بسبب القواعد الجديدة، "أطباء بلا حدود" تترقب اليوم قرارا إسرائيليا بوقف عملها في غزة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 31 ديسمبر    هجوم أوكراني بطائرات مسيرة على موسكو    الاختبارات الإلكترونية لبرنامج الدبلوماسية الشبابية تجذب آلاف الشباب المصري    وخلق الله بريجيت باردو    محكمة تونسية تؤيد حكم سجن النائبة عبير موسى عامين    وزارة الرياضة تواصل نجاح تجربة التصويت الإلكتروني في الأندية الرياضية    بداية تحول حقيقي، تقرير صادم عن سعر الذهب والفضة عام 2026    ولفرهامبتون يحصد النقطة الثالثة من أرض مانشستر يونايتد    ذخيرة حية وإنزال برمائي.. الصين توسع مناوراتها حول تايوان    مصرع طفل دهسه قطار الفيوم الواسطي أثناء عبوره مزلقان قرية العامرية    طقس رأس السنة.. «الأرصاد» تحذر من هذه الظواهر    قوات التحالف تنشر مشاهد استهداف أسلحة وعربات قتالية في اليمن وتفند بيان الإمارات (فيديو)    "25يناير."كابوس السيسي الذي لا ينتهي .. طروحات عن معادلة للتغيير و إعلان مبادئ "الثوري المصري" يستبق ذكرى الثورة    رئيس جامعة قنا يوضح أسباب حصر استقبال الحالات العادية في 3 أيام بالمستشفى الجامعي    د.حماد عبدالله يكتب: نافذة على الضمير !!    محافظ القاهرة: معرض مستلزمات الأسرة مستمر لأسبوع للسيطرة على الأسعار    «قاطعوهم يرحمكم الله».. رئيس تحرير اليوم السابع يدعو لتوسيع مقاطعة «شياطين السوشيال ميديا»    خالد الصاوي: لا يمكن أن أحكم على فيلم الست ولكن ثقتي كبيرة فيهم    مصدر بالزمالك: سداد مستحقات اللاعبين أولوية وليس فتح القيد    شادي محمد: توروب رفض التعاقد مع حامد حمدان    نتائج الجولة 19 من الدوري الإنجليزي الممتاز.. تعادلات مثيرة وسقوط مفاجئ    "البوابة نيوز" ينضم لمبادرة الشركة المتحدة لوقف تغطية مناسبات من يطلق عليهم مشاهير السوشيال ميديا والتيك توكرز    استشهاد فلسطيني إثر إطلاق الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على مركبة جنوب نابلس    الأمم المتحدة تحذر من أن أفغانستان ستظل من أكبر الأزمات الإنسانية خلال 2026    قيس سعيّد يمدد حالة الطوارئ في تونس حتى نهاية يناير 2026    نتنياهو يزعم بوجود قضايا لم تنجز بعد في الشرق الأوسط    من موقع الحادث.. هنا عند ترعة المريوطية بدأت الحكاية وانتهت ببطولة    دعم صحفي واسع لمبادرة المتحدة بوقف تغطية مشاهير السوشيال ميديا والتيك توك    تموين القاهرة: نتبنى مبادرات لتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار مخفضة    التنمية المحلية: تقليص إجراءات طلبات التصالح من 15 إلى 8 خطوات    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    رضوى الشربيني عن قرار المتحدة بمقاطعة مشاهير اللايفات: انتصار للمجتهدين ضد صناع الضجيج    طرح البرومو الأول للدراما الكورية "In Our Radiant Season" (فيديو)    الخميس.. صالون فضاءات أم الدنيا يناقش «دوائر التيه» للشاعر محمد سلامة زهر    لهذا السبب... إلهام الفضالة تتصدر تريند جوجل    ظهور نادر يحسم الشائعات... دي كابريو وفيتوريا في مشهد حب علني بلوس أنجلوس    بسبب الفكة، هل يتم زيادة أسعار تذاكر المترو؟ رئيس الهيئة يجيب (فيديو)    د هاني أبو العلا يكتب: .. وهل المرجو من البعثات العلمية هو تعلم التوقيع بالانجليزية    غدًا.. محاكمة 3 طالبات في الاعتداء على الطالبة كارما داخل مدرسة    حلويات منزلية بسيطة بدون مجهود تناسب احتفالات رأس السنة    الحالة «ج» للتأمين توفيق: تواجد ميدانى للقيادات ومتابعة تنفيذ الخطط الأمنية    أمين البحوث الإسلامية يلتقي نائب محافظ المنوفية لبحث تعزيز التعاون الدعوي والمجتمعي    ملامح الثورة الصحية فى 2026    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    هل يجب خلع الساعة والخاتم أثناء الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة عين شمس تستضيف لجنة منبثقة من قطاع طب الأسنان بالمجلس الأعلى للجامعات    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    خالد الجندي: القبر مرحلة في الطريق لا نهاية الرحلة    حقيقة تبكير صرف معاشات يناير 2026 بسبب إجازة البنوك    الأهلي يواجه المقاولون العرب.. معركة حاسمة في كأس عاصمة مصر    رئيس جامعة قناة السويس يهنئ السيسي بالعام الميلادي الجديد    رئيس جامعة العريش يتابع سير امتحانات الفصل الدراسي الأول بمختلف الكليات    الصحة: تقديم 22.8 مليون خدمة طبية بالشرقية وإقامة وتطوير المنشآت بأكثر من ملياري جنيه خلال 2025    الزراعة: تحصين 1.35 مليون طائر خلال نوفمبر.. ورفع جاهزية القطعان مع بداية الشتاء    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    نسور قرطاج أمام اختبار لا يقبل الخطأ.. تفاصيل مواجهة تونس وتنزانيا الحاسمة في كأس أمم إفريقيا 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المصرى اليوم» تفتح ملف الكذبة الإسرائيلية للاستيلاء على الحرم الإبراهيمى

الحرم الإبراهيمى كما يعرفه المسلمون، أو مغارة المكفيلة كما يسميها اليهود.. تلك هى المشكلة التى تؤرق المنطقة منذ أعلنت إسرائيل ضم منطقة المساجد بالحرم الإبراهيمى فى مدينة الخليل إلى التراث اليهودى، بدعوى أن تلك البقعة المقدسة تضم قبور آباء بنى إسرائيل، سيدنا إبراهيم وزوجته سارة وإسحاق وزوجته رفقة ويعقوب وزوجته ليئة، ومقام يوسف عليه السلام.
«المصرى اليوم» تتبعت الادعاءات الإسرائيلية عن أحقية اليهود فى الحرم الإبراهيمى، ومنذ اللحظة الأولى تتكشف الحقائق التى تدعمها آراء المتخصصين، فالدكتور أحمد حماد، أستاذ التاريخ العبرى بجامعة عين شمس، يقول إن الإسرائيليين الذين نعرفهم ليسوا أحفاد إبراهيم كما أنهم ليسوا أسباط بنى إسرائيل، وبالتالى لا يحق المطالبة بسنتيمتر واحد فى الحرم الإبراهيمى، بينما أكد الدكتور إبراهيم البحراوى، أستاذ الدراسات الإسرائيلية، أن الحركة الصهيونية اعتمدت على الأساطير الدينية لإثبات حق تاريخى ودينى مزعوم لليهود فى فلسطين.
خبراء: قبور سيدنا إبراهيم وأبنائه تقع خارج الحرم.. ورواية العهد القديم لا تدعمها شواهد أثرية
بدأت المعركة الحقيقية على الحرم الإبراهيمى أو مغارة «المكفيلة» مع صوت المؤذن لصلاة العشاء، كانت الصلاة يوم الخميس مختلفة عن كل يوم، بدأت بمنع استعمال المكبرات للنداء على فرض الله، فتأخرت الصلاة، وما إن بدأت، ارتفعت أصوات المستوطنين.. فقد كان عيد المساخر اليهودى فى اليوم التالى.
الجمعة، الخامس عشر من رمضان، الخامس والعشرون من فبراير، عيد يختلف عن كل الأعياد، مهرجان لإحياء ذكرى إنقاذ اليهود من الإبادة أيام الإمبراطورية الفارسية- حسب التراث اليهودى الوارد فى سفر أستير- وفى لحظة السجود أثناء صلاة الفجر، انطلقت الرصاصة الأولى من المدفع الرشاش لباروخ جولدشتاين، باتجاه الساجدين، كان واقفا عند بوابة الحرم الإبراهيمى، ينظر إليهم ليحصى ضحاياه ويستعد للحصاد.
كانت القنبلتان اللتان سقطتا باتجاه المصلين، أسرع من تكبيرة الإمام فى نهاية السجدة، رفع الأخير رأسه لكن ظهره لم يكن استوى بعد حتى اخترقته الرصاصة الأولى، سقط الإمام، وتساقط خلفه العشرات، وصاح الأحياء.. الله أكبر الله أكبر.
وفى الخارج، أيقظ صوت الرصاص المدينة النائمة، وهب الجميع «إنه الحرم»، أغلقت الأبواب الخارجية، ممنوع الدخول أو الخروج، وتوالى سقوط الشهداء، وتدافع المصلون باتجاه جولدشتاين فسقط قتيلا.
29شهيداً و150 جريحاً كانوا حصاد المجزرة، أعلنت حالة الطوارئ فى مستشفيات الخليل وانطلقت سيارات الإسعاف إلى الحرم، وأدى آلاف الشباب دورهم، أنقذوا الجرحى، تبرعوا بالدماء، تصدوا للدوريات العسكرية.
بعد المجزرة صار جولدشتاين بطلاً، لدى اليمين الإسرائيلى المتطرف، وأصبح قبره مزاراً يحجون إليه لإحياء عيد الأضحية اليهودى.
وبين المجزرة التاريخية فى 1994، وأطماع إسرائيل فى نفس البقعة المقدسة، يقف الحرم الإبراهيمى جنوب شرق مدينة الخليل، محاطا بسور عظيم سمكه حوالى مترين ونصف المتر، وعدد مداميكه « طوب يرص بطريقة أفقية» 15، وارتفاعه حوالى 19متراً ونصف المتر، وللمسجد مئذنتان قائمتان على ذلك السور، مربعتان ترتفع كل واحدة منهما 15 متراً فوق السطح.
ويشير وصف المسجد إلى وجود مغارة تعلو مدخلها دكة (المؤذن) الموجودة داخل قبة صغيرة محمولة على 4 أعمدة رخامية، ومهبط الغار بجوار الغرفة الرمزية لقبر «ليئة» بالجهة الغربية منها ومغطى ببلاطة مستوية مع سطح الأرضية.
وعلى جانبى الرواق الأوسط للمسجد، حجرتان مشيدتان بالحجر المدهون بالزيت من الخارج، ومستطيلتان لهما سقف (جمالونى) وبداخل كل منهما مشهد من الرخام، وعلى المشهدين آيات من القرآن الكريم، ولكل غرفة باب خشبى وشباكان نحاسيان بأشكال هندسية مكتوب عليهما « هذا قبر النبى إسحاق عليه السلام» و«هذا قبر سيدتنا رفقة رضى الله عنها- زوجة النبى إسحاق عليه السلام».
أما الغرفة الرمزية لقبر سيدنا يوسف، عليه السلام، فتقع فى وسط مصلى المالكية شمال غرب المصلى الرئيسى، وهو رواق مستطيل الشكل سقفه معقود على شكل مصلبات، جدرانه وسقفه مبيضة، وفى صدره محراب مزين بالقيشانى وبمؤخرته باب إلى المئذنة، وبينه وبين الفناء المكشوف عقدان كبيران، فى كل منهما شباك حديث من الزجاج له إطار خشبى، وفى سقف هذا المصلى فتحتان تغطى كل منهما قبواً صغيراً أصم لا فائدة منه.
وتشبه قبة قبر سارة، قبة قبر الخليل، إلا أنها سداسية الشكل، وخالية من الوزرات الرخامية التى تشبه المداميك ودون كتابة، وتتوسطها التركيبة الرمزية للمقام، وتستمد هذه القبة الإضاءة من شباك واحد مطل على فناء المدخل الرئيسى للمسجد الإبراهيمى، أما الساحة بين القبتين فإنها مستطيلة الشكل، وجدرانها مؤزرة بالرخام ويعلوه طراز من الرخام الدقيق المطعم بالصدف على جدران قبة الخليل، كتب عليها من آيات القرآن الكريم: «بسم الله الرحمن الرحيم إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين...».
والجزء الذى فوق الباب المؤدى للرواق المكشوف خال من الرخام والقيشانى، وفى كل ركن عمود من الرخام يعلوه طراز مكتوب عليه آيات من القرآن الكريم، من سورة (ص): «بسم الله الرحمن الرحيم. واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولى الأيدى والأبصار، إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار، وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار»، وتليها آيات من سورة آل عمران: «مقام إبراهيم، ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين».
وفى آخر الساحة السماوية من جهة الشمال الغربى ضريح سيدنا يعقوب وهو مقابل لقبر إبراهيم، عليه السلام، من ناحية الشمال، ويقابله من الشرق قبر زوجته السيدة «ليئة»، وقبة يعقوب ثمانية الشكل، جدرانها مؤزرة بالرخام الملون يعلوها طراز مكتوب عليه آيات من القرآن، وباقى الجدران والقبة مبيضة ومدهونة بالزيت المزخرف، وتتوسط القبة التركيبة الرمزية للمقام، وتستمد إضاءتها من شباك مطل على الفناء المكشوف، ومن شباك آخر مطل على مصلى المالكية، وقبة ليئة مماثلة لقبة يعقوب إلا أن قاعدتها سداسية وخالية من الوزرات الرخامية وليست بها شبابيك وتتوسطها التركيبة الرمزية للمقام.
وتنص رواية سفر التكوين الإصحاح 23، على أن سيدنا إبراهيم عندما عاش فى أرض كنعان، ماتت زوجته سارة فى قريةِ أربعَ، وهىَ حَبرونُ «الخليل»، فى أرضِ كنعانَ، وقال إبراهيمُ لبَنى حِثٍّ ساكنى تلك المنطقة، «أنا غريبٌ ونزيلٌ بَينَكُم. دعونى أملِكُ قبراً عِندَكُم لأدفِنَ فيهِ مَيتى مِنْ أمامى»، فأجابَهُ بَنوحِثٍّ: «إسْمَعْ لنا يا سيّدى. اللهُ جعلَكَ رفيعَ المَقامِ فيما بيننا، فاَدفِنْ مَيتَكَ فى أفضلِ قُبورِنا، لا أحدَ مِنَّا يَمنعُ قبرَهُ عَنكَ لتدفِنَ فيهِ مَيتَكَ».
إلا أن إبراهيم أصر على شراء قبر، وقال لهم «إنْ كُنتُم تَقبلونَ أنْ أدفِنَ مَيتى مِنْ أمامى فاَسمعوا لى واَطلبوا مِنْ عَفرونَ بنِ صُوحرَ أن يُعطيَنى مغارةَ المَكفيلةِ التى لَه فى طَرَفِ حقلِهِ بثمنٍ كاملٍ، لتكونَ قبراً أملُكُهُ فيما بَينَكُم»، وكانَ عَفرونُ الحثِّىُّ جالساً فأجابَ إبراهيمَ على مَسامعِ كُلِّ بَنى حِثٍّ الذينَ جاءوا إلى مَجلسِ بابِ المدينةِ: «لا يا سيّدى، اسمَعْ لى. الحقلُ وهبتُهُ لكَ، والمغارةُ التى فيهِ أيضاً هذِهِ هِبَةٌ لكَ مِنى بمشهدٍ مِنْ بَنى قومى. فاَدفِنْ مَيتَكَ».
وبعد إصرار إبراهيم أخبره عَفرون أن الأرض تساوى أربعَ مائةِ مِثقالِ فِضَّةٍ، وطلب منه أيَّةُ قيمةٍ لها دون ذلك ليدفِنْ مَيته فيها، فوزن إبراهيمُ لعَفرونَ الفِضَّةَ التى ذكَرَها وأصبحَ حَقلُ عَفرونَ الذى فى المكفيلة والمغارةُ وكُلُّ ما فيهِ مِنْ شجرٍ بجميعِ حُدودهِ المُحيطةِ به مُلْكاً لإبراهيمَ ودفَنَ سارةَ اَمرأتَهُ فى المغارةِ.
ويذكر العهد القديم أن إبراهيمُ عندما فاضت روحُه دفنَه إسحَقُ وإسماعيلُ اَبناهُ فى مغارةِ المكفيلةِ بجوار اامرأته سارةُ، كما أوصى إسحق بدفنه فى المغارة مع زوجته رفقة، ويعقوب مع زوجته ليئة، بينما دفن يعقوب زوجته راحيل فى بيت لحم، وكذلك الأمر بالنسبة ليوسف عليه السلام.
وتنتهى الرواية اليهودية بأن أبناء يعقوب بنوا حائطا حول المغارة ووضعوا علامات القبور فى كل موضع، وكتبوا على كل قبر اسم صاحبه وأغلقوا بابها، ثم بنى السور العظيم الموجود حاليا والمشهور بالسور أو الحير السليمانى، وبنى المسلمون بعد ذلك مسجدا فوق الغار.
ورغم أن تلك الرواية لم تذكر إلا فى العهد القديم فقط ولم تتقاطع مع أى مواد تاريخية أو شواهد أثرية أخرى حتى تتأكد صحتها، فإن فرضية تصديقها تطرح تساؤلا حول علاقة الإسرائيليين بسيدنا إبراهيم وأبنائه، التى تجعلهم يؤكدون أن الحرم الإبراهيمى يتبع تراثهم اليهودى.
ويوضح الإجابة عن ذلك التساؤل الدكتور أحمد حماد رئيس قسم الأدب العبرى بكلية الآداب جامعة عين شمس قائلا: «ادعى الإسرائيليون على مر التاريخ أنهم سلالة العبرانيين الذين يضمون سيدنا إبراهيم وإسحق ويعقوب عليهم السلام، وبالتالى فإن لهم حقا فى ممتلكاتهم»، مشيرا إلى أن هناك خلطاً كبيراً فى المفاهيم والمصطلحات يستغله الإسرائيليون لصالحهم، وأوضح أن العبرانيين صفة كانت تطلق على مجموعة من القبائل تسمى بدو الحمير أى رعاة الحمير،
أما بنو إسرائيل فهم من خرجوا من مصر بقيادة سيدنا موسى، مضيفا أن الإسرائيليين إذا كانوا يشكلون جزءا من جماعة بنى إسرائيل الذين خرجوا مع موسى فإن بعضاً منهم قد ينتمى للعبرانيين، وعلى ذلك الافتراض لا يجوز تسليم الجزء حق الكل، مع الأخذ فى الاعتبار أن النص التوراتى لم يذكر على الإطلاق أن للعبرانيين الحق فى أى قطعة أرض.
وتعرف كتب التاريخ العبرانيين بأنهم خليط من الشعوب الآسيوية السامية القديمة، استقروا لفترة فى أرض كنعان، وكان منهم الآراميون والعموريون والآشوريون والأموريون، وغيرهم من الشعوب والأعراق، ويعتبر إبراهيم عليه السلام ومن ثم إسحق ويعقوب طبقا لهذا التعريف عبرانيين، وترجع تسميتهم بهذا الاسم إما لأنهم هاجروا وعبروا كما هاجر إبراهيم عليه السلام من العراق ثم إلى مصر وفلسطين وإلى صحراء الشام عابرين للأنهار، أو لنسبتهم إلى أحد أجداد سيدنا إبراهيم «عابر» ورد اسمه فى التوراة، وبالتالى فإنهم لا يمثلون عرقا أو جنسا من الأجناس بقدر ما يمثلون جماعات وعشائر وقبائل مختلطة من شعوب آسيوية سامية.
وتشير الدراسات التاريخية إلى أن العبرانيين ليسوا يهودا، وأن بنى إسرائيل لم يمثلوا إلا فرعا صغيرا منهم، ويذكر حماد أن واقعة شراء سيدنا إبراهيم للمغارة التى لم تذكر إلا فى التوراة أوضحت أن إبراهيم لم يشتر المغارة حقا، وإنما وهبها له صاحبها وقبل الثمن القليل الذى عرضه لإنهاء الجدل على بيعها بعد إصرار إبراهيم، لكنه لم يكن ثمنها الحقيقى ولا قيمتها مع الحقل فى ذلك الوقت.
وأوضح حماد أن مزاعم الإسرائيليين الآن فى ملكية الحرم الإبراهيمى تتلخص فى أنهم ينسبون أنفسهم لسيدنا إبراهيم وإسحق ويعقوب ويقولون إنهم من الأسباط، والتاريخ يؤكد أن الأسباط لم يتجاوز عددهم 70 شخصاً حين دخلوا أرض كنعان وخرجوا منها 600 ألف شخص بعد ما يقرب من 300 سنة، لافتا إلى أن الحقيقة العلمية تقول إن 70 شخصا لا يمكن أن ينجبوا هذا العدد فى ذلك الوقت القصير إلا بالتخليط العرقى، وأضاف: «حتى مملكة داوود وسليمان التى يتمسكون بها لم تدم سوى 72 عاماً من واقع النص التوراتى، فكيف يعقل أن تعطى تلك السنين القصيرة من عمر تاريخ المنطقة حق العودة للإسرائيليين مع العلم بأن هناك شكاً فى جذورهم؟».
وأكد حماد أن الجذور التاريخية لمنطقة فلسطين توضح أنه لم يكن هناك وجود لليهود بمنطقة القدس، وحينما قاموا بغزو فلسطين قبل داوود مروا على القدس ولم تجذب انتباههم لأنها لم يكن لها أى أهمية استراتيجية فى ذلك الوقت، وعندما أصبح داوود ملكا اختار منطقة لا تمت لأى قبيلة بصلة، لأن الصراعات بين القبائل على الأرض كانت شديدة جدا، وسماها القدس، لكنها لم تكن القدس الحالية لأنها كانت عاصمة لمدينة أسسها داوود فوق جبل صهيون، «وأقبَلَ بَنو إِسرائيلَ إلى داوُدَ فى حبرونَ، فقَطَعَ معَهُم عَهداً أمامَ الرّبِّ ومسَحُوهُ مَلِكاً علَيهِم بِحسَبِ كلامِ الرّبِّ على لِسانِ صموئيلَ، وسارَ داوُدُ ورِجالُه إلى أورُشليمَ أى يَبُوسَ حَيثُ كانَ اليَبوسيُّونَ، فقالوا لَه: «لا يُمكِنُكَ أنْ تَدخلَ إلى هُنا».
فاَحتَلَ داوُدُ حِصْنَ صِهيونَ الذى سُمِّىَ مدينةَ داوُدَ فيما بَعدُ»- سفر أخبار الأيام الأول إصحاح 11 العهد القديم- وأضاف حماد: «إذا اتفقنا معهم إذن بأن سليمان ابن داوود بنى هيكلا وهم يبحثون عنه، فعليهم أن يبحثوا عنه فوق قمم الجبال وليس أسفل المسجد الأقصى، والدليل على ذلك أن منطقة حائط البراق الذى يسمونه حائط المبكى ويدعون أنه جزء من الهيكل لا يطابق مواصفات الهيكل، لأن عرض أقل طوبة فى الحائط لا يقل عن 4 أمتار بينما عرض الهيكل كله 10 أمتار وذلك من خلال أوصاف الهيكل الموجودة فى الكتاب المقدس»، وأوضح أن مزاعم الإسرائيليين فى تلك المناطق ليست إلا مؤامرة لطرد المسلمين منها وتأكيد مزاعمهم بأن الأرض كانت لهم فى الأساس وأن المسلمين هم من اعتدوا عليها وبنوا فوقها مقدساتهم.
ورفض حماد التصديق بأن إبراهيم عليه السلام وزوجته سارة وأبناءه مدفونون فى الحرم الإبراهيمى وقال: «الرواية الوحيدة لا يمكن أن تثبت حقائق لكنها لابد أن تتقاطع مع روايات أو آثار أخرى تؤكدها، والمشكلة أن الإسرائيليين وضعوا تاريخهم المختلق والمكتوب فى إطار قدسى بكتابهم ليتحول البحث العلمى معه إلى مستحيل، لأن المقدس يفرض حظرا على العلم، وإذا سلمنا بأن إبراهيم وزوجته سارة وأبناءه مدفونون بالمغارة داخل الحرم الإبراهيمى، فإنهم فى النهاية عبرانيون وليسوا يهودا، ونصوص العهد القديم تؤكد أن العبرانيين كانوا بدواً رحل لم يمتلكوا أرضاً ولا أصولاً فى يوم من الأيام».
وأشار حماد إلى النص القرآنى الصريح الذى حسم الجدل حول إبراهيم حيث قال الله تعالى: «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِى إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلَا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ»، كما أكد أنه ليس هناك فى التاريخ ما يقول إن الديانة تكسب الحق فى الأرض، والإسرائيليون الموجودون فى فلسطين الآن يدعون حقهم لمجرد أنهم يهود وليسوا أبناء الأرض الأصليين.
من جانبه أكد الدكتور إبراهيم البحراوى أستاذ الدراسات العبرية بجامعة عين شمس، أن ما يحدث فى الحرم الإبراهيمى يهدف إلى إنكار الحقوق الاسلامية فى المنطقة، على الرغم من تعارض رواية الإسرائيليين مع البحوث الأثرية التى أجريت فى المنطقة حتى التى قام بها أثريون يهود، والتى لم تثبت أن منطقة الحرم الإبراهيمى تنتمى إلى مقبرة إبراهيم، وأضاف: «إذا افترضنا أن هناك حقاً فى تلك المقبرة فلماذا يجب أن يكون لأبناء إسحق وليس أبناء إسماعيل؟».
وأوضح البحراوى أن المسجد الموجود بالحرم أقيم تكريما لسيدنا إبراهيم ويحمل اسمه وليس مرتبطا بفكرة وجود القبر فيه، وأشار إلى أن المنطق الصهيونى يبدأ عادة بالتسلل عن طريق فكرة تقاسم الحق وهو ما يدعو اليه الإسرائيليون الآن بضم الحرم إلى التراث اليهودى ويكون مشتركا، وتلك الفكرة مماثلة لتلك التى دخلوا بها إلى الأرض فى البداية والتى قامت على مبدأ أرض لشعبين، ولفت إلى أن الإسرائيليين يلجأون إلى تلك المشاركة فى حالة ضعف موقفهم السياسى، وبمجرد السيطرة على المكان تبدأ المجاهرة بفكرة الوطن القومى لليهود الذى يضم تراثهم ومقدساتهم، فهو اغتصاب للأرض ثم للقيم الإنسانية والآثار الدينية.
واستشهد البحراوى بكتاب «اختراع الشعب اليهودى»، للمؤلف الإسرائيلى «شلوموساند» الذى قام على نقد النظرية التى أسس عليها مشروع اغتصاب فلسطين وتشريد شعبها، كما أشار إلى مجموعة الأبحاث التى ظهرت لتؤكد زيف أسطورة الملكية اليهودية القديمة لفلسطين، وهى الأسطورة التى اعتمدت عليها الصهيونية فى توجيه الهجرة اليهودية من أوروبا إلى فلسطين، وقال: «من أهم المؤلفين فى هذا الاتجاه (إسرائيل فنلكشتاين) الذى دحض هذه الأسطورة الصهيونية المؤسسة لفكرة اغتصاب فلسطين فى كتابين، ونفى وجود أى آثار تساندها»،
وأكد البحراوى أن فكرة الملكية اليهودية التاريخية لفلسطين قامت على أساس إهمال وجود الشعوب السامية مثل الكنعانيين والمؤابيين والشعوب المتوسطية مثل الفلسطينيين السابقين والتاليين على دخول بنى إسرائيل إلى فلسطين، وأضاف: «هذه الشعوب كانت موجودة فى الأرض بشهادة أسفار العهد القديم بدليل الحروب التى نشبت بينهم وبين بنى إسرائيل عند محاولتهم دخول الأرض، وإيجاد موطئ قدم فيها بعد الخروج من مصر».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.