حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكبرياء الصينى أولى رواياته.. وهناك 3 روايات قادمة.. خيرى بشارة: أنا طموح وأعشق التجريب.. وجزء من علاقتى بالسينما هو حبى للأدب
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 01 - 2023

الأدب العظيم انعكاس لصورة الذات فى قوتها وضعفها.. وروايتى صورة لذاتى ولكل من حولى
لا أبحث عن أى مجد من أى نوع وأحببت الرواية وأعتبرها أجمل امرأة
تعمقت بالبحث والقراءة فى الفنون والثقافات الصينية رغم أننى لم أزرها على الإطلاق
أعشق نجيب محفوظ ويوسف إدريس وماركيز وقرأت تشيخوف منذ الصغر
أدركت مع الرواية أن الأدب عمل فردى بينما السينما عمل جماعى
خيرى بشارة..
كطفل يتحرك، ويتصرف، يبدع باندهاش غريب لكل ما حوله كأنه قادم من كوكب آخر لا ينتمى إلى كوننا القبيح العادى المستستلم تحت وطأة التقليد..
لا يكتفى برحلته الطويلة فى صناعة السينما وتجريبه بجنون لكل ما يصوره ويخرجه ففى عامه المقارب ل 76 سنة يكتب رواية بديعة بعنوان «الكبرياء الصينى» فيها الكثير من روحه فهى صورة الذات كما قال لى. تلمع عيناه عند كل إجابة، يتحرك يمينا وشمالا لكى يرى الكون من حوله ليقول: «اسمعونى ماذا أقول» فكل ما أفعله فى الحياة هو حب الشخص الهاوى وليس المحترف.
من بعيد يعرف أى شخص روح خيرى بشارة الطائر كريشة خفيفة فى الحياة. لكن من يستمع إليه مباشرة ويجلس معه يتأكد من تلك الروح المحبة للحياة فى قوته وفى ضعفه كما قال له من قبل الكاتب يحيى الطاهر عبدالله، أو ليقول له بحب شديد «إلى المخرج العبقرى خيرى بشارة لعنة الله عليه» كما قال له الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى.
بشارة صاحب بصمات مهمة فى عالم السينما إلا أنه اليوم كاتب رواية عن أجواء مصرية وصينية شديدة الغرابة وبالغة العذوبة فى عمل تجاوز ال 500 صفحة، وتحت عنوان له فلسفة خاصة لديه وهو «الكبرياء الصينى»، صادرة حديثا عن دار الشروق.
يرى بشارة أن العمل فى السينما عمل جماعى يحتاج تضافر الكثير من الجهود، إلا أنه اكتشف أن الكتابة فى الأدب تتمتع بالحرية أكثر كونه عملا فرديا لا يتطلب الكثير من الأدوار، وقال فى حواره مع جريدة الشروق: إنه تعمق بالبحث والقراءة لسنوات فى الفنون والثقافة الصينية، قبل أن يقرر أن يكتب أولى رواياته المنشورة عن الصين رغم أنه لم يزرها من قبل. فى تلك الرواية يعود بشارة مرة أخرى لممارسة حبه الأول وهو الكتابة التى بدأها منذ الصغر إلا أنه لم ينشر أعماله من قبل، واعدا بنشر أعماله الأدبية التى يكتبها الآن، وهى 3 روايات وديوان شعر. ولما لا طالما نحن نعيش لنجرب ولنحيا فى مغامرة كبرى...
من هو «هانى يان» الصديق الذى كتبت الإهداء له «الذى كانت حكاياته عن أبيه مصدرا أساسيا لإطالق عنان الخيال؛ كى أنسج حكايتى»؟
أريد أن أشير فى البداية إلى قصة طريفة، حيث كنت فى هولندا، تناولت للمرة الأولى الطعام الصينى، بمعرفة زوجتى، وعند العودة إلى مصر طالبتنى زوجتى البولندية أن نذهب لنأكل طعاما صينيا، بحثت جيدا عن الأماكن التى تقدم الطعام الصينى، منذ زمن طويل فى مصر لم يكن هناك غير مطعمين أحدهما كان مطعم «بكين»، وكنت أتردد عليه كثيرا وتعرفت هناك على هانى يان، وهو ابن لأحد أصحاب المطعم، درس معهد السينما وهو دفعة المخرج شريف عرفة، له فيلم وحيد يتنصل منه، ومن بعدها أصبح هانى صديقا مقربا خصوصا أيام تصوير فيلم كابوريا، وكان هناك مشهد داخل مطعم صينى بين حسين الإمام وأحمد زكى، من بعدها صار هانى يان صديقا، وباتت تجمعنا علاقة قوية.
وهناك قصة آلمتنى، لم تمح من الذاكرة حتى كتابة الرواية، عندما تاه والد هان يانى فى شوارع القاهرة ثم وجدوه بعد ذلك، ظل ذلك فى خيالى، ثم أضفت له فى الرواية، مشهدا يصف نزول والد هانى يان، للبحث عن البيت الكبير فى الصين، داخل مصر، وكان ذلك على الأغلب ألزهايمر، أثر فىَّ هذا الموقف لسنوات طويلة، وجعلنى أشعر كثيرا بضرورة الكتابة عنه، أو أقوم بتصوير فيلم بشأنه.
طوال الوقت كانت لدى محاولات فى الكتابة سواء رواية أو شعر حر أو قصة، ولكن دائما ما كان ذلك أشبه بالسر داخلى، وكنت أميل لكتابة السيرة الذاتية فى فترة ما، ثم توقفت وقمت لإخراج فيلمى الأول، وطرأت مجموعة من المشكلات، خفت معها أن أنسى تجربتى التسجيلية، لذا بدأت بالفعل فى توثيق الأفلام التسجيلية فى السبعينيات، أنا أسجل تجاربى وخواطرى عبر الزمن على الدوام.
متى شعرت بأن التأثر بالقصة سالفة الذكر سيدفعك للكتابة؟
فى منتصف التسعينيات، قبل موت الأب بحوالى ثلاثة أعوام.
لماذا اللجوء إلى الأدب وهو وسيلة تعبير مختلفة وربما أقل تأثيرا فى الجماهير؟ هنا لا نتحدث عن علاقتك بالأدب والسينما مثل فيلم الطوق والأسورة ليحيى الطاهر عبدالله أو فيلم آيس كريم فى جليم عن قصة لمحمد المنسى قنديل؟ لماذا أقدمت على كتابة «رواية» وليس إخراج فيلم؟
لدى طموح فى حياتى، حيث أحب التجريب طوال الوقت، أنا قارئ وتأثرت بالأدب، وجزء من علاقتى بالسينما هو حبى للأدب، فأنا قارئ جيد له، وأول كتاب قرأته فى حياتى، كان ترجمة مجموعة من القصص القصيرة للكاتب الروسى أنطون تشيخوف، كنت أبلغ حينها 14 عاما، وكانت أول قصة قرأتها هى «موت موظف»، أنا من حين لآخر أعيد قراءة تشيخوف وأعيد اكتشافه.
تأثير تشيخوف على السينما لدى كبير للغاية، حيث توطيد لعلاقتى بالتفاصيل، دوما ما كان يقول لى الناس، إن أفلامى الروائية بها روح تسجيلية، وهذا من عباءة تشيخوف، وهناك أسماء أخرى فى الأدب، من أمثال هيمنجواى، وفوكنر، وأعشق رواية الحب فى زمن الكوليرا و100 عام من العزلة لماركيز، حيث أعجبت بفكرة الباخرة الممنوع عليها أن ترسو فى ميناء، عموما الأدب أثر فى نظرتى للحياة والسينما بشكل غير عادى.
وهنا يجب الإشارة إلى أنه من أجل كتابة قصة والد هانى يان من خلال القصة الحقيقية، انطلقت بخيالى لرسم التفاصيل وإلى حد كبير وجدت أن الخيال أعلى كثيرا من الواقع، وحينما قرأ هانى يان الرواية استغرب كثيرا، بسبب مدى الصدق فى التفاصيل التى لم يبح بها كلها فى الأساس، حيث وجدت أن الصدق الفنى جعل الرواية أقرب للواقع.
ولا يمكن إغفال أن كتاب «فن الرواية» قد أفادنى حتى بشكل لا شعورى، هو من تأليف الكاتب الإنجليزى كولن ويلسون، عرفت ويلسون وأحببته منذ كتابه «ما بعد اللامنتمى» حينما كان يقول، إن الروايات المهمة والأدب المهم هو صورة لذاته، حيث يكون لديه القدرة على أن يعكس الآلام والهموم، أن تعكس ذاتك فيما تكتب، وكتابة عمل روائى يتطلب ذكاء فى الطرح، واعتبر أن رواية الحرب والسلام، للكاتب الروسى تولستوى، هو أفضل عمل أدبى التزم بذلك.
لماذا يختفى البطل أو يتحول إلى متشرد.. وأليس هذا تناقضا بين فكرة الرواية كبرياء الصين ومن ثم يختفى البطل ويذوب فى هذا العالم؟
حينما قمت بمراجعة الرواية، شعرت بصدمة، فكيف لى أن أكتب كل تلك التفاصيل، ولكن تفسير الأمر أنها تولدت من حالة عشقى للتسجيل والتوثيق، كشخص يحب البحث والمعرفة.
ستستغرب كثيرا عندما تعلم أننى لم أزر الصين ولا مرة، رغم كل ما كتبته، ولكننى دققت فى الأمر كثيرا وبحثت كثيرا، وذهبت للعديد من المصادر، وعدت للغة الصينية نفسها، وكيفية الاستماع لنطق الكلمات الصينية، ذهبت لمصادر متعددة وقمت بإنشاء ملف عن القرى والمدن التى أتحدث عنها بالتفصيل الممل، وقد حصلت على الكثير من المصادر سواء بالعربية أو الإنجليزية وبذلت جهدا كبيرا جدا فى ذلك.
شانجهاى أكبر مدن الصين من حيث السكان، فى الثلاثينيات مثلا، اختلفت كثيرا عن الآن، لذلك درست أى تغيير طرأ على الأماكن بدقة شديدة، قرأت الأدب الصينى، وشاهدت الأفلام الصينية واستمعت لموسيقاهم، دخلت هذا العالم بشكل غير طبيعى، حينما شعرت بأن هذا العالم قد تمكن منى بالفعل وسيطر علىّ، قمت حينها بعملية الكتابة، ولم تغفل ذاكرتى حينما كنا فى سن الدراسة، كان هناك رواية مقررة علينا بطلتها امرأة صينية تعيش فى الولايات المتحدة، درستها فى ثانوى، ثم تحولت إلى مسلسل «الأرض الطيبة» مسلسل بالإنجليزية إخراج كامل يوسف (خالى) وبطولة سمير صبرى.
أريد أن أكون حرا، فالأدب عمل فردى والسينما عمل جماعى، الأخير يحتاج إلى تمويل ملايين من أجل أن أقوم بإخراج فيلم، لكن على العكس لا أحتاج لكل ذلك فى كتابة رواية.
ما هى المدة التى استغرقتها فى كتابة أولى رواياتك؟
هناك تداخل بين البحث والكتابة، وشكَّل العام 2020 مرحلة فاصلة فى حياتى، قبلها بعامين أو ثلاث كانت فترة لها علاقة بالكتابة، ثم توقف ثم استكملت فى كتابة الرواية، تعلمت من نجيب محفوظ «الروتين» فى الكتابة، حيث كان ملتزما التزاما صارما بالكتابة اليومية، كنت بشكل يومى أكتب وأبحث حتى لو سأكتب ربع صفحة فقط، نتيجة هذا الإصرار الصارم دخلت عالم الرواية.
عالم الرواية متشابك أتحدث عن الصين والعالم ومصر، صورة الذات، وقمت بكتابة إهداء لزوجتى، وللكاتبة الروائية أروى صالح كتحية مستحقة لجيل السبعينيات، وأذكر أننى حينما انتهيت من كتابة الرواية، اندهشت من نفسى، أشعر كأنه جزء مستقل عنى، وأندهش من ذلك كما لو أننى لست من صنع هذا الشىء، يتكرر الأمر مع أفلامى، حينما أشاهدها، أشعر بها على مسافة منى وأندهش لذلك أيضا.
ومن المهم التأكيد أننى لا أبحث عن أى مجد، من أى نوع، ولكننى أحببت الرواية بغض النظر عن قيمتها وأعتبرها مثل امرأة فى حياتى.
تعاملك مع الأشياء والأحداث يسيطر عليه اندهاش ملحوظ ما السبب؟
أحب روح الهاوى، وأحب حينما أقوم بعمل شىء ما، أن يكون به دافع، لا أستطيع مثلا الكتابة لمجرد الكتابة، كتبت مؤخرا مجموعة من الأشعار سأنشرها ولكننى لست فى عجلة من أمرى، أحب تعرية النفس فى الكتابة، إن ذلك مهمة تشبه حينما يقوم أحدهم بالكشف عن أشياء ساحرة، أنا فى المقابل مهتم بالكشف عن النفس.
لماذا «الكبرياء الصينى» وما المقصود من العنوان؟
أنا لا أملك نظرة أحادية للشعور بالأوطان والعالم، ولكنى أملك نظرة فيها محاولة فهم أكثر منها إطلاق أحكام، بالنسبة للأوطان العربية، لا أملك شعورا بأن هناك بلدا ما أجمل من الآخر، ولكن فى رأيى، الجميع متساوون فى الفهم والبحث والاستكشاف، دوما ما أسعى إليهم وأكون ضد الأحكام المطلقة.
ويتعلق كبرياء الصين ببلد عاش قرنا كاملا من الإذلال والمهانة، كانت تتحكم به اليابان، وبالرغم من هذا القرن، إلا أن هناك كبرياء بلد مثل الصين وصلت لحالة مبهرة الآن، فإنه بعد قرن من المهانة والإذلال، تمتعت بكرامة وكبرياء.
فى الصفحات الأولى نجد أسئلة من قبيل: «وسأل: هل كانت رياح التغيير المسمومة التى بدأت تهب على جسد وعقل مصر خلال النصف الثانى من سبعينيات القرن العشرين ونخرت فيهما، هى المسئولة فى الأساس عن مخاوفه الغامضة ورغبته فى الهروب، أم أنها الأشواق إلى حياة الزهد والتقشف التى حين قرر أن يكون راهبا تعلمها من دروس المسيحية؟.. موضوعات كثيرة تتطرق إليها الرواية مثل الرهبنة والصوفية لماذا؟
أنا مفتون بالصحراء الشرقية؛ لأن بها هذا الجزء من الصوفية المسيحية والإسلامية، كتبت فيلما قبل ذلك وكان اسمه «طعم تانى»، وكانت المرأة المتوفاة ذات الجسد العارى، هى صورة الذات، هى ليست رواية عن سيرتى الذاتية ولكنها صورة عن الذات.
أنا لست متدينا، لا أطرح نفسى بديانتى، لو أحدهم قال لى أنا مسيحى، أستبعده فورا من عملى، أى شخص يطرح نفسه بناءً على هويته أستبعده، وقمت بتربية أبنائى على ذلك، أنا ضد التعصب عموما وضد الهوس الدينى وعمرى ما فكرت فى الديانة، ولكن المجتمع تحول تدريجيا وهو ما أزعجنى، حينما أجد فى بعض الأحيان أنه يتم التعامل معى كمواطن مسيحى وليس كمواطن مصرى.
ليس هناك دين فى الصين، الصينون خليط ما بين كونفوشيوس وبوذا والطاوية، وكونفوشيوس معناه «المصلح الأعظم»، وليس النبى فهو غير مرسل، فرانز كافكا كان ملحدا ولكنه قبل موته ذكر الأرض المقدسة «أورشليم»، ورغم أنه ملحد وضد يهوديته ومع ذلك تستيقظ يهوديته فى اللحظات الأخيرة.
وقد حاولت أن أعكس كل تجربتى فى الفهم والأدب والثقافة فى هذه الرواية، ولدى 3 روايات أخرى أريد أن أكتبها، الأولى سأكتب فيها جزءا عن الملكة ديانا تتحدث من العالم الآخر، الثانية عن شخص أمريكى جاء لمصر بسبب هوس والدته بتناسخ الأرواح ومعتقدة أنها كانت فى مصر يوما ما فى القرن ال 18، الرواية الثالثة عن الفيلسوفة هيباتيا وقد تحدثت عنها فى روايتى بالفعل.
أفضل شىء أن يكون هناك مساحات مفتوحة للفهم، وألا يشرح المؤلف عمله، والرواية تعكس التراوح بين الحسية والروحية، وأعتبر أننى موجود فى كل الشخصيات؛ حيث أعكس صورة الذات فى كل شخصيات الرواية حتى الشخصيات النسائية والأطفال، وأوقات أكتب لكى أشعر بالكلمات حينما أكتبها.
أنا مؤمن للغاية بمسألة الأدب الموضوعى، أبحث عن المعادل الموضوعى دائما فى الأدب، وبذلت جهدا جبارا للإلمام بكل ما يتعلق بالصين، حاولت أن أضاهى المعرفة من كل جوانبها، ظللت أبحث عن كتب ودراسات بالعربية عن الأمر ولكننى لم أجد أبدا أى مراجع عربية، فتشت فى كل مكان، عثرت عليه باللغات الأجنبية ولكن باللغة لعربية لم أجد.
من هم الأقرب لك فى الأدب المصرى أو العربى؟
أعشق أدب يوسف إدريس بشكل غير طبيعى، أذكر أنه تحدث إلىَّ قبل 10 أيام من وفاته، حيث قال لى: لماذا لم تولد فى عصرى، وكان يقصد بذلك أنه ربما أراد لى أن أصنع له من إبداعاته أفلاما، أيضا نجيب محفوظ فهو قامة كبرى، وهناك ضمن تفضيلاتى أيضا كل كتاب جيل الستينيات، ولا يمكن إغفال إبراهيم عبدالمجيد، إبراهيم إصلان، محمد المخزنجى، المنسى قنديل.
كتابة الرواية لكى تنجح تحتاج أمرين أساسيين، أولا الشجاعة من أجل الحكى وأن تعكس الضعف إلى قوة، ثم الروتين كأحد مفاتيح النجاح والإصرار.
من أكثر الأشخاص الذين تريدهم أن يقرأوا هذا العمل؟
زوجتى بطبيعة الحال، لأنه ربما تجد صورة لذاتها فى الرواية، وأنا مدين لها بأشياء كثيرة.
**حكاية الصور
خلال الحوار وجدت الأستاذ خيرى بشارة يحدد مكان الجلسة ويختار أفضل زاوية للتصوير. كنا فى واحد من المطاعم الشهيرة بمنطقة الكوربة مصر الجديدة إلا أنه يقطع الحوار بأسلوب لطيف أنه دائما يكره التقليد والتكرار ويسعى دوما للتجديد والتجريب، فاقترح أن تقوم زميلتى المصور داليا مصطفى بتصويره صورا خارج الإطار الضيق للمطعم إلى رحاب أماكن مصر الجديدة الواسعة التى تمتزج بجمال المبانى القديمة والحياة الصاخبة.. فكانت هذه الصور التى تشكل جزءا من هذا الحوار عن روايته «الكبرياء الصينى» التى تحمل كما يقول صورة لذاته وتصوراته عن العالم من حوله، كما تحمل أيضا صورة بسيطة لما يعشقه وهو التسجيل والتوثيق وحبه للصورة وعدم أخذ صورة تقليدية هنا أو لقطة هنا خلال إجراء حوار صحفى.
**عن الرواية
الكبرياء الصينى قصة كونج يونج
خيرى بشارة
دار الشروق 2023
لوحة الغلاف: كريم آدم
رواية مُثيرة تدور وقائعها فى بيئة مغايرة لم يقربها السرد العربى من قبل، تُتيح أمام القارئ فرصة نادرة للعبور بين ثقافتين، وتكشف وجهًا جديدًا لمؤلفها المخرج السينمائى المبدع خيرى بشارة الذى يغامر هنا باستعمال وسيط جديد، يكمل تجاربه فى الاكتشاف واللعب الفنى.
تدور الأحداث حول سيرة «كونج يونج» الذى ينتقل فى ثلاثينيات القرن الماضى من قرية صغيرة فى الصين إلى أن يصل مصر هاربًا من الجوع والفقر بعد أن فقدَ حبيبته التى راحت ضحية عصابة من الفاسدين الأشرار، وفى مصر يبدأ رحلة تحقيق الذات والصعود الاجتماعى بأمل العودة للانتقام، متحديًا الكثير من الظروف.
وطوال رحلته يتحول إلى «دون جوان» فاعل فى مجتمع يعيش تحولات الانتقال من الملَكية إلى الجمهورية دون أن تتفكك شبكاته القديمة تمامًا. وبفضل مهاراته وامتلاكه لكبرياء نادر يحظى «الأمى» الصينى بالكثير من فُرص النجاح وحالات الحب حيث تلعب المرأة الدور الأكبر فى رسم مساراته.
تنقل الرواية خبرة إنسانية فريدة لمعنى الطموح، والسعى لبناء الذات، وتحمل هواجسها المثقلة بتساؤلات كثيرة عن الإيمان والعدل والحرية، وحق الناس فى أن يعيشوا سُعداء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.