أعلنت إحدى شبكات القنوات العربية، عرض مسلسل تاريخي يتناول شخصية الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، بالموسم الرمضاني المقبل. وعلى مدى الأيام الماضية، أثارت هذه الأنباء حالة واسعة من الجدل، حيث دعا الزعيم الديني الشيعي مقتدى الصدر، القائمين على القناة إلى التراجع عن عرضه لأنه قد "يجرح مشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها". ووصف معاوية، بأنه رأس الفتنة الطائفية، وأول من سن سب الصحابة، وأول من خرج على إمام زمانه وشق صف الوحدة الإسلامية، وأول من قتل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم. فيما رأى البعض الآخر، أن تلك النوعية من المسلسلات مطلوبة، وخصيصًا مع شخصية معاوية التي تعد من بين الشخصيات الثرية تاريخيًا بوجوده بالقلب من أحداث تاريخية فارقة بالتاريخ الإسلامي؛ ما يخدم تقديمها في قالب درامي محكم وجيد. وتتناول الأحداث، ما جرى مع معاوية بن أبي سفيان بعد مقتل عثمان بن عفان فيما يعرف بأحداث الفتنة الكبرى، حيث يتولى علي بن أبي طالب الخلافة، بعد ذلك وبعد فترة من الزمن تستمر الأحداث وصولا إلى عصر الخلافة الأموية التي ستكون بزعامته. ونستعرض في السطور التالية أبرز ما كتب عن سيرة معاوية بن أبي سفيان، وفقا لما جاء من كتابات التاريخية ورؤية المفكرين: * نبوءة بالقيادة منذ الطفولة معاوية بن صخر بن حرب بن أمية، يلتقي نسبه بنسب الرسول محمد في عبد مناف، ولد قبل البعثة بخمس سنين، وقيل بسبع، وقد تفرس فيه أبوه وأمه منذ الطفولة بمستقبل كبير، فروي أن أبا سفيان نظر إليه وهو طفل فقال: «إن ابني هذا لعظيم الرأس، وإنه لخليق أن يسود قومه»، فقالت هند: «قومه فقط؟ ثكلته إن لم يسد العرب قاطبة، حسب ما جاء بالبداية والنهاية لإبن كثير». *احتفظ بشعرات من لحية النبي بكفنه وتحدث الكاتب الكبير عباس محمود العقاد، عن سيرته وجوانب من شخصيته، بكتاب له، قال فيه: «لقد تأخر إسلامه كما تأخر إسلام أبيه، فأسلما معا في عام الفتح وهو في نحو الثالثة والعشرين، وليس هذا التأخر بموجب للشك في عقيدته؛ لأنه يحدث في كل دين وفي كل دعوة، وينقسم الناس في جميع الدعوات الدينية والفكرية إلى مبادرين ومترددين ومتلبسين متلكئين لا يستجيبون لها إلا مع آخر مستجيب، ولا يندر بعد ذلك أن يكون المتأخر أصدق إيمانا، وأثبت عقيدة من المبادر المتقدم، وليس من الجائز أن تتخذ العادة المطردة في الاستجابة للدعوات حجة على نقيضها؛ فما كانت الدعوات قط إلا هكذا أو لا تكون». وأكمل العقاد، أن معاوية بعد إسلامه لم تثبت عليه كلمة ولا فعلة تنقض تصديقه بدينه ورعايته لفروضه وشعائره: «كان يصلي ويصوم، ويزكي ويحج، ويقرأ القرآن ويستمع إليه، وكانت كل لفظة فاه بها وأحصيت عليه في مرض الوفاة تدل على الإيمان بلقاء الله، وعلى الإيمان بالجزاء في العالم الآخر، ومما تواتر من أحاديث الملازمين له في ساعاته الأخيرة أنه كان يحتفظ بقلامة من ظفر رسول الله، وشعرات من لحيته الشريفة، أخذها من وضوئه، وما زال محتفظا بها حتى أوصى بأن تدفن في كفنه».