على مدار سنوات من العطاء الفني استطاع إسماعيل عبدالحافظ أن يحفر اسماً بارزاً في عالم الدراما المصرية، عشرات الأعمال التي قدمها في موسم دراما رمضان وخارجه، وبالتعاون مع أسامة أنور عكاشة وغيره من المؤلفين، وترك بصمةً واضحة المعالم بأعمال لم تنسى ومازال الحديث عنها متناثرا على منصات التواصل الاجتماعي، "الوسية، وليالي الحلمية بأجزاءه، والشهد والدموع، وخالتي صفية والدير، والعائلة، وجمهورية زفتى، وامرأة من زمن الحب، وكناريا وشركاه، والأصدقاء، وعفاريت السيالة"، وغيرها من المسلسلات التلفزيونية المحفورة في الذاكرة الجمعية للكثيرين. ولد المخرج إسماعيل عبدالحافظ في مارس عام 1941 بمحافظة كفر الشيخ، وحصل على ليسانس آداب قسم اللغات الشرقية من جامعة عين شمس 1963، وعمل مساعد مخرج بالتلفزيون من 1964-1969 في أقسام مراقبة الأطفال ثم التمثيليات، ثم مخرج دراما، ثم مخرج أول 1970، حيث أخرج أعول أعماله "الناس والفلوس" لتنطلق رحلته مع الدراما التلفزيونية، وعلى مدار عدد من الحلقات المختلفة نتعرف عن قرب على الراحل من خلال كتاب مخرج الشعب، تأليف الدكتور سامح مهران، ومن إصدارات الهيئة العامة للكتاب وأكاديمية الفنون المصرية. تحدثنا في الحلقة السابقة عن مرحلة البداية لعبدالحافظ والتي عانى فيها من الإيقاف عن العمل مرتين في التلفزيون المصري، ولكن لم تكن هذه النهاية بل البداية، بعد ذلك أنتجت ستوديوهات عجمان الجزء الأول من الشهد والدموع، وهي ستوديوهات خاصة في الإمارات العربية المتحدة، وبعد فترة سعى التلفزيون، من خلال يوسف عثمان على إنتاج الجزء الثاني، ولكن عانى عبدالحافظ كثيراً خلال هذه الفترة على مستوى الرقابة وأيضاً الإنتاج وظروفه السيئة، التي تحدث عنها في حوار نُشر بالكتاب المذكور سابقاً. وقال عبدالحافظ عن ذلك: "لقد عانينا من الجزء الثاني عندما رفضت الرقابة هنا إنتاجه لولا تدخل يوسف عثمان رئيس قطاع الفيديو، ثم عانينا بعد التنفيذ وقبل عرضه فكفى، لن يكون هناك جزء ثالث من الشهد والدموع". لم يكن هذا كل ما يتعلق بالعقبات التي واجهته في المسلسل، فقد وصف عبدالحافظ ما تعرض له العمل من مقص الرقيب "لقد جزرت الرقابة الشهد والدموع وكانت وقتها سميحة جبريل على رأس المؤسسة الرقابية". أيضاً رأى عبدالحافظ وجود حالة من التهميش والتقليل من نجاح مسلسله ليالي الحلمية، ووصف الوضع أن مسئولي التلفزيون يتجاهلون الإشادة بنجاح العمل رغم ما حققه، كما تعرض المسلسل أيضاً لمقص الرقيب، والذي وصفه عبدالحافظ أنه كان رحيماً قليلاً مقارنة بما حدث في الشهد والدموع، وحذف "مشهد كامل ونصف مشهد ونصف مشهد آخر وجُملة". والمشاهد المحذوفة تتعلق بنصف مشهد يتحدث عن منظمة الشباب وعلاقتها بخلق وعي قومي لدى الأجيال الجديدة، ونصف مشهد عن منولوج يرديه صلاح السعدني يوم وفاة النحاس باشا ومقارنة بين النحاس وعبدالناصر، ومشهد كامل خاص بمصطفى رفعت وعلاقته بعبدالحكيم عامر، كما طلبت الرقابة حذف اسم وصورة جمال عبدالناصر.