهود على مدى ألفى عام من الشتات. ومساء يوم الاثنين المقبل 29 مارس كما يحدث كل عام في عشاء عيد الفصح يتبادل اليهود في مختلف أرجاء العالم الأنخاب قائلين "العام المقبل في أورشليم". وبعد أن احتلت القوات الإسرائيلية القدسالشرقية العربية بما فيها المدينة القديمة بمواقعها المقدسة من الأردن عام 1967، ضمت إسرائيل هذا الشطر من المدينة وأعلنت المدينة كاملة عاصمة أبدية لها في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي. وأغلب السفارات الأجنبية لدى إسرائيل موجودة في تل أبيب. المسيحيون والقدس بالنسبة للمسيحيين، القدس هي المكان الذي عاش فيه المسيح وصلب وقام. وكان المسيح الذي ولد في بيت لحم يلقي مواعظه قرب معبد الملك هيرود. وقصة صلب المسيح -الذي اعتبره حواريوه من اليهود مسيح النبوءة الذي يرسله الله مخلصا للبشر- على يد الرومان ثم قيامه على جبل كالفاري هي محور الاحتفال بعيد القيامة يوم الأحد الرابع من ابريل كل عام. ويسير موكب القيامة من حديقة الجثمانية عند سفح جبل الزيتون عبر طريق الآلام إلى كنيسة القيامة موقع القيام. وعندما تحولت الإمبراطورية الرومانية للمسيحية، تحولت القدس معها حتى الفتح الإسلامي في القرن السابع. وأقام الأوروبيون مملكة مسيحية في القدس أثناء الحملات الصليبية من القرن الحادي عشر إلى القرن الثالث عشر قبل عودة الحكم الإسلامي للمدينة. وانتهى الحكم الإسلامي بعدما هزمت بريطانيا الإمبراطورية العثمانية في عام 1917. وتتقاسم عدة جهات منها أساسا الكنيسة الاورثوذكسية اليونانية والكنيسة الكاثوليكية الرومانية السيطرة على المواقع المسيحية المقدسة في القدس كما تتقاسم ولاء نحو 150 ألف مسيحي عربي في إسرائيل والأراضي الفلسطينية. المسلمون والقدس ويقدس المسلمون كذلك الصخرة التي أقيم عليها مسجد قبة الصخرة باعتبارها المكان الذي أسرى الله فيه بمحمد وصعد به إلى السماء في ليلة الإسراء والمعراج. واليوم تغطي المكان قبة الصخرة التي بنيت أساسا سنة 691 ميلادية، وهي جزء من مجمع يطلق عليه اليهود جبل الهيكل ويطلق عليه المسلمون الحرم الشريف و يضم أيضا المسجد الأقصى. والموقع هو ثالث أقدس مزار إسلامي بعد الكعبة في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة. وعندما انتهى الحكم البريطاني عام 1948، احتلت القوات الأردنية المدينة القديمة والقدسالشرقية العربية. ويتولى العاهل الأردني مهمة ضمان حماية المقدسات الإسلامية في المدينة رغم احتلال إسرائيل لها في عام 1967. يذكر أن أغلب الفلسطينيين من المسلمين السنة ومنهم حوالي 240 ألفا يقيمون داخل حدود القدس لكن الكثيرين يشكون من أن الأمن الإسرائيلي يمنعهم من الوصول إلى مجمع المسجد الأقصى والصلاة فيه.